أنا أصرخ في أطفالي

نمو وتطور الطفل / الأطفال, الأم والطفل, طفل / أطفال, الصراخ

30 يناير 2013

كثيرات هن الأمهات اللواتي يفقدن صوابهن عندما يرتكب أطفالهن الحماقات أو يتصرّفون في شكل سيئ، خصوصًا إذا كان الأمر متكررًا. ولكن عندما تهدأ الأم تشعر بالذنب لأنها صرخت في طفلتها أو طفلها.  


مشكلة
 كيف أوقف الصراخ في وجه ابنتي؟

لم أعد أتحمّل نفسي ونوبات الغضب التي تنتابني إلى درجة الصراخ الهيستيري عندما يتصرّف أحد أطفالي بشكل سيئ، لدي ولدان وإبنة تراوح أعمارهم بين السنتين والسبع سنوات.
منذ أيام فقدت صوابي وصرت أصرخ بشكل هيستيري لأن ابنتي ( سنتان) أسالت الماء على أرض الحمام. أشعر بالتعاسة لأنني لم أقدر أن أمنع ابنتي من التصرف السيئ بأسلوب هادئ. أخشى أنها تتألم من رد فعلي العنيف ومن نوبات غضبي، وأخاف أنها لم تعد تجرؤ التحدث إلي خوفًا مني وكذلك شقيقاها.
حاولت أن أشرح لهم بعدما هدأت لماذا صرخت على شقيقتهما وقلت لهم: «الماما منهكة»، وانني أحبّهم كثيرًا. أخاف من أنني سببت لهم هلعًا مني على مدى الحياة.

حل: الصراخ بشكل هيستيري يخيف الطفل، وأنت تدركين ذلك بشكل كامل، ومن غير المفيد تعزيز شعورك بالذنب أكثر من اللازم.
سيدتي أنت تواجهين صعوبة تواجهها غالبية الأمهات، فمن جهة أنت مدركة جيدًا أن تصرفك غير مناسب لدورك كأم ومن جهة ثانية لم تجدي الطريقة للتصرف بشكل مختلف.
لذا قبل أن تأملي في تغيير تصرفاتك وردات فعلك، من الضروري أن تفهمي لماذا تتصرفين على هذا النحو. فأنت تتركين نفسك خاضغة لغضبك ولعواطفك. خذي وقتك لتحليل ما يحدث معك وتأويل تصرفاتك.
فشعورك بالتساهل وغض النظر عن حماقات أبنائك محدود وربما مرتبط بتعب جسدي، وبحالة من التوتر العام تشعرين به ولا علاقة لابنتك به.
إذ يحدث أحيانًا أن يعكس الراشدون مشكلاتهم المهنية أو مشكلات علاقات اجتماعية في محيطهم العائلي الخاص.
فربما أنت تصرخين على طفلتك لشعورك بالعجز عن وضع حدود وعن استعمال سلطتك كأم.
في هذه الحالة تكونين غاضبة من نفسك وليس من ابنتك، وتصرخين على نفسك وليس عليها، وربما تشعرين أيضًا أن المسؤوليات تسحقك.
ويبدو لي أنك تتحمّلين مسؤولية أطفالك وحدك. لماذا لا تطلبين من زوجك تحمّل جزء من مسؤولية الإهتمام بأطفالكما؟ وإسألي نفسك أن ما إذا كان صراخك يذكّرك بأشخاص آخرين كانوا جزءًا من حياتك في الماضي. فنحن جميعًا نميل إلى أن نعيد مع أطفالنا أسلوب أهلنا في التربية عندما كنا صغارًا، فنستعمل وبشكل لا واعٍ النماذج التربوية التي ورثناها، فإذا كانت أمك وأبوك يصرخان عليك عندما كنت طفلة، تكون ردة فعلك الأولى صورة طبق الأصل عما كنت تتعرضين له في صغرك رغم أنك تدركين تمامًا أن الصراخ لا يجدي.
قلت في رسالتك إنك تشعرين بالغضب تجاه أطفالك عندما يرتكبون حماقات، وهذه الكلمة تعبّر عن شيء ما، فأنت تشعرين بالغضب وتتصرفين كما لو أن أطفالك يريدون إيذاءك أو التسبب لك بالألم، فاللعب بماء الحمام يقوم به كل الأطفال وهذا يشعرهم بالغبطة، وليس لديهم نية لإغاظتك أو الإستخفاف بك.
فكّري متى تشعرين بغضبك يتصاعد، بأن تضعي نفسك مكانهم، تخيّلي ماذا يدور في خلد طفل في الثانية أو الرابعة أو السابعة، تخيّلي خوفهم وعدم قدرتهم على استعاب رد فعلك العنيف وفهمه.
عندما تضعين نفسك مكان أطفالك تساعدين نفسك في تحديد أولوياتك وتوقعاتك ومتطلباتك.
فمن المؤكد أن أطفالك لا يتعمّدون إرهاقك في الأعمال المنزلية. فعندما ينثر أحد أبنائك ماء الحمام تحدثي إليه بهدوء وقولي له أنه ليس على الشاطئ وأن عليه الإنتباه، ولا تتركيه وحده في حوض الإستحمام.
وأخيرًا سيدتي إعلمي أننا كراشدين قبل أن نهذّب أبناءنا، علينا أن نبدأ بأنفسنا، وأنصحك بأن تتعلّمي تقنية رياضة اليوغا والاسترخاء فهي تساعدك على السيطرة على غضبك لأنها تعلّم كيفية التنفس بشكل صحيح وتتعلمين كيف تتنفسين ببطء و بعمق عندما تشعرين بأن الغضب ينتابك، وهكذا تتجنبين الإنسياق إلى ردات فعلك العنيفة.


مشكلة
كيف يمكنني أن أقنّن غضبي تجاه أطفالي؟

في كل مرّة يرتكب أحد أطفالي حماقة أستشيط غضبًا وأبدأ بالصراخ وأطلق عندها طاقة سلبية وغير بنّاءة، ولكي أعاقبه أبتزّه عاطفيًا فأقول له مثلاً: «إذا واصلت توتيري غدًا بعد الظهر، تبقى في المدرسة ولن آتي لاصطحابك».
أختبر لحظتها متعة مؤذية عندما أرى الحزن في أعينهم، وبعد نصف ساعة أشعر بالذنب، وأسأل نفسي لماذا تصرّفتُ هكذا، لأن الكل يشعر بالضياع.
أنا متأكدة من أن ردود فعلي هذه سببها التوتر الذي يلازمني رغم أنني أمارس الرياضة بشكل دوري كما نصحني طبيبي لأني أعاني ترقق العظم، وهناك من يساعدني في المنزل، إذاً كل شيء حولي يساعدني على ألا أكون شديدة التوتر
 المدهش في الأمر أنه إذا أصيب أحد أبنائي بمرض أو واجه مشكلة في المدرسة أكون هادئة جدًا. أريد أن أجد وسيلة لأقنن الغضب الذي يجتاحني فجأة ولا أستطيع أن اسيطر عليه.

حل: سيدتي المشكلة التي تواجهينها تعانيها الكثير من الأمهات، وهن يشعرن أكثر منك بالقلق والذنب تجاه الغضب المتعذّر كبحه.
أن تكوني أمًّا لعدد من الأبناء فهذا مرهق حقًا في مجتمع صارت متطلباته كثيرة، ويبدو أنك مدركة تمامًا أن تعبك الجسدي لا يبرر التوتر الشديد والغضب.
أنت واعية للمبالغة في ردات فعلك تجاه أطفالك وللعدوانية التي تتصرفين بها.
وهذه خطوة أولى مهمة جدًا. لنحاول الذهاب إلى أبعد، المبالغة في نوبة الغضب عندما يرتكب الطفل حماقة خصوصًا عندما يكون تصرفه متكررًا، هو تعبير لا إرادي للمقاومة الجسدية، ففي هذه اللحظة غضب عارم يجتاحك وتزداد وتيرته إلى أن تنفجر، وعندما تهدأين تندمين على رد فعلك العنيف.
ولكي تتجنبي هذا الإنفجار والشعور بالذنب الذي يتبعه، عليك بذل جهد لتدجين طاقتك القاسية التي تجتاحك، بتحويلها إلى تفكير وكلمات، ومحاولة تحديد الممنوعات وتحويل الصراخ إلى كلمات تأنيب واضحة.
حسنًا قد تقولين إنه ليس بالأمر السهل تحويل الأقوال إلى أفعال، خصوصًا إذا كان طبعك عصبياً، ومع ذلك فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح للطفل بإيجاد مرجع واقعي له، وبتحمل مسؤولية  أفعاله.
ومن ثم عليك أن تفكّري مليًا في الأسباب التي تجعلك تشعرين بمتعة مؤذية عندما تبتزين أطفالك عاطفيًا، خصوصًا عندما ترينهم مرتبكين، فأنت لست في موقف سببه رد فعل لا إرادي فحسب بل الأمر معقّد بعض الشيء، فهو متعلق بلاوعيك.
لماذا هذه السادية في ردات فعلك؟ هل كان أحدهم يتصرّف معك بالأسلوب نفسه عندما كنت طفلة؟ وعليك أن تسألي نفسك في أي موضع تضعين أطفالك في الواقع.
وليس غريبًا أنك ترينهم في مخيلتك جزءًا لاستحضار ماضيك وعلاقتك مع والديك عندما كنت طفلة، وإذا لم تصفي حساباتك مع الماضي فأنت مدفوعة ومن حيث لا تدرين للإنتقام منهم عبر أبنائك. ولكن لو كنت فعلا سادية لما كنت تشعرين بالذنب.
وهناك فرضية أخرى ممكنة، فقد يحدث أحيانًا أن الأهل يريدون أطفالهم على الصورة التي رغبوا فيها قبل أن يولدوا. وهكذا يبدأ الصراع الصامت بين رغبة الأهل في تحقيق الصورة المثلى التي أرادوها لأبنائهم، والأبناء الذين لا يكونون على قدر توقّعات آبائهم، مما يشعر الأهل بالخيبة وبالتالي فإن ردات فعلهم القاسية تجاه تصرّفات أبنائهم يكون مصدرها لاوعيهم الرافض لصورة الأبناء الواقعية.
وفي المقابل قد يكون الأهل يخططون لأمور كثيرة قبل إنجاب الأطفال خصوصًا في ما يتعلّق بحياتهم العملية، ولكنهم عزفوا عنها، وبالتالي يترسخ شعور أن الأبناء هم السبب.
ولربما سيّدتي كنت تخطّطين لأمور كثيرة قبل الإنجاب وضحيت بها بسبب إهتمامك بأبنائك، الأمر الذي يسبب لك توترًا مستمرًا لذا ففي كل مرة يرتكب أحد أبنائك حماقة تنفسين عن شعورك بالغبن بهذه الطريقة.
لذا عليك أن تسألي نفسك: «هل أجبرت على التضحية برغباتك لأنك أنجبت أطفالاً؟ ما الذي جعل حياتك تنقلب رأسًا على عقب؟ هل تشكّل الأمومة بالنسبة إليك تجربة مخيبة للآمال، فيما كنت تتوقعين أمورًا أكثر روعة؟ فهذا يعود إليك في التحقق من هذا الأمر. وإذا كنت تشعرين أنك في حاجة إلى استشارة إختصاصي فلا تترددي.


الوقت المستقطع

- ماذا يعني الوقت المستقطع Time Out؟
الوقت المستقطع يعني إيقاف الطفل عن النشاط الذي يقوم به، مثلاً  كأن تنقل الأم طفلها من مكان يلعب فيه إلى غرفة منعزلة عندما يقوم بتصرف غير لائق.

- في أي عمر يمكن الأم تطبيق هذا التدبير؟
يمكن تطبيق هذه الطريقة في التربية بدءاً من عمر السنتين حتى سن الإثنتي عشرة سنة. وبالنسبة إلى المراهقين هناك طرق أخرى كحرمانهم الامتيازات التي يتمتعون بها.

- كيف يمكن الأم البدء بتنفيذه؟
بداية عليها اختيار عادتين سيئتين في سلوك أطفالها تريدهم أن يتخلّصوا منها. ولكن عليها أن تتذكر دوماً أن الوقت المستقطع هدفه تقليص سلوك أطفالها السيئ فقط. ومن ثم اختيار غرفة مضجرة ومنعزلة كغرفة الغسيل أو الحمام، وبالنسبة إلى الطفل الصغير جداً يمكنها أن تجعله يقف في زاوية الغرفة. ولكن عليها التنبه إلى أنه لا يجوز وضع الطفل في غرفة مظلمة أو مخيفة، ولكن في الوقت نفسه لا تختار غرفة يفضل البقاء فيها كغرفة نومه مثلاً. وأخيراً على الأم الجلوس ومراقبة ما إذا كان أبناؤها سوف يتقيدون بالنظام أم لا، وأن تحمل في يدها ساعة وعندما يتصرفون في شكل سيئ عليها أن تتخذ موقفاً جدياً، وأن تتبع الإرشادات الضرورية الآتية:

  • التعبير عن ما تريده بكلمات قليلة وأن تظهر لهم خطأهم وأن تعلّمهم كيفية التقيد بالنظام الذي وضعته.
  • تطبيق طريقة «الوقت المستقطع Time out» خلال عشر ثوان بعد قيام الطفل بتصرف سيئ، من أجل أن يدرك فوراً عاقبة سلوكه السيئ.
  • جعل مدة «المستقطع « دقيقتين تبعاً لسن الطفل. كما يجب تجنّب الجدال مع الأولاد أو الرد على أسئلتهم وتجاهل تذمرهم.