في هذا البلد العربي... فارس الأحلام غير متوفّر

02 مارس 2018

لم يعد الحديث عن تأخر سن الزواج سراً في السودان، إذ خرج الموضوع إلى العلن وأخذ حيزاً شاسعاً من المجالس بعدما أطلت الظاهرة برأسها، وأصبح الحصول على فارس الأحلام أمراً غير سهل نظراً إلى الكثير من العوامل، من بينها ارتفاع فاتورة المعيشة والتكاليف الخاصة بالزواج.

وفي خضم هذه التحولات المتلاحقة، ظهرت أساليب مبتكرة للتقليل من الظاهرة تقودها مجموعات تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، وتدير بعض المكاتب على أرض الواقع، تسعى عبرها للجمع بين الراغبين في الزواج وفقاً للتعاليم الدينية والتقاليد المتعارف عليها، بشروط ميسرة.

ويرتبط مصطلح "العنوسة" بالأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد، وبعض الناس يظنون أن هذا المصطلح يُطلق على الإناث فقط من دون الرجال، غير أنه يطلق على الجنسين، ولكن المتعارف عليه إطلاق اللفظ على النساء في الغالب الأعم في المجتمعات العربية.


يختلف العمر الذي توصف فيه الفتاة بأنها تخطت سن الزواج من مكان لآخر. وترى بعض المجتمعات البدوية وأهالي القرى أن كل فتاة تجاوز عمرها العشرين عاماً ولم تتزوج صارت "عانسا" وفق تعبيرهملكن مجتمعات المدن تتجاوز ذلك السن إلى الثلاثين وما بعدها، نظراً إلى أن الفتاة يجب أن تكمل تعليمها قبل الارتباط والإنجاب.

وبفحص الحالة السودانية استناداً إلى أيّ من المفهومين السابقين، فإن معدلات تأخر سن الزواج تبدو مرتفعة. وأشارت تقديرات غير رسمية إلى أن 34 في المئة من الفتيات السودانيات "فاتهن قطار الزواج". لكن النسبة لا تبدو أسطورية أو فلكية، في ظل عزوف الشباب عن الزواج لأسباب اقتصادية بحتة تتمثل في غلاء المهور والسكن وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف الزواج، بسبب الشروط التعجيزية من جهة أهل الفتاة، بالإضافة لضعف الأجور التي يتقاضها من حصلوا على وظيفة، ما يخلق انعكاسات نفسية واجتماعية سالبة.


وربما كل هذه الحيثيات دفعت إلى البحث عن بدائل قد تشكل ملاذاً من الواقع الماثل، وقادت لتسجيل جمعية "سهيل" الخيرية لتسهيل الزواج في السجل العام للمنظمات الطوعية بالسودان في العام 2014. وتتخذ الجمعية من مدينة الخرطوم بحري مقراً لها، كإحدى المؤسسات الخيرية التي تهدف للجمع بين من يبحثون عن زوجات، وبين يبحثن عن أزواج.

وتحظى صفحة الجمعية في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بعدد كبير من المتابعين والأعضاء والرواد، وتمكنت من اكمال مراسم زواج عدد من أعضائها الأمر الذي حفز آخرين لاتخاذ قرار بالانضمام إلى صفوفها.

وليست جمعية "سهيل" وحدها العاملة في مجال محاصرة ظاهرة تأخر سن الزواج والتشجيع على الزواج. فهناك جهات رسمية عدة تمول برامج الزواج الجماعي، مثل ديوان الزكاة وبعض التجمعات الشبابية، وتستهدف الباحثين عن العفاف. كما تلتزم بتوفير الغالبية العظمى من المتطلبات الخاصة بالمناسبات والاحتياجات الأساسية الأخرى، وذلك بدعم الخيرين في الداخل والخارج لتقوية النسيج الاجتماعي.


ومع ذلك يعتقد البعض بأن المبادرت الداعمة لبرامج العفاف والزواج المدعوم ليست حلاً مثالياً لمشكلة تأخر سن الزواج، على رغم مساهمتها في الحد منها، وأن المخرج الحقيقي يكمن في توسيع مصادر الدخل للشباب من الجنسين، مع تنازلات اجتماعية تفضي إلى تفادي مظاهر البذخ في الشؤون المتعلقة بالزواج، الأمر الذي يقود في نهاية المطاف إلى حل جذري لمعضلة العنوسة.