Home Page

'المدرسة يجب أن يكون لديها دائمًا هدف محدّد...'

المهرجان القومي للمسرح المصري, مهرجان الموسيقى العريقة, شخصية , واجبات مدرسية, الاختصاصيين, المدرسة, دور الأهل

04 يناير 2012

" المدرسة يجب أن يكون لديها دائمًا هدف محدّد وهو منح التلامذة شخصية متناغمة ومتصالحة مع نفسها، وليس إعداد اختصاصيين في مجالات محدّدة".  (ألبرت آينشتاين)

هذه العبارة لآينشتاين مكتشف نظرية النسبية فيها من الدلالة على تجربته الشخصية المُرة مع المدرسة التي لم تدرك ذكاءه الحاد.
ولولا وجود عائلته لاسيما عمّيه اللذين أتاحا له كل الوسائل التي ساهمت في نبوغه لما كنا نسمع به وبنظريته التي شكّلت ثورة في عالم الفيزياء.
واليوم في القرن الحادي والعشرين لا يختلف إثنان على أن المدرسة كانت ولا تزال وستبقى جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان. ولكن هل المدرسة تعني إنجاز واجبات ونيل علامات وإلتزام قوانينها التربوية؟ ومن هو التلميذ الناجح فعلاً؟ لا يشك أحدنا أن النجاح المدرسي ضروري وهو الطريق إلى الاختصاص الجامعي.
ولكن ماذا عن النجاح الإجتماعي؟ كم شخصًا عرفناه عندما كنا تلامذة كان الأوّل في الصف وفوجئنا به راشدًا عاديًا بل أحيانًا فاشلاً في حياته العملية وربما الاجتماعية؟ وكم يفاجئنا صديق كان معدله الأكاديمي وسطًا، ونراه اليوم شخصًا ناجحًا في المجالين العملي والاجتماعي.
ولكن جميعنا نتذكر أن الأول كان محدودًا لم يكترث إلا للعلامة، فيما الثاني كان اهتمامه موزعًا على كل مجالات الحياة.

يلفتني أحيانًا سرور الأهل وتفاخرهم بأن ابنهم ليس لديه وقت للقيام بنشاطات ترفيهية، فالمدرسة التي يذهب إليها قوانينها حازمة خصوصًا في ما يتعلّق بالنجاح، ويصنّفون ذكاء التلميذ تبًعا لمعدّله العام في المواد المدرسية. وغالبًا ما تهمل هذه المدرسة "الجدّية، الحازمة" النشاطات اللاصفية لأنها تعتبرها مضيعة للوقت.
ولكن هل يكفي أن ينشأ جيل حُدّد كيانه الإنساني بالعلامات المدرسية وهوس الاختصاص الجامعي؟ بالطبع لا. فالثابت في علم نفس الطفل والمراهق أن النشاطات اللاصفية التي توفّرها المدرسة كالمسرح والموسيقى والرياضة جزء أساسي في تكوين شخصية التلميذ وتطويرها، بل هي مكمّلة للأسس التربوية التي يسعى الأهل والمربون إلى تعزيزها عند التلامذة.
فالحاجة إلى التعبير عن الذات لا توفّرها براعة التلميذ في الرياضيات، وتحديد الهوية لا تقدّمها براعة حل معادلات مادة الكيمياء، والتواصل الاجتماعي لا يُعززه حفظ نصوص التاريخ والجغرافيا كالببغاء، وإنما النشاط اللاصفي هو الذي يساهم في تعزيز ملكة الانفتاح ويعزز التواصل الاجتماعي من خلال العمل الجماعي.

فممارسة الرياضة مثل كرة السلة تعلّمه مناورة الخصم، والتعاون مع بقية أعضاء فريقه، فهو سيتخلى عن أنانيته في إبراز براعته، ليعمل بروح الفريق إذ ليس المهم كم هدفًا سجل، بل فوز الفريق.
والموسيقى والرسم يهذبان ذوقه ويجعلانه يميز بين القبح والجمال... كل هذا يوجِد توازناً في شخصية التلميذ فيكون سلوكه منسجمًا مع تفكيره وبالتالي يشبّ راشدًا يتمتع بصفات الشخصية القوية المدركة، يعرف كيف يواجه المجتمع ويتخطى الصعاب.

فالنشاطات اللاصفية نموذج مصغّر عن العالم الحقيقي وإن كانت ذات صبغة ترفيهية. فهل يحق للأهل والمدرسة حرمان التلميذ من تكوين هويته الشخصية، لا هويته الأكاديمية! فالحياة فيها مدارس عدة والبارع فيها من يطرق أبوابها ويتعلّم منها ودور المدرسة بمؤازرة الأهل تنمية كل قدرات التلميذ وتطويرها وإلا نشأ جيل أشبه بالروبوت يصاب بالعطب عند أوّل مفترق طريق لم يُلقن عنه أي معلومة.