من مجموعة «كلام نواعم» على mbc الدكتورة نادية التميمي: لا عيب ولا حرج في زيارة العيادة النفسية

آمنة بدر الدين الحلبي (الرياض) 13 مايو 2018

تتسم بالهدوء والجرأة، ولا يهمها في الحق لومة لائم. تكرس وقتها لخدمة المرأة وقضاياها في المملكة العربية السعودية، وتتابع كل مشكلة زوجية لتجد لها حلاً، فتجعل العلاقات الزوجية تُزهر حباً ومحبة واحتراماً. لا تتوانى عن إسداء النصح للمرأة السعودية بخاصة وللعربية بعامة، في ظل المتغيرات المجتمعية والحياة العصرية التي لم تعد تتسم بالراحة النفسية والهدوء. الدكتورة نادية التميمي حاصلة على ماجستير في «علم النفس العيادي» من جامعة الملك سعود، ودكتوراه في علم النفس من جامعة يورك، وهي عضو في جمعية علم النفس البريطانية والأميركية، ورئيسة قسم علم النفس في مدينة الملك فهد الطبية، وإحدى مقدّمات برنامج «كلام نواعم» على mbc. «لها» قصدت عيادة الدكتورة والاستشارية نادية التميمي في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، وعادت بهذا الحوار.


- يُقال إن علم النفس العيادي يهدف إلى تعزيز السعادة الذاتية لدى الفرد بما يحقق له التقدّم على المستوى الشخصي، سواء كان رجلاً أو امرأة... ما رأيك بهذا القول؟
علم النفس العيادي يعني أننا دخلنا في الاضطرابات ويجب زيارة العيادة النفسية لأنها تهتم بالتعامل مع الأعراض النفسية للفرد وعدم ملاءمته أو تكيّفه مع البيئة، فيلجأ إلى المختصين لمساعدته. بينما علم النفس في شكل عام، يهتم بالوقاية من الأمراض والاضطرابات، أي يعلّم كيفية التعامل مع الآخر ويهتم بتطوير النفس ومساعدة الفرد، بتحقيق أهدافه/ أهدافها، وحل مشكلاته، والدراسة التي تلائمه، والوظيفة التي تتلاءم معه، وكيف يؤثر في الآخرين، وتلك بعض الجوانب التي يهتم بها علم النفس في شكل تطويري قبل أن يكون اهتمامه علاجياً.  

- ما أهم المشاكل النفسية التي تلامس روح المرأة وتكون حاضرة في عيادتك؟
الاكتئاب ومن بعده القلق، وتتداخل أعراضهما وتتشابك، والاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً بالاستناد الى إحصاءات منظمة الصحة العالمية، وهو يرخي بظلاله على الوضع الاقتصادي في شكل أو آخر. ولا ننسى أن اكتئاب ما بعد الولادة هو أحد الاضطرابات النفسية التي تصيب المرأة والخاصة بها، لذلك تركز المملكة على صحة المرأة النفسية، حيث أقام المستشفى العسكري في عام 2017 في الشرقية، مؤتمراً عالمياً تحت عنوان «صحة المرأة النفسية»، وفي عام 2018 سيُقام  مؤتمراً عالمياً ثانياً يهتم بصحة المرأة النفسية. 

- ما سبب الاكتئاب عند المرأة السعودية؟
أكثرها أسباب بيئية، فاللواتي يتوافدن على العيادة النفسية هنّ نساء رقيقات ومرهفات الإحساس، ويتذمّرن من قسوة المجتمع لعدم استطاعتهن التأقلم معه، وهنّ لسنَ معقّدات ولا يعانين أي اضطرابات نفسية.

- ما الذي تحرصين عليه من خلال موقعك في برنامج «كلام نواعم» على mbc؟
بصفتي معالجة نفسية ولست خريجة طب نفسي، أوضح أن علم النفس التطبيقي يهتم بالأعراض النفسية البسيطة إلى المتوسطة بعلاج نفسي غير دوائي. وكل ما يهمني، تنمية الوعي الثقافي ورفعه عند الناس بأن لا حرج ولا عيب ولا خجل في زيارة العيادة النفسية، لذلك حين تأتي المرأة إلى العيادة النفسية أساعدها في تعلّم أساليب سلوكية للتعامل مع البيئة، لتصبح قادرة على التعامل مع محيطها، أو لتغيير أسلوب تفكيرها، لأن عدو الإنسان الأول نفسه. ويجب أن تكون الصديقة الوفية لنفسها، للتخفيف من حدّة الأعراض، ولتصبح قادرة على تخطّي الصعاب ومواجهة التحديات.

- ما أصعب المشاكل الزوجية، والتي تهمّك وتحبين التحدّث عنها في العلن؟
بعض المشاكل الزوجية التي تسبب الأعراض والاضطرابات النفسية حين أعني بالاستشارات النفسية الزوجية، زوجاً وزوجة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، «الغيرة» أمر صحي، لكن حين تطغى الغيرة وتصل إلى مرحلة «الشك» في حضور كل وسائل المراقبة من المرأة للرجل، سواء بالكاميرات أو الملاحقة أو التنصّت، تصل المرأة الى حال من الوساوس. ورغم أن غيرة المرأة تتغلب على غيرة الرجل، إلا أن الرجل حين يغار يستخدم كل الوسائل مع زوجته من مراقبة هاتفها إلى كشف حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يُقفل عليها باب المنزل حين يغادره، لأن بعض الرجال الشرقيين يجنح بهم الخيال الى التملك، ما يدفعهم إلى أن يحصوا أنفاس زوجاتهم، وهذه سلوكيات غير صحية ولا مقبولة.

- كيف تعالجين السلوكيات التي تصاحبها أمراض نفسية أو اضطرابات فيزيولوجية؟
رغم معاناة بعض الرجال من الاكتئاب، لكن عنادهم وعدم ثقتهم بأنفسهم، يمنعانهم من زيارة العيادة النفسية، فيصطحبون زوجاتهم لعلاجهن نفسياً بعد أن أصبحن يؤثرن في حياتهم الزوجية، كون العلة فيهن وليس فيهم. أستقبل الزوجة أو الزوج أو الاثنين معاً، لا فرق... والأهم من ذلك، شعور الزوج بالاطمئنان إلى أن العيادة النفسية لا تجعل زوجته تستقوي عليه، رغم حبّه الشديد لها، فالتعامل مع تلك العقليات صعب جداً، وقد أنجح أحياناً، وفي أحيان أخرى أفشل.

- ما مدى تأثير السوشيال ميديا في الحياة الأسرية في شكل عام والزوجية في شكل خاص؟
للسوشيال ميديا تأثير سلبي في الحياة الأسرية، لأنها غيّبت لغة الحوار، وأفقدت الحياة الصحية طعمها وعبقها، سواء بين الزوج والزوجة، أو بين الأولاد والأهل، ومن مشاكلها الخطرة تأخر النطق عند بعض الأطفال، أو التلعثم في لفظ الحروف الأبجدية، وهذا يعود الى المبالغة في استخدام الأجهزة الإلكترونية في سنّ صغيرة جداً، ما يجب أن يحصل بعد سنّ الخامسة وفي شكل مقنن وأن يشمل هذا التقنين الكبار أيضاً، فيأخذني الحنين إلى الماضي التليد بكل ما فيه من دفء عائلي.

- في ظل هذا الواقع الأليم، ألا ترين أن السوشيال ميديا قد استهلكت المرأة؟
مهما كان تأثير السوشيال ميديا قوياً في المجتمع ككل وبخاصة في المرأة، ثمة نساء كثيرات يستطعن التقنين في استخدامها أو التحكّم به، وبالتالي التخفيف من آثارها السلبية في أسرهن، لكن في الواقع لدينا جيل من الفتيات لا يتابعن ما يحدث في العالم من خلال الوسائل المرئية أو المسموعة، ولا يحصلن على المعلومة، سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو فنية إلا من خلال السوشيال ميديا، حتى الصحف والمجلات الورقية بدأت تتحول إلى السوشيال ميديا في هذا العصر.

- هل من حلول معقولة من خلال mbc؟
في ظل التأثير القوي للسوشيال ميديا، من واجبنا كمهنيين، تنمية الوعي الثقافي و»الفلترة» وحُسن الاختيار، وما علينا إلا تغيير لغة الخطاب لهذا الجيل وتوصيل المعلومة بأسلوب بسيط وبقالب ترفيهي، لنصل إلى كل شرائح المجتمع، وندع المصطلحات العلمية للمؤتمرات الأكاديمية والاقتصادية، وبما أن قناةmbc  تُسجل أعلى نِسب مشاهدة في العالم، فهي لم تقصّر مطلقاً منذ نشأتها وتحاول أن تقدم برامج منوعة منها ما هو للشبان وأخرى للسيدات، مثل «كلام نواعم» الذي يقدّم برامج موجهة ومنتقاة بدقة، وكل ما أتمناه على الموازنة الجديدة أن نتناول القضايا الإنسانية وكيفية التعامل معها بطريقة فعالة.

- لك رأي بأن السنة الأولى للزواج أجمل من التوقعات، هل لأن الرجل لا يتمتع بمشاعر حقيقية؟
إطلاقاً، أنا مع المرأة، لكنني متعاطفة مع الرجل الذي أعتبره طفلاً كبيراً، يتمتع بكم هائل من المشاعر الرقيقة والأحاسيس الجميلة، لكنه اعتاد منذ نعومة أحلامه على برمجة مشاعره بتلك الطريقة، والتي علّمته إياها والدته مصرّةً عليه أن يكون رجلاً أمام زوجته منذ سنة زواجهما الأولى، والعيب ليس في الرجل بل في من يربّي، ألا وهي المرأة.

- كأنك تقولين إن المرأة عدوّ المرأة؟
لا أحبّذ كلمة «عدّو»، لكنها واقعية. المرأة ليست صديقة للمرأة، ومن خلال مشاهداتي، لا يمكن المرأة أن تكون صديقة للمرأة في مجال العمل ذاته، لأن الغيرة تلعب دورها. فالقوة، والأداء وربما الاعتماد على الشكل، كل هذه الأمور يجب العمل عليها برفع الوعي الثقافي وزرع الثقة في نفس المرأة، وتعزيز قدراتها. 

- في حوار معك على mbc ظهرت على الشاشة من دون ماكياج وكانت لك وجهة نظر مهمة، هل انتهى عصر المرأة المثقفة، وهل نختصر المرأة في شكلها وفي مظهرها العام؟
لن ولم ينتهِ عصر المرأة المثقفة، لذلك خرجت على قناة mbc بلا ماكياج لأقدّم رسالة صادمة لكل سيدة عصرية، مفادها «أن لكل مقام مقالاً»... أين ومتى تستخدم الماكياج، وكيف تستخدمه، فللماكياج وقته ويختلف من مناسبة إلى أخرى، وهذا لا يعني ألاّ تهتم المرأة بنفسها وأناقتها ومظهرها الخارجي، لكن بأسلوب معتدل  لتبقى جميلة، وتحافظ على شكلها، لاعتباره أول إشارة للفت النظر، بخاصة إن كانت تتقدّم إلى وظيفة ما، على ألا تحصر اهتمامها فقط بآخر صيحات الموضة من الأزياء والماكياج، بل تهتم بقدراتها وثقافتها وعملها في بيتها وزوجها وأولادها لتبقى امرأة خارقة بالفعل.

- هل تؤيدين عمليات التجميل؟
أؤيد عمليات التجميل للضرورة القصوى، كأن يكون هناك تشوّه أو سُمنة زائدة أو ما شابه، فالمرأة مخلوق جميل وتستحق أن تبقى جميلة.

- هل يمكننا القول إن عمليات التجميل استهلكت المرأة في شكل كبير؟
نعم، بعدما أصبح عدد عيادات التجميل مهولاً في السعودية، وفاق حاجات السكان، وعمليات التجميل وصلت إلى أرقام صادمة وسجّلت حقائق مجهولة.

- ما الذي يعجبك في المرأة في مكان العمل؟
أن تكون إطلالتها مشرقة بماكياج خفيف، وابتسامتها تعبّر عن مكنوناتها، وتترك أثراً جميلاً في حديثها الصباحي، إضافة الى شخصيتها القوية وذكائها الاجتماعي، ولدينا الكثير من القيادات الرائعة في المجتمع السعودي.

- يُقال، هناك امرأة تستعير قلب الرجل وامرأة تحتفظ به، ما رأيك؟
المرأة ذكية جداً، لكنها أحياناً لا تحب أن تدع فكرها يعمل، مع العلم أن كل شيء في حياة المرأة في حاجة إلى تدبير، فأقول لكل امرأة: اعرفي أن زوجك هو من جعلك أماً بعد الله فاهتمي به، وتخطئ كل امرأة تعتقد أن بالزواج احتفظت بالرجل، وبالإنجاب اختطفت الرجل، لأن الرجل يشعر بأن البيت مملكته، وأنه السلطان فيه، ويعرف أن من تنتظره حورية عِين يحب أن يتلقى دلالاً منها واهتماماً، فإن وجد الدلال في بيت هادئ  ووجه بشوش يملأه الأمل، وأطفال يُضفون عليه السعادة، وذهب يطلب السعادة خارج حدود البيت يكون عندها مريضاً نفسياً لا محالة.

- هل نعيش في مجتمع صحي؟
بالتأكيد، لسنا في مجتمع أفلاطوني، جمالنا بأخطائنا وعيوبنا، وبالنقاش الذي نعمل عليه. لسنا ملائكة ولا شياطين، بل مهمتنا العمل على الأشياء التي تحتاج إلى تعديل وتنقيتها من الأخطاء والعيوب في شخصياتنا لنكون راضين عن أنفسنا.

- ما الذي يشغل بالك في ظل الانفتاح الفكري ورؤية 2030؟
أتمنى أن أرى المرأة السعودية في مواقع قيادية تصنع القرار ولا تتلقى أوامر بتنفيذ القرار، مع العلم أن الرجل أبي وأخي وزوجي وصديقي، ولولا دعم الرجل في حياتي لما كنت د. نادية، لكن آن الأوان لأرى المرأة السعودية في موقع تصادق فيه على القرار وتضع ختمها عليه ولا تنتظر الرجل ليأخذ القرار عنها.

- ما هو طموحك؟
أطمح إلى أن أكون رئيسة جامعة لأنني مؤمنة بتعليم المرأة وتمكينها بلا حدود، وإتاحة كل المجالات أمامها لتنهل منها، ليأتي بعد ذلك تفعيل العلم في المجال المهني لتصبح قيادية تصنع القرار.

- لك إطلالات إعلامية، منها «كلام نواعم» على mbc وبرنامج «بدون شك»، ما الهدف منها؟
«بدون شك» برنامج محلي كان الهدف منه حلّ القضايا التي يعانيها المواطن والمقيم في شكل قانوني، وكان مقدّم البرنامج محمد فهد الحارثي مع فريق من الاستشاريين، منهم القانوني أحمد المحيميد، مع جمعية حقوق الإنسان، وكان دوري كمستشارة نفسية أن أبيّن تأثير القضية القانونية في الناحية النفسية للشخص من حيث الضغوط القانونية والتحديات البيئية، واستمر البرنامج سنتين، ولاقى أصداء جميلة.

- وأخيراً، ماذا تقولين للمرأة؟
من أجل أن تكوني سعيدة وراضية في حياتك، ضعي نفسك في المركز الأول، وأحبّيها ودلّليها، فإن لم تحبّي نفسك، لن تستطيعي أن تحبّي أحداً، وإن لم تُسعدي نفسك، لن يأتي أحد ليسعدك. ابدئي العمل بهذه النصائح وانشريها.

- هل من برامج طُرحت فيها تلك المشكلات على mbc؟
تلك المشاكل طُرحت مراراً، وعلى أكثر من قناة، سواء كنتُ ضيفة في تلك القناة، أو في برنامج «كلام نواعم»، لأن المرأة شغلي الشاغل، فتحدّثت عن كيفية التعامل مع الزوج، والتصرف حيال الزواج الثاني، والغيرة، والشك، وغيرها الكثير من القضايا التي تهم المرأة.