بيت التشكيليين المصريين والعرب والأجانب: الحياة تعود إلى مجمع الفنون بعد غياب 10 أعوام

طارق الطاهر (القاهرة) 01 أكتوبر 2017

بعد غياب عشر سنوات عن الساحة الفنية، عاد قصر عائشة فهمي، أو ما يطلق عليه "مجمع الفنون"، إلى الحياة مرة أخرى، هذا المجمع الذي يعد شاهداً على الحركة التشكيلية المصرية منذ السبعينات وحتى إغلاقه لترميمه عام 2006.


تقريباً، معظم الفنانين التشكيليين المصريين مروا من خلال هذا المجمع المؤثر في دوره، والذي تولاه فترة طويلة من الزمن الفنان والناقد الكبير الراحل أحمد فؤاد سليم، وتلميذته الراحلة الدكتورة فاطمة إسماعيل. لذا مثل غيابه لأكثر من عشر سنوات لترميمه، خسارة فادحة للحركة التشكيلية، ليس فقط المصرية بل والعربية والعالمية، فكثيراً ما استضاف أحداثاً ذات طابع دولي، كما أقيمت فيه معارض لفنانين من مختلف دول العالم.

هذا ما أكدته داليا مصطفى، مدير عام مراكز الفنون، في كلمتها التي أوضحت فيها أن إعادة ترميم قصر عائشة فهمي «مجمع الفنون» لم تكن مجرد مشروع لإعادة افتتاح موقع تابع لقطاع الفنون التشكيلية، وإنما تمثل حدثاً فنياً مهماً، تستعيد به الحركة التشكيلية المصرية أثراً تاريخياً بالغ الأهمية، ظل على مدار سنوات صرحاً ثقافياً وفنياً يبرز خصوصيات الثقافات والفنون المختلفة وجمالياتها، ويرصد كيفية انتقالها بين الأجيال والتيارات المتعاقبة، بل كان شاهداً على تبوؤ مصر مكانتها الفنية المرموقة في الأوساط والمحافل الفنية المحلية والدولية، وبذلك فإن افتتاح قصر عائشة فهمي يأتي ليمثل دعوة للفنانين، ونقطة انطلاق أخرى لاستعادة تلك المكانة، وتأكيد ريادة الفن المصري وسط أقرانه.

ويعد هذا القصر «مجمع الفنون» أثراً معمارياً مهماً، فقد بناه علي باشا فهمي، كبير ياوران الملك فؤاد، لابنته عائشة فهمي، وأطلق عليه قصر «الخلد»، على مقربة من كوبري بولاق، وذلك في أوائل القرن العشرين، وقد عاشت فيه إلى العام 1958، حيث انتقلت ملكيته بعد ذلك إلى وزارة الثقافة، لاستخدامه مكتباً للدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة في ذلك الوقت، وفي العام 1971 تحول إلى مخزن لوزارة الإعلام، وفي العام 1975 قام يوسف السباعي، وزير الثقافة آنذاك، بضم القصر إلى هيئة الفنون والآداب، وفي العام 1978 صدر قرار جمهوري بتخصيصه متحفاً لمجوهرات أسرة محمد علي، وتم إلغاؤه بقرار جمهوري آخر العام 1986، وذلك بعد تخصيص قصر فاطمة حيدر بالإسكندرية متحفاً للمجوهرات، ليعود مرة أخرى تحت تصرف وزارة الثقافة ليتحول إلى مجمع الفنون، الذي كان على مدار أكثر من ثلاثة عقود واجهة الفن التشكيلي المصري، إلى أن تم إغلاقه للترميم، الذي استمر لمدة أكثر من عشر سنوات، وذلك لمراعاة الجوانب الأثرية في المبنى، مع إعادة تطوير قاعاته لتستوعب المعارض التشكيلية المختلفة، وإعدادها بكل ما هو حديث ومتميز في أسلوب العرض والإضاءة والخدمات المتميزة للجمهور.

وقد تم ترميم القصر بطرق حافظت على خصوصية تصميمه، التي تعود الى المصمم الإيطالي أنطونيو لاشياك، وقد اتبع خليطاً من الطرز المختلفة، مثل الباروك والكلاسيكية الجديدة، كما يشمل القصر بعض العناصر المصممة بأسلوب الفن القوطي، إذ يعتبر قصر عائشة فهمي، الذي بني في بداية القرن العشرين، من الأمثلة التي تعكس هذا التأثير، من حيث أسلوب البناء واختياز الزخارف والتشطيبات الداخلية والخارجية.

افتُتح مجمع الفنون بمعرض متميز بعنوان «كنوز متاحفنا الفنية»، ويعتمد مفهوم هذا المعرض، كما يرى الفنان إيهاب اللبان، مدير مجمع الفنون ومنسق عام المعرض، على تقديم نماذج مختارة من كنوز المتاحف الفنية المختلفة، لكي تكون فرصة للتعرف على هذا الإرث الفني الضخم الذي تحويه متاحفنا.

وقد تم اختيار مجموعة من اللوحات لكبار الفنانين من متاحف: الجزيرة، محمد محمود خليل وحرمه، متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة، متحف محمود مختار، متحف محمود سعيد، متحف سيف وأدهم وانلي، متحف محمد ناجي، متحف النصر للفن الحديث ببورسعيد، متحف الفنان راتب صديق، متحف الفنانة إنجي أفلاطون.

ومن الفنانين الذين تم اختيار أعمالهم لهذا المعرض المتحفي، الذي يفتتح به مجمع الفنون نشاطه، بعد إغلاق دام عشر سنوات: أحمد صبري، أحمد كمال حجاب، حسين بيكار، راغب عياد، عبدالبديع عبدالحي، محمود موسي، كلود مونييه، فرومنتان أوجين، بول جوجان، تولوز لوتريك، أوجست دومينيك، كميل بيسارو، محمود مختار، راتب صديق، محمود سعيد، سيف وانلي، أدهم وانلي، ومحمد صبري وغيرهم.