متى تصاب النساء بـ"هوس" التسوق؟

27 فبراير 2018

هبة دنش    

تشير دراسات حديثة إلى أن فكرة الشراء تراود المرأة كل 60 ثانية، وأن 90 في المئة من النساء مصابات بهوس الشراء، وهو الشراء بمعدلات تزيد عن حاجتهن، من دون أي مبرر منطقي سوى أنهن يعانين من اضطرابات مزاجية أو قلق أو عدم استقرار عاطفي، وربما أيضاً لصعوبة التحكم في رغباتهن المتكررة.

وفقاً للدراسات والعلوم الاجتماعية، فإن المصابات بهوس الشراء غالبا ما يرتبط الأمر لديهن بالتعرض لحوادث أو مواقف خاصة في الطفولة. فيشعرن بالحاجة إلى التسوق داخل المولات الكبيرة والمكتظة بالزوار لقضاء الوقت والتسلية.
وقد يكون إدمانهن للتسوق مجرد محاولة لسد الفراغ العاطفي. لذلك فإن هوس وإدمان الشراء قد يكون عارضاً لأكثر من مرض، وغالباً ما يكون تعويضاً لحالة اضطراب وجداني، فيصرفن مبالغ خيالية في مدة قصيرة جداً، للحصول على الإحساس بالسعادة، هي فترة لا تتجاوز اليومين، ويعاودن تكرارها.

التسوق لشراء الضروريات أمر جيد، أما الرغبة في التسوق طوال الوقت فتعد هوساً، بالإضافة إلى أنه أمر مكلف، كشراء المقتنيات غير الهامة والمتوفرة.

تقول إيمان: "كل النساء تقول جملة شهيرة: بس عطيني فلوس وشوف حاعمل فيها إيه، وهناك طبيعة عمل تحتم على المرأة التسوق بشكل دائم، ولكن بشكل عام فإن الطبيعي يتمثل في الخروج مرتين أو ثلاث مرات للتسوق خلال العام، حيث أشتري في أول فصل الصيف ملابس الصيف، وكذلك الأمر في الشتاء. وقد يتخلل ذلك شراء احتياجات ضرورية، إلا أن النساء لا يطبقن ذلك، هم يقضين كل أيام العام في السوق".
وتعتبر سلاف أن "السيدات المستقرات نفسياً ليس لديهن هوس الشراء، ومن يقصد السوق من النساء، فمعظمهن مكتئبات يبحثن عن سد الفراغ العاطفي.. وغالباً الأشياء التي يشترينها لا يستعملنها، لأنها تكون الرابط بين الحالة النفسية التي قصدن السوق لأجلها، والثياب التي اشترينها بالنسبة لهن ملابس لا تشبههن في الألوان والستايل، لذلك تجد عند كل إمرأة قطعة ملابس في خزانتها لا ترتديها، لأنها اشترتها في حالة اكتئاب، لذلك لا تستخدمها وربما تنساها بالمرة".

ويبدو أن صوت أكياس الملابس الجديدة، بالنسبة للنساء، فيه الكثير من الموسيقى التي تعتبر مهدئة، حيث تدخل البهجة والحيوية الى يومها الروتيني.
تحاول ماجدة، ألا تكتئب كثيرا، لان ذلك مكلف جدا، لكنها مهووسة بشراء الألبسة والإكسسوارات لدرجة أنها تنسى ما تشتري، وتعيد شراء نفس الغرض مرة أخرى، لتتفاجأ عند عودتها إلى المنزل بأنها قامت بشرائها سابقاً.
تقول: "انفق كل راتبي الشهري على ذلك، وفي منتصف الشهر أبدأ بالإستدانة، لكن الأمر فيه متعة، شراء أمور جديدة، تبرق وتلمع، فالموضة تتغير من موسم للثاني، ولا أخجل من ذلك، لست مهووسة، لكن فن عرض البيع، وطرق الترويج التي تعتمدها وسائل الاعلام، والمواقع الإفتراضية، وظهور العديد من مصممي الأزياء والماركات العالمية في متاجرنا العربية مؤخرا، ومواسم التخفيضات، والمهرجانات والمسابقات، فضلاً عن التسهيلات البنكية وغيرها من المغريات، كلها أدوات تحالفت لجذبي نحو مزيد من التسوق والشراء، وأصبحت  اشتري بدون وعي أحيانا".
حسب أهل الخبرة، لدى مهووسات الشراء قدرة أعلى في تحليل البيانات البصرية التي تصل للمخ، ما يفسر اهتمامهن بشكل السلع وبريقها، وانجذابهن لهذا البريق.

الهوس
أخصائية علم النفس العيادي نورما أبو زيد، تقول: "عندما تبدأ المرأة بالاقتراض من أجل التسوق وشراء الملابس والسفر، وتدخل بسبب إدمانها على الشراء، في أزمات مادية وأحيانا زوجية، ولا تكترث للأمر، بل وتستمر في الشراء، عندها نقول أنها تعاني من هوس الشراء القهري، وغالبا ما تكون محبطة وتحاول التعويض بالشراء ولفت الانتباه بتصرفات فيها الكثير من الحركة والترفيه، وربما يعود ذلك إلى ارتباط "الدوبامين" لدى مرضى هوس الشراء بآلية عمل مشابهة للآلية التي يحدث بها شعور الانتشاء لدى مرضى الأنواع الأخرى من الإدمان".
وتضيف: "أعتقد أن معدلات الإصابة بهوس الشراء تتناسب مع زيادة معدلات أوقات الفراغ لدى المرأة".

هوس الرجال
إذا كانت المرأة تعتبر التسوق جزءاً أساسياً من بهجتها، يشعر 50 بالمئة من الرجال بنشوة جميلة أيضا. إلا أن النساء بطبيعتهن وجيناتهن ينظرن للتسوق كنشاط ترفيهي، لكن الرجال على العكس حيث ينظرون للتسوق كمهمة هدفها شراء سلع معينة لهدف معين، ولا يميلون لإظهار إعجاب بنشاط التسوق في حد ذاته". حسبما يقول أمجد.    

وعلى الرغم من أن البيانات الرسمية تشير إلى نسبة البطالة بين النساء تصل إلى 35 في المئة في العالم العربي، لكن يبدو أن معدل النساء العربيات المصابات بهوس التسوق تتجاوز نسب البطالة، يعزو البعض ذلك إلى أزمات عاطفية واضطرابات.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا يعني أن النساء العربيات هم الأكثر تأزما في العالم؟!.