سرطان الثدي هو الأول

الوقاية من السرطان, سرطان الثدي, يوم المرأة العالمي, المملكة العربية السعودية, سلامة الصحة, المرأة السعودية / نساء سعوديات, أورام, أورام سرطانية, أورام حميدة

11 سبتمبر 2009

يعد مرض سرطان الثدي أكثر الأنواع شيوعاً في السعودية. والعدد الإحصائي للسجل الوطني للعام 2004 حالة. وفي سنة 2004 وحدها وصل عدد الإصابات إلى  798، مما يعني 66 حالة ونصف حالة شهرياً موزعة في أنحاء المملكة. والإحصائية صدرت بناءً على السجل الوطني للأورام على مستوى المملكة الذي يضم ممثلين لوزارة التعليم العالي. «لها» تفتح ملف سرطان الثدي في السعودية...

حنان السعودية الجنسية تحدثت عن رحلتها مع المرض فقالت: «بدأت حكايتي مع المرض حين كنت جالسة أمام التلفاز كعادتي وأحسست بألم بسيط في صدري. حينها تحسست منطقة الألم لأجد كتلة قاسية الملمس. لا أخفي القلق الذي دب داخلي فلم أتعود على هذا الملمس القاسي، ومع ذلك تخيلت أن تكون الكتلة من أعراض الدورة الشهرية. إلا أن بالي لم يهدأ مما جعلني أكرّر تحسّس المنطقة. وشعرت بأن في صدري شيئاً غريباً فذهبت مسرعة إلى العاملة التي في منزلي لأسألها إن كانت تلمس ذات القساوة عند تلمسها لصدري، وبالفعل كانت لديها ردة الفعل ذاتها. إلا أنها طمأنتني حتى لا توسوس لي نفسي بشيء، ذاكرة أنه يمكن أن يكون عرضاً من أعراض تأخر الدورة الشهرية. اتصلت بواحدة من صديقاتي كانت تعاني مرض السرطان، وسألتها بماذا شعرت حين بدأ المرض، حينها ذكرت ما أشعر به فنصحتني بعدم القلق والذهاب إلى الطبيبة المختصة».
وفعلاً اتصلت حنان بصديقة لها تسأل عن شقيقتها الطبيبة في مستشفى الملك فهد لتتعرف منها على الإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الحالات.

تواصلت حنان مع الطبيبة: «أخبرتني الدكتورة أن أنتظر إلى خامس يوم الدورة ، وإذا لم يذهب ما أحسّ به في صدري عليّ الحضور إلى المستشفى. والأهم أنه في حين الاستحمام لابد من ملامسة منطقة الصدر وإذا وجدت، أو شعرت بالكتلة عليّ الذهاب لإجراء تحليل أيضاً. وفعلاً شعرت بالأعراض نفسها. حينها سارعت للعمل بنصيحتها وذهبت لإجراء التحاليل، فقال لي الدكتور لابد من إجراء عملية في أسرع وقت ممكن».
خضعت حنان للجراحة وبعد 3 أيام كانت النتيجة. حين طالبها الطبيب بالحضور إليه. «نزلت إلى غرفة الطبيب ومعي زوجي الذي كان يمسك بالكرسي المتحرك وقال لي الدكتور أنت إنسانة مؤمنة وهذا المرض إن شاء الله سهل والأعمار بيد الله وكم من سقيم شفي، وإياك أن تخشي الموت وتستسلمي.

حينها سكت برهة بعد هذه الديباجة التي ذكرها الطبيب قبل الحديث عن المرض. ثم سألته لماذا هذه المقدمات؟ أعطني الخبر بكل صراحة، هل هو ورم؟ هل هو خبيث أم حميد؟  قال إنتظري لا تقاطعيني. قلت بل تجيب الآن لأني أعيش في رعب لذا أرجو أن تجيب، فقال نعم خبيث!
شعرت بالفاجعة. لم أكن أستطيع أن أتصور أني مصابة بسرطان الثدي، كيف؟ ولماذا؟ وما الذي فعلته لأكون من ضمن السيدات اللواتي يصبن به؟  كل هذه الأسئلة تبادرت إلى ذهني في لحظة، ودموعي تتسابق لا أتمالكها سبحان الله مع أني كنت متماسكة. انهرت فجأة...  لا أستطيع أن أصف إحساسي، كنت إذا علمت أن أحد صديقاتي أصابها هذا المرض أجلس أبكي من حساسيتي المفرطة، بل إن رأيت برنامجا يعرض عن هذا المرض  يقشعر جسدي وأغلق التلفاز».
ضاقت الدنيا بحنان  وإنهارت نفسيتها تماماً، تعبت وكل زيارة للطبيب تتعبها أكثر، بل وصل الأمر إلى أنها وزعت ملابسها، وشنطها، كمن بدأ بالتحضر للموت.

أستئصل الورم فقط ومع العلاج الكيميائي بدأت تشعر بالتحسن. «بصراحة غالبية الأطباء شدوا أزري، كانوا معي كأسرتي يشدّون عزيمتي، ويؤكدون لي أن المرض يمكن معالجته. حتى أن الدكتورة سامية العامودي زارتني كثيراً وظلّت تهاتفني للإطمئنان إليّ إلى هذه اللحظة، وكانت تقول لي لابد أن تحتسبي الأجر عند الله. وأنا عبر صفحات مجلة «لها» أقول لكل من أصابه هذا المرض أنتم أقوى من المرض. وأهم شيء الصبر لأن هذا المرض يغير الشكل الخارجي ولكن لابد من التجلد والصبر. أذكر على سبيل المثال حين أخذي لإجراء الأشعّة قابلت سيدة تكاد تكون منهارة تماماً وسألتها فقالت أنها خافت من العلاج الكيميائي وهربت من المواجهة إلى معالج بالطب الشعبي فأعطاها علاجاً بسيطاً ولكن  مع الأسف انتشر المرض في المستقيم وفي العظام فوجدتها يائسة. يعني لو لم أتحمّل الكيميائي كان من الممكن لا سمح الله أن ينتشر المرض، أو يستأصل الصدر ولكن الحمد لله...
قد يكون تغيّر شكلي قليلاً، حتى أن زميلاتي يبكين حين يرينني ولكن الأهم أني اشعر بالعافية ولم يؤثّر فيّ داخلياً».

لحنان ابنتان وكان خوفها الأكبر عليهما فتقول: «ها أنا الآن بينهما وبدأ علاجي الكيميائي يقل ولله الحمد، لكن أهم ما في الموضوع أن رحلتي مع المرض ساقتني إلى الصبر وازداد إيماني بالله، إذ أن الحياة دائماً نسير بها دون أن نفكر. حالياً أذهب فقط للمتابعة كل 3شهور».

الأستاذ واستشاري الأمراض الباطنه والأورام ووكيل كلية الطب للعلوم السريرية الدكتور محمود شاهين قال لـ «لها»: «فعلاً سرطان الثدي الأكثر شيوعاً في السعودية، وتحديداً لدى السيدات. وإذا كان السرطان مئة في المئة سنجد أربعة من عشر منها سرطان ثدي، وهذا بحسب آخر إحصائية ، ونحن الآن  نعمل على إحصائية 2005 التي لم تطبع بعد».

والسرطان «هو مجموعة أمراض تحدث عندما تتحول خلايا الجسم إلى خلايا غير طبيعية فتنقسم دون تحكّم أو نظام. ويتكون كل عنصر في جسم الإنسان من أنواع مختلفة من الخلايا التي تنقسم عادة بطريقة منتظمة لإنتاج خلايا أكثر عند الحاجة لكي تحافظ على بقاء الجسم في وضع صحي، فإذا انقسمت الخلايا دون الحاجة إلى خلايا جديدة سوف تتكون لدينا أنسجة فائضة، وهذه الكتلة من الأنسجة الإضافية تسمّى الورم الذي يكون حميداً أو خبيثاً».

أسباب سرطان الثدي
من أهم أسباب  حدوث سرطان الثدي، كما ذكر شاهين، «إصابة  سيدة أو أكثر بسرطان الثدي في العائلة، وفي بعض العائلات يوجد سرطان الثدي بنسبة كبيرة. إذا وجدت ثلاث حالات أو أكثر وفي سن مبكرة فلابد من إجراء فحص الجينات المورثة عند سيدات هذه العائلة لنتعرف على مدى نسبة الإصابة المتوقعة في المستقبل. و إذا تبين أن هناك سيدة لديها الجينات المورثة في هذه الحالة سوف تكون معرضه للإصابة بسرطان الثدي بنسبه  60 - 80%. أيضاً هناك العوامل الغذائية وزيادة نسبة الشحوم في الأكل، وسن اليأس إذا حصلت متأخرة وبدأت الدورة الشهرية مبكرة وانتهت بعد سن الخمسين، السيدات اللواتي لم يحملن، أو أنجبن طفلهن الأول بعد سن الثلاثين، السيدات اللواتي لم يتزوجن معرضات أيضاً. بالإضافة إلى كثرة أخذ حبوب منع الحمل لمده طويلة وبشكل متواصل، والأهم إهمال الفحص المبكر».
وأوضح شاهين أن أكثر السيدات بعد التوعية بدأن يوسوسن ويأتين إليه وليس بهن مرض ولكن  لرغبتهن في إجراء الفحص المبكر، وهذا شيء جيد، مع أن السيدات في بعض القرى والمناطق الجنوبية يتحرجن أن يذهبن إلى طبيب ليفحصهن.

طرق الوقاية
ويعدد الدكتور شاهين طرق الوقاية من سرطان الثدي، وأهمها «إجراء الفحوص اللازمة  للكشف المبكر لهذا المرض لأنه يعطي خيارات أكثر للعلاج مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الشفاء الكامل بإذن الله، ليصل إلى 97%. وأيضاً الإكثار من أكل الخضر والتقليل من المأكولات الدهنية،  والعمل على تعزيز العوامل المساعدة ومنها الإنجاب المبكر، الرضاعة الطبيعية، الإقلال من أخذ حبوب منع الحمل».
أضاف: «العلماء في جميع المستشفيات والمراكز الطبية في مختلف أنحاء العالم  يقومون بدراسة سرطان الثدي لمحاولة معرفة أسباب الإصابة به وكيفية تجنب ذلك، وكذلك التعرف على أحسن الطرق لتشخيص المرض وعلاجه مبكراً». وأكد أن كل أساليب العلاج لهذا المرض موجودة ومتوافرة في السعودية وفق أحدث ما توصل إليه العلم وبالذات في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام.