Home Page

'عندما يكون الأب غائبًا تتحرّر قوى الفوضى'

عبارة, أبراج, عبارة استوقفتني

31 يوليو 2012

عندما قرأت هذه العبارة للباحثة والمحلّلة النفسية أنتونيا فونيه خطرت في بالي أسئلة عدة: «هل يكفي أن يكون الأب حاضرًا بجسده حتى تلجم الفوضى في المنزل؟ وأي نوع من الفوضى يمكن أن يعمّ العائلة في غياب الأب؟

بالطبع لم تقصد الباحثة الغياب المادي للأب بقدر ما قصدت الغياب المعنوي. فكم من الآباء يمضون معظم الوقت مع أبنائهم والفوضى تعم العائلة!
ليس سرًا وجود نموذج الإبن الذي يتصرّف في غياب والده على عكس ما كان عليه في حضوره، وهذا النموذج نراه عند الكثير من العائلات. لفترة طويلة مثّل الأب صورة السلطة والقانون في المنزل.
غير أن هذه الصورة النمطية بدأت تتلاشى، مع إدراك الآباء أهمية دورهم الفاعل في حياة الأبناء منذ نعومة أظافرهم، لا سيّما الأولاد، وقد بيّنت الدراسات النفسية أن حضور الآباء المعنوي الإيجابي يعدُّ الأبناء بشكل أكثر فعالية وبصورة أسرع لمواجهة العالم الخارجي.

فتواصل الطفل المستمر مع أبيه في طقوسه اليومية، يكسبه مهارة تدبّر أموره الخاصة، والتواصل مع الآخرين والإندماج مع حياة الجماعة.
فالتسلّط ليس شرطاً أساسياً لممارسة الأبوة، بل يمكن الأب ممارسة سلطته بأسلوب مرن يتمكن بواسطته من وضع القوانين المنزلية ويلزم الأبناء بها من دون أن يشعروا بالغبن.
فمن الملاحظ أن الأب الذي يشارك أبناءه في نشاطاتهم المختلفة، سواء في اللعب أو نشاطاتهم الرياضية أو الثقافية ويتبادل الحوار معهم، يبقى حاضرًا في نفوسهم وإن كان غائبًا عن ناظرهم، فهم يحترمون وعدهم له، ويتصرّفون في غيابه كما لوكان حاضرًا.

وفي مرحلة المراهقة من الضروري أن تكون العلاقة مع الأب أساسها الحوار المتبادل الذي يساعد على تطوير شخصية الأبناء ويجنبهم الكثير من المشكلات التي قد يتعرضون لها في هذه المرحلة.
بمعنى آخر من الضروري أن تؤسس العلاقة على التفاهم والمنطق الإيجابي بين الأبناء والآباء، ليكون الأب حاضرًا في كل لحظة من حياة أبنائه، وإلا تحول غيابه إلى فسحة من الفوضى.