Home Page

الأمّهات يسألن...

قضية / قضايا الطفل / الأطفال, مراهق / مراهقون, الأم والطفل, طفل / أطفال, مرض السرطان, الاختصاصيون, الفشل المدرسي

22 يناير 2013

أسئلة كثيرة تطرحها الأمّهات عن مشكلات يواجهنها مع أبنائهن. وتبدو هذه الأسئلة متكررة، ولكن علم النفس يرى عكس ذلك انطلاقاً من مقولة «إن كل إنسان فريد من نوعه»، والطفل إنسان لديه مشكلاته الخاصة التي تتطلّب حلولاً خاصة.
«لها» تعرض بعض الأسئلة التي تطرحها الأمّهات ليجيب عنها الإختصاصيون في علم نفس الطفل والمراهق.


1

لا أعرف كيف أفاتح ابني البكر (ست سنوات) في موضوع مرض أخيه سنة ونصف السنة المصاب بالسرطان. لقد شرحت له ويبدو أنه فهم ولكنه لا يطرح أي سؤال حول الموضوع، مما يجعلني أشعر بالتوتر. كيف يمكنني أن أتحدث إليه مرة ثانية؟
سميرة - لبنان

يمكن تفسير صمت طفلك بطرق متعددة، ومن المهم جدًا التأكد أيها أقرب إلى ما يعيشه ويشعر به.

التفسير الأوّل قد يكون أنه استوعب جيّدًا المعلومات التي أخبرته عنها حول المرض وبالتالي لا يحتاج إلى المزيد ، فهو يثق بما قلته ويدرك ما يحدث مع شقيقه.
وهذه أفضل حالة يمكن تصوّرها. لذا عليك ببساطة الإحتفاظ بالتفكير في أن تلقي معطيات جديدة وطريقة إعلام الطفل بالأخبار السيئة تختلف عما هي عند الراشد. وعليك ألاّ تترددي في التأكد أنه فهم المعلومة التي تخبرينه إياها.

ومع ذلك، فهناك أسباب أخرى يمكن التماسها. أوّلها الخوف، فالمرض بالنسبة إلى الطفل يسبّب قلقًا، ويمكن أن يخاف من أن يصاب بالعدوى، من دون أن يعبّر عن ذلك.
وهناك خوف آخر هو إهماله وعدم الإهتمام به، فاهتمام الأم الزائد بالطفل المريض، قد يجعل الطفل الصحيح يخاف من ألا تعود والدته تحبه. في هذه الحالة فهو يحتاج إلى طمأنة والديه بشكل واضح أن حبهما له لم ولن يتغير، ويكون ذلك بالقول والفعل.

وفي موازة الخوف، هناك شعوره بالغضب الشديد الذي يكون سببه الغيرة، فالشقيق المريض يحوز امتيازات كثيرة لا يحوزها الأخ الصحيح. لذا فهو يصمت لأنه يخاف أن توبّخه والدته أو تؤنّبه لأنه غيور.
كما يمكن الطفل الصحيح أن يشعر بالضغينة لأن المرض يوتر حياة العائلة وبالتالي يشعر بعدم الأمان.

وأخيرًا هناك مسألة الشعور بالذنب. إذ من المعلوم أن الطفل الصغير يميل إلى الإعتقاد أنه سبب أمراض الأشخاص المحيطين به.
فقد يمكنه أن يقول لنفسه أن مرض أخيه سببه أنه لم يكن لطيفًا معه، وقد يصل إلى مرحلة يتمنى لو أنه يختفي لسبب شعوره القوي بالذنب، فعندما يصاب أحد أفراد العائلة يظن أنه السبب ويشعر بالذنب مما قد يؤدي إلى تعزيز شعوره بالوحدة أو العزلة وقد يصاب بالإكتئاب بسبب هذا الشعور.

كما رأيت سيدتي، هناك أسباب واحتمالات عدة لصمت طفلك. لذا عليك سيدتي أن تطلبي مساعدة اختصاصي علم نفس أطفال، كي تتأكدي من السبب الحقيقي وراء صمت طفلك.


2

لا تتحمّل ابنتي (خمس سنوات) الفشل، فإذا لم تنجح في أمر ما من أول مرة تبدأ بالصراخ والبكاء. هل من نصيحة؟
ماجدة- عمان

عزيزتي كل الأطفال عندما يبدأون التصرّف بشكل مستقل يواجهون بعض الخيبات. فيما عليهم تحمّل الفشل ولكن هم بحاجة إلى تفسير واضح.
بداية على الطفل أن يعرف أنّ أحداً لا يولد ويعرف كل شيء، وأن إنجاز الراشدين أمور كثيرة سببه أنهم تعلّموا كيف ينجزونها، وأنهم أثناء تعلّمهم منيوا بالفشل ولكن مع تكرار المحاولات أصبحوا قادرين على إنجاز ما يقومون به.
لذا عليك أن تقولي لابنتك أن الفشل ضروري كي يتعلّم الإنسان من أخطائه. «في البداية لا نعرف شيئًا مطلقًا، ومن ثم نتعلّم خطوة خطوة».

فهذه المعلومة البديهية بالنسبة إلى الراشد لا يدركها الطفل، لأنه معتاد على التفكير الخيالي فيقول في نفسه مثلاً: «عندما أفكر في الشيء لا بد أن أحصل عليه فهو يأتي حده» ولا يمكن الاستغناء عن هذا الفكر الخيالي لأنه من دونه فهو سوف ينسب الصعاب التي يواجهها إلى عجزه، فيشعر بالذل وعدم تقديره لذاته.
عندما توضّحين كل هذه الأمور لابنتك عليك أن تكوني حازمة إزاء تصرّفاتها. فعندما تتركينها تغضب بسرعة وتصرخ وتبكي بشكل عشوائي، فإنك تتركينها تفكر في أن غضبها يمكنه أن يغيّر العالم، فيما العالم لا يتغيّر.
فطلفتك ليست ساحرة يمكنها تحقيق كل ما تصبو إليه بلمسة سحرية، وعليك التأكيد لها أن إنجاز عمل ما والنجاح فيه يتطلبان منها العمل والمحاولة  مراراً حتى النجاح في القيام به.


3

أواجه مع ابني (15سنة) صراعًا من نوع جديد. فالمطلوب منه أن يخصص يوميًا ساعة واحدة لإنجاز واجباته المدرسية، وتبيّن لي أنه يؤجل واجباته لليوم التالي ويمضي ساعتين، وهكذا ينشب بيننا جدل كلامي. وهو ذكي ويتعبني بتقديم حججه التي لا تنتهي كي لا يقوم بما طلبته منه. بالنسبة إليه أكون والدًا لطيفًا عندما يتعلّق الأمر بالسماح له بقيادة السيارة أو قبول استقبال أصدقائه. ولكن في المقابل أنا والد مزعج عندما يتعلّق الأمر بمدرسته. كيف يمكن إنهاء الجدل الكلامي مع ابني؟
أبو أحمد- الرياض

ليس بالأمر الرائع أن تكون والدًا مزعجًا أو متطلبًا، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن تكون والدًا لطيفًا أو Cool طوال الوقت.
فدورك كأب يقوم في الأساس على الحب، ولكن في الوقت نفسه عليك وضع حدود لا يجوز تخطّيها. فمن حقك أن تلزم ابنك بالقوانين التي تضعها، وفي المقابل لابنك الحق في الإعتراض على ما تفرضه عليه بالقوة، فهذا هو الجدل المتعب الذي يواجهه كل أهالي المراهقين.
لذا فإن الفكر الإحتجاجي لابنك يجب أن يجعلك مطمئنًا، فهو يبرهن لك بأنه يشعر بالصلابة والقوة ليعترض ويعلن اختلافه. وعلى العكس، فانصياعه لأوامرك والذوبان في شخصيتك يكونان مؤشرًا لمشكلة في نظر علم النفس. فمن الضروري في المراهقة أن يكون المراهق مشاغبًا بعض الشيء، وإن كان ذلك متعبًا للأهل.
لا تتجنب الصراع معه، وفي المقابل عليك التماسك والإحتفاظ بموقعك كوالد واستعمال العقاب الذي وضعته شرط أن يكون عادلاً وفي مكانه ومناسباً للخطأ الذي ارتكبه.

فابنك في حاجة إلى أن يكون في مواجهة مع والد قوي وفي الوقت نفسه يشعره بالأمان. ونصيحة أخيرة لتفادي النقاشات الحادة التي لا تنتهي، يمكنك القول لابنك: «لديك عشر دقائق لتقنعني، بعدها أتخذ قراري وأنفذه».


4

لماذا يواجه الأهل المعاصرون مشكلات مع أبنائهم المراهقين أكثر مما كان عليه الأهل من الأجيال السابقة؟
منية- المغرب

بداية لأن المجتمع المعاصر منح المراهقين العديد من الإمتيازات والكثير من السلطة. وبالتالي فإن مفهوم العائلة وعاداتها وتقاليدها تغيّر لا سيما في الأسلوب التربوي الذي يتبعه الأهل مع أبنائهم المراهقين، فمعظم الأهل المعاصرين لديهم علاقة ندّية مع أبنائهم المراهقين وفي غالب الأحيان يتصرّفون معهم على أساس الصداقة أكثر منه على أساس الأبوة، وبالتالي صار من الصعب عليهم وضع الحدود والإلتزام بها، وفي المقابل أصبح مراهقو اليوم متطلبين ويجرؤون على انتقاد الراشدين، و لا يتحمّلون أن يفرض عليهم أهلهم سلطتهم، وكل هذا يؤشر لأن العلاقة بين الأهل والأبناء المراهقين قد تغيّرت رأسًا على عقب عما كانت عليه في الماضي.