عمر كمال «فرانك سيناترا فلسطين»: أريد أن أكون عالمياً كمحمود درويش

مي غلاييني 30 ديسمبر 2017

بعدما أسر القلوب خلال لقاءاته التلفزيونية والمهرجانات التي أحياها في العالم العربي والغربي، وفي مهرجان بيت الدين اللبناني، بأدائه وصوته المتميّز، أحيا في بيروت حفلة موسيقية أخرى، لكن هذه المرّة ليدعم حق الجميع في الحصول على تعليم لائق، عبر تخصيص ريعه بالكامل لمصلحة برنامج التعليم لمؤسسة التعاونلبنان، المنظّمة للحفل. إنه الفنان الفلسطيني عمر كمال الملقب بـ «فرانك سيناترا فلسطين»، والذي ولد في مدينة نابلس.


تخصّص كمال في الهندسة المعمارية في جامعة كارديف البريطانية وحصل فيها على شهادة الماجستير بتفوّق، وهناك أيضاً أطلق مشروعه الفني بتأسيس رابطة «سيناترا»، وترأس جوقة الغناء الخاصة بالجامعة.
يغنّي باللغات العربية والإنكليزية والإيطالية، ويتعاون اليوم مع مجموعة من أهم المنتجين والملحنين في العالم. أصدر هذا العام، أولى أسطواناته (Serenade) التي أنتجتها شركة «سوني» العالمية، وتضمنت أغنية «Love Never Felt So Good» لمايكل جاكسون بنسخة خاصة تلحيناً وأداء.

- من هو عمر كمال؟
نشأت في نابلس وتدرّبت منذ الصغر على العزف على البيانو، وشاركت في مهرجانات موسيقية صيفية هناك منذ كان عمري 14 عاماً، ما عزّز طموحي وشغفي الموسيقي على رغم مخاوف أهلي والمحيطين بي من توقفي عن متابعة العلم وامتهان الموسيقى، على رغم إيمانهم بموهبتي ودعمهم الكبير لي.
لذا، كان عليّ أن أثبت لأهلي ولنفسي قبل المنتج والشركة التي ستوقّع معي عقداً وقبل كل الأشخاص الذين سيتعاملون معي في المستقبل، أن هذه هي الطريق الأنسب لي، والتي سأسلكها في حياتي. وبالفعل، أتممت دراستي الجامعية وحصلت على شهادة الماجستير من جامعة كارديف، لكنني لم أهمل الموسيقى خلال تلك السنوات، بل كان توجّهي الموسيقي قائماً وازداد يوماً بعد يوم. وحينما وقّعت العقد مع شركة «سوني الشرق الأوسط» وسجّلنا الأغاني، اتّضح لعائلتي، ولا أتكلم هنا عن عائلتي وحدها بل عن الجميع من حولي، أن هذه هي طريقي على رغم مخاوفهم من تأثيرها في شخصيتي، وهذا شيء طبيعي.
هذا كله شجّعني على المزيد من التصميم والمثابرة لأثبت للجميع من حولي، قبل العالم، طريقي التي اخترتها، ولو أنهم لم يعبّروا عن مخاوفهم بل دعموني منذ البداية، لكانت الأمور اختلفت ولم تكن عندي هذه الإرادة على النجاح والشغف نفسه.

- ما العوامل التي وجّهتك نحو الموسيقى الغربيّة أكثر من العربيّة؟
نشأتي في فلسطين حيث النشاطات التي يمكن الأولاد القيام بها محدودة، دفعتني إلى التدرّب على البيانو، ما يعني الموسيقى الأجنبية.
كما أن الجو العام غير المقصود والذي كان سائداً في المنزل، دفعني أيضاً إلى ذلك، فأمّي كانت ترنّم طوال النهار أغاني فيروز بألحانها الغربية، ووالدي كانت يهتم دائماً بالموسيقى الغربية ولكن ليس بمعزل عن العربية.

- مرّة ثانية في بيروت لإحياء حفلة خلال ثلاثة أشهر، ماذا يعني لك هذا؟
شعور رائع، أنا أزور بيروت دائماً لأنها جميلة وأحب كل شيء فيها. أما زيارتي هذه المرّة فلها طعم آخر، أولاً لأن الحفلة في الأساس هي من تنظيم مؤسسة التعاون – لبنان، وهي حفلة خيرية أولاً وأخيراً، وثانياً لأنها حفلتي الثانية بعد بيت الدين في لبنان خلال فترة زمنية قصيرة، والتي قبلها لم يكن أحد يعرفني إلا القليل، وهذا طبعاً بفضل جهود الحملة الإعلامية الرائعة التي قامت بها مهرجانات بيت الدين.

- من الهندسة المعمارية إلى الموسيقى، لماذا هذا التحوّل وكيف تمّ وهل عملت في الهندسة؟
فعلاً عملت في الهندسة فترة قصيرة كنت في حاجة وقتها لملء الفراغ بين التسجيلات وبين بدايتي الرسميّة في مشواري الموسيقي، وقد تأكدت حينها من صحّة كلام أهلي ونصائحهم بأن تكون عندي خطة بديلة من الفن.
أما عن التحوّل، فلم يكن هناك تحول بالمعنى الصحيح للكلمة، إذ إنني وخلال الجامعة، كنت دائماً مشغولاً بالموسيقى على رغم أن اختصاص الهندسة يتطلب الكثير من الوقت والجهد، إلا أنني لم أضع شغفي للموسيقى جانباً. وعلى رغم عدم تركيزي على دراستي خلال السنوات الأولى وانشغالي عنها بالموسيقى، إلا أنني بذلت جهداً كبيراً في السنة الأخيرة وحققت نتائج رائعة.
وكان زملائي دائماً يتعجبون من انشغالي بكتابة النوتات الموسيقية والتدريبات للحفلات، بينما كانوا هم جالسون في المكتبة يطالعون ويدرسون.
لقد كانت أياماً رائعة ولكن مربكة بعض الشيء لأنني شعرت بأنني إذا أنهيت دراستي قبل أن أحقق حلمي الموسيقي وقبل أن أُحدث تأثيراً أو أحصل على فرصتي الحقيقية، سأنغمس في العمل في مجال الهندسة، ما يزيد من صعوبة متابعة طريقي الفنية.
لذا، كنت سعيداً جداً عندما وقّعت عقد «سوني» قبل أن أُنهي سنتي الدراسية الأخيرة، وهي خطوة جعلتني للحظات أتردد في إتمام دراستي، إلا أنني أردت أن أثبت لنفسي وللجميع أنني قادر على الجمع بين الاثنين، وأنه لا يجوز تضييع سنوات التعليم هباءً، وبالفعل أتممت ذلك بنجاح كبير.

- لماذا فرانك سيناترا؟
لأنه هو الذي جذبني الى الغناء. بالأساس، بدأت أستمع الى فرانك سيناترا بهدف التعلّم. فأحياناً، الإنسان يريد أن يجد شخصاً يفهمه ويشعر بسهولة التواصل معه والتعلّم منه، وهذا ما شعرت به عند الاستماع إلى سيناترا. فعندما كان عمري 14 عاماً، أردت أن أتعلم الأصول الموسيقية، وحتى اليوم، بالنسبة إليّ، أنا ما زلت أتعلم، وبعد 20 عاماً سأظل أتعلّم لأنني بمجرد أن أتوقف عن التعلم بدافع الغرور، فهذا معناه أن مشواري الفني انتهى وسأقف عند النقطة التي وصلت إليها من دون تحقيق المزيد من النجاح.
لذا، كنت أتابع فرانك سيناترا. طبعاً بالفيديوات الموجودة والأغاني، وفي تلك الفترة شعرت بأنه المثال الذي يجب أن أحتذي به، وهو جذبني الى الغناء في الأساس لما كان يتمتع به من شخصية مميزة على المسرح. وعلى رغم أنني لم أشاهده أولاً على المسرح بل كنت أستمع إليه، إلا أن قدرته على إيصال إحساسه ومشاعره إلى الجمهور رائعة، ولست أنا الوحيد الذي يقول هذا، فالكل أجمع على أنه نجم القرن.
ومع أن كثراً من النقاد لا يضربون به المثل في الحديث عن البراعة الموسيقية رغم روعة موسيقاه، إلا أنهم يجمعون على أنه كان يتمتع بالتركيبة الأكيدة للنجاح أو ما يسمى X-Factor.
لقد كان يمتلك تركيبة غريبة عجيبة جعلته النجم المفضل لدى الجميع حتّى يومنا هذا، فهناك شيء ما في ثقته بنفسه وشخصيته الغريبة ومزاجه الفريد وصوته الرائع، كل هذا دفعني لأن أنضم إلى نادي فرانك سيناترا.

- تغني فرانك سناترا ومايكل جاكسون، ما الجامع بينهما؟
يضحك قائلاً «زوّدتها صح»! لقد شكّل مايكل جاكسون سحراً جديداً بالنسبة إليّ في الفترة التي كنت أسجل فيها الألبوم. طبعاً كنت أسمعه من قبل إلا أن تركيزي عليه ازداد كثيراً. كما أنه انضم إلى لائحتي الخاصة للنجوم المميزين، والتي تضمنت مايكل جاكسون وفرانك سيناترا وألفيس بريسلي والبيتلز، والذين أحدثوا موجة فنيّة مميزة عجز كثر غيرهم عن تحقيقها على رغم وجود أسماء كبيرة في عالم الموسيقى وفرق عظيمة، إلا أنني متحيّز الى هؤلاء، وهم في الحقيقة قمم فنية عظيمة.
كما أن شخصيّة مايكل جاكسون شدّتني إليه، وطبعاً قصته الحزينة التي فيها الكثير من الصراع والتفاني غير المبرر أحياناً للموسيقى وحقيقة أنه كان يعيش لموسيقاه، من الطبيعي أن يعيش الفنان لمهنته بدرجة معينة لأن نجاح أي مهنة يتطلب التفاني والوقت، فكلما زاد طموحك بالنجاح تطلب ذلك منك وقتاً أطول وتفانياً أكثر.
إلا أن مايكل جاكسون وصل إلى مستوى جديد في التفاني لم يسبقه إليه أحد. وفي العودة إلى الحديث عن الجمع بين سيناترا ومايكل جاكسون، أؤكد أنني شعرت بأشياء مشتركة بيننا، فهناك صفات تمتّع بها مايكل جاكسون جذبتني إليه، وأيضاً فرقة البيتلز أشترك معها ببعض الأمور وطبعاً محمد عبدالوهاب، وهذا هو الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات بشكل عام. أما فرانك سيناترا، فكان بمثابة هوس طفولي وسحر تحوّل إلى مثال أقتدي به.

- تحاول أن تنأى عن السياسة في حياتك الفنيّة، هل تعتقد أن الالتزام السياسي خصوصاً بقضية مثل قضية فلسطين، قد يقف عائقاً أمام مسيرتك الفنية العالمية؟
لكل شي وقته.

- إذاً النأي موقت؟
لا، لا تستطيعين القول إنني بعيد كل البعد من القضية الفلسطينية، لكن في المقابلات أفضّل عدم التطرّق إلى هذا الموضوع. وأنا شخصياً، لا أحبّذ الكلام الكثير، ويجوز أنني في هذه المقابلة أبدع كثيراً، فأنا أفضّل الأفعال وأحاول عدم التحدّث عن القضية الفلسطينية، لأنني أشعر كأنني أركب موجة استغلال القضية.
ولا شكّ في أن كوني فلسطينياً ساعدني في الحصول على لقب فرانك سيناترا فلسطين، لكنني لا أحب أن أستغل هذا الشيء. كما أن معظم الشعراء، يبدأون طريقهم الشعرية بأشعار عن الحب والغزل ثم ينتهون بالقصائد كأن هذا هو النضج الطبيعي الذي يتّبعه أي فنان.

- هل تركيزك على الغناء بالإنكليزية مع أنك أجدت الغناء بالعربية، سببه أنك تخطّط لمستقبل يتخطى حدود الوطن العربي؟
الطموح موجود، فمن منا لا يحب أن يكون نجماً كبيراً؟ أؤمن بأن لدي القدرة على تحقيق ذلك، كما أحب أن أربط فني ونتاجي الفردي بشيء أكبر مني، لأشعر بقيمة فني، فمن هذا المنطلق أطمح الى الانتشار الواسع والوصول الى العالمية.
أحب أن تكون لدي رسالة واضحة، قد تكون رسالة تساعد في تغيير المسار البشع الذي تتجه إليه الدنيا، والذي في الإمكان ملاحظته بسهولة هذه الأيام، والذي على رغم أنه قوة جامحة إلا أنه قد يكون في إمكاني المساعدة في التغيير أو أكون واحداً من الذين يسعون إلى التغيير ويبذلون جهدهم في سبيل ذلك.

- ألا تجد في المكتبة الغنائية العربية ما يمكن أن تنطلق منه لتميّز نفسك بهويّة خاصّة تكون انطلاقة نحو العالمية أو أنك تعتبر المكتبة الغربية أفضل؟
المكتبة الغربية ليست أفضل من العربية، إلا أن المشكلة تكمن في أن العالم العربي لا يتعامل مع موسيقاه بشكل جدّي، إضافة إلى أن عدم الاستقرار في جميع نواحي الحياة في الوطن العربي يضعف النتاج الفكري.
بينما لو تم الاهتمام بالموسيقى العربية أكثر، لحصلنا على نتاج رائع من الألحان والمعزوفات والأغاني بما لدينا في بلداننا العربية من نوعية مميّزة من الموسيقيين الرائعين، الذين في استطاعتهم فرض موسيقانا على مستوى العالم حتّى وإن كانت لا تجذب البعض.
فإذا أخذنا الهند على سبيل المثال، نلاحظ أن لديهم، ولغاية اليوم، صناعة موسيقية عظيمة، ويعتزون بموسيقاهم، ما يلغي أي تأثير فيها من أنواع الموسيقى العالمية، وهذا ما يمنحهم الثقة بصناعتهم وثقافتهم. أما بالنسبة الى الموسيقى العربية، فلا نجد هذا الاعتزاز الكبير، نعم كثيرون يفضلون الموسيقى العربية على غيرها، إلا أن الموسيقى الغربية تطغى في النوادي الليلية وغيرها من مرافق التسلية. بينما لو كانت لدى الموسيقى العربية قيادة قوية وواضحة لانقلبت الموازين، فلو افترضنا أن محمد عبدالوهاب لا يزال على قيد الحياة، لكان قاد هذه الحملة ووصل بها إلى مستويات عالمية.
قد يتساءل البعض كيف لي أن أقول هذا وأنا أركّز في فني على الأغاني الغربية، ولكن كوني عربياً فالموسيقى العربية محفورة في داخلي وموجودة في أعماقي.
لذا قررت أنني إذا أردت النجاح على المستوى العالمي عليّ أن أبدأ مشواري بتعلّم الموسيقى الغربية في سنّ صغيرة حتّى يكون لها الوقع ذاته في نفسي وليكون في داخلي جوهران من المستوى نفسه، أما لو بدأت الغناء بالعربية تماماً ثم قررت التوجه إلى الموسيقى الغربية، فطبعاً لن يكون ذلك بالزخم والقوة نفسيهما، لأن الوقت يكون قد تأخر حينها، وهذا هو السبب وراء توجّهي الى الموسيقى الغربية.

- كيف تجسّد فلسطين في موسيقاك؟
كوني فلسطينياً، لا يحتّم عليّ أن أبذل مجهوداً كبيراً لأجسد بلادي في فني، فهي تثبت وجودها لوحدها في فني، وطبعاً لقب «فرانك سيناترا فلسطين» ما كنت لأحصل عليه بهذا الزخم. أما من جهتي، فأنا أسعى دائماً لأمثل بلدي أفضل تمثيل.

- تحمل في صوتك «فلسطين» إلى العالم، أيّ حكاية عن «فلسطين» تريد لأغنياتك أن ترويها؟
الوجه المثابر والمتميّز، إضافة طبعاً إلى الأمل والحضارة، لأنني أعتبر أننا كشعب ظُلمنا كثيراً، ولا أريد المبالغة هنا، إلا أنه ومنذ زمن محمود درويش وأمثاله، لم يعد لدينا كشعب فلسطيني من يمثلنا بالشكل العالمي والمستوى الراقي.
فمحمود درويش مثلاً، فلم يكن يهتم بمكان وجوده طالما هو في فلسطين، وقد أنتج أجمل دواوينه الشعرية التي ارتقت إلى المستوى العالمي في فلسطين، وهو لم يكن يهمه موضع العالمية كثيراً، لقد كان متواضعاً ومتفانياً لشعره وبلده. أتمنى أن أكون كمحمود درويش، لكنه طريق طويل من مقاومة التيار والإغراءات.

- لماذا «موطني»؟
دائما ما يخبرني والدي بأنني كنت أقف عند الشباك لأغنّي نشيد «موطني» بحماسة كبيرة، لكن مع «تخبيص» في كلمات الأغنية. وبعد سنين، ونظراً الى انتشارها بين أفراد العائلة وتذكيرهم المستمر لي بأدائي هذه الأغنية، خطر لي عام 2008 أن أغنيها وأسجلها، وبالفعل سجّلت مقطعاً واحداً منها، ومدّته قصيرة، أي دقيقة واحدة فقط.
أما خلال حرب غزة عام 2012، فأردت توجيه رسالة دعم لأهل غزة كأقل شيء يمكنني القيام به، فأعدت تسجليها بالطريقة والمبدأ نفسيهما، لكن هذه المرة أغنية كاملة وبصوت أكثر نضجاً، لكن بعفوية تامّة لم يكن المقصود منها ركوب موجة استغلال القضية أو انتهاز الفرصة.

- ماذا يعني لك أن تشارك في المهرجانات العربية، خصوصاً «بيت الدين»، بعد النجاح الذي حققته في هذه المهرجانات؟
يتملكني شعور رائع لأنني أغنّي بين أهلي وناسي وعالمي، خصوصاً أن الجمهور يتفاعل معي، وأنا أحب هذا التفاعل كثيراً لأنه يشعرني بالقومية العربيّة التي بدأت أشعر بأنها تخفّ، فهذا يعطيني أملاً كبيراً بأن الدنيا لا تزال بخير.

- ما هي علاقتك بالمرأة في فلسطين وخارجها؟
جيدة جداً، فالمرأة بالنسبة إليّ هي الأصل وهي الدعم. لا أريد أن أتكلم بطريقة مبهمة، وأقول لك إن المرأة هي الحياة، إلا أن للمرأة دوراً إيجابياً في الحياة من خلال الدعم الذي توفره لمن حولها.
المرأة هي جزء من تكوين الرجل الذي يمتلك جانباً أنثوياً في شخصيته والعكس صحيح، إذ إن جزءاً من تكوين المرأة ذكوري أيضاً، لا أريد أن أثير جدلاً بهذه المقولة، إلا أنها برأيي صحيحة، لكن على كل من الرجل والمرأة أن يلتزم دوره طبعاً، فهما مكمّلان لبعضهما بعضاً، ولست أتكلم هنا عن التكوين الجسدي بل النفسي والعاطفي. فأولاً وأخيراً، الحياة من دونهما لا تكتمل.

- هل تفكر بالالتزام العاطفي أو الزواج؟
لا أحد يستطيع أن يقرر متى يحين موعد الزواج، فهو يأتي في وقته، وهذا مرهون بالقدر والنصيب. الزواج مهم جداً لأنه استقرار، والرجل عادة أناني ودائماً ما يبحث عن الاستقرار العاطفي وتكوين عائلة تساعده في التركيز على هدفه في الحياة.
وفي النهاية، لكل إنسان هدف في الحياة، فإذا ضاع الهدف يفقد معه الإنسان كل شيء. فالشخص العقلاني دائماً ما يحدّد هدفه في الحياة ويبحث عن الشريك المناسب ليقوم بدوره ويساعده على تحقيق هدفه.

- لم تخبرنا بعد ما إذا كان هناك مشروع التزام قريب؟
سأجيب عن هذا السؤال لاحقاً.

- كم عمرك؟
يجيب ضاحكاً «هذا السؤال ممنوع ولن أجيب عنه».

- ما الرسالة التي تودّ إيصالها الى العالم من خلال مشاركتك في حفل مؤسسة التعاون – لبنان، والذي يعود ريعه لتأمين التعليم اللائق للجميع؟
كلنا نعلم أن التعليم بشكل خاص لأطفالنا ضروري، ومن غير الممكن أن يصل أي شخص إلى مركزه من دون العلم. سأتكلم عن نفسي هنا، فأنا لا أعتبر أن دراستي الهندسة ذهبت هباء بسبب اتجاهي نحو الموسيقى، بل على العكس لتعليمي كل الفضل عليّ وعلى طريقة تفكيري وشخصيتي ونظرتي الى الأمور ووصولي الى ما أنا عليه اليوم، وأتمنى أن أستمرّ على هذا النحو.
أما من دون التعليم، فهذا كإصدار حكم الإعدام على مستقبل الأطفال وإلغاء الأمل لديهم وإدخالهم في طريق ليس لها طعم بمجرد أنك سلبت منهم أدنى حقوقهم في الحياة.
فالتعليم يساعد الأطفال على التفكير في مستقبلهم، وسلبه منهم يفقدهم الهدف في الحياة ويجعلهم يعيشون على الهامش ويمنعهم من الوصول إلى الحكمة والسكينة اللتين تساعدانهم في هذه الحياة. فهناك أشخاص كثيرون حولنا تعرضوا للظلم بسبب ذلك، ومنهم حتّى في مجال الموسيقى بسبب فقدانهم الوعي والتعليم.
وأخيراً، تجدر الإشارة هنا، إلى أن مؤسسة التعاون- لبنان تدعم منذ تأسيسها، مشاريع تهتم بالتعليم، وقد أنفقت ما يزيد عن سبعة ملايين دولار على هذه البرامج منذ العام 2013. وتخاطب برامجها حياة الأطفال والشباب والمعلمين والمشرفين الاجتماعيين، تقدم التعليم المساند والحماية من التسرّب المدرسي. من خلال العمل مع العديد من الجمعيات الأهلية داخل المخيمات وخارجها، ومع مؤسسات مانحة مثل اليونيسف، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس.