التكلّم أو السير أو صرير الأسنان أثناء النوم... مقلقة أم لا!

ديانا حدّارة 18 مارس 2018

تستيقظ أمّ على صوت ابنها الذي بدا يتكلّم مع أحدهم، فتظن أنه لا يزال مستيقظًا يتحدث مع أحد أصدقائه عبر هاتفه الجوّال، تتوجه إلى غرفته لتجده غارقًا في نومه يتحدث ويضحك في حلمه بصوت عالٍ، تقترب منه وتقبّله وتتحدّث إليه ولكنه لا يسمعها، فيسكت وهو لا يزال مبتسمًا... وتُفاجأ والدة أخرى بابنها في غرفتها سائرًا نحوها وهو نائم، فيما تسمع أخرى صوت صرير أسنان ابنها وهو نائم.
ثلاثة أطفال يعكسون ثلاث حالات يواجهها الآباء والأمهات الذين لا ينام أطفالهم بشكل سليم! بعضهم يتكلم أثناء نومه، وهذه الحالة تعرف بـ Somniloquy أي «التكلّم في النوم»، وبعضهم الآخر يمشي أثناء نومه وتُعرف هذه الحالة بـ»السرنمة»Somnabolisme ، أما الحالة الثالثة فهي «طحن الأسنان» bruxism. وكلّها حالات يمر بها الأطفال حول العالم، فهل هي حالات خطرة، وتستدعي التدخل الطبي؟
يؤكّد جميع اختصاصيي علم نفس الطفل والمراهق وأطباء الأطفال أنها حالات طبيعية، ولا تستدعي أي تدخل إلاّ في ما ندر.

التكلّم في النوم Somniloquy
هل يتكلّم طفلك أثناء نومه؟ تُسمّى هذه الظاهرة غير المؤذية، وشبه العالمية، والتي ليست لها أي عواقب بالـ Somniloquy. وتؤكد الدراسات أن نصف الأطفال يتكلّمون أثناء نومهم، سواء كانوا في المرحلة النوم الثالثة أي النوم البطيء أو في مرحلة الأحلام.
وبالتالي فالقدرة على قول بضع كلمات أو جزء من فكرة، مثل «تعال هنا، أنا لا أحب ذلك، قلت لا» ممكنة وطبيعية. وغالبًا ما تكون هذه الكلمات مصحوبة بمشاعر، على سبيل المثال: الخوف، الغضب، الفرح أو الإغاثة. وتتزامن هذه اللحظات الحوارية مع حركة النائم الذي يضبط غطاءه أو يستبدل وسادته.
عندما يقول الطفل النائم كلمتين أو ثلاثًا غير مفهومة، يكون في مرحلة النوم البطيء، بينما في مرحلة النوم التي تحصل فيها الأحلام، يبدأ الطفل النائم في الكلام، وترتبط كلماته عمومًا بما يراه في الحلم. ويمكن الأهل التحدّث مع الطفل الحالم، والحصول على إجابات عن أسئلتهم، ولكن يجب ألاّ يتوقعوا اكتشاف أسراره الدفينة. وغالبًا ما يكون كلام النائم على أحداث اليوم السابق.
هل يتطلّب ذلك علاجًا؟ لا، فالتكلم أثناء النوم هو ظاهرة طبيعية ولا يتطلب إجراء أو تدخلاً طبيًّا، إذ تؤكد الدراسات الطبيّة والنفسيّة أن 50 في المئة من الأطفال والمراهقين يمرّون بهذه الحالة، وتزول مع الوقت.

ما هي السرنمة، أي المشي أثناء النوم؟ Somnabulism
السرنمة Somnabulism أو السير أثناء النوم مشكلة تصيب 15 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس واثنتي عشرة سنة. أمّا أسبابها فليست محدّدة.
هناك العامل الوراثي إذ تُظهر المعاينات العيادية، وبعد دراسة التاريخ العائلي لبعض الذين يعانون مشكلة السرنمة، وجود أكثر من واحد من أفراد العائلة يعاني منها.
وهناك نظريات تقول إن المحيط الاجتماعي للطفل يؤثّر في نومه، فمثلاً الضجيج والأصوات والموسيقى الصاخبة التي تسبق فترة نوم الطفل تسبّب له اضطرابًا.
وفي بعض الحالات يكون السبب نقص معدن المغنيزيوم عند بعض الأطفال. أما عند الراشدين الذين نادرًا ما يعانون هذه المشكلة، فالسبب هو تناول المهدّئات، وبعض أنواع الأدوية أو تعاطي الكحول.
ويشير أطباء الأطفال إلى أن السبب الأكثر شيوعًا هو العامل الفيزيولوجي. فمن المعروف أن النوم مقسّم الى مراحل، تبدأ بمرحلة النوم الخفيف، ثم العميق فالبطيء وصولاً الى مرحلة رؤية الأحلام.
ومدة كل واحدة من هذه المراحل حوالى 90 دقيقة، وبما أن الطفل ينام بين 7 و8 ساعات، تكون مرحلة النوم البطيء عنده أطول مما هي عند الراشد.
لذا تظهر هذه المشكلة في الثلث الأول من النوم، ولا تحصل إطلاقًا قبل استيقاظ الطفل باكرًا. والسير أثناء النوم نوعان: سير بطيء لا يؤذي الطفل، وسير سريع يتحول مع مرور الأيام إلى ركض.
وفي الحالة الثانية يبدو الطفل كما لو أنه مُلاحق، وإذا سألته أمه عمّا يحدث له، قد يجيب أو يمتنع عن الإجابة، وإن أيقظته يبدو عليه الارتباك. وفي كلتا الحالتين، على الأم أن تعيده إلى سريره ليكمل نومه.
وكذلك يؤكد اختصاصيو علم نفس الطفل عدم وجود علاقة بين السرنمة والمشكلات النفسية التي قد يعانيها الطفل، فكل الدراسات النفسية تشير إلى أن الاضطراب النفسي أو القلق لا يؤديان الى السير أثناء النوم، والسبب هو إما وراثي أو فيزيولوجي. وغالبًا ما تظهر هذه الحالة في آخر مرحلة الطفولة ومع بداية مرحلة المراهقة، ونادرًا ما تستمر إلى سنّ الرشد.
على الأهل أن يدركوا أن ما يقوم به طفلهم هو تصرف لا إرادي، ومن الأفضل عدم استخدام الأدوية المهدئة إلا في الحالات التي تشكل خطرًا فعليًا على حياته. لذا، يشدّد الأطباء على أن السير أثناء النوم ظاهرة عادية لا يجدر بالأهل أن يقلقوا حيالها.
إذ تحدث مرة واحدة في الشهر لدى 33 في المئة من الأطفال الذين يعانون هذه المشكلة، بينما تتكّرر مراراً عند 3 في المئة منهم. وتدخّل الطبيب يكون في مثل هذه الحالات الأخيرة، لأن ذلك قد يؤثر في نشاط الطفل ووعيه خلال النهار. ويتطلب تشخيص العلاج طرح الكثير من الأسئلة الدقيقة لتُعرف الأسباب، كأن يسأل الطبيب ماذا حصل أثناء السير؟ كيف كان وضعه قبل ظهور المشكلة وبعدها؟ في أي وقت يسير، وهل يتذكّر الطفل ما حدث معه؟ ففي حالات نادرة يكون الطفل مصابًا بأزمة «صرع» Epilepsy، لذا على الطبيب معرفة كل هذه الأمور حتى يتمكن من تشخيص العلاج، ولا تُستعمل الأدوية إلا في الحالات التي يتكرر فيها المشي أثناء النوم أكثر من مرة في الأسبوع، أو حين يؤذي الطفل نفسه.

طحن الأسنان
تحدث هذه الحالة المعروفة بـ»طحن الأسنان»، غالبًا خلال نوم الطفل حيث تحتك الأسنان السفلى بأسنانه العليا بشدة، مما يؤثر في عضلات فكّه.
ويبدو الصرير والضوضاء اللذان يصدران عن احتكاك الأسنان مزعجين، ولكن الطفل النائم لا يشعر بهما، وبالتالي لا يستيقظ. ويمكن أن تحدث هذه الحالة في أثناء كل مرحلة من مراحل النوم، بما في ذلك مرحلة الأحلام.
يعاني الأطفال هذه المشكلة، لكنها تخفّ ​​مع التقدم في السنّ. ويقدر أنها تحدث مع حوالى 11 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وسبع سنوات.
وتنخفض هذه النسبة إلى 6 في المئة بين سنَّي الثامنة والثانية عشرة. بينما حوالى 2 في المئة من المراهقين يعانون هذه المشكلة. ويمكن أن تظهر هذه الحالة مجدّدًا لدى البالغين بسبب التوتر أو القلق. على المدى الطويل، يؤدي احتكاك الأسنان الى تآكلها، ويُحدث آلامًا في الفك خلال النهار، كما أنه المسؤول عن بعض أنواع صداع الرأس.
لعلاج هذه الحالة، من الضروري استشارة طبيب الأسنان الذي يصف جهاز «قوس الأسنان» Braces Teeth . يوضع هذا الجهاز من طريق الفم في الليل، ليمنع الاحتكاك بين الأسنان، فيختفي الضجيج، ويتوقف تآكل الأسنان.

                                                                               

إرشادات لسلامة الطفل الذي يسير أثناء النوم


على الأهل اتخاذ التدابير الوقائية لكي يحموا طفلهم من الأذى الذي قد يلحق به نتيجة السير أثناء النوم. والتدابير هي:

• طمأنة الطفل الى أن ما يحدث معه أمر عادي، وموقت.

• إقفال الأبواب والنوافذ وإبعاد كل الأشياء التي قد تؤذي الطفل كالأدوات الحادة أو الكبريت.

• رفع كل الحواجز التي من الممكن أن يصطدم بها الطفل أثناء نومه، كما يمكن الأهل وضع جرس إنذار على باب غرفته لينذرهم في حال كانوا نائمين.

• يمكن الأم أن توقظ طفلها قبل ربع ساعة من موعد سيره، إذا لاحظت أنه يسير في ساعات محدّدة من الليل.