صرح عالمي... تحية للرئيس فؤاد شهاب

صرح,عالمي,تحية,للرئيس,فؤاد,شهاب

نور قطان - (بيروت) 08 يوليو 2017

سكن في منطقة غدير في جونيه. إنه الرئيس فؤاد شهاب. عرفه هذا المنزل البسيط الذي ضم في حناياه صالوناً، وغرفة نوم، وغرفة طعام، ومكتباً، ومطبخاً صغيراً. بعد ترميمه، أُعيد تقسيمه وأصبح مؤلفاً من غرفة نوم، ومكتب، ومكتبة، وقاعة عرض كبيرة... ليرفع اليوم راية معلم تراثي ثقافي وتاريخي.


عاش الرئيس شهاب في هذا الصرح العظيم، وشهد على تاريخ وضع اسمه فيه، حتى خلّد التاريخ هذا الاسم ورحل... تاركاً منارة لجيل علّه يقتدي بخبرات تتحول منارات للباحثين.
وحتى لا تندثر حقبة طويلة ومهمة من تاريخ لبنان... أُدرج منزل رئيس الجمهورية الراحل اللواء فؤاد شهاب في «لائحة الجرد للأبنية التاريخية»، وتبنت الرهبانية اللبنانية المارونية العمل على إحيائه، فأوكلت مهمة ترميمه الى المهندس انطوان سليم عطالله الذي أنجزه متحفاً ومكتبة بمواصفات عالمية ليكون مثالاً يحتذى به في تكريم العظماء في التاريخ اللبناني.
امتدت مساحة البناء من الداخل على 325 متراً شغلها الرئيس وعقيلته روز-رينيه. وشهدت الحديقة التي تلفّ المنزل على حياة مالكيه. هنا، وضع اليوم تمثال من الحجر للرئيس شهاب موقّع بإزميل النحّات برنار غصوب، لعلّ من يراه يستعيد عيش اللحظات مع هؤلاء الكبار.

متعة الإبداع والتنوع حققها عطالله بتجرد الاعمال مع المحافظة على الأجمل والأفضل من ذكريات الماضي...
إثر الدخول الى الدار، تطالعك قاعة كبيرة وواجهات زجاجية تضم صوراً للرئيس مع رؤساء الدوّل وشخصيات عالمّية ومحليّة، إضافة الى نسخ من 24 مرسوماً للمؤسسات الرسمية التي استحدثها عهد الرئيس شهاب.
تتوسط الواجهات أجهزة الكترونية وشاشة كبيرة تعيد، من خلال عرضها، أفلاماً حول نشاطات الرئيس شهاب وخطاباته... كما تسمح للزائر، وكل من يبحث عن هوية هذا الرجل الكبير بمشاهدة أفلام وثائقية تعكس صورته بالصوت والصورة. كذلك يلحظ الزائر اهتمام الرئيس بالأسلحة حيث توزعت ضمن واجهة زجاجيّة مجموعة خاصة من الأسلحة تعود الى الرئيس أثناء توليه القيادة العسكرية والرئاسة.

في مكتب الرئيس الخاص، أُعيد تصميم محتوياته بطريقة هندسية مع إحياء ما كان موجوداً سابقاً، فعُرضت أغراضه الشخصية من نظّارات وقبّعات سود بأسلوب يجذب الزائر لتفحّصها عن قرب. وخلف المكتب انتصب مجسّم نحته أحد آباء الرهبانية المارونية يمثل الرئيس جالساً على كرسي ليعيد لحظة غيابه أثناء كتابته لآخر ورقة وباللغة الفرنسيّة.
الى جانب المكتب، ترتفع واجهة زجاجية تضم أوسمة ولوحة تسجيل تحمل الرقم 1 وتعود لسيارة الرئاسة، إضافة الى صور تجمع الرئيس مع الباباوات الذين زاروا لبنان في عهده.
وفي القاعة الكبيرة، توزعت مقاعد أُعيد تنجيدها، وبار خشبي اغتنى بكؤوس من مجموعات الرئيس المفضلة إذ كان يُكرم بها ضيوفه.
أما غرفة نوم الرئيس فقد خُصص لها سرير مطابق لسريره الأصلي، تجاوره خزانة تضم بدلاته العسكريّة والمدنيّة ومجموعة من ربطات العنق.

وأكثر ما يلفت في هذا الصرح، مكتبة ضخمة تضم الكتب، وكان الرئيس يُعنى بقراءتها، إضافة الى مؤلفات عرّفت عنه، وكتابين خطّهما بيده. وازدانت رفوف المكتبة بصور العائلة وأخرى تعود الى مراحل مختلفة من حياته.

تميز هذا الصرح العالمي بأعمال هندسية تليق بمكانة الكبار، ولذلك تمت معالجة الجدران والسقوف لتضفي على الأجواء لمسة حديثة معاصرة. ولعبت الإنارة الداخليّة دوراً بارزاً في نحت هيكلية الأعمال وإبرازها... كما اعتُمدت الألوان، وأبرزها الأسود الذي يرمز الى الفخامة والرّزانة، والأحمر الذي يمنح المزيد من القوّة والحيوية، وجاء اختيار هذين اللونين تيمناً بمواصفات متاحف الشخصيّات العالميّة، مثل شارل ديغول وجورج بومبيدو وغيرهما... لعلّ هذا العمل يكون خطوة في إحياء تاريخنا فنعيده الى ربوع الوطن ونحيي تراثاً لم ندرك قيمته إلا حين فقدناه!