علاجات حديثة تبعث الأمل في نفوس مرضى السرطان

التدخين, الحمض النووي, ضعف المناعة, أورام سرطانية, مرض السرطان, جهاز مناعة, مواد كيميائية, العوامل الخارجية , الهرمونات الذكرية, البروفسور إيريك فون كوتسيم, سرطان الدماغ, خلل جيني, التعرّض لأشعة أكس, الأجسام الجرثومية, التحوّلات الجينية الموروثة, الع

30 مارس 2010

لا تزال تسمية مرض السرطان تشكل حالة رعب لدى الناس. «ذاك المرض» و«المرض الخبيث» و«نجّانا الله منه»... وغيرها من العبارات التي نسمعها بالإشارة إلى السرطان الذي يشكل هاجساً بالنسبة إلى كثر ومجرد ذكره يسبب حالة من الهلع. لكن رغم  الخوف منه، حتى اليوم، يتحفظ الناس ويفضلون عدم اكتشاف وجوده، وإن كلّفهم هذا حياتهم.
 في الواقع، حصلت تطوّرات كثيرة في علاجات السرطان وسبل تشخيصه في السنوات الأخيرة مما يعطي مساحةً من الأمل لكل مريض، فقد أثبتت الدراسات أن العلاج المبكر يتميّز بمزيد من الفاعلية ويسمح بالشفاء التام بنسبة كبرى عكس ما يحصل في حال التأخر بالعلاج.
ولا شك أن التطوّر الحاصل في العلاج أمر لا يستهان به، خصوصاً عندما نعرف أنه قبل ٤٠ عاماً كان عدد الأطفال الذين يشفون من سرطان الدم ضئيل، فيما بلغت نسبة الشفاء اليوم أكثر من ٨٠ في المئة. كذلك في حالة سرطان الثدي بعد أن كانت نسبة الشفاء لا تتعدى ٤٦ في المئة، قبل ٤٠ سنة، تتخطى اليوم ٨٠ في المئة.
أرقام تدعو للتفاؤل ولا تزال الأبحاث في تطوّر مستمر يعدنا بالمزيد. البروفيسور إيريك فان كوتسيم من جامعة لوفين البلجيكية الاختصاصي بالأورام السرطانية تحدث عن أحدث التطورات الحاصلة في مجال السرطان والاكتشافات التي تساهم شيئاً فشيئاً بجعل العلاجات أكثر فاعلية.

- تكثر التسميات المرتبطة بالسرطان، هل من تعريف محدد له؟
السرطان عبارة عن مجموعة من الأمراض المتنوعة التي يظهر فيها تكاثر عشوائي للخلايا بشكل تصعب فيه السيطرة على التزايد السريع لها. وتتسع بقعة انتشار الخلايا أحياناً إلى خارج الموضع الذي بدأت فيه وهي الحالة التي يتفشى فيها المرض. ورغم أنه غالباً ما يسبب السرطان ظهور ورم، لا يحصل ذلك في حالات معينة كما في حال الإصابة بسرطان الدم.

- ألا تُعرف أسباب معينة للسرطان تسمح بالتحكم في ظهوره إلى حد ما؟
تنتج معظم أنواع السرطان عن خلل جيني أو عن خلل في الحمض النووي للخلايا. وقد ينتج الخلل في الحمض النووي في الخلايا عن عوامل خارجية أو يمكن أن يكون موروثاً فيكون موجوداً من الولادة في الخلايا.

- ما العوامل الخارجية التي تلعب دوراً في الإصابة بالسرطان؟
أهم العوامل الخارجية التي تلعب دوراً بالإصابة بالسرطان هي:

  • التدخين
  • التعرّض للمواد الكيميائية
  • التعرّض للأشعة
  • الأجسام الجرثومية

أما بالنسبة إلى العوامل البيولوجية الداخلية المسببة فهي:

  • التحوّلات الجينية الموروثة
  • الهرمونات
  • مشكلات المناعة
  • التحوّلات التي تطرأ على عملية الأيض

- كيف تطوّرت علاجات السرطان؟
بعد التشخيص، يعالج السرطان عادةً بمجموعة من العلاجات كالعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة والجراحة. كما أن العلاج البيولوجي صار من العلاجات الحديثة المتبعة لتحقيق هذا الهدف. ومع تطوّر الدراسات والأبحاث، تصبح العلاجات موجّهة بشكل أفضل في محاربة مختلف أنواع السرطان. فقد ظهر تطوّر ملحوظ في ما يتعلّق بالأدوية الموجّهة ذات الهدف المحدد والتي تستهدف الخلايا السرطانية حصراً وتحاربها، مما يخفف الأضرار التي قد تصيب الخلايا الصحيحة، كما هي الحال في العلاج التقليدي. لكن تجدر الإشارة إلى أن معالجة السرطان ليست سهلة كونه مرضاً صعباً ومركّباً. فعلى سبيل المثال، تصعب كثيراً معالجة سرطان البنكرياس كونه يتفشى بسرعة في مختلف أعضاء الجسم ويقاوم العلاجات الحالية المتعارف عليها كالعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة.

- كم من الوقت يتطلب انتشار السرطان، بشكل عام؟
تنمو معظم أنواع السرطان وتنتشر على مراحل مما يتطلب سنوات عدة. وتكمن المشكلة في أن التشخيص ليس سهلاً دائماً بحيث يتطوّر المرض قبل اكتشافه. وبالتالي يتم اكتشاف معظم الحالات في مراحل متأخرة من المرض، خصوصاً أنه لا تتوافر وسائل فاعلة للتشخيص المبكر لمعظم أنواع السرطان. يظهر مثلاً سرطان البنكرياس في سن متوسطة إلى متقدمة، لكن يتم اكتشاف ثلثي الحالات بعد سن السبعين أي في مرحلة متأخرة. وتكمن المشكلة في حالة سرطان البنكرياس في أن العلاج محدود الفاعلية ولا إمكان للشفاء. كما لا يتوافر فحص للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس. إضافةً إلى ذلك، لا تظهر أعراض سرطان البنكرياس إلا بعد أن يكون المرض قد بلغ مرحلة متأخرة.
لذلك، يرتفع معدل الوفيات خلال ستة أشهر من اكتشاف المرض. قبل ٤٠ سنة، كانت الحالات التي تنجو جراء الإصابة بسرطان الدم لدى الأطفال قليلة، أما اليوم فتصل نسبة الشفاء إلى ٨٠ في المئة. كذلك لم تكن تتعدى نسبة الشفاء من سرطان الثدي والعيش لأكثر من خمس سنوات بعد التغلّب عليه قبل ٤٠ عاماً  نسبة ٤٦ في المئة. أما اليوم فتصل النسبة أيضاً إلى ٨٠ في المئة. أما في حالة سرطان البنكرياس فكانت نسبة الشفاء قبل ٤٠ عاماً ٣ في المئة ولا تزال نفسها اليوم.


علاج السرطان في تطوّر

في الخمسين سنة الأخيرة، تطورت الأبحاث والدراسات والاكتشافات المتعلّقة بالسرطان بشكل ملحوظ. ومن أهم التطوّرات الحاصلة في هذا المجال ، الوصول إلى مستوى دراسة الأورام بالجزيئيات مما يؤثر بشكل أساسي في تطوّر العلاجات ووسائل التشخيص. كما ساهم هذا التطوّر في اكتشاف تركيبة السرطان من أمراض عدة يقدر عدد منها على التسبب بالوفاة والتأكد من كونه لا يقتصر على مرض واحد.
مع تطوّر التكنولوجيا، يتم اكتشاف تنوّع المرض وتعدده بشكل أفضل. كذلك في السنوات الأولى، كان المرض يعالج على أساس الموضع الذي تم اكتشافه فيه. لكن مع الوقت تبيّن أن هذه التقنية ليست فاعلة إلى حد كبير. تطوّرت الأمور إلى أن صار البحث يتم من خلال الجزيئيات وصولاً إلى الأبحاث التي تتم حالياً على صعيد الجينات.
وعلى صعيد العلاج، تبيّنت فاعلية العلاجات الحديثة. وقد تبيّن أن البدء بالعلاج في مرحلة مبكرة يساهم في زيادة فرص الشفاء التام. وبقدر ما تتم المعالجة في مرحلة مبكرة أكثر تطول مدة الاستفادة من العلاج.
ومن العلاجات الحديثة المتطورة علاج Avastin الذي هو عبارة عن جسم مضاد، ينضم  إلى عامل نمو بطانة الأوعية الدموية VEGF ليسيطر عليه ويعيق عمله. علماً أن العامل VEGF هو المحرّك الرئيسي لتكاثر الأوعية الدموية السرطانية وعملية التكاثر هذه تعتبر أساس نمو الورم وانتشاره إلى مواضع أخرى في الجسم. لذلك يساعد علاج Avastin على التحكّم في عملية نمو الورم وانتشاره. وقد أثبتت فوائد العلاج في إطالة حياة المصابين بالمرض بمختلف أنواعه، كسرطان القولون وسرطان الثدي وسرطان الرئة وسرطان الدماغ وسرطان الكلى وسرطان الرئة للخلايا غير الصغيرة.