Home Page

الكاتبة السعودية أميمة زاهد

ثقافة, كتب, أميمة زاهد

16 سبتمبر 2009

كاتبة هاوية، كما وصفت نفسها، محبة لقلمها ومتفانية في عملها.  إنسانة تواجه الحياة بكل إيمان وبروح رياضية، تحبها ومرات تخذلها فترضى، تمتحنها فتهدأ، تمنعها فترضخ، تعبس في وجهها فتضحك، تعطيها فتحمد الله في كل الأحوال... باختصار هذه هي الكاتبة أميمة زاهد التي أثرت الساحة الأدبية السعودية بمقالاتها، وخواطرها... التقتها «لها» لتحاورها وتتعرف على وجدانياتها.

- ما الدروس التي علمتك إياها الحياة؟
تعلمت أنه في المدرسة أو الجامعة نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات، أما في الحياة فإننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس وتعلمت أنه ليس بالضرورة أن ننجح في كل شيء، إنما الرغبة في النجاح هي كل شيء. تعلمت أن لا أحزن عندما أفشل مادمت أحاول الوقوف من جديد. فالله ما خلقنا إلا لنمتحن ونبتلى حتى يرانا هل نصبر أم لا. وتعلمت أن الضمير المطمئن خير وسادة للراحة، وأن من يسخر من الجروح هو إنسان لا يعرف معنى الألم. تعلمت أن العمر سيأتي وقت عليه وينتهي وأن العمل لن ينتهي. وتعلمت أن أسامح كلِّ من أساء إليّ وأن أعامل الناس بأحب الأشياء التي أحب أن يعاملوني بها. وفي الوقت نفسه لا أحزن إذا لم يرضَ عني بعض الناس، فبالتأكيد يوجد هناك من يحبني ويدعو لي دون أن أدري. وتعلمت أن أخلاقي هي رصيدي عند الناس فأحاول دائماً أن أحسن خلقي وعملي

- من الملاحظ في أعمالك أنها من جهة تطالب بعدم المساواة بين الرجل والمرأة  ومن جهة أخرى تهاجمين الرجل المتسلط. كيف تتبنين هذا التناقض؟
لماذا أتساوى معه وليس هناك وجه مقارنة بين تكويني وتكوينه، مميزاتي ومميزاته، مؤهلاتي ومؤهلاته؟ فقد خلق الله الرجل والمرأة ليكمل كل طرف النقص الطبيعي والفطري في الطرف الآخر. وفي الوقت نفسه أرفض الرجل الأناني والديكتاتوري والمتسلط لذا أقوم بمواجهته وليس بمهاجمته.

- ما موقع الرجل في حياتك ؟وماذا تقولين له ؟
 الرجل هو محور حياتي. الرجل الذي يمثل لي الأب الذي فقدته والزوج الذي لم امتلكه والأخ الذي أعزه وأحترمه والإبن الذي أعشقه والصديق الذي أقدره... كل هؤلاء محور حياتي لذا أكتب  له وعنه وإليه فالرجل هو نصفي الآخر ورفيق رحلتي، والأهم من كل هذا هو الكائن الوحيد الذي نحيا أنا وهو معاً فوق سطح هذا الكون. وأقول له بهمس: امنحني جزءاً من حياتك وليس كلها.

- هل خذل  الرجل أميمة زاهد على  المستوى الشخصي؟
إن عدم التوافق في العلاقة لا يعني الخذلان، بل عدم القدرة على الوصول إلى حوار مشترك وناجح. وفشلي لا يعني بالنسبة إليّ سوى زيادة تجارب تعلمت منها الكثير. وإني على يقين أن أجمل لحظات عمري سأعيشها حين يتحد قلبي مع قلب إنسان يشاركني وأشاركه، يحتويني وأحتويه. عموماً أنا غير متشائمة ويعيش بداخلي التفاؤل بأن أجده ويجدني أصادفه ويصادفني في يوم في شهر في سنة...

- لماذا هذه الدكتاتورية الحزينة التي تتسم بها سطورك؟
الدكتاتورية والحزن خطان مستقيمان  لا يلتقيان.

- إذا توقفنا اليوم برهة لنطالع إلى الخلف. ماذا تريد زاهد أن تمحو من سطورها الماضية؟ وماذا تريد أن تبقي؟
تمكنت من أن أطرد من ذاكرتي كل موقف يذكرني بجحود من وقفت معهم وكل من آلمني، وشطبت أسم كل من طعنني في ظهري ...وأتمسك بكل لحظة صدق عشتها مع نفسي ومع من يحبونني وأحبهم ويقدرونني وأقدرهم ويحترمونني وأحترمهم.

- يعاني المجتمع السعودي إلى الآن من التشدد والتصلب الذكوري، فكيف تقوّمين وضع المرأة حالياً؟
وضع المرأة بخير لو أرادت هي ذلك لأن حقوقها واضحة، فالإسلام منحها إنسانيتها الكاملة ورفع وزر الإهانات التي التصقت بها وأثبت لها أهليتها وأصبحت عنصراً فعالاً في المجتمع، واستطاعت أن تصل إلى مكانة متميزة. فالمرأة هي الأسرة والوطن وهي الدفء والحنان والسكن، فحواء التي خلقت من ضلع آدم هي نفسها التي تلد في كل ثانية آدم من رحمها.

- تطرقتِ إلى الحب كثيراً في مقالاتك، فكيف تصورين هذا الإحساس؟
الحب الحقيقي يقهر أي عقبات ويلغي أي اختلافات ويقرب أي تباعد في المستويات والدرجات والمسافات. وعندما نحب نغيّر عاداتنا السيئة وتتغير أصواتنا وتتغير أذواقنا وتتغير أحلامنا. نفرح بلا سبب ونبكي بلا سبب ونحزن بلا سبب. نفكر كثيراّ ونتمنى كثيراً ونخاف كثيراً. يصبح للكلمة ثقلها وللحظة وزنها وللفرحة طعمها. نرسم الخطط ونفتعل الصدف ونشكر الظروف. فعندما نحب نتعلم بجد لأننا نتألم بجـد ويكون العطـاء بلا انـتـهـاء ويـكـون الأخذ بلا مقابل وتكـون الدموع أصدق. عندما نحب ننسى جـرح الحبيب وغدره ونـزرع دوماً بذور الأمل ونطفئ دوماً شـعـلة الفراق ونقول بصوت حـنون الغد سـيكون أجمل فتنبض قلوبنا وتصمت لغتنا.

- كيف تواجهين من ينتقدك ويتهمك؟
إني أرحب بالنقد البنّاء والإيجابي والمتميز برؤية ثاقبة وعين محبة تتطلع دوماً إلى الخير. فأنا لا أجيد فن المراوغة وليس لي القدرة على المهاترات التي لن أجني منها سوى إضاعة وقتي. فمن حقي أن أكتب ما أشاء وليس من حق الآخرين أن يصادروا حقي، وأما حقهم عليّ ففي مناقشتي والاختلاف معي أو موافقتي وأن يرفضوا أو يعارضوا وليس من حقهم أن يلزموني بأحكامهم. فلا أحد يحتكر الحقيقة ولا أحد له الحق بتوجيه الانتقادات في كل الاتجاهات دون حوار. هناك الكثير الذي يمكننا أن نتعلمه من أعماق الناس وسنتعلم أكثر عندما نراهم بعيون محبة متسامحة وليس بعيون متهمة وكارهة. وسيبقى قلمي يعبر عن عواطفي الصادقة من خلال معايشتي وإحساسي بما يسمعه أو يراه أو يشعر به، فأنا لا أستدعي الحب ولا أصنعه لأنه قابع في أعماقي، المشوار لا يزال طويلاً والقافلة ستواصل السير رغم وعورة الطريق.

- هل أنت رومانسية في الواقع كما تصورين ذلك في كتاباتك؟
ضغطتِ على جرح ينزف، فأنا أستعجب من البعض عندما يتهمونني بأني لا أطبق ما أكتبه من رومانسية مفرطة على أرض الواقع رغم أني أبوح بمشاعر وأحاسيس رقيقة. ولا أدري ما هو المطلوب مني حتى ينطبق ما اكتبه على ما أفعله، وهل أكون حالمة هائمة حتى تثبت الرؤيا؟ وهل الحرية المطلوبة ان أوزع همساتي هنا وهناك؟ وهل علي أن أحب حب اليوم الواحد وأتعارف تعارف اليوم الواحد أسوة بموضة عمليات اليوم الواحد؟ أنا مندهشة من تفكير تلك العينات التي تفسر الحقائق حسب مفاهيمها العقيمة.

- ما الشعور الذي ينتابك أثناء الكتابة عن معاناة الآخرين؟
متعتي أجدها في قلمي فأسطّر أحاسيس الغير بكل صدق وأعبر عن مشاعرهم المرهفة عبر الورق، فمتعة الكتابة تشعرني بأني قريبة من ذاتي ومن الآخرين وهي متعة يعرفها كل من مارسها، فكلماتي وأناتي وهمساتي تشعرني بالدفء وتصنع لي عالماً مليئاً بكل ما أتمناه وأحلم به من حب وصداقة. إنها متعة لا يقدرها إلا من عرف صعوبة الاقتراب من الحياة الاجتماعية لأناس قد لا أعرفهم ولا يعرفونني، متعة عندما أشعر وألمس عن قرب معاناتهم وأعرف مدى صعوبة ما يبوحون به من مشاعر يفيض منها الدفء أحيانا والقسوة أحياناً أخرى، خاصة ونحن قد نشأنا على أن نخفي مشاعرنا الحقيقية مهما كانت عادية وطبيعية وتعودنا أن نظهر ما يتوقع  المجتمع أن نظهره، ومن يتجرأ  ويعلن عنها يتعرض لعقاب إجتماعي ومعنوي حتى لو كانت مشاعر بريئة طاهرة صادقة. فأي موقف مهما كبر أو صغر قد يكون تافهاً أو بسيطاً للآخرين ولكنه في الواقع مثير للتفكير وللوجدان لأنها أحاسيس قوية ومؤثرة ومؤلمة. ومن وجهة نظري أن حرية القلم كما أتخيلها ليست حرية النشر فقط وإنما هي حرية مسؤولة لا تعني أن أكتب ما أشاء ثم يتحول ما أكتبه إلى دخان يطير في الهواء.

- لماذا رفضت الظهور على شاشات التلفزة العربية؟
لأني باختصار أستمتع بالتواصل والتفاعل مع قرائي من خلال الكتابة ولم أهتمّ يوماً بالظهور لا صورة ولا صوتاً سواء في البرامج التلفزيونية أو الإذاعية، ولي أسبابي الخاصة ووجهة نظري التي أحب أن أحتفظ بها لنفسي. وعلى العموم قد يكون رفضي موقتاً، على الأقل في الوقت الحالي.

- ما هي إصداراتك وما جديدك؟
أصدرت سبعة كتب هي «رسالة لسيدي الرجل»، «صقيع المشاعر»، «أي رجل من الرجال أنت»، «لن تفهمني»، «الأنفاس الهاربة»، «أحاسيسي لن تستجيب»، «الجنس رجل». وأكتب مقالاً في مجلة «سيدتي» و«الفضائية»، ولي مشاركات أدبية في معظم الصحف والمجلات السعودية بصفة خاصة والخليجية بصفة عامة. وجديدي كتاب بعنوان «رسائلي إليهم»، منها ما هو موجه إلى ذاتي ومنها ما هو موجهه إلى ناس منهم المعلوم ومنهم المجهول ومنهم المبني على المجهول. وهناك رسائل حب وألم ومعاناة وفرح لأناس عاشرتهم ولمست أحاسيسهم. وسجلت سطور كل تلك الرسائل وترجمتها بصدق وعبرت عن مشاعري بمنتهى الأمانة.