9 نصائح ذهبية في التربية

ديانا حدّارة 24 ديسمبر 2017

يمكن تشبيه الأبوّة والأمومة بالوظيفة الصعبة والتي لا يتقاعد منها الوالدان، وهي المهنة الوحيدة في العالم التي لا يمكن الاستقالة منها، مهما كانت سنّ الأبناء، والصعوبات التي يواجهها الوالدان معهم، وهذا يحتاج منهما الكثير من الصبر والمتابعة والإصرار، ولا سيما في المراحل الأولى لسنّ الأبناء. وفي المقابل، لا مبادئ توجيهية مطلقة يجدر بالأهل التمسّك بها وتنشئة الأبناء عليها، إذ كل إنسان فريد من نوعه، ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك نصائح ذهبية يجدر العمل بها بغض النظر عن الاختلاف في الأسلوب التربوي الذي يعتمده الأهل في تنشئة الأبناء.


1 لا للضغط الشديد على الأبناء
أبناء اليوم هم عُرضة لكثير من الضغوط الاجتماعية والأكاديمية من الآباء والأمهات. ولكن الآباء لا يفعلون ذلك عن سوء نية، فالمجتمع المعاصر تنافسي للغاية، ويتطلب من الأبناء الكثير من الجهد لمواكبة العصر.
ومع ذلك، على الأهل أن يعرفوا كيف يرسمون الخطوط العريضة لأبنائهم، وأن تكون توقّعاتهم مناسبة لقدراتهم الفكرية. فالتوقّعات العالية تؤثر في صحة الطفل الجسدية والعقلية. لذا، من الضروري مساعدته في إيجاد التوازن في حياته، ولا سيما في الأداء الأكاديمي واللعب.

2 احترام الطفل والتعامل معه ككائن فريد من نوعه
معظم الآباء والأمهات يجدون صعوبة في قبول فكرة أن طفلهم كائن فريد من نوعه، وفرد مستقل له وجوده وكيانه الخاص به، وبالتالي التعامل معه بناء على هذا المبدأ السيكولوجي.
بالطبع، يحتاج الطفل إلى الانضباط والتوجيه والحزم في بعض الأحيان، ولكن عليهم في الوقت نفسه تذكّر هذه القاعدة: «احترام رأيه وكيانه المستقل»، مما يساهم في تعزيز الرابط بين الأهل وأبنائهم. فتعامل الأهل مع الطفل كفرد يحسّن أيضًا التواصل بينهما.

3 تذكّر أن سمات الأهل هي صفات الأبناء
على الأهل أن يتذكّروا دائمًا أنهم النموذج المثالي الذي يتطلع إليه الأبناء، وبالتالي فإن معظم السلوكيات التي يتسّمون بها سوف تنتقل إلى الأبناء.
ولذلك، فإن ما يعلّمه الأهل للطفل عندما يكون صغيرًا، سوف يشكّل شخصيته في المستقبل، ولكن عليهم هم أنفسهم أن يتخلّصوا من عاداتهم السيئة، إذ لا يمكن أن يتعلّم الطفل مثلاً الصدق في التعامل مع الآخرين إذا كان يرى والديه يتصرّفون عكس ذلك. لذا، فتعليمه العادات الجيدة في وقت مبكر والتمسك بها وممارستها، تساهم في تشكيل شخصية ناجحة في الحياة الاجتماعية والعملية في المستقبل.

4 التطوّر مع الأبناء
في الأمس القريب، كان طفلاً صغيرًا يخطو خطواته بمساعدة والديه، أمّا اليوم فقد أصبح مراهقًا ينتقدهما، ولم يعد يتقبّل كل ما يمليانه عليه.
وفي المقابل، يستغرب الوالدان سلوك ابنهما، مسترجعَين طفولتهما ومراهقتهما وكيف كانا مطيعَين يخضعان لإرادة أهلهما. ولكن ليس لزامًا على الوالدين أن يتذكّرا الأسلوب التربوي الذي نشآ عليه، فقد لا يكون فعّالاً مع أبنائهما.
فالزمن تغيّر، وكذلك ابنهما يكبر ويتطوّر، وعليهما أن يتعاملا معه وفق سنّه. في الماضي القريب مثلاً، كان يرافقهما في الزيارات العائلية، أما راهنًا فيرفض. على الآباء أن يضعوا في بالهم أن أطفالهم يتطوّرون باستمرار، ومن الضروري أن يواكبوهم في هذا التطوّر النفسي والفكري.

5 لا للنقاش تحت وطأة الغضب
تنتهي ردود فعل الأهل الغاضبة تجاه فعل غير سوي قام به المراهق إلى مناقشة حادة تزيد المشكلة بينه وبين أهله تفاقمًا. ويحاول المراهق التعبير عن استيائه ورفضه لكل ما يطلبونه منه وإن كان يصبّ في مصلحته.
لذا، على الأهل أن يتحلّوا بالصبر وببرودة الأعصاب، وألا يناقشوا ابنهم في اللحظة ذاتها التي يقوم فيها بفعل غير سوي، بل عليهم أن ينتظروا إلى اليوم التالي ويناقشوه بهدوء كي يحصلوا على مبتغاهم.

6 الحوار ثم الحوار
من الضروري أن يتجنب الأهل التعامل مع أبنائهم، سواء كانوا أطفالاً أم مراهقين، كما لو أنهم أفراد يعيشون في معسكر، يطيعون الأوامر من دون أي اعتراض، فهذا الأسلوب يجعل الأبناء يعيشون في حال من الكبت النفسي والعاطفي، مما يدفعهم في كثير من الأحيان إلى الانفجار في وجه آبائهم، فينشب الشجار الحاد في ما بينهم، أو قد يؤدي إلى أن يخفي الأبناء الكثير من المشكلات التي يواجهونها، خشية لوم الآباء.
لذا، ينصح الاختصاصيون الأهل بأن يعتمدوا مع أبنائهم مهما كانت سنّهم، طريقة تعامل قائمة على الحوار الحقيقي بعيدًا من التنافر، فليس مطلوبًا أن يلبي الأهل رغبات أبنائهم، بل تفهم وجهة نظرهم، مما يشعرهم بأنهم يعترفون بوجودهم، وبحقهم في التعبير عن آرائهم.
فمن الضروري أن يشعر الأبناء بوجود آذان صاغية وقلوب منفتحة، لا مجرد مجاملة ومداهنة ومسايرة لفضّ النزاع.

7 اتباع نهج مشترك في التربية
من أجل خير الأبناء، من المهم أن يتّفق الوالدان على قواعد تربية موحّدة، خصوصًا إذا كانت مقاربتهما للتربية مختلفة. لذا، ومنذ البداية، على الوالدين التفاوض حول الأسلوب التربوي والاتفاق على قواعد موحّدة يفرضانها على أبنائهما.
ومن هذه القواعد: الأعمال المنزلية، مصروف الجيب، طقوس النوم الخ... كما ينبغي إشراك الأبناء في وضع هذه القوانين المنزلية، على أن تكون مناسبة لسنّهم والمواقف المختلفة التي يواجهونها.
كما من الضروري إعادة التفاوض على القوانين بشكل متكرّر للتأكّد من أن الوالدين يفرضان القوانين نفسها، علمًا أنها يجب أن تتغيّر مع الزمن.
كذلك يمثّل خلط الأدوار وتوزيع المهمات الأبوية على قدم المساواة طريقة أكثر فاعلية من الأدوار التقليدية للأب والأم. كما أنها تلعب دورًا في تحسين مهارات الأبوّة والأمومة الخاصة بالوالدين!

8 منح الأبناء بعض الحرية والاستقلالية
الاعتماد على الذات أمر يجب أن يتعلمه الأبناء في وقت مبكر. فتعزيز استقلالية الطفل في سنّ مبكرة، كالسماح له بتناول طعامه بيديه وارتداء ملابسه بنفسه وبحرية الحركة، يطوّر ذكاءه وينمّيه، مما ينعكس إيجابًا على أدائه المدرسي. فيما التلميذ الذي اعتادت والدته القيام بهذه الأمور بدلاً منه، يتدنّى أداؤه المدرسي إلى حد ما، ربما لأنه يتعامل مع العلم بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع الأدوات، وبالتالي يحتاج دومًا إلى تدخّل من الخارج.
فهناك الكثير من الآباء والأمهات الذين يقيّدون بشدة حركات أطفالهم. ورغم أن نيتهم حسنة، فيمكن أن يؤثر تصرّفهم هذا في نضج الطفل، وقد يزعزع ثقته بنفسه.
إن التعرض لصعوبات الحياة أمر مهم، لذا على الأهل أن يكونوا مرنين قدر المستطاع مع أطفالهم، وذلك بمنحهم بعض الحرية والاستقلالية في تدبّر شؤونهم، فالطفل المستقلّ يعني شابًا واثقًا بنفسه وقادرًا على مواجهة الصعاب.

9 تمضية الوقت مع الأبناء ومنحهم الحب الذي يعزّز ثقتهم بأنفسهم
إيجاد الوقت لتمضيته مع الأبناء مسألة لا يمكن إغفالها. فالطفل لن ينسى اللحظات الخاصة التي يمضيها مع والديه حين يصبح شابًا، فهو يتذكّر دومًا مشاركته والده في نشاط رياضي، أو نشاط ترفيهي تشارك فيه جميع أفراد الأسرة.


أربع قواعد أساسية على الأهل اتّباعها:

الوقت: واحدة من الطرق الفعالة للحفاظ على التواصل بين الوالدين وأبنائهما هي تمضية وقت خاص معهم، وأن يتخلّيا عن دورهما كوالدين ويسمحا لأبنائهما بالقيام بدور المسؤولين، مثل مساعدة الابن في أبحاثه المدرسية، أو مرافقة المراهق لشراء أسطوانته الموسيقية المفضلة. وعلى الوالدين تذكّر أن الابن هو المسؤول في هذه اللحظات. لذا، عليهما اتباع توجيهاته أو تقليد تصرفاته من دون أن يفرضا عليه اقتراحاتهما أو مراقبة نشاطاته. فخلال هذه الفترة سوف يُظهر حقيقته هو وشعوره بحبهما وقبوله لهما.

             

قوة الكلمة: على الوالدين أن يكونا حذرين من فعالية الكلمة التي يوجّهانها الى أبنائهما. فطريقة تحدّثهما مع أبنائهما تجعل الأخيرين يتخذونهما صديقين عوضًا عن أن يكونا والدين غير متفهمين لمشاعرهم. فمثلاً إذا جاء أحد الأبناء من المدرسة غاضبًا، قائلاً لوالدته أو والده: «صرخت المعلمة في وجهي»، على الوالد تجنب عبارة من قبيل: «لا بد من أن هناك سببًا جعلها تغضب منك»، بل القول له: «المعلمة صرخت في وجهك! لا بد من أنك تشعر بالحرج». فبهذه العبارة سوف يشعر الابن بأن والده يقف إلى جانبه. وهكذا يمكن أن يعرف الأب السبب الحقيقي للمشكلة. فهذه الطريقة في التواصل تُكمل دائرة الحوار بين الأبناء والأهل.

العواطف: الصبر في العواطف. وليست نهاية العالم عندما يعبّر الابن أو الابنة عن مشاعرهما. فعندما يسمّي الأب كل شعور يحسّه الطفل باسمه كالغضب أو الخوف أو الحزن أو الفرح، فهو يساعده على تنظيم مشاعره. وحين يسمّي الأب مشاعر ابنه باسمها، إنما هو يساعده على امتصاص ثورة غضبه، ما يجعله واثقًا بأنه ليس وحيدًا، وأن والده دومًا إلى جانبه في جميع حالاته.

الحب وحدوده: التأكيد أن في إمكان الأهل التعبير عن الحب ووضع حدود لتصرفات الأبناء في الوقت نفسه. فمنع الابن من التصرف بسوء ربما يسبّب له يأسًا لكنه سوف يكون لمدة محدودة لأنه بعد ذلك سيعي أن النتائج ستأتي لصالحه. إن رد الفعل اللطيف والحميم يساعد الطفل على الشعور بالأمان وبناء علاقات جديدة خارج إطار العائلة، إضافة إلى أن الطفل الذي يغمر الحب حياته يصير أكثر مرونة في حياته الاجتماعية ويتميّز بذكاء عالٍ وقدرة على حل الصعوبات التي يمكن أن يواجهها في حياته.