الكاتبة مها الوابل... رأي وحكمة بين تاريخ الورق والمستقبل الرقمي

عزيزة نوفل (جدة ) 07 يناير 2018

كاتبة خطّت طريقها منذ تسعينيات القرن الماضي، وهدفت في كتاباتها المقالية الى رصد أحداث المجتمع على الصعد كافة. تنقلت بقلمها في عدد من أهم الصحف والمجلات المحلية، مصدرةً عدداً من المؤلفات كان من أهمها «وميض» و«صوت من الأعماق». خاطبت الأطفال بسلسلة قصصية أطلقت عليها اسم «المها»، ولم تكن الكتابة إلا جانباً من جوانب الكاتبة مها الوابل، التي أحبت خوض مجالات إدارية وتدريبية، إضافة الى كونها عضواً في عدد من الجمعيات. دخلت لغة العصر بالتفاعل الحي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وكان آخر نشاطاتها العمل على مشروع كتاب «نساء للوطن»، والذي تأمل أن يتحول إلى موسوعة تضم 1000 سيدة سعودية متميزة، حكاية عن منبع الكلمات وخلفية الآراء والأفكار...

 
نشرت مقالتي الأولى وأنا في الثانية عشرة من عمري

- في موقعك الإلكتروني الذي يحمل اسمك، كانت هناك أيقونة سمّيتها «تاريخي»، ضمت الكثير من نجاحاتك وإنجازاتك العملية، حدّثينا عن بداية الطموح والأحلام في ريعان الشباب، وأين وصلت؟
خربشاتي في حصص التعبير، وأفكاري المتناثرة في دفاتر الهوايات، كانت نافذتي التي كنت أطل من خلالها على أحلامي، والتي كبرت بمجرد نشري أول مقالة لي وأنا في الثانية عشرة من عمري، ثم توالى النشر، وكثُرت الإنجازات بحصولي على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، لتخرج مشاركاتي في الإعداد للإذاعة والتلفزيون على الملأ، وتدعمها مشاركاتي الصحافية وكتاباتي في صحف مهمة مثل «اليوم» و«الرياض» و«المجلة العربية». كما كانت لي مقالة شهرية في مجلة «الشقائق» عام 1994، في زاوية شهرية بعنوان «صوت من الأعماق»، ومن ثم أصبحت أكتب مقالتين أسبوعياً في جريدة «اليوم» في زاوية بعنوان «وميض»، وزاوية أخرى بعنوان «نساء للوطن»، وبعدها أصدرت كتبي الثلاثة التي تضم أسماء زوايا مقالاتي: «وميض»، «صوت من الأعماق»، وكتاب «نساء للوطن»، وما زلت أملك الكثير من الأحلام والطموحات.

- طموحك الإعلامي ونزعتك الكتابية، لمَ لم تتخصصي بهما أكاديمياً في دراستك لدرجة البكالوريوس؟
في بداية مرحلة التخصّص الأكاديمي، كنت قد تسجّلت في قسم طب الأسنان، وبعد أن تمّ قبولي به، وجدت نفسي أتحول إلى دراسة إدارة الأعمال، التي كانت ولا تزال بالنسبة إليّ مكسباً عملياً وشخصياً في إدارة شؤون الحياة. بعدها، وثّقت حبي للصحافة والإعلام بالحصول على درجة الماجستير في الإعلام والعلاقات العامة من الجامعة الأهلية في البحرين.

- كلمة الحق، صوت الشارع، ونداء المرأة... هي عناصر مهمة في كتاباتك المقالية، كيف جاءتك الفرص لدخول ساحة الكتابة المقالية؟
لكلٍ من الصحف التي نشرتُ فيها مقالاتي قصة وحكاية، فترشيحي للكتابة في مجلة «الشقائق» كان من جانب عميدة كلية الآداب للبنات في الدمام الدكتورة والأميرة سارة بنت عبدالمحسن الجلوي آل سعود، كما رشّحتني الدكتورة أمل الطعيمي لكتابة زاويتين في جريدة «اليوم»، ثم ذهبت إلى هولندا التي بقيت فيها خمس سنوات، وعدت بعدها إلى وطني وبيتي الصحافي جريدة «اليوم».


نحتاج إلى من يصيغ العقل والحكمة بعيداً من العواطف

- أيهما يطغى على شخصية مها الوابل: الشخصية القيادية الإدارية والعملية أم العاطفية المرهفة التي تبحث عن مكنوناتها في ما يخطّ قلمها؟
أنا كأي إنسان، أجمع في شخصيتي الجانبين العملي والعاطفي، لكنني من أُولئك الذين يحكم تصرفاتهم العقل والحكمة والاتزان، وتحديداً في ما أكتب، لذلك أجد نفسي مقلّة في الكتابات الوجدانية والعاطفية وإن كنت أُجيدها وبقوة، والسبب يعود الى أن الساحة ممتلئة بالكتّاب الذين يصيغون عواطفهم على الورق، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى رأي الحكمة والعقل.

- لست مجرد كاتبة تصيغين الكلمات استجداءً للعواطف أو لإقناع العقول بوجهة نظرك، فأنت عملياً حاصلة على دورات كثيرة في مجال الإدارة وتطوير الذات، فما تأثير ذلك في أسلوبك في الكتابة وفي وعيك الإعلامي؟
إيماني ويقيني بأن العلم والمعرفة ومقاعد الدراسة رحلة لا تنتهي ولا تتوقف عند حد أو سنّ معينة، وهذا اليقين دفعني للمُضي في تطوير أدواتي ومهاراتي بكل ما أُتيح لي من وسائل التعلم والاطلاع على المستجدات في علوم الإدارة والعلاقات العامة والإعلام وحتى تطوير الذات، وكان لذلك الأثر البالغ في صقل خبرتي وتطوير قلمي وفهم أكبر لكل ما يدور حولي في خفايا الإعلام، وقد حققت مكاسب إعلامية في فترة زمنية قصيرة.


الصحافة الورقية في طريقها إلى الاندثار... والمستقبل تحكمه الشبكة العنكبوتية

- في أحد بحوثك العلمية تناولت موضوع «تأثير الصحافة الإلكترونية في الصحافة الورقية»، كيف تلخصين هذا البحث؟
هذا البحث هو أحد الأبحاث التي قمت بها للحصول على درجة الماجستير في الإعلام، وتلخيصي لهذا البحث يؤكد أن الصحافة الورقية في طريقها إلى الاندثار، وأن لا بد للقائمين على الصحف الورقية من إثبات أنفسهم بقوة في العالم الافتراضي من خلال الصدقية والشفافية في الطرح، وإيجاد مساحة لهم في هذا العالم المزدحم بالمنافسة.

- إلامَ يعود اهتمامك بقنوات ومنصّات التواصل الاجتماعي، أهو لرصد «صدى الصوت» أم أنه رغبة في إثبات الذات وتحقيق الشهرة على صفحات الشبكة العنكبوتية؟
حالياً، أصبحت الشبكة العنكبوتية مقياساً وتوثيقاً للشخص. ومحركات البحث ما هي إلا أداة تساعد العالم لرؤية إنتاجك ومكانك على الخريطة، فإن بحثتَ عن اسمك ولم تجده فأنتَ بلا شك غائب عن جزء مهم من أجزاء التواصل والاتصال الحديثة، وبالتالي لا صوت لك أو بصمة، ولا بد من أن تبدأ في خطّ بصمتك في هذا العالم. وبكل ثقة، أجد أن وجودي في هذا العالم جزء مهم لسماع «صدى الصوت» لكل ما أقدّمه، وهذا لم يكن متوافراً في الإعلام التقليدي القديم، فالحاجة الى الدعم والمساندة والتشجيع من المتلقي أمر يبحث عنه الجميع، وفي الجانب الآخر يبرز الاهتمام بالنقد والذي أضعه في الاعتبار حين يكون نقداً بنّاء ذا أسس ومعايير مهنية احترافية، بعيداً من الخلافات الشخصية والأهواء العاطفية. ومتابعيّ كثر ومن مختلف الأعمار والفئات، وخصوصاً الأطفال الذين استهوتهم مجموعتي القصصية، كما أنني لا أهدف إلى الشهرة بمقدار ما أسعى الى التأثير في المجتمع بصورة تخدم الإنسانية، وتُثبت وجودي كقدوة لجيل يبحث عن أشخاص حقيقيين في عالم افتراضي، ونشر ثقافة الاحتذاء بمجالات حقيقية وجادّة وليست تافهة أو استهلاكية.


حلقتُ شعري لدعم مريضات السرطان

- في مبادرة جريئة منك، حلقتِ شعرك تضامناً مع مريضات السرطان، ما دافعك للقيام بهذه الخطوة؟
في الحقيقة، لطالما راودتني هذه الفكرة، وإن كنت قد تأخرت كثيراً، إلا أنني نفّذتها في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر من عام 2016، ودافعي الوحيد هو دعم مرضى السرطان معنوياً، وتحديداً السيدات اللواتي اخترن العلاج وتحدّي المرض. فبكل بساطة، رسالتي هذه المرة كانت فعلية ومرئية وتخاطب الجميع بضرورة دعم المرضى ومساندتهم بالوقت والجهد وكذلك المال.

- اتّجه كثرٌ من كتّاب المقالة الى كتابة القصص والروايات، حتى أن بعضهم دخل مجال الإعداد الإذاعي والتلفزيوني. بشكل عام، بمن تتأثرين من هؤلاء، وهل تخطّطين لتأليف قصة أو رواية؟
بلا شك، كلٌ منا يبحث عن ممارسة عمل يحبّه ويبدع فيه. لذا، نجد كثراً من الناس يطمحون لإنتاج أجمل شيء في حياتهم. هناك الكثير من الكتّاب الذين أتأثر بهم، ولكن بشكل عام أتأثر بكل كاتب متفائل أقرأ بين سطوره الإيجابية، وأتمنى أن أؤلّف رواية أو قصة، وأطمح لدخول هذا العالم.


أحتاج الى مظلة وطنية ودعم لموسوعة 1000 سيدة سعودية متميزة

- بدأتِ خطواتك لإصدار موسوعة عن ألف سيدة سعودية متميزة، كم حققت منها إلى الآن؟
مشروع إصدار الموسوعة ما هو إلا متابعة لكتابي «نساء للوطن» الذي تضمن سيرة 32 سيدة سعودية مميزة، وقد أطلقت مبادرة إصدار الموسوعة في كانون الأول/ديسمبر 2015، وأطمح إلى إيجاد داعم لهذه المبادرة ومظلة وطنية تحميها.

- ماذا تتضمن أجندة أعمالك الحالية، وهل من مخططات في المدى القريب؟
حالياً، أعمل على توثيق تجربتي بالإقامة في هولندا منذ عام 2011 حتى عام 2016، كما أعمل على برنامج للأطفال منطلق من سلسلتي «سلسلة المها للأطفال» التي أصدرتها في عام 2011 باللغتين العربية والإنكليزية، وهذا البرنامج سينطلق في عام 2018 بإذن الله، مقدمةً فيه قصصاً خيالية مستمدة أحداثها من الواقع. وعملياً، أدير مكتبي الخاص للاستشارات والتدريب في مجال العلاقات العامة والإعلام، ولا أزال طبعاً على علاقة طيبة مع قلمي من خلال كتاباتي المتفرقة في بعض المجلات العربية، إضافة إلى مقالتي الأسبوعية في جريدة «اليوم» السعودية. وعلى صعيد آخر، أعمل حالياً على تطوير نادي كتاب «شهرزاد الظهران»، والذي يخدم 12 سيدة سعودية، وأسعى الى توسيع هذا النطاق ليشمل أكبر شريحة من المجتمع وفئات عمرية مختلفة.

- سقف طموحاتك هل لا يزال يُبنى ويرتفع، أم وصلت الى مرحلة الرضا عما قدمته؟
يزداد عمري سنة بعد سنة، وتزداد أحلامي وطموحاتي بعدد هذه السنين، فتكبر الأماني معي ليصل سقفها إلى عنان السماء، فأنا امرأة تمتلك أجنحة.