داء الشقيقة...

أوجاع متكررة في الرأس, الوراثة, صداع الشقيقة / النصفي, النوبات العصبية, الوقاية من الأمراض

13 فبراير 2012

صحيح أن آلام الرأس العادية تسبب إزعاجاً كبيراً لمن يعانيها وتجعله أكثر توتراً وإرهاقاً، إلا أن الآلام الناتجة عن «داء الشقيقة» التي تحتل المرتبة الثانية بين آلام الرأس الأكثر شيوعاً بعد آلام الرأس الناتجة عن التوتر Tension Headaches، يمكن أن تمنع المريض من ممارسة حياته الطبيعية بسبب حدتها.
صحيح أن كلّنا قد نعاني مرات عدة آلاماً في الرأس من وقت إلى آخر، لكن لا يتعرّض الكل لآلام داء الشقيقة ونوباتها، لأن هناك أشخاصاً معينين هم عرضة لها.
ورغم عدم توافر علاج نهائي لنوبات داء الشقيقة فإن العلاجات الفاعلة متوافرة، فمنها ما يلعب دوراً وقائياً ومنها ما يخفف من أعراض النوبة عند حصولها. وفي الوقت نفسه، يفيد المريض أن يعرف أن ثمة مسببات في نمط حياته وعوامل معينة تساهم في تعرّضه للنوبات، إذا كان عرضة للمرض. وعند معرفة هذه العوامل، يسهل التصدي للنوبة وتجنّب حصولها بمجرد تجنّب هذه المسببات.
الطبيبة اللبنانية الاختصاصية في أمراض الجهاز العصبي روزيت جبور، أوضحت كل الحقائق المتعلّقة بداء الشقيقة، مشيرةً إلى أن الآلام الناتجة عنه تختلف عن تلك التي تصاحب آلام الرأس العادية، مما يسهّل التشخيص بهدف تحديد العلاجات المناسبة المختصة.

- كيف تتميّز آلام داء الشقيقة عن آلام الرأس العادية؟
لآلام داء الشقيقة مميزات خاصة تميّزها عن آلام الرأس العادية. فهناك أعراض معينة كأن يبدأ الألم حول العين ويتجه من الجبين إلى الخلف من جهة واحدة فقط.
كما أن الألم يكون قوياً جداً إلى درجة يصعب فيها تحمّله ويجد المريض صعوبة حتى في فتح العينين لشدة الألم. ومن مميزات الألم في هذه الحالة أنه يأتي بشكل نبضات أشبه بنبض القلب. وقد يشعر المريض بالغثيان والتقيؤ ويشعر بالارتياح بعد التقيؤ.
وفي بعض الحالات، يشعر المريض بحساسية زائدة تجاه الأصوات والأضواء فلا يتحمّلها ويفضّل الجلوس في الظلام والنوم مما يشعره بالارتياح.

- كم من الوقت يمكن أن يستمر الألم؟ 
يستمر الألم لفترة تراوح بين 3 ساعات و 3 أيام. وفي حالات استثنائية يمكن أن تطول أكثر وهي أسوأ حالات المرض.          

- هل من تفسير واضح لأسباب داء الشقيقة؟
لا يوجد حتى الآن تفسير واضح لما يحصل في الدماغ في هذه الحالة. لكن ثمة تفسيرات عن شريان معين في الدماغ تخف كمية الدم التي تصل من خلاله إلى منطقة معينة، مما يسبب ظهور إنذارات هي عبارة عن إشارات إلى وجود خلل في منطقة في الدماغ تحصل بعدها نوبة.

- ما هي الإشارات التي تنذر بأن النوبة ستحصل؟
في معظم الأحيان، ثمة إنذارات مشتركة تظهر كالمشاكل في النظر بحيث يعاني المريض غشاوة في النظر تميل إلى الاسوداد أو تأتي بشكل خطوط ملوّنة لمدة 20 دقيقة قبل أيام من النوبة أو قبل ساعات.
كل هذه العلامات هي منبهات يمكن أن تظهر وتنذر بحصول نوبة قريباً بعدها. ويمكن أن تترافق أيضاً مع تنميل في اليدين والقدمين أو مع ثقل في اللسان عند الكلام.

- هل تظهر هذه الأعراض الحادة من النوبة الأولى؟
يمكن أن تكون الأعراض أخف في النوبة الأولى ثم تزداد حدةً، ويمكن أن يحصل العكس.

- من أكثر عرضة للإصابة بداء الشقيقة، الرجل أم المرأة؟
داء الشقيقة يصيب النساء أكثر من الرجال في مختلف الأعمار. فالمرأة هي دائماً أكثر عرضة للمرض.

- هل يمكن أن ينتقل المرض بالوراثة؟
ثمة استعداد عائلي في داء الشقيقة. ثمة احتمال كبير لأن يصيب المرض الفتاة إذا كانت الأم تعانيه وحتى الحفيدة تعتبر أكثر عرضة، خصوصاً أنه يصيب النساء بنسبة كبرى.

- هل يمكن أن يظهر الداء في سن معينة فجأة دون أن يكون للمشكلة وجود قبلها؟
يمكن أن يظهر الداء في أي سن. لكن بالنسبة الى النساء، يظهر بنسبة كبرى بين سن 20 و40 سنة. إذ أنه يظهر أكثر في السنوات التي يكون لدى المرأة فيها طمث. أما بعد انقطاع الطمث، فبشكل عام تزول آلام داء الشقيقة.

 

- هل يمكن أن يعاني طفل آلام داء الشقيقة؟
ليس ظهور داء الشقيقة لدى الأطفال أمراً مستبعداً، لكنه يظهر من خلال أعراض مختلفة كآلام البطن غير المبررة مع تقيؤ، فيما لا تظهر الفحوص أي أسباب مرضية لذلك وتبدو طبيعية.
يمكن أن يعاني الطفل آلاماً في الرأس، لكن آلام البطن غير المبررة هي من الأعراض الأكثر شيوعاً لداء الشقيقة لدى الأطفال.

- ما العوامل التي يمكن أن نتعرض لها في حياتنا وتساهم في حصول نوبة داء الشقيقة؟
ثمة مسببات عدة تؤدي إلى حصول نوبة لمن هم عرضة للمرض، كالتعرّض لتغير مفاجئ في الحرارة والإفراط في السهر وقلّة النوم. كذلك من العوامل المسببة لنوبة لدى الأشخاص الذين هم عرضة لذلك الشوكولا عند تناوله والكافيين أحياناً والمشروبات الغازية والطعام الصيني والجبن وتناول حبوب منع الحمل والجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لوقت طويل والتوتر. كما يمكن أن تعاني المرأة التي تعتبر عرضة للمرض لنوبة قبل موعد الطمث.

- هل يتوافر علاج فاعل يقضي على المرض نهائياً؟
هناك نوعان من العلاجات لداء الشقيقة، الأول يعالج النوبة عند حصولها وهو عبارة عن المسكنات المعروفة للألم، والثاني وقائي لتجنّب حصولها بواسطة أدوية خاصة بالمرض يتناولها المريض لمدة تراوح بين ستة أشهر وسنة.
لكن لا يعتبر العلاج نهائياً رغم فاعليته، إذ يمكن أن يزول المرض أو يعود مجدداً في أي وقت عند وقف العلاج.


الصح والخطأ في داء الشقيقة

- الإفراط في النوم يساعد على الوقاية من داء الشقيقة.
خطأ، صحيح أن قلّة النوم قد تسبب نوبة داء الشقيقة لدى من هم عرضة لها، لكن النوم بشكل زائد يمكن أن يسبب آلاماً أيضاً. لذلك ينصح بتجنب الإفراط في النوم. كما ينصح الاختصاصيون الأشخاص الذين يعانون داء الشقيقة بالنوم والاستيقاظ في الوقت نفسه تقريباً كل يوم.

- تنتج آلام داء الشقيقة في معظم الأحيان عن التهابات في الجيوب الأنفية.
خطأ، صحيح أن التهابات الجيوب الأنفية تسبب آلاماً في الرأس ويمكن الخلط بينها وبين آلام داء الشقيقة. كما يمكن أن تسبب داء الشقيقة أعراضا مشابهة لتلك التي تنتج عن التهابات الجيوب الأنفية، لكن لا بد من التمييز بين الحالتين.
فإذا كانت آلام الرأس متوسطة إلى حادة وترافقت مع غثيان وحساسية على الضوء، فهذا يعني أنها ناتجة عن داء الشقيقة. لا بد من تحديد الحالة للحصول على العلاج المناسب لأي من الحالتين.

- تسوء حالة داء الشقيقة وتزداد الآلام الناتجة عنه مع التقدم في السن.
خطأ، فالأصح أن حالة داء الشقيقة تتحسن مع التقدم في السن فيصبح تكرارها أقل وتخف الآلام الناتجة عنه.

- يشعر المريض عادةً بارتياح كبير بعد يوم من نوبة داء الشقيقة.
خطأ، يعاني معظم الأشخاص الذين يتعرضون لنوبات داء الشقيقة تداعيات النوبة لفترة قد تمتد يومين بعد النوبة. ومن الأعراض التعب وآلام العضلات والتشوش في التفكير.

- يساعد تناول الوجبات الصغيرة بانتظام في الحد من نوبات داء الشقيقة
صح، إذ أن عدم الأكل لعدة ساعات متواصلة يؤدي إلى هبوط السكر في الدم مما يسبب تغيرات معينة في الدماغ تؤدي إلى نوبة. لذلك ينصح بتناول وجبات صغيرة مغذية منتظمة بين الوجبات الرئيسية كالجزر واللبن (الزبادي) بالفاكهة والشوفان.

- تعتبر بعض أنواع الأجبان من العوامل المسببة لنوبة داء الشقيقة
صح، تساهم بعض الأجبان كالبارميزان والفيتا والتشيدر والروكفور في حصول نوبة لاحتوائها على ماد ة تيرامين الكيمائية المسببة لنوبات داء الشقيقة والتي يمكن إيجادها أيضاً في اللحوم المصنّعة كالبيبيروني، والصويا.
كما يمكن الحد من نوبات داء الشقيقة بالحد من تناول أطعمة أخرى مسببة كالشوكولا والحمضيات والأفوكادو والموز والمشروبات الغنية بالكافيين، فقد تكون مسؤولة عن نسبة لا تقل عن 30 في المئة من نوبات داء الشقيقة.