قيَم إنسانية لا يجدر التهاون بها

التهاون,التواضع,جوانب الحياة الاجتماعية,شخصية الإنسان,قيمة أخلاقية,الصدق,المسؤولية,مهارة,طفل,تشجيع الطفل,الطفل

11 يونيو 2017

التواضع الصدق والخلق الحسن والمسؤولية قيم أخلاقية جميلة ترسيخها في نفوس الأبناء يحتاج من الأهل الكثير من الصبر، نظرًا إلى أهميتها في كل جوانب الحياة الاجتماعية والعملية فضلاً عن أنها تساهم في توازن شخصية الطفل وتعزّز شعوره بالراحة النفسية وتبني ثقته بنفسه.
وفي رمضان يمكن الأهل جعل هذه القيم ملموسة لدى أبنائهم الصغار، ويمارسونها بالفعل.

التواضع
التواضع صفة مهمة يجب التحلّي بها، وهي تعني عدم الغرور والتفاخر بما لدينا، وهذا لا يعني ألاّ يفرح الطفل بإنجازاته، وإنما ألاّ يصبح مغرورًا، وينظر إلى من هم أقلّ منه في الذكاء أو الطبقة الاجتماعية نظرة دونية، ويتعلّم الاعتذار إذا أخطأ في حق أحدهم.
لذا، من الضروري تعليم الطفل كيف يكون متواضعًا ويساعد الآخرين ويعاملهم على أساس إنسانيتهم وليس على أساس مستواهم الفكري أو الاجتماعي. وعلى الأهل تذكير الطفل بأن الله لا يحبّ كل مختال فخور.
لذا، في رمضان، يمكن الأم أن تعزّز حسّ التواضع عند أبنائها من خلال الطلب من أحدهم دعوة طفل فقير إلى مائدة الإفطار والجلوس معه.
أو ربما دعوة صديقه الذي أخطأ في حقه، إلى مائدة الإفطار والاعتذار منه، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، ويعني أن من يعتذر إنسان متواضع وواثق بنفسه.

حُسن الخُلق سلوك يطبع شخصية الإنسان
حُسن الخُلق قد لا يكون بالضرورة قيمة أخلاقية في حد ذاته، ولكنه سلوك يطبع شخصية الإنسان. والطفل يكتسب الأخلاق الحسنة من أهله، ولكن أحيانًا يتأثر بالأطفال الآخرين في المدرسة.
ولترسيخ الخُلق أو السلوك الجيد، يمكن الأهل أن يقدّموا لطفلهم نموذجًا عمليًا عن الأخلاق الحسنة بأن يشرحوا له أن الصوم يعلّم الصبر والشعور مع الآخرين ويقوّي الإرادة، ولا سيما الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه، على أن يكونوا القدوة الحسنة ويلتزموا بما يقولونه عن أهمية الصيام وفضائله وحسناته، وأن تكون أفعالهم تطبيقًا لأقوالهم، كي لا يشعر الطفل بالتشوّش، ويفكر في نفسه «كيف يقولون لي إن الصوم يعلّم الصبر، وهم سريعو الغضب لأنهم صائمون؟!».
الصيام ليس الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل هو التحكم في الغرائز والابتعاد عن العصبية والكذب والصراخ أو الشتم. هذا ما يحتاج الطفل إلى فهمه، علمًا أن هذه الأمور لا يجوز أن تكون مقتصرة على شهر رمضان فقط.

الود والكرم               
يبدو معظم الأطفال ودودين، وهذا أمر جيد، لكن في الوقت نفسه على الأهل تنبيه طفلهم الى مخاطر التحدّث مع الغرباء.
وفي المقابل، من الضروري تشجيع الطفل على أن يكون ودودًا ولكن ضمن إطار محيطه الاجتماعي، أي يتصرف مع جدّته بود ومحبة، ويتعامل مع ابن خالته بود وكرم كأن يسمح له باللعب بألعابه، وفي رمضان يمكن الأم أن تطلب منه التبرّع بلعبة أو بملابس لطفل يتيم أو فقير. وهذه العادة يجب أن يكون الطفل قد تربّى عليها قبل أن يصوم، وفي رمضان تصبح تلقائية.

الصدق قيمة أخلاقية وأجمل صفة يتحلّى بها الإنسان
الصدق من أجمل الصفات التي يمكن الانسان التحلّي بها. وتربية الطفل على الصدق، تعني تنشئة مراهق وراشد واثق بنفسه، مسؤول ويحبه جميع من حوله ويثقون به.
وهذا يتطلب من الأهل ألا يتحوّلوا إلى محقّقين مخيفين عندما يسألون طفلهم عما إذا كان قد ارتكب حماقة ما، وبالتالي يدفعونه إلى الكذب كي يتجنب العقاب.
بل على الأهل طمأنة طفلهم إذا اعترف بارتكاب حماقة، والثناء على صدقه. وفي رمضان هناك أحيانًا أطفال ينسون أنهم صائمون أو يأكلون خلسة رغم أنهم ليسوا مرغمين على الصوم.
على الأم في الفترة الأولى غضّ الطرف، فالنسيان شيء والتصرّف المقصود شيء آخر. وإذا قصد الطفل اللقمشة، يمكن الأم أن تتحّدث إليه بلطف، وليس بأسلوب المحققّ الذي يجعله في موقف المذنب المُدان لفعلته فيحاول إنكار ما رأته والدته بأم عينيها وبالتالي يكذب، بل تقول له: «الله يعرف كل شيء فأنت تصوم له، وليس لي. هذا يعود إليك».
وفي المقابل، على الأهل أن يكونوا بدورهم صادقين، مثلاً عندما يرن الهاتف ويطلب الأب من ابنه أن يردّ ويقول للمتصل إن والده غير موجود، سوف يفكر هذا الطفل كيف يطلب مني أبي أن أكون صادقًا وهو يكذب.
لذا، عوضًا عن ذلك، يمكن الأب ان يردّ ويعتذر من الشخص المتصل بأنه غير قادر على الكلام أو المحادثة.

المسؤولية مهارة مكتسبة
الحس بالمسؤولية يكتسبه الطفل في سنّ صغيرة جدًا، ومن خلال الطلب منه إنجاز واجبات يسهل عليه تنفيذها، مثل توضيب ألعابه، ترتيب كتبه، فهذه الأعمال الصغيرة تجعله يشعر بالمسؤولية، وكلما تقدّم في السنّ، يمكن الطلب منه إنجاز المزيد من الأمور.
وفي رمضان يمكن الأم أن تطلب منه مساعدتها في تنسيق مائدة الإفطار، مثل وضع الصحون على الطاولة، أو غسل الخضر.

علّمي طفلك حب المشاركة!
من الضروري أن يتعلّم الطفل معنى المشاركة كي يتمكن من بناء علاقات مع الآخرين. وفي المقابل على الأهل ألا ينتظروا أن يفهم الطفل معنى المشاركة قبل السن الرابعة. إذ ليس من المفاجئ أن تعليم مفهوم المشاركة يستغرق وقتًا، فهناك الكثير من الأمور يجب تعلّمها.
فالطفل عليه أن يكون قادرًا على مقاومة رغباته في الاستيلاء على كل شيء، وإدراك وجهة نظر طفل آخر، ويفهم جيدًا مفهوم الوقت وإنتظار دوره ليحصل على ما يريد.
كما عليه أيضًا أن يكون قادرًا على الكلام جيدًا كي يتمكن من طرح السؤال لمن ومتى.

كيف يمكن تشجيع الطفل على المشاركة؟
هذه بعض النصائح التي تسمح للأم بتعليم طفلها المشاركة:

  • أن يكون الأهل نموذجًا. فإذا كانت الأم تشارك طفلها وتقوم بالأمور معًا مداورة كل له دوره يصل إلى مرحلة يفهم كم هو رائع مشاركة الآخر وتعلمه أن يتصرف بالطريقة نفسها مع الآخرين.
  • محاولة تنسيق مساحة كافية كي يستطيع اللعب مع طفل آخر. ولكن أن يكون المكان مخصصًا لألعابه ونشاطاته الخاصة. عندما يشارك طفل آخر لعبته، يمكن الأم المبادرة فتصف له مشاعر شريكه في اللعب، كأن تقول له «علي سعيد جدًا لأنك تركته يلعب بالطابة حين أتى دوره».
  • إرشاد الطفل، إذا أراد لعبة طفل آخر، يمكن الأم مساعدته على أن يجد لعبة أخرى مهمة أو نشاط آخر يقوم به ويفرحه كي يتعلم الإنتظار.

تعليمه الصبر ليعرف أن الطفل الآخر في حاجة إلى وقت كي يكون مستعدًا للمشاركة. على الأم ألا تتوقع أن يصبح طفلها كريمًا بمدة قصيرة. كما عليها ألا تعاقبه عندما لا يشارك أحدًا في ألعابه أو يترك دورًا لغيره، لأن الهدف تعليمه معنى المشاركة وليس تنفيذ المشاركة لأنه يشعر بأنه مرغم.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة