واقع انفلونزا الخنازير في السعودية

إنفلونزا الخنازير, المملكة العربية السعودية, إنفلوانزا, منظمة الصحة العالمية

31 أغسطس 2009

خ. ح سعودي يبلغ من العمر ٣٨ عاماً يعمل في جوازات مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، وطبيعة عمله تحتم عليه أن يكون أول المستقبلين للوافدين من خارج البلاد، وقد يلتقط من هذا أو ذاك بعض ما يحمل من فيروسات وعدوى. وقدأصيب أخيراً بمرض انفلونزا الخنازير أثناء عمله وشفي منه. «لها» التقته لتقف على التفاصيل.

 يقول: «كنت أقوم بواجبي المهني في جوازات مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز، وفي ذلك اليوم استقبلت صالة المطار رغم صغرها زواراً قادمين الى مدينة الرسول يتجاوز عددهم الألفين. بعد عودتي الى منزلي شعرت بأعراض الانفلونزا وارتفعت حرارتي وأصبت بالتهاب في الحلق».

ويضيف: «ذهبت إلى مستشفى أحد وعرضت عليهم حالتي كحالة عادية، ولم يخطر ببالي أنني أحمل هذا المرض. ورغم أن الأعراض كانت واضحة لم يكتشفوا إصابتي. وسألني الطبيب هل سافرت الى خارج السعودية؟ فقلت لا. وبعدها صرف الدواء، وكانت مقابلته فاترة جداً وهو طبيب غير متخصص لم يهتم بحالتي رغم انتشار المرض. ذهبت الى منزلي ومكثت لليوم الثاني وأنا بين أسرتي وأطفالي الثلاثة... اشتد المرض فذهبت الى المستشفى حيث أخذوا عينه وأرسلوها  للتحليل، وقالوا اذهب الى منزلك».

ويتابع: «استيقظت في اليوم الثالث على اتصال من مستشفى الملك فهد في المدينة المنورة يخبرني أحدهم بسرعة مراجعة المستشفى لأن نتيجة التحليل كانت إيجابية، وأنت حامل مرض انفلونزا الخنازير. لم أخبر أحداً من أسرتي، وغادرت منزلي الى المستشفى وأنا أدعو الله أن لا يصاب أحد من أسرتي فأكون أنا السبب».

ويستطرد بصوت حزين: «مكثت خمسة أيام في المستشفى وأنا معزول. وأجريت لي العلاجات اللازمة. وقام أفراد من المستشفى بزيارة لعائلتي واخذوا عينات منهم وكانت ولله الحمد سليمة. في أثناء وجودي في المستشفى وبعد خروجي منه لم يسأل عني أحد من المسؤولين في جوازات منطقة المدينة المنورة».

وعن شعوره بعدما علم بإصابته بالمرض قال: «تقبلته بإيمان وهو مكتوب لي سواء في المطار أو غيره. ولله الحمد شفيت منه بنسبة ٨٠ في المئة».

 وزير الصحة السعودي: نسبة الوفيات متدنية بمرض «انفلونزا الخنازير» في السعودية

قال وزير الصحة السعودي الدكتور عبد الله الربيعة إن نسبة الوفيات من مرض انفلونزا الخنازير في السعودية  متدنية وهي سبعة في الألف. مشيراً إلى أن نسبة الشفاء في المقابل عالية جداً تفوق ٩٥ في المئة وتشفى الحالات دون الحاجة الى المستشفيات، حتى ان نسبة المرضى يشفون دون حاجة الى العلاج، وأقل من ٥ من المئة يحتاجون الى المراجعة والمراقبة الدقيقة في المستشفى.


وأوضح أن هناك أعراضاً كثيرة ومختلفة لهذا المرض تسبب  الغضب لدى المواطنين لعدم سرعة التشخيص، علماً ان هذا يحدث في كل دول العالم، والسبب أن هذا المرض جديد ويتغير لون أعراضه.

وأضاف: «المملكة مستعدة لموسم الحج والعمرة وهناك استنفار كبير من جميع القطاعات الصحية، وسوف تكثَّف الطاقات الطبية في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسوف تزيد وزارة الصحة التخصصات التي لها علاقة بالأوبئة والعناية المركزة والطبية. أما بالنسبة الى اللقاحات فقد التزمت المملكة شراء أربعة ملايين جرعة لحجاج الداخل والقائمين على الحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهم الناس الأكثر عرضة للاصابة بالمرض».


وأضاف: «نأمل من الشركات الصانعة لدواء انفلونزا  الخنازير أن تلتزم مواعيدها وان تصل هذه اللقاحات قبل موسم الحج. ووزارة الصحة وضعت منافذ مكة والمدينة تحت المراقبة المشددة لحماية زوار الأماكن المقدسة من انتشار المرض».

 باحث أكاديمي: مرض الطاعون في نجد قبل ٩١ عاماً هو «انفلونزا الخنازير»

أكد استشاري الطب الباطني والباحث في تاريخ الأوبئة في نجد الدكتور صالح الصقير، وبحسب الدراسات العلمية التي اطلع عليها، أن ما حصل في العالم قبل ٩٣ عاماً من مرض وعرف في نجد والجزيرة العربية بـ «سنة الرحمة» هو مرض «انفلونزا الخنازير»،  وقدرت الوفيات وقتها بـ ٥٠ مليوناً.

وقال الصقير لـ «لها»: «عام ١٩١٨ اجتاحت العالم جائحة وراح ضحيتها ٥٠ مليوناً، ويعرف ذلك الوقت لدينا بـ «سنة الرحمة». المرض في ذلك الوقت كان لغزاً حيّر العلماء، وثمة دراسات كثيرة ودائمة بهذا الشأن. الموجة كانت أم الأوبئة، ولم يعرف في تاريخ البشرية إلى الآن عدد وفيات كهذا. حتى جميع الحروب التي وقعت في العالم  اذا جمعنا قتلاها لما وصلوا إلى ٥٠ مليوناً كما حصل في وباء ١٩١٨».

وأضاف: «اطلعت على ما كتبه المؤرخون عن سنة الرحمة في نجد. وقال أحد الباحثين ان سنة الرحمة هي التي وقع فيها الطاعون وهلك بسببه في الجزيرة العربية الآلاف. هذا المرض عبارة عن جراثيم قاتلة لا تدركها العيون المجردة، ووقع الوباء في بداية عام ١٣٣٧هـ، وكان عاما في نجد والأحساء والخليج والعراق واستمر ثلاثة أشهر».
وتابع: «من خلال ما كتب حول المرض لم تكن الفيروسات معروفة، ولذا سمي الطاعون، وهو مرض أصاب نجد قبل المرض بـ ٦١ عاماً، لذا سمي الطاعون افتراضا نظراً الى كثرة الموتى. وحتى على المستوى العالمي لم يكن علم الوراثة معروفاً، حيث تم تصنيفه بأنه انفلونزا بعد ١٢ عاماً من تاريخ الجائحة العالمية».

وذكر أن  هناك دوائر علمية وأبحاثاً تؤكد ذلك و «هو ما حدث عام ١٩٩٧ من تحليل جثة تعود الى تلك الفترة ووجد فيها الفيروس (A(H1N1 فيروس انفلونزا الخنازير. وكانت انطلاقة الوباء في ذلك العام من أميركا رغم إلصاق المرض بإسبانيا وتسميته باسم الحمى الإسبانية».


وقال: «المتتبع لتاريخ انفلونزا الخنازير في ذلك الوقت يعرف كيف انتقل من أميركا عبر المحيط ليصل إلى فرنسا ومن ثم إسبانيا التي فقدت ثمانية ملايين من سكانها في تلك الفترة».

وذكر أن موقع منظمة الصحة العالمية يحمل على صفحاته قصة الراعي الكندي الذي نقل المرض الى خنازيره بعد زيارته للمكسيك، علماً انه من النادر انتقال الفيروس من الإنسان إلى الحيوان. وقد شكل الإنسان دائرة مع الخنزير لنقل المرض، مبينا أن الفيروس انتقل من الخنزير إلى الإنسان ليعود مجدداً إلى الخنزير عبر الإنسان، وهذا نادر الحدوث مع الفيروسات الأخرى، كما أنه لا ينتقل إلى حيوانات أخرى. وهذا يدل على خصوصيته بالخنزير وأن جهات حاولت تغيير اسمه خوفاً من أضرار اقتصادية تصيب تجار لحوم الخنازير.

لذا حاولت جهات أميركية تسميته الحمى المكسيكية، إلا أن الاقتراح رفضه المكسيكيون لتتم تسميته على الموقع الخاص بمنظمة الصحة العالمية (A(H1N1، والتغيير موجود على الصفحة الأولى لموقع منظمة الصحة العالمية.

 أكد الاستشاري صالح الصقير أن من يصاب بفيروس انفلونزا الخنازير ويشفى تكون لديه مناعة بإذن الله مدى الحياة.وقال: «إصابة الإنسان بأي نوع من الانفلونزا يولّد مناعة ضد النوع مدى الحياة، غير أن المشكلة تكمن في أن الفيروس يتغير ويتنوع».وأضاف: «نسبة الشفاء من فيروس انفلونزا الخنازير واخذ المناعة أكثر من ٩٩ في المئة، وهناك ١ إلى ٢ في المئة من المرضى تحصل لديهم مضاعفات، ونسبة أخرى تقضي رغم كل العلاجات.عند حصول مضاعفات للفيروس عند الشباب، فإنها تكون شديدة ولكنها أخطر عند من لديه ضعف في المناعة أو يعاني أمراضاً مزمنة.
وتتمثل هذه المضاعفات في ضيق بالنفس وسعال شديدة وبلغم مع الدم وحرارة متواصلة لمدة ٧٢ ساعة».