فلسطينيات طموحات: تركنا وظائفنا من أجل مشاريعنا الصغيرة

امتياز المغربي (رام الله) 01 أبريل 2018

باتت المشاريع الصغيرة طموحاً تسعى إليه النساء الفلسطينيات للحصول على المال، وتسعى أخريات إلى نشر مشاريعهن خارج فلسطين. ورغم أنهن لا يتلقين الدعم المادي من الحكومة أو أي جهة تمويل، تعتمد الفلسطينيات على أنفسهن في تحقيق أحلامهن وجعلها أمراً واقعاً، مجدياً مادياً ونفسياً، على الصعيد الشخصي والأسري والمجتمعي.


ديالا خشان: «فاترين» المكان الأمثل الذي يجد فيه الزبائن آخر صيحات الموضة
ديالا خشان من محافظة رام الله، بدأت مشروعها منذ عامين كفكرة أولية، وعنه تقول: «مشروعي «فاترين»، وهو موقع للتسوّق عبر الإنترنت، بدأ كفكرة في عام ٢٠١٦، وفي شهر حزيران/يونيو من عام ٢٠١٧، تجسّد المشروع على أرض الواقع، وبدأت العمل في السوق الفلسطينية مع شريكي رأفت المصري، كما نتطلع للبدء بالعمل في السوق الأردنية في الأشهر المقبلة، ومن ثم في السوق الخليجية في الأشهر الستة التي تعقبها، لكنني متفائلة أكثر بالأسواق العربية».
وتؤكد خشان أن مشروعها مختلف عن المشاريع الموجودة في فلسطين، موضحةً: «فاترين هو المكان الأمثل الذي يجد فيه الزبائن آخر صيحات الموضة، وأجمل التصاميم للنساء والرجال، وذلك من خلال استخدام كبسة زر واحدة، كما نقدّم تشكيلة واسعة من الملابس، الأحذية والحقائب، وهناك خدمة التوصيل السريع، سواء كنت في عملك أو بيتك».
وعن علاقة دراستها الجامعية بمشروعها، توضح ديالا: «هناك تكامل بينهما، فأنا المسؤولة عن كل ما يتعلق بقسمَي التسويق والمبيعات».
تشير خشان الى أنها تركت وظيفتها من أجل التفرّغ لمشروعها والاستمرار به، وتقول: «لقد استقلت من وظيفتي لأجل مشروعي «فاترين»، وقررت المجازفة لأنني أعلم أن تفرّغي للمشروع سينهض به ويطوّره، وهذا ما حدث فعلاً، لكنني ما زلت الى اليوم  أتضايق من انتقاد المحيطين بي، وتأكيدهم أنني لم أفكر بأسلوب «عقلاني» عندما قررت ترك وظيفتي الثابتة والتفرّغ لمشروعي». 
ولدى سؤالها عما يميز مشروعها، أجابت ديالا: «سوق التجارة الإلكترونية ضخمة، وهناك أمل كبير بها، كما أنها ستتطور أكثر في العالم العربي خلال الأعوام المقبلة، وستُتاح لنا الفرص حتى لو كان هناك منافسون، وما يميز «فاترين» هو التشكيلة المميزة التي نعرضها، إذ إنها غير متوافرة في الأسواق العربية، سواء إلكترونياً أو في المتاجر، فنحن نقدم تشكيلة ملابس للمحجّبات ومجموعة فساتين للسهرة والأعراس بأسعار منافسة تبدأ من ١٥٠ دولاراً أميركياً».
وتقدّم خشان بعض النصائح للنساء الباحثات عن عمل، بالقول: «الاعتقاد السائد بأن البدء بمشروع سيكلفكنّ ملايين الدولارات هو خاطئ، فلا تستمعن الى الأشخاص الذين يحاولون أن يثبطوا عزائمكنّ، وأحِطن أنفسكن دائماً بأشخاص إيجابيين، وتابعونا على موقعنا الإلكتروني Vatrin.com، وحساباتنا على «فيسبوك»، و«إنستغرام» و«سناب شات».


ياسمين مجلّي: صمّمت عبارات ضد التحرش كي يعرف الرجل أن للمرأة حقوقها وليست ملكاً له
تؤكد مصمّمة الأزياء ياسمين مجلّي، من بيت لحم والحاصلة على بكالوريوس في تاريخ الفن، أن مشروعها صعب جداً، وتقول: «أرغب في إعطاء النساء قطعة من الملابس ليتمكنّ من استعمالها بشكل يومي، وقد صمّمت عبارات ضد التحرش كي يعرف الرجل أن للمرأة حقوقها وهي ليست ملكاً له، وقد ولد مشروعي «بايبي فيست» BabyFist في آذار/مارس من عام 2017». 
وتضيف: «لقد صغت هذه العبارة وعبارات أخرى للفت الانتباه إلى قضية التحرش الجنسي المتفشي في شوارع فلسطين، وصوغ الرد الفردي المثالي على مثل هذا التحرش، كما أن منتجاتنا تحمي الشابات اللواتي قد يتعرضن للضغط النفسي اليومي بسبب التحرش بهن، والبحث عن القليل من حريتهن في اختيار الملابس التي يرتدينها. كما أسعى الى دعم الاقتصاد المحلي، سواء في غزة أو الضفة الغربية، وتُصنّع القمصان في بيت ساحور في الضفة الغربية».
وتُبدي ياسمين استياءها من التحرش، قائلةً: «شخصياً، يُتعبني الشعور بالضعف والخوف كلما مشيت في الشارع، وأؤمن بقوة بأن البشر يولدون على هذه الأرض بحقوق متساوية. لكن للأسف، فإنه استناداً إلى الجنس، يمكن استبعاد هذه الحقوق أو تقييدها. ومشروعي «بايبي فيست» هو ثورة لتذكير النساء بأن لهن الحق في التنقل في الشوارع بحرية كما يفعل الرجال. كما أتبرع بجزء من أرباحه للمرأة الفلسطينية، وأهدف إلى تمكين النساء والشابات العربيات اقتصادياً في جميع أنحاء العالم».
أما في ما يتعلق بالجهة الداعمة لمشروعها فتقول ديالا: «أجد الدعم من الأصدقاء والعائلة، وكذلك من شبكة الغرباء الذين يعرفون الكثير عن عملي، كما تصلني رسائل الدعم والشكر من الشابات والشبان في جميع أنحاء العالم، وربما يكون هذا أقوى أشكال الدعم التي أتلقّاها»... وتضيف: «في المقابل، تلقيت رسائل الرفض من أعضاء المجتمع الفلسطيني، الذين يصرون عليّ للتماشي مع الصور النمطية السائدة، وقد يبدو عملي غريباً جداً، لذا لا بد لي من التحلّي بالقوة للحفاظ على مشروعي رغم هذا الرفض، وأنا محظوظة جداً بأنني من عائلة تدعم حريتي الشخصية».

ثمة عقبات كثيرة تواجه مشروع ياسمين، وعنها تقول: «أي مبادرة مقرّها فلسطين تواجه مشكلة الحصول على الموارد، وذلك بسبب الوضع السياسي والشركات المبتدئة، وهذا شكّل عقبة أمام مشروعي والتفكير بشكل خلاق»... وتتابع: «في الوقت الحالي، أصبح «بايبي فيست» معروفاً في الكثير من الدول، ويهدف إلى تكوين عائلة من الأصدقاء المؤمنين بفكرة المشروع في مختلف أنحاء العالم، وقد حققنا بالفعل مبيعات في أستراليا وجنوب أفريقيا وأميركا وإنكلترا واسكتلندا والأردن».


سعاد عوض: لا معاناة بعد اليوم... فقد أصبحت الأطعمة الخالية من الغلوتين متوافرة عندنا
أما سعاد عوض، تقيم في بيت لحم وتمتلك شركة لتوزيع المواد الغذائية الخالية من الغلوتين والكازيين، فتقول: «قررت توفير المواد الغذائية الخالية من الغلوتين (حساسية القمح)، وذلك للنقص الشديد الذي تعانيه فلسطين، ليس على صعيد المواد الغذائية فقط، بل على صعيد عدم الوعي الطبي والمؤسساتي بهذا المرض، وهذا القرار نابع من التجربة والمعاناة الشخصية مع هذا المرض لفترة لا تقل عن عشر سنوات ضاعت بين تجارب الأطباء لاكتشاف ما حلّ بي من تعب وضعف ومرض».
وتتابع: «في عام 2010، بدأت توفير المواد الأساسية مثل الخبز والمعكرونة والطحين وبعض أنواع الحلوى، وكانت انطلاقتي من البيت، بحيث طبعت منشورات صغيرة ووزعتها على الصيدليات، وكتبت عليها: «لا معاناة بعد اليوم، فقد أصبحت الأطعمة الخالية من الغلوتين متوافرة عندنا»، علماً أن التوصيل الى المنازل هو خدمة مجانية، وقد بدأ الناس بالاتصال والتعرف على طبيعة هذه المنتجات وأهمية شرائها».
وتضيف سعاد: «قررت إنشاء صفحة على «فايسبوك» لتصل معلوماتي الى أكبر عدد من الأفراد، وكنت وما زلت أنشر آخر الدراسات والأبحاث عن هذا النوع من الحساسية، وأتصل بالشركات العالمية المنتجة للمواد الغذائية وأستفسر عما إذا كانت منتجاتها تحتوي على غلوتين أم لا، وأنشر المعلومة التي تصلني، إلا أن زيادة الوعي (غير الكافي في نظري حتى هذه اللحظة) من جهة، وارتفاع الطلب على المنتجات من جهة أخرى، أثارا فضول أصحاب المحال التجارية، وعبر شبكة أفراد تم التعرف إليهم وإنشاء علاقة تجارية معهم. واليوم، أُوزّع هذه المواد على معظم محافظات الضفة الغربية مثل الخليل، بيت لحم، رام الله، نابلس وجنين».
وعن رفضها الاستمرار في الوظيفة والعمل على تطوير مشروعها، رغم أنها حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، تقول سعاد: «تركت وظيفتي في أواخر عام 2015، وأعمل حالياً بمفردي، لأنني أعتقد أنه حان الوقت لأخذ منحى جديد في كيفية التطوير والعمل على نشر الوعي الصحي بهذا المرض (حساسية القمح)، ورغم أنني أحقق عائداً مادياً بسيطاً لكنني سأستمر في مشروعي».
وتتحدث سعاد عوض عن المشاكل التي تواجهها، قائلةً: «في رأيي، كل مشروع جديد وغريب يواجه مشاكل في كثير من المجالات، ومن بينها مثلاً، معاناتي مع أصحاب المحال التجارية والسوبرماركت في كيفية قبولهم عرض مثل هذه المنتجات لديهم. وكوني امرأة تعمل في هذا المجال، هو أمر غريب في بلادنا، فأنا لست بائعة في محل أو شركة، بل أزور أصحاب المحال وأعرض المنتجات عليهم، وبالتالي أقوم بتوصيل هذه البضاعة، أي أرافق سائقي الشاحنات التي توزّع الحليب والكوكا كولا وغيرهما».


المدرّبة امتياز أبو عواد: أمتلك مشروعاً خاصاً تعمل فيه حوالى 30 سيدة
امتياز أبو عواد هي مدربة ومصمّمة أزياء، من مدينة رام الله، بدأت مشروعها في القرية التي تسكن فيها، وعنه تقول: «كانت البداية في عام 2006 بعد حصولي على شهادة الديبلوم في الفنون التطبيقية - تخصص تصميم أزياء، حيث بدأت العمل على مشروعي الخاص في القرية التي أسكن فيها، ومن ثم توسّعت فيه وصرت أشارك في المعارض المحلية ومن ثم الدولية. وأنا اليوم أمتلك مشروعاً خاصاً يضم حوالى 30 سيدة يعملن لديّ في مجال التطريز».
أما بالنسبة الى اختيارها هذا المشروع بالذات، فتكشف امتياز السبب موضحةً: «أكثر المشاريع التي تُقبل عليها النساء وربّات البيوت، وتحديداً نساء القرى والأرياف، هي تلك التي تتعلق بالخياطة، ذلك أنها تحقق عائداً مادياً وتحصد نجاحاً، مما يساعد المرأة على العمل في منزلها وجني المال لها ولأسرتها».
لكن ثمة صعوبة في الحصول على المواد الخام تواجهها امتياز أبو عواد، وعنها تقول: «أعاني صعوبة في الحصول على المواد الخام أو المعدّات والآلات التي أحتاج إليها في عملي، إضافة إلى ارتفاع نسبة الضريبة على المنتجات، فنواجه صعوبة في التسويق، لكننا نعالج هذا الأمر من طريق جلب المواد من الأردن، لكنّ هذا ليس حلاً جذرياً، مما يؤدي الى ارتفاع سعر المنتج».
وعن الدعم المقدّم للنساء في مجال التدريب لإنشاء مشاريع صغيرة، توضح: «لا نتلقى أي دعم مادي، بل تُتاح لنا فرصة التدريب المهني من طريق وزارة العمل الفلسطينية، بحيث تخضع المرأة لتدريب كامل، يمكّنها من البدء بمشروعها الخاص، كذلك تغطي الوزارة تكاليف الدورة بالكامل، وتتولّى الغرفة التجارية تدريب السيدات في ما يتعلق بالجانب الإداري».
وبصفتها مدربة نساء صاحبات مشاريع صغيرة في مجال التطريز والأزياء، وتأثير عملهن في الوضع الاقتصادي، تكشف امتياز عن رأيها وتقول: «إحدى أهم خطوات تحقيق الإصلاح في سوق العمل وفرص التنمية الاقتصادية، وتحسين الأوضاع المعيشية، تكمن في إزالة خلل التوازن في السوق، وخلق فرص عمل جديدة وسد النقص في الأيدي العاملة في الحرف والمهن الأخرى، وهذا مدخل آخر يقودنا إلى أهمية توافر التدريب والتعليم المهني في فلسطين، اللذين يجب ألا يقتصرا على الذكور دون الإناث اللواتي يمثّلن نصف المجتمع».

نادية أبو غطاس: تركت وظيفتي بسبب بناء جدار الفصل العنصري
تُحدّثنا نادية أبو غطاس، وهي من بيت جالا وحاصلة على ديبلوم في السكرتارية، عن مشروعها المرتبط بأوراق الزيتون، فتقول: «أقطف أوراق الزيتون من الشجر، وأسكب عليها ماء الفضة أو الذهب فأحصل على مجوهرات مثل الأساور والقلادات والعقود والخلاخيل، ومن ثم أضيف إليها الكريستال والحجارة الكريمة».
وعن الفئة المستهدفة من مشروعها، توضح نادية: «هم الموجودون في فلسطين وخارجها، لأنها مجوهرات فلسطينية بامتياز، فأنا أحضر أوراق الزيتون من الشجر المعمّر منذ آﻻف السنين، والذي يُقطع ليُقام مكانه جدار الفصل العنصري والمستوطنات الاحتلالية، كما أستهدف من خلاله الفئات الأجنبية ممن يحبّون الفن والقطع الفريدة، حيث تختلف كل قطعة عن الأخرى في الشكل والملمس، وتكون لكل ورقة بصمتها».
وفي ما يتعلق بدعم العائلة لها، تقول: «أنا عزباء، وعائلتي هي التي تدعمني، لأنها سمحت لي بإقامة ورشة التصنيع على أملاكها الخاصة. لذا أؤكد أن مشروعي أهم من أي وظيفة أخرى، فقد تركت وظيفتي بسبب بناء جدار الفصل العنصري، وتفرّغت لتطوير هوايتي في مجال الأشغال اليدوية وتعليمها للناشئة في المراكز الثقافية في بيت لحم، وكانت من ضمنها صناعة المعادن الثمينة. ومن خلال فكرة تحويل أوراق الزيتون الطبيعية إلى مجوهرات، أوجّه رسالة محبة من بلد السلام الى جميع أنحاء العالم».
وتختتم نادية أبو غطاس حديثها مؤكدةً: «يحقق المشروع لي وللعاملات معي ربحاً مادياً يتيح لنا شراء أجهزة لتطوير الإنتاج، لكنني أعاني من وجود جدار الفصل العنصري المُقام على الأراضي الفلسطينية، ورغم ذلك استطعت أن أنتهج خطاً جديداً في عالم صياغة المعادن الثمينة، ذلك أنني أقطف أوراق الزيتون من الشجر وأحوّلها إلى معدن ثمين ومن ثم إلى مجوهرات نفيسة. كما شاركت في عدد من المعارض في فلسطين، مثل بيت لحم ورام الله وبيرزيت والطيبة ونابلس وغيرها، وفلسطين الداخل مثل القدس والناصرة ويافا وحيفا وكفرياسين وعكا وغيرها، وخارج فلسطين مثل الأردن وقطر والمغرب وألمانيا وإيطاليا والمكسيك ونيويورك».