«أسبوع دبي للتصميم» عالم يحملك إلى كوكب آخر من الرقي والإبداع والفنون

كارولين بزي (دبي) 30 ديسمبر 2017

تصاميم وثقافات تتسلل إلى عمق الحضارات لتبتكر مستقبلاً ممهوراً بالإبداع والفنون. رواية جديدة ترويها النسخة الثالثة من «أسبوع دبي للتصميم»، فتؤسس لأيقونة تشبه الإمارة بنشأتها وكان الخيار «كازابلانكا». اللغة العربية بأبعادها الثلاثة والإنارة والمرأة حوارات إبداعية، وللطفل جناحه وللمواهب ابتكاراتها في Global Grad Show، هي تجربة ثالثة غنية تمثل منصةً فنية للتصاميم العالمية في ربوع إمارة دبي.


في جولتنا للتعرف على تصاميم المباني في إمارة دبي ضمن «أسبوع دبي للتصميم» كان لا بد من أن نعرّج على «تشكيل»، فهو مطبخ التصاميم الذي أسّسته الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، وهو أقدم مبنى في دبي، قبل أن يتحول إلى منظمة للفن المعاصر يسهّل تجارب الفن والتصاميم. في كل زاوية من زواياه حكاية إبداع وابتكار، وعالم من التصاميم والفنون المتنوعة. ملابس وعباءات تصوّر ثقافات متعددة، ومطبخ لتصميم المجوهرات، كتبٌ للقراءة والتعلم، لوحات لتزيين الجدران، مكاتب لإعداد تصاميم ورسم آفاق مختلفة لمستقبل الفن في دبي.

من «تشكيل» إلى «السركال»، الفن ليس رسماً أو غناءً، بل هو أيضاً شعر وتاريخ وأدب اتخذ زاويةً له في إحدى قاعات «السركال»، وهذه القاعة عبارة عن استوديو للأبحاث يحمل عنوان «هوامش تجريبية» للقيام بالأبحاث والأعمال رهن التقدم، ويشير الى اتجاه المكتبة البحثية في «مركز جميل للفنون»، الذي سيُفتتح في شتاء 2018. فتستهل زيارتك بقراءة القصيدة الكلاسيكية «ماء يزخرف الجبل» للشاعر خالد بدر عبيد، وفي السياق نفسه تتابع حواراً مع الشاعر خالد البدور والفنانة نجوم الغانم، ثم تجد رسوماً كاريكاتيرية أحدها بريشة الفنان حسن شريف، كما تطرق أبواب الزمنين العربي والغربي في أولى المجلات التي صدرت في دبي. ويركز الاستوديو على الفترة النشطة في أوائل الثمانينيات في الإمارات العربية المتحدة.

  بعيداً من الأدب، اتجهنا نحو العلوم حيث الشاشة المثبتة في أحد الأجنحة والتي من خلالها تستطيع أن تتعرف إلى عمرك الذي يظهر من خلال ملامح وجهك، إضافة إلى نوع الجنس والحالة النفسية التي يمر بها الفرد... وذلك في قاعة «Design of Emotion»، التي تلعب دور الوسيط بين البشر واللآلات، إذ يتركز عمل المهندسين وخبراء تكنولوجيا المعلومات على المساعدة في تشكيل الطفرة الحالية من الروبوتات بطرق رئيسة، حيث يُعرض «الروبوت» العربي الأول في العالم، وهو روبوت ابن سينا ويتميز بامتلاكه تعابير وجه، يدين صغيرتين، ينطق باللغة العربية ويمكنه التعرف إلى الوجوه. من الفن والتكنولوجيا إلى مطبخ الشوكولاته حيث باستطاعة عشّاق الشوكولاته أن يجدوا أنواعاً مختلفة ومتنوعة في Mirzam فتجد الشوكولاته بالتمر، وأخرى بالملح والفواكه والمكسّرات والورود وحتى البهارات، أما الأكثر تميزاً فهو مشروب الشوكولاته الساخنة الألذ على الإطلاق.

  في قاعة أخرى، غاليريات من المفروشات والمرايا تعود إلى مختلف الدول العربية والغربية وبتصاميم من شبان وشابات متنوعي الثقافات. مثلاً: تمثل الأسطوانات الثلاث الذهبية والفضية والحجرية المراحل التاريخية للطفرة النفطية.
يستقبلك في «حي دبي للتصميم» مجسم MY DUBAI يلتقط روح الإمارة النابضة بالحياة، وهو عبارة عن شعار للمدينة، يصور من خلاله الإمارات بغناها الثقافي المتنوع، كما يسمح هذا المجسم للسيّاح بالتقاط الصور من خلال الجلوس على أحد أحرفه الضخمة.
The Skyline هو الهيكل الهندسي الذي عُرض في حي دبي للتصميم، الذي يخبّئ جمال الخطة الرئيسة للمباني في دبي. وهو يعكس الحضارة العالمية للمدينة العصرية، هذا الشكل الهندسي من تصميم المهندس المصري هاني محفوظ.

  تتوسط «حي دبي للتصميم»، تحفة Swarovski البرّاقة التي تعكس الضوء وتكسّره وتحاكي قرص الشمس. هي عبارة عن قرص مؤلف من أكثر من 8000 قطعة كريستال من «سواروفسكي» صمّمه Frederikson Stallard، وهي المرة الأولى التي تُعرض فيها Prologue، الاسم الذي تحمله التحفة، في الشرق الأوسط من خلال أسبوع دبي للتصميم. 
وفي لفتة مميزة، ارتأت «أبواب» أن تخصص جناحاً مختلفاً لضم الأعمال المعروضة في «حي دبي للتصميم»، إذ صُمّم الجناح بأسلاك الأسرّة، وعُرضت فيه أعمال تعكس التنوع الثقافي الذي تعيشه إمارة دبي. رئيسة البرامج في أسبوع دبي للتصميم والمخرجة الإبداعية لمعرض «أبواب» روان قشقوش في حوار:

- ما الذي تغير بدءاً من الدورة السابقة الى الدورة الحالية في «أبواب»؟
 يشارك معرض «أبواب» للسنة الثالثة على التوالي في أسبوع دبي للتصميم. في السنتين الماضيتين، اخترنا ستة بلدان في محاولة لعكس ثقافة شعوبها والمجتمع الإبداعي الذي تعيش فيه. وسنوياً، تتغير الأفكار وتتطور، لكن إذا عكسنا ثقافة ستة بلدان فقط ولم نسلط الضوء على بلدان أخرى، فسنخسر الكثير من التصاميم، لذا قررنا أن تكون مروحة التصاميم هذا العام أوسع.

- الدول الست التي اخترتموها سابقاً هل كانت ثابتة أم متغيرة؟
الإمارات هي الثابتة فقط، والبلدان التي اخترناها كان من المفترض أن تكون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، والمشترك بينها هو إمارة دبي. لكن بهدف فتح أبوابنا على البلدان الأخرى، حاولنا أن نجرّب ما يسمّى بـDesigner Dominos، بمعنى أن على أي مصمم ندعوه إلى المعرض، أن يرشّح مصمماً آخر، وبهذه الفكرة جذبنا أكثر 250 مصمماً، واخترنا من مجموعاتهم 47 قطعة لتُعرض في جناح «أبواب». وهذه القطع ترتكز على ثلاث قواعد، هي: انعكاس ثقافة بلد المصمم، أن تكون القطعة صناعة محلية، وكيفية تجاوز المشاكل. مثلاً، يستعين المصمّمون بالمواد المتوافرة بكثرة في بلدانهم، إذ تمت صناعة السجادة من إطارات السيارات، وحُوّلت قطع الأفران التالفة إلى طاولة. هذه القطع من تصميم مصمّمين من مختلف الدول العربية، البعيدة نوعاً ما عن فكرة إعادة التدوير. مثلاً، حرف القاف المصمّم على شكل مقاعد، هو أيضاً عبارة عن حروف من اللغة العربية إذا غيّرنا شكلها. ورغم أنها قطعة صغيرة توضع في زاوية البيت، لكن مقاعدها تتسع لعدد كبير من الأشخاص. وكذلك الأمر بالنسبة الى الطاولات الثماني الصغيرة التي تشكل طاولة واحدة ويمكن استخدام كلٍ منها على حدة.

- على أي أساس اخترتم المصمّمين؟
كما ذكرت آنفاً، على المصمّمين أولاً أن يعكسوا ثقافة بلدانهم من خلال تصاميمهم، أو يشجعوا الصناعة المحلية. وفي ما يتعلق بالجناح، اخترنا مهندساً معمارياً لتصميمه، بينما في السابق بنينا علباً وعمدنا الى سد الفراغات في ما بينها. هذا العام، فضّلنا أن يضم الجناح كل المصممين، والمواد التي استُخدمت مقدّمة من شركة «بيئة»، وهي شركة مركزها الشارقة وتُعنى بإعادة التدوير. المهندس الذي صمّم الجناح استعان بأسلاك الأسرّة التالفة، وهو مؤلف من 1100 قطعة.

- هل كان الجناح من تصميم أحد المهندسين الذين اخترتموهم؟
لا. شيّده مهندس معماري، وقد اختارته لجنة مؤلفة من أربعة أعضاء، هي التي انتقت أيضاً المصمّمين، وتضم كلاً من الشيخة لطيفة بنت مكتوم، جون مارديني من بيروت وماكس فريزر من لندن وأنا روان قشقوش، وقد اخترناهم من منطلق التعبير عن حوار الثقافات. هذا الجناح أطلقنا عليه اسم «أبواب»، وهو يعكس هذا المعنى لأنه مفتوح من كل الجهات.

- كم دولة شاركت في «أبواب»؟
شاركت في المعرض 15 دولة، وغالبية مصمّميه من دبي، وذلك بعد أن لحظنا تطور التصميم الهندسي في الإمارات في السنوات الخمس الأخيرة بسبب الدعم الحكومي لهذا المجال، ويمكننا أن نجد بعض القطع من الأردن، إضافة الى تصاميم كثيرة من المغرب ولبنان.

- ما الذي يميز أسبوع دبي للتصميم في نسخته الثالثة مقارنةً بالسنوات السابقة؟
«حي دبي للتصميم» تغير كثيراً، إذ لمسنا تعاوناً كبيراً من أصحاب المحال والمكاتب، وذلك بعد أن أثبتنا نجاحنا في السنوات الماضية، وأصبح هناك وعي بالتصميم ومدى أهميته عند الجمهور، الذي بات يعرف عن قرب المشاركين وطبيعة المواد المستخدمة.


Global Grad Show
الأكثر تنوّعاً لخريجي العالم
ما يميز Global Grad Show في نسخته الثالثة هو انتقاله إلى جوار «داون تاون ديزاين»، ومساحته الكبيرة وازدياد عدد الجامعات المشاركة فيه فبلغ 92 جامعة من 43 بلداً، ويُعد هذا المعرض أكبر تجمع وهو الأكثر تنوعاً لخريجي التصميم والابتكار في العالم.
في معرض الخرّيجين، كلٌ منا يختار تصميماً يعنيه، فنجد كيس النوم الذي يتحول إلى حقيبة ظهر صغيرة. اللافت هو التصميم الذي خُصص للأطفال الذين يرغبون باللعب مع أحد أفراد عائلتهم القابع في السجن. جهزّ أحد الخريجين المشاركين في «أسبوع دبي للتصميم» غرفة نوم للأطفال بحجم صغير لتتناسب مع المساحات الضيقة في المنازل. وفي إمكان هواة الصيد الحصول على فرصة استخدام الهواتف الذكية التي ستحدد الوقت المستخدم في عملية الصيد، وعدد الأسماك التي يتم اصطيادها، إضافة إلى الموقع الذي مورست فيه هواية الصيد من خلال الشبكة التي تم ابتكارها Landing Net. تواجه غالبية الفتيات مشكلة مع خزائن ملابسهن التي لا تتسع لمقتنياتهن، فكان الحل في معرض الخريجين وقد تمثّل بتصميم خزانة صغيرة الحجم لتوضيب الأحذية والملابس، قابلة للفك والتركيب. ومن أعشاب البحر صمّم حذاء رياضي بألوان مختلفة، وتحتاج العشبة التي صمم منها المنتج نحو 1000 عام للتحلّل.

ولأن الكهرباء لم تصل بعد الى الأرياف الهندية، صمّم أحد الخريجين الهنود مصباحاً يعمل على الطاقة الشمسية، جاعلاً من زجاجة مياه بلاستيكية قاعدةً له.
«داون تاون ديزاين» هو الجانب التجاري لأسبوع دبي للتصميم، حيث يقدم في نسخته الخامسة لزائرية مجموعة مختارة من أفضل العلامات التجارية في العالم، وذلك بمشاركة 150 علامة تجارية من 28 دولة تشمل 90 علامة تجارية جديدة عالمياً وإقليمياً تتوزع ضمن 26 فئة. من الأثاث المتعدد الألوان والأشكال إلى السجاد الذي يروي قصصاً، إضافة إلى المطابخ والحمّامات والإنارة المتنوعة التصاميم فتشعر في «داون تاون ديزاين» أن هذه المساحة عالم فريد يحملك إلى كوكب آخر من الرقي والإبداع والفنون.

  في إحدى زوايا المعرض جناح أُطلق عليه اسم «كاشيدا»، وهو يهدف إلى تقديم اللغة العربية بإطار جديد ومعدّ للاستخدام. المسؤولة عن جناح «كاشيدا» في داون تاون ديزاين، تحدثت عنه فماذا قالت...

- لماذا اللغة العربية اليوم، بما أننا بتنا نفقدها إلى حد ما؟
«كاشيدا» هي شركة أُسّست في لبنان وتعمل حالياً في دبي، وكل ما نصمّمه من الخط العربي، لكن بأسلوب ثلاثي الأبعاد. مللنا من الخط العربي التقليدي الذي يُستخدم للزينة على الجدران، وقررنا أن نُدخل الخط العربي إلى البيت، فكان التميّز من خلال المفروشات والأكسسوارات.

- متى أسستم «كاشيدا»؟
نحن 7 أشخاص، أسسنا الشركة في العام 2011 وانتقلنا أخيراً إلى دبي.

- ما معنى كلمة «كاشيدا»؟
«كاشيدا» تعني الوصل بين حرفين، أي الجسر الذي يربط بين حرفين عربيين.

- كيف وجدتم أصداء هذه التصاميم لدى مرتادي المعرض؟
نالت التصاميم إعجاب رواد المعرض، وهي تصاميم قديمة جديدة لأن اللغة العربية تعود إلى آلاف السنين، لكن قررنا أن تكون بالأبعاد الثلاثية لندخل تجديداً على الحرف العربي، ويكون تصميمها للاستخدام المنزلي مثل الشمعدان، الكنبة، والمكتبة... وبالتالي، كان هدفنا أن يدخل الخط العربي الى كل بيت، أي أن نحتفظ بهذا الجزء من ثقافتنا العربية.


حكايا
السجاد القماش
نساءٌ رسمن حالاتهن النفسية من خلال لوحات حيكت على شكل سجادة، زيّنت جدران الجناح من Ayka design. أما Viso العلامة التجارية الإيطالية فقدمت تصاميم إنارة عصرية زيّنت العديد من الفنادق العالمية، وحجزت جناحاً خاصاً لها في «داون تاون ديزاين» لتعرض أعمالها الإبداعية المميزة.
من أقمشة المصممين العالميين Christian Lacroix وRalph Lauren، صمّم Maison d’art أثاثاً يعرض من خلاله أقمشة وورق الجدران بعدد من المصممين العالميين.
في Dubai Design District حجزت هذا العام كازابلانكا نسختها من المدينة الأيقونة، وكان «أسبوع دبي للتصميم» قد استقبل في نسخته الأولى بيروت وفي النسخة الثانية القاهرة وهذا العالم كازابلانكا. وتظهر كازبلانكا بحسب مصممي المشروع شبيهةً لإمارة دبي. عن المدينة الأيقونة تعرفنا المصورة ومصممة الغرافيك والمديرة الابداعية المشاركة في بناء المدينة الأيقونية «كازابلانكا» عائشة البلولي:

- ما هي فكرة المدينة الأيقونية لهذا العام؟
اخترنا كازابلانكا، وكل الصور المعروضة في هذه الصالة هي من أماكن تُصوّر كازابلانكا، وارتأينا أن نقدم فكرة واضحة عن هذه المدينة من خلال أشخاص يعيشون هناك ويعملون، وهي رؤية مختلفة للمدينة.

- لماذا قارنتم بين كازابلانكا ودبي؟
لأن هناك نقاطاً مشتركة بين المدينتين، فكازابلانكا مدينة جديدة، إذ أُنشئت في أوائل العشرينيات، وهي عبارة عن 50 هكتاراً، كما أنها العاصمة الاقتصادية للمغرب، وغالبية سكانها من خارج المغرب والمدن المجاورة، وبالتالي علينا أن نبنيها من لا شيء، كما أنها استثنائية من حيث هندسة العمارة، ودبي منذ مئات السنين عاشت المرحلة نفسها، وإن لم يكن من ناحية التصاميم، لكن القصة متشابهة.

- هل واجهتم مشكلة في التعاون بينكم كخمسة مصمّمين؟
المشروع من تصميم سلمى الحلول، لكنها شرحت لنا الفكرة التي قمنا بتنفيذها، وبالتالي لم يكن هناك أي مشكلة في التعاون في ما بيننا.

عادل إمام وفيفي عبده في «حي دبي للتصميم»
وفي أحد المحال التجارية في «حي دبي للتصميم» شارك «الزعيم» عادل إمام والراقصة فيفي عبده من خلال «تيشيرت» رُسمت عليها صورهما مع عبارات شهيرة يردّدانها باستمرار. وعلى هامش المعرض ربما هناك من لا يعلم أن في دبي أسواقاً شعبية تبيع الأكسسوارات والتذكارات وشالات الشتاء وذلك في طريقك إلى منطقة الخور-دبي التي تقع إلى جانب متحف دبي.