ليكن العام الجديد انطلاقة عائلية نحو التغيير

ديانا حدّارة 07 يناير 2018

إنتهى العام والجميع يفكر في انطلاقة عائلية جديدة، فالوالدان يتطلعان إلى علاقة أكثر تفاؤلاً وعمقًا مع الأبناء الذين بدورهم يشعرون بأن العام الجديد هو بداية لفصل آخر في حياتهم.
يحتاج جميع أفراد العائلة إلى أفكار جديدة، يبدأون بها عامهم، فلمَ لا يعيد الوالدان حساباتهما، ويفكران بما عليهما تغييره في تعاملهما مع أبنائهما؟ ولكن قبل التغيير، هناك خطوات من شأنها أن تساهم في تحديد شكل الانطلاقة.
مراجعة أحداث العام الماضي. كيف! إليك بعض الأفكار التي ستساعدك على البدء.


للتأكد من أن الجميع في العائلة يشعر بضرورة التغيير، يمكن الأم أن تضع لوحًا على جدار في المطبخ أو غرفة الجلوس، وتقسّمه إلى عمودين أو خانتين.
تكتب على رأس العمود الأول عنوان «لنسلط الضوء على أفضل ما قامت به عائلتنا عام 2017». ما هي النقاط البارزة؟ كيف كانت العطلة الصيفية على الشاطئ خلال هذا العام؟ زيارة أبناء العموم الذين يعيشون بعيدًا، وصول مولود جديد إلى العائلة وطريقة استقباله في العائلة؟ كيف كان الفصل الدراسي الأول؟ الإنجازات الرائعة التي حقّقناها، العادات السيئة التي نرغب في التخلّي عنها. فالتذكير بأبرز أحداث العام الماضي، يسمح لجميع أفراد العائلة بالتفكير ومناقشة الكثير من المسائل، كما يسمح في الوقت نفسه بالتفكير في طرق تجعل العام المقبل أفضل!
فكل فرد في العائلة يمكن أن يضيف شيئًا إلى متن اللوح مع علامة خاصة به، مثلاً توقيعه، يجب أن تبدو اللوحة وكأنها سحابة كبيرة مليئة بالكلمات والعبارات. كما يمكن أحد الأبناء أن يكون بمثابة أمين السر، ويكتب كل الأفكار التي يقترحها باقي أفراد العائلة.

لفت الانتباه إلى العام المقبل
في رأس العمود الثاني عنوان: «أفضل ما يمكن القيام به عام 2018! وما الذي يجعل هذا العام أفضل!».
إذا لم تكن لدى الأبناء أفكار، يمكن الوالدين مساعدتهم من خلال البدء بأفكارهما الخاصة. على سبيل المثال: صراخ أقل، صباح أكثر سلامًا، إجهاد أقل، والتخطيط لمزيد من الأمسيات العائلية الطريفة، ودعم جمعية خيرية، وإعطاء مصروف جيب بانتظام.

إتخاذ القرارات
عندما يفهم الجميع كل ما كُتب على اللوح، يمكن الأم أن تطلب من أبنائها كل ما يتوقّعونه لسنتهم الجديدة على المستوى الأكاديمي، وسلوكهم الاجتماعي في المنزل، ويدوّنونه على ورقة، ومن ثم يتخذون مجتمعين القرارات المبنية على توقعاتهم للسنة الجديدة.
وفي طبيعة الحال، يأتي العمل الحقيقي عندما يتعلق الأمر بوضع القرارات موضع التنفيذ. لذا، على الوالدين والأبناء العمل معًا لتحويل كل موضوع إلى التزام أو قرارات قابلة للتحقيق.
فالأهداف الواضحة محدّدة وقابلة للقياس والتحقيق ومترابطة ومحدّدة زمنيًا. والأفكار المبتكرة، والقرارات الصادرة منها يمكن أن تستغرق اجتماعات عائلية عدة لمناقشتها وبلورتها.


من العادات التي يمكن ترسيخها في العام الجديد:

نعم للمشاركة في الأعمال المنزلية
يمكن الأم أن تعلن أنه بدءًا من العام الجديد على كل فرد من أفراد العائلة المشاركة في الأعمال المنزلية، وكل بحسب قدرته، لذا يمكن كل واحد أن يدوّن على اللوح العمل الذي يمكنه إنجازه.
من الضروري أن تعوّد الأم أبناءها على هذا النوع من المشاركة، والتي في مقدورهم القيام بها بسهولة، مثل توضيب الألعاب أو الكتب، أو ترتيب السرير، أو المساعدة في تحضير مائدة الطعام، وغيرها من الأعمال المنزلية.

لا للصراخ بعد الآن والحوار سيد البيت
يعتبر الصراخ من العادات السيئة والتي تعكس في كثير من الأحيان فقدان السيطرة على الموقف. فسواء كان الصراخ من جانب أحد الأبوين أو الأبناء، يجب أن يلغى من قاموس العائلة، لأنه يُفاقم المشكلة مهما كانت بسيطة. لذا، خلال اجتماع العائلة لتحديدهم انطلاقة جديدة مع بدء العام، على الجميع التأكيد أنه صار لزامًا تجنب الصراخ، والعمل لجعل النقاش أو الحوار الهادئ سيد العلاقة في المنزل.

لا للتساهل في الجلوس إلى الشاشة
من المعلوم أن الشاشة على أنواعها، أي التلفزيون أو التابليت أو الكمبيوتر، من المسائل المفضّلة عند الأبناء، وقد يمضون ساعات طويلة أمامها، بحجة أن ليس لديهم نشاط آخر يقومون به، مما يجعل الوالدين يغضّان الطرف ويتساهلان، رغم أنهما يدركان مضار ذلك على الأبناء إن من الناحية الصحية أو الاجتماعية أو الأكاديمية.
 لذا على الوالدين أن يعلنا أنهما لن يتساهلا في العام الجديد في هذه المسألة، وبالتالي يحدّدان اليوم والمدة المسموح بهما للأبناء الجلوس إلى الشاشة، وفي الوقت نفسه عليهما إيجاد البديل، أي تحفيز الأبناء على القيام بنشاطات جسدية، مثلاً تسجيلهم في نشاط رياضي أو نشاط ما بعد المدرسة، شرط أن يرغب الابن بهذا النشاط ويلتزم به.

لا للتدريس المباشر وإنما المراقبة فقط
اعتادت بعض الأمهات ملازمة أبنائهن أثناء قيامهم بواجباتهم المدرسية بشكل لصيق، الأمر الذي قد يؤدي إما الى توتّر العلاقة بينهم، أو جعل الأبناء اتكاليين، أي لا يعرفون كيف ينجزون واجباتهم إلا بمساعدة أمهاتهم.
لذا يمكن الأم أخذ قرار بأن تقتصر مساعدتها على مراقبة الفروض، وإرشاد الأبناء إلى الطريقة الصحيحة إذا كانوا صغارًا، أمّا إذا كانوا مراهقين فحان الوقت لأن يتحمّلوا مسؤولية إنجاز فروضهم وحدهم، وألا يلجأوا إليها إذا كانوا بالفعل في حاجة ماسة إلى مساعدتها.

نعم للتخطيط لنشاطات عائلية أثناء الإجازات
من الضروري أن يشعر الأبناء بأن هناك مكافأة تنتظرهم عندما ينتهي العام الدراسي. والمكافأة ليست بالضرورة أن تكون مادية، وإنما إجازة عائلية خارج البلاد إذا كانت ميزانية الأهل تسمح بذلك، أو نشاطات تتمثّل بنزهة في الطبيعة آخر الأسبوع، أو المشاركة في نشاط ترفيهي موجّه لجميع أفراد العائلة. فهذه النشاطات توطد أواصر العلاقة الأسرية، وتملأ ألبوم الأبناء بصور عائلية جميلة.

           

أن يقرّر الوالدان الاهتمام بمظهرهما
من المعلوم أن الأبناء يشعرون بالفخر بمظهر أهلهم على مستوى الرشاقة والملابس. فالطفل أو المراهق يكترث كثيرًا لمظهر والديه، ذلك أنه يرى فيهما صورته في المستقبل. وبالتالي فمظهرهما يسبب له قلقًا، «سوف أكون هكذا...»، فرفضه لمظهر والديه يعكس رفضه لصورته المستقبلية. من هنا تأتي أهمية أن يهتم الأهل بلياقتهم وبمظهرهم كي يمنحوا أبناءهم صورة جميلة، ومتفائلة عما يمكن أن يصيروا عليه حين يصبحون راشدين. لذا يمكن الوالدين أن يعلنا أنهما سيرتادان النادي الرياضي لأجل لياقتهما، أو أنهما سيتبعان نظامًا غذائيًا صحيًا، والعام الجديد سيكون بداية التغيير، ويطرحا سؤالاً: «من يرغب في مشاركتنا هذا التغيير؟».

عندما يعمل الأهل على تجديد العادات والقوانين المنزلية فإنهم في ذلك يبعثون برسالة لأبنائهم أن العمر لا يحدد بعدد السنوات وإنما بالقدرة على مجاراة سيرورة الزمن بروح متفائلة، والنضوج يكون بالعقل والسلوك الإنساني. وأن لا بأس أن نراجع أنفسنا ونعترف بأخطائنا، وأن التغيير نحو الأفضل والتخلص من عاداتنا السيئة ليسا مستحلين. وأن هناك دائمًا بداية جديدة في حياتنا.