العنف ضد التلاميذ ينتقل إلى المعلمين

06 يونيو 2018

محمد المحفلي   


العنف في القطاع التعليمي ليس حكراً على بلد دون آخر، ولا ثقافة دون أخرى، بل هو عابر للأماكن والثقافات والأمم. ففي دراسة حديثة أجريت في ألمانيا، تبين أن نصف المعلمين في المدارس الألمانية تعرضوا خلال السنوات الخمس الماضية إلى نوع من أنواع العنف، التي تشمل التهديد والبلطجة والإهانة، وأن أكثر من 26 في المئة من المعلمين تعرضوا بالفعل لعنف جسدي.

اللاجئون وانتشار العنف

الدراسة التي أجريت في جميع ولايات ألمانيا، وشارك فيها أكثر من 1200 مدير ومديرة مدرسة بحسب موقع DW الألماني، بينت أنه تم استخدام العنف والتهديد والإساءة الألكترونية في واحدة من كل خمس مدارس. بيد أن اللافت أن 93 في المئة من المستطلعين بينوا أن العنف ضد المعلمين موضوع محظور الحديث عنه، وأن هذا العنف يكون من قبل الطلاب وأهاليهم على حد سواء. بيد أن الدراسة لم تبين الأسباب التي تقف خلف هذا العنف، كما أن الإشارة إلى الاعوام الخمسة الماضية تلميح بشكل غير مباشر إلى اللاجئين، ولكن دون أن تسمي ذلك.

العنف ضد المعلمين

الأمر ربما يكون مشابها في العالم العربي وعلى مستويات مختلفة، ولكن الاختلاف هو معايير تحديد ما يعد عنفاً وما لا يتم احتسابه عنفاً، بدءاً من الكلمة النابية وانتهاء بالقتل أو الضرب. وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات واضحة لنسبة هذا العنف في المدارس العربية، فإن الأكيد هو وجودها في أغلب المجتمعات حيث تزيد الشكاوى من العنف الموجه ضد المعلمين. وهناك دراسات تبحث في أسباب مثل هذه الظواهر السيئة، مثل الدراسة التي قدمها خالد الصرايرة في المجلة الأردنية للعلوم التربوية، باحثاً عن أسباب العنف الطلابي الموجه ضد المعلمين والإداريين في المدارس الثانوية في الأردن.

وذكرت الدراسة الكثير من الأسباب، منها ما يعود للطلاب أنفسهم وأسرهم، مثل الفشل الدراسي، ومحاولة الطالب إثبات ذاته وكيانه، والفشل في تكوين علاقات اجتماعية، وضعف التربية داخل الأسرة، كما أن هناك أسباباً مدرسية، منها نقص الكفاءة في المعلمين، واكتظاظ الفصول بالطلاب، واستخدام العقوبات القاسية من قبل المعلمين، وعدم استخدام الوسائل التربوية الصحيحة للتعامل مع الطلاب. أيضاً هناك أسباب خارجية، مثل دور وسائل الإعلام التي تضعف مكانة المعلم والمدرسة، ووجود فراغ سياسي وفكري لدى التلاميذ، وضعف التوعية لديهم.

العنف ضد التلاميذ      

وفي الحقيقة، فأن الأرقام مخيفة في الجهة المقابلة، والتي تتعلق بالعنف الموجه ضد التلاميذ، والذي يكون غالباً من قبل المعلمين. ويشمل هذا العنف ليس فقط التهديد والإهانة والضرب، ولكن أيضا إضافة إلى كل ذلك الاغتصاب والتحرش. فاستناداً إلى ما يذكره موقع About School تعرض 17 ألف طالب في الوالايات المتحدة الأميركية لحوادث اعتداء جنسي خلال السنوات الأربع الماضية، كما جاء في المعلومات الجنائية الفيدرالية. وتظهر البيانات أن 5 في المئة من حالات التحرش الـ 17 ألفا المعتدى عليهم كانوا أطفالاً دون عمر السادسة، في حين أن النسب الأعلى كانت من نصيب أطفال المدارس المتوسطة، أي من عمر 10 أعوام وحتى 14 عاماً.

والأمر في المدارس العربية يشكل ظاهرة تربوية تعيق العملية التعليمية، ومن ثم تؤثر في المجالات الأخرى بشكل سلبي. وأكدت دراسة أعدها المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر أن 50 في المئة من حالات العنف التي يتعرض لها الأطفال تكون داخل المدارس، وأنه خلال الأشهر الأربعة الأولى من الفصل الدراسي الأول لعام 2015 تعرض 60 طفلاً في المدارس المصرية لانتهاكات وعنف، بينما شهد عام 2013 تعرض 136 طفلاً لحالات عنف. وهي أرقام مفزعة تبين الكم الهائل للعنف خلال سنة واحدة، وأغلب هذه الانتهاكات جسدية بالدرجة الأولى، ما يجعل الأمر أكثر خطورة.     

نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"