صور خاصّة وكلمات نابعة من القلب... جورج شقرا «هذه حكاية فستان عرس ابنتي ووصيّتي لها!»

فاديا فهد 02 سبتمبر 2017

في غمرة فرحة الوالد بابنته العروس في يوم عرسها، ثمّة دمعة تختبئ في محجر العين، تظهر حيناً وتتوارى أحياناً. ثمّة غصّة في القلب يحرّكها شعور عارم بالفراق المؤلم، كان المطرب الفرنسي أزنافور أفضل من عبّر عن تناقضاتها في أغنية «إلى ابنتي»، فتحدّث عن ذاك اليوم الذي سيأتي وترحل فيه ابنته مع رجل آخر، «الرجل الذي جاء يسرق قطعةً من ماضينا، قطعةً من سعادتنا... هو الذي لم يقم بشيء كي يُنضج سنواتك»، ليخلص الى الاستسلام للواقع بالقول: «لكنه إذا كان سيسعدك، سأهديه قلبي لحظة تسليمه يدك. فقط لأنك تحبينه... وأنا أحبّك». هذه المشاعر الجيّاشة والمتجاذبة تحدّث عنها المصمّم الصديق جورج شقرا بالكثير من الصدق والحبّ، مستعيداً ذاك اليوم المميّز في حياته، يوم عرس ابنته المصمّمة جيني، رفيقته ومساعدته في المشغل والمهنة.


- جعلتنا نعيش عرس ابنتك قبل العرس من خلال مجموعتك الراقية للربيع والصيف المهداة إليها. ألف مبروك زواج ابنتك. أخبرنا عن الأجواء العائلية التي هيّأت لتلك المجموعة؟
شكراً لك. في الواقع،  بدأت ابنتي جيني باختيار الأقمشة قبل أشهر من موعد العرس، وكانت تحار  بين هذه القماشة وتلك، وبين رسم وآخر، فبدأنا نعيش أجواء العرس منذ ذاك الحين، واقترحت عليها أن أُصمّم لها مجموعة كاملة تختار منها ما تشاء، فستان للعرس وآخر للسهرة. وقد كانت مجموعة غنيّة بالمشاعر والأحاسيس الجميلة والفرح، وهو ما تُرجم حقاً على خشبة العرض في باريس حين قدّمت تلك المجموعة، فأدمعت عيون الحاضرين في نهاية العرض. كانت الفساتين كلها تحمل رسالة محبة جيّاشة من والد إلى ابنته، وقد لمس الحضور هذه العاطفة، وتأثّر بها.

- صمّمتَ فستان عرس ابنتك جيني بنفسك، هل وجدت صعوبة في ذلك، خصوصاً أن الوالد يتخيّل لابنته أجمل الفساتين، تلك التي لا تراودنا إلا في الأحلام. ربما كان المطلوب أقلّ بكثير من الحلم الذي نعيشه من خلال أولادنا؟
هذا صحيح. حرتُ كثيراً بين الفستان الذي أتمناه لابنتي جيني، وهو فستان أميري فخم، رائع ومرصّع بأجمل الأحجار، وبين ما طلبته منّي: فستان جميل وعمليّ يناسب المكان الذي ستتزوّج فيه، في جزيرة يونانية، فوق الرمال الذهبية على شاطئ البحر. وكنت كلّما طرحت عليها فكرة جديدة لفستانها، تكرّر على مسامعي: بابا هذا غير مناسب، فأنا سأمشي على الرمال. أخيراً، طلبت إليها أن تصوّر المكان كي أفهم أكثر عما تتحدّث. خصوصاً أننا هدرنا الكثير من الوقت في العمل على تصاميم غير مناسبة للاحتفال وظروفه. وما إن شاهدت الصور وعرفت عدد المدعوين الذي لم يتجاوز الـ 130 شخصاً فقط، حتى تكوّنت لديّ فكرة عن الفستان المطلوب وعلمت أن من غير المناسب أن يكون للفستان ذيل أو طرحة كي لا تتجمّع الرمال فيها. فاقترحتُ عليها أن أُصمّم فستاناً شبابياً خفيفاً غير مثقل بالشك والترصيع، فيه من روح البحر ويعكس شخصيتها المرحة وغير المتكلّفة.

- في النهاية، هل أنت راضٍ عن الفستان الذي صمّمته لها؟
إنه فستان رائع يليق بهذه المناسبة المميزة ومكانها وظروفها. فستان خفيف مزيّن بالورود الكثيفة المتشكّلة كموج البحر . وقد كثّفت بتلات الورود كي تسند الواحدة الأخرى، فلا تحتاج الى كيّ بعد نقل الفستان في حقيبة سفر، خصوصاً أن العرس أُقيم في اليونان. لكن دعيني أقول إن الفستان والحفل والطعام كلّها أمور ثانوية أمام حب العروسين لبعضهما البعض، وتوافقهما، وبنائهما عائلة قوامها المحبة والتفاهم، وتطلّعهما إلى أهداف واحدة ومسيرتهما يداً في يد نحو مستقبل واعد ومشرق.

- كيف كانت لحظة اصطحابك ابنتك إلى عريسها؟ أظن أنها أصعب لحظة يعيشها الوالد، أليس كذلك؟
إنها أصعب اللحظات على قلب أي والد: كيف لهذه الطفلة التي كنت أقرأ لها  قصة قبل النوم، وأسرّح شعرها، أن تكبر وتصبح عروساً وترحل عنّي؟! إنه موقف تختلط فيه مشاعر الفرح بالفراق،

- هل ذرفت الدموع في هذا الموقف؟
لم يخلُ العرس من دمعة. ربما هي دمعة فرح، أو دمعة فراق. دمعت عيناي عندما كنا في السيارة في طريقنا إلى الحفل، نظرتُ في عينيّ ابنتي ووجدت أنها على وشك البكاء. لكنّني لجمتُ  نفسي كي لا أزيد الأمور تعقيداً، ولئلا نضطرّ إلى طلب خبير التجميل من جديد، وعالجت الموقف بشيء من المرح.

- هل يشعر الأب حقاً أن الصهر ينافسه على حبّ ابنته؟
هذا طبيعي بغضّ النظر عن هوية الصهر وشخصيته. ابنتي إنسانة مقرّبة جداً منّي، وهي تساعدني في مشغلي وتصمّم أكثر من 90 بالمئة من مجموعة الأزياء الجاهزة. نعمل معاً ونفكر معاً ونختار كل شيء معاً. تفهمني وتقرأ أفكاري وتكمّل رؤيتي في صناعة الأزياء. أرسل إليها عشرات الرسائل الهاتفية النصّية كل يوم. واليوم أشعر أنني مقيّد ولا أستطيع مراسلتها كالسابق، كي لا أتطفّل على حياتها، رغم أنني أشتاق إليها كثيراً، وأفتقد حيويتها وآراءها وأحلامها الكبيرة. لكن ضبط النفس والمشاعر مطلوب في هذه المرحلة كي لا أتسبّب في أزمة زوجية! (يبتسم).

- ما هي أجمل لحظة وأشدّها تأثيراً فيك في العرس؟
أجمل لحظة، هي لحظة تأبطت العروس جيني ذراعي وسرنا معاً حيث ينتظرنا العريس. لقد شعرتُ أنها كانت تشدّ بقوّة على ذراعي، وصارت تنتابني أفكار عدّة كأن تقول لي: «إلى أين أنا ذاهبة؟ ماذا ينتظرني؟ لا تتركني يا أبي!» ربما أكون قد توهّمت كل هذه الأفكار فقط لأنني متشبّث بها، وأحبّها ولا أريد التخلّي عنها. إنها أكثر اللحظات التي أثّرت فيّ. بغضّ النظر عن عواطفي المتناقضة، كان العرس مليئاً بلحظات الفرح والسعادة وأتمنى لابنتي مستقبلاً رائعاً إلى جانب الزوج الذي تحبّه ويحبّها.

- بماذا أوصيتَ ابنتك قبل مغادرتها البيت العائلي ودخولها الحياة الزوجية؟
في العادة، الأولاد يعيشون في حياتهم الزوجية ما عرفوه من خلال حياة أهلهم. طبعاً قلتُ لابنتي إن الحياة الزوجية ليست سهلة وهي تتطلّب تضحية من الطرفين. وللمرأة دور كبير في العائلة: إنها الركن الأساس في حياة زوجها وأولادها، وهي من يسنّ قوانين البيت العائلي. الحبّ مهمّ، لكنه يجب أن يكون مصحوباً بالمعاملة الجيّدة والاحترام والصداقة والتفاهم والمصارحة كي تدوم العلاقة طويلاً. الحياة الزوجية ليست فساتين جميلة وحقائب شانيل ونزهات وسياحة، بل إن جوهر العلاقة هو الأساس في الزواج.

- هل يمكن أن نشهد مجموعة من توقيعك خاصّة بالأمهات الحوامل والأطفال مستقبلاً؟
لمَ لا؟ الأمر يتعلّق بابنتي جيني... (يضحك) فهي التي ترميني في خضمّ مشاعر أعيشها للمرّة الأولى وتحرّضني على ابتكار أشياء جديدة. إنّ حمل ابنتي المستقبلي، يمكن أن يكون محفّزاً لابتكار مجموعة خاصّة بالحوامل والأطفال، لمَ لا؟!

- رسالة إلى ابنتك...
الحياة الزوجية محفوفة بالمطبّات، وعلى المرأة بحكمتها، والرجل بعقله، أن يتجنّبا كل ما يؤثّر في زواجهما. نحن نسمع اليوم عن الكثير من الطلاقات والزيجات المنهارة، وعلى الزوجين ألا يتأثّرا بما يحصل حولهما، وأن يبنيا علاقتهما على صخر، فلا تنال منها العواصف.