النشاطات اللاصفية... كيف تختارينها!

ديانا حدّارة 01 أكتوبر 2017

عند منتصف الفصل الدراسي الأوّل، ترسل إدارة المدرسة إلى الأهل لائحة النشاطات اللاصفية التي توفرها للتلامذة. وأمام هذه اللائحة الواسعة من النشاطات، يقع الوالدان في حيرة، إذ ليس من السهل عليهما معرفة النشاط اللاصفي الأنسب لأبنائهما.
وبالتالي فإن اختيار النشاط الصحيح هو في بعض الأحيان صداع حقيقي... ويتساءلون عن جدوى هذه النشاطات.

في المقابل، يرى اختصاصيو التربية وعلم نفس المراهق والطفل أن على العكس مما يظن الكثيرون، فإن تلميذ اليوم في حاجة إلى النشاطات اللاصفية أكثر مما مضى. فمعظم التلامذة وجدوا في الألعاب الرقمية الموجودة في الآيباد أو التابليت، وسيلة ترفيهية وفي متناول أيديهم أينما ذهبوا.
فضلاً عن أنها لا تحتاج إلى بذل مجهود جسدي، فالتلميذ قد يجلس لساعة أو أكثر إلى لعبة «ماين كرافت» مثلاً من دون القيام بأي حركة جسدية.
وهذا بالطبع ما يحذر منه اختصاصيو التغذية وأطباء الأطفال، نظرًا إلى أن كل الأبحاث تؤكد أن الجلوس إلى الألعاب الرقمية، من الأسباب الرئيسة لظاهرة السُمنة عند الأطفال والمراهقين.
وفي مقابل الأثر الجسدي للألعاب الرقمية، أكّدت الأبحاث النفسية أنها تزيد منسوب التوتر عند المراهقين والأطفال، فضلاً عن أنها تؤثر في أدائهم المدرسي، ذلك أنها في كثير من الأحيان توهن ملكة التركيز لديهم، مما يؤثر في قدرتهم على الفهم، وبالتالي يتراجع أداؤهم الأكاديمي.
فضلاً عن أن كثرًا من التلامذة يصابون بالتوتر والقلق خلال العام الدراسي، خصوصًا أولئك الذين يسعون إلى التفوّق، لذا فإنهم يحتاجون إلى إفراغ توترتهم وقلقهم، كي يمضوا قدمًا في تحقيق هدفهم المنشود، وبالتالي فإن النشاطات اللاصفية التي توفّرها المدرسة أصبحت ضرورة وليست ترفًا. 
وفي ما يلي بعض النصائح التي من شأنها أن تساعد الوالدين على اتخاذ قرار مستنير في ما يتعلق بالنشاط اللاصفي المناسب لأبنائهم.

 اتخاذ الخيار الصحيح
عند دخول المدرسة الابتدائية، يقرّر الآباء تسجيل أطفالهم في النشاطات اللامنهجية. بالنسبة إلى بعض الأطفال، سوف يكون اكتشاف الشغف بداية قصة حب مع نوع معين من الرياضة أو مع آلة موسيقية.
لذا وقبل أن يقترح الأهل الاختيارات المتوافرة لطفلهم، عليهم التأكد من لائحة الاختيارات المتاحة في المدرسة، والاستعلام عن تكلفة تسجيل كل نشاط توفره المدرسة، وموعده بحيث لا يكون هناك تضارب مع الجدول الزمني الخاص بالأهل.
من هذه المعلومات، سوف يكون أحد الوالدين قادرًا على فرز وتحديد الأنشطة التي تلبي المعايير الخاصة به.
والأكثر أهمية أيضًا هو تجنيب الطفل الشعور بالخيبة. فعندما تقترح الأم على ابنها نشاطًا ما، وكانت تعرف أنها قد لا تستطيع أن توفر له كامل المعدّات الخاصة به، والتي يمكن أن تكون مكلفة للغاية، فإن ذلك يسبب له خيبة أمل كبيرة. لذا ينصح التربويون بأن يأخذ الأهل في الاعتبار تسجيل أبنائهم في النشاطات الملائمة لميزانيتهم أوّلاً ولجدولهم الزمني ثانياً.
كأن تسأل الأم ابنها أو ابنتها عن النشاط الذي تشارك فيه صديقتها، فهذا قد يكون عاملاً حاسمًا في الاختيار.
إذ إن لهذه التفاصيل الصغيرة ميزة كبيرة في البرنامج الأسبوعي الخاص بالأهل. فالصديق المشارك في النشاط نفسه، يعني إمكانية مرافقته إلى النشاط بسيارة والدة هذا الصديق، في حال حدث طارئ مع الأم منعها من إيصال ابنها أو اصطحابه إلى موقع النشاط. لذا من الضروري أن تتعرّف الأم إلى والدة صديق ابنها وتبقى على تواصل معها.

تفسير تفاصيل اختيار الطفل ودعمه
في هذا العصر، يتأثر الأطفال كثيرًا بما يحيط بهم. إذ يكفي أن يشاهدوا فيلمًا يتضمن مشاهد حول فنون الدفاع عن النفس حتى يرغبوا في تعلّم فن الدفاع عن النفس.
لذا، من الضروري أن يكشف الأهل لابنهم بالتفصيل عن متطلبات النشاط الذي اختاره، من بينها ساعاته وكيفية ممارسته.
على سبيل المثال، يمكن أن تكون دروس البيانو صعبة جدًا، خصوصًا في البداية، وأن الواحد منا لا يصبح عازف بيانو موهوبًا بين عشية وضحاها.
كما على الأم ألا تنسى تذكير طفلها بأن هناك دائمًا عرضًا للعامة في نهاية العام الدراسي خاصاً بالنشاط الذي اختاره. مثلاً، في نهاية العام الدراسي سوف تكون هناك مسابقة في السباحة وتوزَّع الميداليات على السبّاحين الذين شاركوا في النشاط، مع عرض لتطوّر مهاراتهم في السباحة خلال العام.  
وأخيرًا، من المهم جدًا أن يكون أحد الوالدين حاضرًا قدر الإمكان للإشراف على الطفل في بداية نشاطه. بالنسبة إلى غالبية النشاطات، على التلميذ تعلّم الانضباط وتطوير مهاراته.
ويمكن أن تثبط عزيمة الأطفال الصغار بسرعة إذا لم يتم تشجيعهم، ولم يُسلّط الضوء على تقدّمهم. على الوالدين أن يضعا في بالهما دائمًا أنه كلما أعدّا طفلهما للنشاط الذي اختاره، قلّ احتمال أن يفاجأ بالجهد الذي يتطلبه.

              
اختيار النشاط اللاصفي يكون بحسب شخصية الطفل

يتفّق التربويون على أن من الضروري أن يكون اختيار النشاط اللاصفي مناسبًا لشخصية الطفل وميوله. لذا فإن من الضروري أن يأخذ الأهل في الاعتبار هذا الجانب أثناء تسجيل أبنائهم في نشاط لا صفّي. وهذه بعض النصائح للنشاط اللاصفي بحسب شخصية الطفل:

إذا كان خجولاً: الغناء في جوقة هو وسيلة رائعة لتطوير ثقته في نفسه. سوف يتعلم طفلك كيف يفرض صوته ويعثر على مكانته في مجموعة. كما أن النشاطات الإبداعية مثل ورش الرسم وفن الكتابة ستمكّنه أيضًا من تعزيز مواهبه. والمسرح هو إمكانية أخرى.
إذا كان متهورًا: يُنصح بنشاط يدوي (فخار، فن الطهو أو فسيفساء) أو نشاط يتطلب حركة جسدية مثل الرقص أو الجمباز لتطوير تركيزه وتوجيه إبداعه. وكذلك العزف على آلة موسيقية يساهم أيضًا في تطوير الذاكرة والدقة في العمل.
إذا كان فضوليًا: هناك الكثير من النشاطات التي يمكن أن تلبي عطشه للمعرفة مثل نادي الشطرنج، علم الفلك، علم الطيور، وأيضًا الأشغال اليدوية، خصوصًا بالنسبة إلى الأطفال الماهرين في استعمال أيديهم.
إذا كان منفتحًا: بشكل مبالغ فيه، فإن المسرح وما يتضمنه من ارتجال هو النشاط المطلوب. يمكن أن يصعد إلى خشبة المسرح، ولكن أيضًا يتعلم توجيه طاقته والسماح للآخرين بالكلام. وكذلك تسجيله في أي نشاط يتطلب عملاً جماعيًا مثل رياضة كرة السلة أو كرة القدم، يطوّر فيه حس التضامن.


أخطاء يجب تجنّبها

وفي نهاية المطاف، يعود إلى الطفل أن يقرر اختيار النشاط اللاصفي، ولكن على الآباء الحرص على:

· عدم فرض النشاط: إذا لم يتطابق مع ميل الطفل أو قدرته، إذ سيحبط  بسرعة.

· عدم المبالغة في إشغال الجدول الزمني: ونعني به عدم إشراك الطفل في نشاطات لا صفية عدة في الأسبوع الواحد، بل يجب أن يكون النشاط متعة لا واجبًا. فالطفل في حاجة إلى وقت لا يفعل فيه شيئًا. 

· عدم محاولة الأهل تحقيق حلمهم الخاص في ابنهم. مثلاً، هناك بعض الأهل يفرضون على ابنهم تعلم العزف على البيانو رغم أن هذا الأخير لا يميل إلى هذا النشاط، فهؤلاء الأهل يرغبون في أن يحقق ابنهم حلمهم الذي لم يستطيعوا تحقيقه، عندما كانوا في سنّه. 

· عدم الخوف من الفشل: من الأفضل التفاوض على فترة تجريبية في دورة أو نادٍ قبل اتخاذ القرار النهائي في ممارسة نشاط لا صفي.

· عدم الضغط: يجب أن تبقى النشاطات اللامنهجية ترفيهية، لحظة استرخاء من دون التزام بالنتائج.

· عدم تسجيل الطفل في نشاط لأن صديقه المقرّب فيه. بل على الأهل التأكد من أن ابنهم يرغب فعلاً بهذا النشاط أو ذاك.