Home Page

فقدان الحافز الشخصي...

قضية / قضايا الطفل / الأطفال, قمة التعليم العربي, مشكلة / مشاكل وأمراض الطفل / الأطفال, شخصية , طفل / أطفال, اخلاق, الاختصاصيون, المدرسة, تمييز, دور الأهل, سن المراهقة, رقابة الأهل

09 مايو 2011

«يجتاح الملل هاني، لم يعد يوجد شيء يكترث له، وفي الوقت نفسه لا يتوقف عن انتقاد كل شيء، وكل ما يراه حوله، دروسه، الرياضة التي كان يمارسها بشغف، أساتذته والديه».


يرى الاختصاصيون أن فقدان الحافز أو الحماسة يظهر عمومًا في بداية مرحلة المراهقة، ولكن يمكن أن يظهر أيضًا قبل هذه المرحلة عند التلامذة بين السابعة والثانية عشرة، فتجد بعضهم غير متحمسين لبعض النشاطات اللامدرسية مثل الرياضة والموسيقى. بينما يبدو فقدان الحافز أكثر وضوحًا في سن المراهقة، فهي مرحلة التغيرات والانقلابات الجسدية والنفسية، ويبدو الملل من كل شيء واضحًا عند المراهق.
لذا يجب أن يتنبه الأهل إلى أن زيادة الشعور بالضجر هو بمثابة إنذار لهم. فبعض المراهقين يجدون صعوبة في إدارة التغيرات التي تحدث لهم بالتزامن مع دخولهم مرحلة المراهقة. لذا فإن فقدان الحافز يشكل إستراتيجية تجيب عن وضعهم النفسي المتوتر لأنهم لا يريدون الاعتراف بالتغيرات الحاصلة لهم.

ومما لاشك فيه أن وجود الحافز هو المحرك الأساس للنشاط الإنساني، فهو الذي يسمح للشخص بمواجهة الصعاب مستعملاً أقصى درجات جهده ومؤهلاته كي يتخطّاها، ويصل إلى تحقيق مبتغاه.
فمن خلاله يمكن الشخص ذا القدرات والمهارات الضعيفة أن يحقق المعجزات فيما الشخص الأكثر ذكاءً يمكنه أن يبقى مجهولاً ولا يحقق تقدّمًا إذا لم يكن لديه حافز.

ومعرفة حافز الطفل مهم جدًا ليقوم الأهل بدورهم في شكل صحيح، لأنها تسمح لهم  بالتمييز بين حوافزهم الشخصية والحوافز التي يسقطونها على طفلهم الذي يطلبون منه وعن غير قصد تحقيق حوافزهم الخاصة.
فمثلاً الأهل الذين لديهم حوافز شخصية قوية لبناء العلاقات الاجتماعية أو الاندماج مع مجموعة, يميلون إلى الطلب من طفلهم أن يكون متفوقًا مدرسيًا ثم مهنيًا كي يكون مناسبًا للبيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها.
لذا نجد بعض الأهل ينتظرون من ابنهم أن يصبح طبيبًا لأن هذا ما هو متوقع في محيطه الاجتماعي، من دون الأخذ في الاعتبار ما إذا كان هذا الحافز يتماشى مع حوافز الابن الشخصية، فهو ربما لديه حافز أن يصبح رسّامًا . 

ويشير الإختصاصيون إلى أن كل طفل يملك حوافزه التي تختلف عن حوافز أقرانه، ومن الأفضل للأهل أن يعرفوا هذه الحوافز ويحددوها كي يتمكّنوا من مساعدة ابنهم في تخطي الصعاب التي يواجهها يوميًا لا سيما في أدائه المدرسي.
فمثلا عندما يطلب الأهل من ابنهم أن يكون متفوقًا في المواد العلمية لأن لديهم رغبة في أن يصبح مهندسًا، فإن هذا الحافز قد يكون مغايرًا لحافز الابن الشخصية وبالتالي يفقد كل حماسه للمدرسة فتتدنى علاماته لأنه لم يعد يكترث للنجاح طالما أن المطلوب منه تحقيق رغبة أهله أي حوافزهم لا حافزه الشخصي.
إذًا غياب الحافز عند التلميذ من الأسباب الرئيسية للفشل المدرسي.ومهما تكن قدرات الطفل الذهنية  يمكنه النجاح شرط أن يحدد أهدافه الشخصية والواقعية وعلاقتها بحوافزه الشخصية، والتي لا تشبه حوافز الآخرين، أو حوافز الأهل والأساتذة. وعلى الأهل أن يدركوا أن الحافز لا يظهر فجأة عند الطفل بل يبنى و يتطور يومًا بعد يوم. لذا فإن أحد أدوار الأهل الرئيسة هو تبيان حوافز طفلهم كي:

  • يستطيعوا استعمالها كمحرّك يساعد الطفل في تخطي الصعاب العابرة التي يواجهها، وتسمح له بفهم معنى التعليم المدرسي، الذي يبدو له أحيانًا غير مفيد أو مهم، وبأن التعليم المدرسي يمكّنه من تحقيق أهدافه الشخصية.
  • وكي يساعدوا الطفل في قبول الضغوط التي يتعرض لها والتوتر العابر الذي يصبيه، من السير قدمًا ومتابعة أهدافه الشخصية.

- ماذا يفعل الأهل إذا كان فقدان الحافز راسخًا لدى الابن؟
إذا لم تجد محاولات التواصل مع الابن وإظهار الاهتمام به والاستماع إليه نفعًا ولم يكن لها أي تأثير إيجابي، على الأهل أن يفكّروا باحتمال مرور الابن بأزمة مراهقة قوية.
فعدم النوم المفرط والنتائج المدرسية المخيبة وحالات الكآبة المتكررة تشير إلى أن المراهق في بداية انهيار عصبي. عندها عليهم أن يستشيروا اختصاصيًا نفسيًا الذي يحدد العلاج النفسي المناسب. 

- ما سبب عدم اكتراث المراهق المفاجئ بالمدرسة؟ 
يستطيع بعض المراهقين الفصل بين حياتهم المدرسية والحياة الاجتماعية خارج جدران المدرسة. ولكن في الوقت نفسه تؤثر العلاقة مع الأهل في علاقتهم مع الأساتذة فينقلون صراعهم مع أهلهم إلى صراع مع أساتذتهم لأنهم يمثلون السلطة خارج المنزل. بينما تشكل مرحلة المراهقة بالنسبة إلى آخرين قلقاً يجعلهم يطرحون الأسئلة عن هويتهم وعن مستقبلهم.
ولكي يتجنبوا ذلك يفضلون الابتعاد عن كل ما يجعلهم يفكرون، والواجبات المدرسية هي أحد هذه الأمور التي تسبب لهم قلقاً. وهناك أيضاً نظرة الأهل إلى دور المدرسة والنجاح المدرسي، فكلما شعر المراهق بأن النجاح المدرسي هو الأساس الذي تُبنى عليه علاقته بأهله، مال إلى عدم الذهاب إلى المدرسة لأنه يريد أن يحرم والديه هذه المتعة، ولأنه يرى أنهما لا يهتمان به بقدر ما يهتمان لنجاحه المدرسي.

- ماذا يمكن الأهل فعله؟

تجنب المبالغة في الاهتمام بعلاماته المدرسية، ولكن في الوقت نفسه عليهم تجنب المبالغة في عدم الاكتراث لنجاحه أو المشكلات التي تواجهه في المدرسة. بل عليهم أن يجدوا حلاً وسطاً أي أن يشعروا ابنهم بأن نجاحه المدرسي أمر خاص به ولكنهم في الوقت نفسه يسعدون له لأنهم في النهاية يريدون مصلحته.
كما يمكن الأهل مناقشة أستاذ المدرسة لاكتشاف معالم شخصية ابنهم خارج الإطار العائلي فهذا يجعلهم يفهمون شخصية ابنهم. فالعلاقة بين التلميذ والمدرسة ليست محصورة بالنجاح المدرسي بل شعور بالراحة في علاقته مع أترابه في المدرسة. أما إذا أصر المراهق على ترك المدرسة، على الأهل عرض المشكلة على اختصاصي.


ماذا يجدر بالأهل أن يفعلوا كي يعيدوا الحافز الذي فقده ابنهم أو ابنتهم؟

ست نصائح يسديها الإختصاصيون للأهل كي يعيدوا حافز ابنهم المفقود:

  • عدم الوقوع في فخ رد الفعل المفرط، والشعور بالذنب لعدم اكتراثه أو إعطائه دروسًا في الأخلاق.
  • عدم إثارة مواضيع يكون لديها تأثير سلبي على عكس المتوقع فيبرز ضجره، ويظهر رد فعل عدوانيًا، مما يؤدي إلى تدمير العلاقة بين الابن وأهله.
  • إثارة النقاش والحوار الهادئ والمتوازن مع الابن أو الابنة، والحرص على عدم إشعاره بأن أهله دخلاء لأن ذلك من شأنه أن يجعله أكثر انطواء على نفسه.
  • عدم إرغامه على التكلم، فالمراهق عمومًا يفضل الصمت، والأهل هم آخر الأشخاص الذين يرغب في التكلم معهم. لذا على الأهل أن يتحلّوا بالصبر، وسوف يتكلم إليهم على مشكلاته إذا أظهروا له أنهم دائمًا مستعدون لسماعه ويحرصون على راحته.
  • تحديد الأسباب الطارئة التي أحبطت عزيمته وأفقدته حافزه. فقد يكون هناك سبب أوّلي له أثر في حالة عدم الاكتراث التي يمر بها. مثلا صدمة عاطفية، أو مشكلة مع صديق، أو قلق من قدراته الشخصية بسبب النتائج المدرسية المخيبة لآماله...