الصيف الجميل...

تلميذ, كتب, المخيّم الصيفي, اهتمامات, فصل الصيف, رقابة الأهل, عاطفة, قلق الأهل

31 يوليو 2012

يخطط التلامذة لصيف جميل فيه الكثير من الراحة والإستجمام، فنسمع من يقول «سوف أسهر حتى ساعة متقدّمة من المساء»، وآخر «سوف أمضي الصيف على الشاطئ، كفى لا مزيد من الفروض المدرسية وقلق العلامات، أريده صيفًا كله مرح»، ومنهم من يقول «سوف أرمي كل كتب العام الفائت، وأنسى كل هموم المدرسة وأستمتع بإجازة الصيف».
ولكن هناك حقيقة لا يمكن الهروب منها. فروض العطلة الصيفية وهمومها.
كيف يمكن إقناع التلميذ بضرورة إنجازها خلال العطلة؟ وهل هناك فائدة منها؟ وهل يجب أن تكون العطلة الصيفية كلّ أيامها راحة واستجمام؟
«لها» حملت هذه الأسئلة وغيرها، إلى الاختصاصية في التقويم التربوي لمى بنداق بلطجي التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها؟

- هل يجب أن تكون العطلة الصيفية فترة راحة للتلامذة؟
كلا، بل يمكن الإستفادة من العطلة الصيفية لتنمية وتطوير الأداء الأكاديمي، والعاطفي، والسلوكي، والجسدي، والنفسي عند التلميذ.
في المجال الأكاديمي: يمكن أن تكون العطلة الصيفية المساحة المرنة لتطوير المهارات الأساسية في القراءة والكتابة في مراحل التعليم الأساسية وبذلك يكتسب الطفل عادة القراءة، وبالنسبة إلى التلامذة في مرحلتي المتوسطة والثانوية تصبح القراءة المدخل إلى تنمية مهارات التفكير الناقد Critical Thinking ومهارات التفكير المجرّد مثال التحليل والتركيب وإصدار الأحكام.
في المجال السلوكي والمجال العاطفي: إن تطوير الذكاء العاطفي والوجداني عند الطفل خلال العطلة الصيفية يساعده على التأقلم بشكل أفضل مع المجتمع ويزوّده أدوات لصقل شخصيته وتحسين قدرته على التعامل مع المشكلات التي تواجهه، والتفكير باساليب مختلفة للتواصل بطريقة مثمرة مع الغير.
في المجال النفسي: من خلال العمل والإنجاز يكتسب الولد الثقة بالنفس وتصبح صورته عن نفسه إيجابية أكثر وقد أثبتت الدراسات أن ثقة الطفل بنفسه وبقدراته تمنحه فرصًا أكبر للنجاح والإنجاز والتطور.
أما بالنسبة إلى المجال الجسدي فهو يتضمّن الرياضة البدنية والألعاب التربوية.
لذا يمكننا القول إن العطلة الصيفية هي فرصة ذهبية للتلميذ ويجب اقتناصها والإستفادة منها على جميع الصُعُد. فالراحة تعني الكسل والخمول للأطفال والمراهقين، فما يتمتعون به من طاقة يجب تصويبه والإستفادة منه.

- على ماذا يجب التركيز خلال العطلة الصيفية بالنسبة إلى التلميذ الذي يعاني تأخرًا دراسيًا في مادة معينة؟
يجب أن نضع للتلميذ الذي يعاني تأخرًا دراسيًا برنامجًا للعمل خلال العطلة الصيفية، يهدف إلى سد الثغرات الأكاديمية التي تم رصدها خلال العام الدراسي، فالبرنامج المكثف في مادة ما يعطيه الفرصة لردم الثغرة التي ظهرت خلال العام .
فتحديد مستوى أداء التلميذ الفعلي في المادة والبناء عليه للوصول إلى المستوى المطلوب يعطيان أفضل النتائج في التحصيل.

- على ماذا يجب التركيز خلال العطلة الصيفية بالنسبة إلى التلميذ الذي يعاني صعوبات تعلمية؟
عندما يشخص الاختصاصي الصعوبة التعلّمية على نحو دقيق تصبح الصورة أفضل من حيث تحديد الإختصاصيين الذين يجب استشارتهم، فعلى سبيل المثال إذا تم تحديد الصعوبة التعلّمية بصعوبة القراءة (Dyslexia) يجب خلال العطلة الصيفية العمل مع مربية تقويمية على برنامج علاجي للقراءة خاص بالتلامذة الذين يعانون هذه الصعوبة، وفي الوقت نفسه يجب العمل مع اختصاصية تقويم النطق واللغة لتحسين أداء التلميذ في أساسيات اللغة الشفوية واللغة المكتوبة وإغناء مخزون المفردات لدى التلميذ.
كما يجب العمل مع اختصاصية النفس-حركي لتنمية المهارات المتعلقة بالمكان (Space) والزمان، وتطوير مهارات الحركات الدقيقة مثل الكتابة
وهذا يعطي التلميذ فرصة أكبر لتقليص التباين في الأداء بينه وبين أقرانه.

- ما تأثير الرياضة البدنية على الأداء الأكاديمي خلال العطلة الصيفية؟
الرياضة غذاء الجسد، وهذا ينعكس على المهارات الأساسية مثال التركيز، أي الإلتزام بمهمة معينة لوقت محدد لإنجازها. والتناسق الحركي، أي المهارة والسرعة في تنفيذ الأوامر من الدماغ بواسطة الجسد من يدين ورجلين وجذع.
والتخطيط، أي القدرة على وضع الخطوات الضرورية لإتمام عمل ما. والتواصل، أي القدرة على بناء علاقة جيدة مع مجموعة من الأقران والتنسيق للوصول إلى هدف مشترك. والذاكرة ، أي الإستفادة من الخبرات السابقة لتحسين الأداء في نشاط معين، وما شابه.

- هل الألعاب التربوية مهمة في العطلة الصيفية؟
يخبرنا الأطفال بما يفكرون ويشعرون من خلال اللعب. فمن المعلوم أن اللعب يساعد في تشكيل الشخصية بأبعادها المختلفة. وتساعد الألعاب التربوية في مختلف الأعمار في اكتساب المعرفة، وتنمية مهارات التواصل.
وهو مجال أيضًا لتمضية وقت ممتع ومسلٍ، ويعزّز إدراك معاني الأشياء والأفكار المجردة، ويساعد في تفرّد التعليم حسب قدرة الولد، ويعتبر طريقة علاجية لمساعدة بعض الأولاد لحل المشكلات أو إكتساب المهارات، كما يساهم في تنمية مهارة التواصل بين الأقران، وينمي المهارات الإبداعية. وبهذا تكون الألعاب التربوية أكثر من مهمة في العطلة الصيفية.

- ما المعايير التي يحب أن تتوافر في فروض العطلة الصيفية؟
أن تكون مشوقة للتلامذة الصغار، أي تلامذة الروضات ومقنعة للتلامذة الأكبر سنًا أي مرحلة الإبتدائي. فعندما يقتنع التلميذ بها يصبح العمل أسهل.

  • أن تراعي التطور وتكون من ضمن دائرة إهتمام التلميذ. فاليوم أصبحت بعض فروض العطلة موجودة في أقراص مدمجة تتضمّن الألعاب التربوية والصور والأشكال التفاعلية وما شابه مما جعلها أكثر جاذبية للتلميذ. والبعض الآخر يتطلّب إجراء بحث حول موضوع محبب للتلميذ. فحتى كتب العطلة الصيفية التقليدية أصبحت تراعي اهتمامات التلميذ من حيث المضمون والشكل.
  • أن تراعي مستوى التلميذ الأكاديمي أي يجب على المدارس مراعاة الفروق الفردية في الأداء لدى التلامذة، فالتلميذ ذو المستوى الأكاديمي الممتاز مختلف عن الذي مستواه مقبول، ولهذا يجب أن تكون فروض العطلة الصيفية متناسبة مع قدرات التلميذ.
  • أن تكون فرصة للتلميذ لإكتساب مهارة تنظيم أوقات العمل لأنها مهارة أساسية للنجاح، وبالطبع الأفضل أن يكون العمل في بداية اليوم وتحديد الوقت ومكان العمل.

 

- هل يجدر بالأهل مساعدة ابنهم في إنجاز فروض العطلة الصيفية؟
مساعدة التلميذ في العمل ليس خطأً ولكن بالطبع ضمن حدود، فهذا ينمّي التواصل في أعمار صغيرة ويشجع عملية البحث في أعمار أكبر، فعندما يرى الطفل أن أهله لا يعرفون الجواب ولكن يعلمون كيف يمكن البحث للوصول إليه، فعندها يسعى الولد لسلوك الطريق نفسه عندما يواجه ما لا يعرفه وبهذا ننمي لديه تقنية البحث.

- هل يُظلم التلميذ إذا طُلب منه إنجاز عمل ما خلال العطلة الصيفية ؟
كلا، لأن الطاقة الجسدية التي يتمتع بها الطفل في طور النمو يجب تصويبها نحو أمور إيجابية ومنتجة وفي الوقت نفسه تكون محببة لديه.
ونحن الراشدين عندما نحصل على إجازة لا يعني ذلك أننا توقفنا عن العمل، بل إنها فترة للمراجعة والتفكير والتخطيط والمحاسبة النفسية وغيرها من الأمور التي تستدعي وقفة مع النفس، وهذا إذا ترجمناه فعليًا فهو عمل.