بديع أبو شقرا: هذه أبرز مشاكل الدراما اللبنانية... ولنبتعد عن الأعمال التاريخية

كارولين بزي 23 يونيو 2018

قدّم في «كاس ومتراس» حقبة تاريخية مؤلمة ولكن بقالب جميل وممتع وغير تقليدي، ثم عاد إلى الدراما حيث ناداه الوطن ليرافق كارين رزق الله في «ومشيت».
للسنة الثالثة على التوالي يشارك الممثل اللبناني بديع أبو شقرا الممثلة والكاتبة كارين رزق الله، ويعترف بأن هناك شوائب تصيب الدراما اللبنانية بسبب مشاكل عدة، أبرزها الإنتاجات الضعيفة وغياب السيناريست.
«بالصدفة» هو عمله السينمائي الجديد الذي يجمعه بكارول سماحة وباميلا الكيك ويلتقي للمرة الأولى مع كلوديا مارشليان في «بردانة أنا»... الممثل اللبناني بديع أبو شقرا في هذا الحوار.


- تتعاون مع كارين رزق الله من جديد، ما الذي يميز «ومشيت» هذا العام؟
إلى جانب الحب الإنساني، يتطرق إلى «ومشيت» مفهوم الوطن والتضحية من أجله، وهي مواضيع حساسة نوعاً ما، إضافة إلى مفهوم الاستشهاد من أجل الوطن، وقد لفتني هذا الجزء.

- هل هذا الموضوع هو الذي شجعك للمشاركة بالعمل؟
بلى، وجذبتني أيضاً طريقة الكتابة والمواضيع الواقعية التي يناقشها العمل.

- ما مدى الواقعية في سفر الزوجة وابتعادها عن زوجها لستة عشر عاماً مع علامات استفهام عن سبب الرحيل والعودة؟
عندما يتعرض أي إنسان لصدمة كبيرة، يسيء التصرف. وشخصياً أعرف سيدة غادرت إلى كندا، وهناك غيّرت اسمها واسم ابنتها بداعي الخوف، وعاشت مرحلة مضطربة.
في هذه الحال، تصرفات الإنسان تولّد ردود فعل غير منطقية. وفي النهاية، تبقى هذه القصص نافرة في المجتمع، وكثيراً ما نسأل أنفسنا: هل من الممكن أن نتعرّض لأمور كهذه؟ ولكن أحياناً نُفاجأ بمواقف غير متوقعة نخالها كالأفلام.

- حدّثنا عن أصداء العمل؟
أصداء العمل جيدة، والمشاهدون يتابعون الأحداث وأتوقع أن يُثار جدل حولها، لأن الجدل في رأيي إيجابي لا سلبي، بحيث تختلف وجهات النظر وتتعدد بين مؤيد ومعارض حتى لدى كلٍ من الكاتب والممثل والمخرج، ولكن المهم أن تحاكي القصة الواقع ولا تستخفّ بعقول المشاهدين.

- أثار مسلسل «مش أنا» جدالاً ورأى البعض أنه يرّوج للخيانة... ماذا عن «ومشيت»؟
«مش أنا» لا يرّوج للخيانة، إنما يسرد قصة. وإذا شعر الفرد أن الآخر محقٌ فهذا يعني فعلاً أنه محق. الأشخاص في مجتماعتنا يعانون حالة انفصام ما بين التصرف وفق مشاعرهم، واحترام التقاليد وكأنها مسلَّمات لا مجال للنقاش حولها.
علينا أن نعرف ما هو مفهوم الخيانة، فحرية التفكير ليست خيانة، والخيانة هي عندما يؤذي شخصٌ الآخرين، ولا يتصرف على ضوء إحساسه، بل يقوم بأفعال منافية للحقيقة، فالفن لا يطرح قضية ويحاول من خلالها إصلاح المجتمع، ولكنه يحكي قصة فقط ويبيّن وجهة نظر معينة.

- لا يمكننا نكران أن للعمل الفني الدرامي تأثيراً في الواقع، وقد لمسنا ذلك في أكثر من عمل.
العمل الدرامي يطرح وجهة نظر، إذا أثار الجمهور نقاشاً حولها فهذا أمر جيد حتى وإن كانت التعليقات سلبية، لأن الجمهور وحده من يستطيع إنجاح عمل أو إسقاطه. على الجمهور ألاّ يسمح لأي عمل أن يلعب على عواطفه وغريزته.

- هل يستطيع المسلسل اللبناني المنافسة في زحمة الأعمال الرمضانية؟
من المفترض أن ينافس لأن العمل ليس بضخامته، ولكن الإنتاج الضعيف سينعكس بالتأكيد على صورة المسلسل وتفاصيل صغيرة فتظهر كأنها أخطاء. مشاكل الدراما اللبنانية متعددة، والمشكلة الأولى هي الإنتاج الضعيف الذي ينعكس سلباً على ترويج العمل عربياً، فالسوق اللبنانية صغيرة، والإنتاجات غالباً ما تتبنّاها المؤسسات التلفزيونية، وبالتالي لن تقدّم التلفزيونات عملاً ضخماً ليُعرض على قنوات عربية، وهي مشكلة تعاني منها السينما والمسرح أيضاً.
والمشكلة الثانية هي الحاجة إلى سيناريست يتولّى كتابة القصة والحوار ويربط الأفكار ويرتّبها. ليس في لبنان سيناريست، فالكاتب هو السيناريست، وبالتالي يقوم بالمهمتين معاً. أما المشكلة الثالثة فهي المواضيع التي تُطرح، إذ يجب أن تكون أكثر قرباً من الواقع ومرآة تعكس حياتنا اليومية. ومع أننا نشهد تقدّماً في هذا الجانب، لكننا لم نصل بعد إلى مرحلة نحاكي فيها بيئتنا الحقيقية.
هذا فضلاً عن صعوبة اختيار مواقع التصوير وعدم قدرة الجهّة المُنتجة على الاستعانة بالمخرج الفني الذي نرغب التعاون معه والمصوّر ومدير الإنتاج، بسبب المبالغ الطائلة التي يتقاضونها لقاء عملهم.
ومع أن تكلفة الإنتاجات اللبنانية تعادل ربع الإنتاجات العربية، لا يمكننا الاختباء وراء المشكلة الحقيقية وتوجيه الاتهام دائماً إلى الإنتاج. أعتقد أن علينا التوجّه الى الأعمال الصغيرة لا الضخمة، ونعمل بما لا يفوق قدراتنا.

- ماذا عن «بردانة أنا» للكاتبة كلوديا مارشليان؟
بدأنا تصوير العمل، وهو ضخم وتتفرع منه قصص كثيرة، وهو إنتاج لبناني من كتابة كلوديا مارشليان وإخراج نديم مهنا، ويضم نخبة من الممثلين اللبنانيين. «بردانة أنا» يناقش قضايا واقعية وتلامس نفسيات الشخصيات وأبعادها، وهذا أمر مهم جداً.

- لماذا تأخرت في التعاون مع كلوديا مارشليان؟
لأنني كنت خارج لبنان.

- «بردانة أنا» هو العمل الرابع الذي يجمعك مع كارين رزق الله، ألا تعتقد أن تكرار العمل مع الممثل نفسه قد يصيب المشاهد بالملل؟
لا يمكنني الحُكم في هذا الخصوص، ولكن قصة العمل هي التي تحدّد ما إذا كان هناك تكرار لا الممثل.

- عملك الجديد يتألّف من 60 حلقة، هل يستحق النص هذا العدد الهائل من الحلقات؟
لو لم يكن يستحق ذلك لما شاركت فيه.

- من صاحب فكرة العمل الغنائي المسرحي «كاس ومتراس»؟
أنا صاحب الفكرة.

- لماذا؟
بالصدفة، إذ كان مقرراً أن أقدم عملاً مسرحياً وتم تأجيله لأسباب لوجيستية. كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء عن أغنيات الحرب والأناشيد الحزبية وتلك المرحلة، ووُلدت الفكرة وعرضتها على عدد من الأصدقاء للاطّلاع على آرائهم، ورغم تحفّظ البعض على أن الناس يحاولون الهرب من هذه الأغنيات ونسيان التاريخ المرتبط بها، فإنهم دعموا الفكرة.

- لماذا شهد العمل إقبالاً كبيراً؟
أعتقد أن الجمهور شاهد حقبة من التاريخ، واستمتع بالأغنيات الجميلة، وتفاعل مع الفرقة الموسيقية ومع أدائي على المسرح. لقد سمعوا هذه الأغنيات خارج الإطار التقليدي المرسوم لها في أذهانهم. أبعاد العمل يلمسها الناس ويشعرون بها، وكنت أرغب بأن تقدَّم هذه الأغنيات على المسرح بأسلوب مرح، وألاّ تذكّرنا بمآسي الحرب في تلك المرحلة. لم يكن لدي رسالة أو هدف من وراء العمل.

- وماذا عن تفاعل الجمهور؟
تفاعل الجمهور فاق توقعاتي، لدرجة أنهم تحمّسوا لأناشيد تخصّ أحزاباً لا ينتمون إليها.

- لكن قلائل هم الذين يعترفون بأنهم قدّموا عملاً بلا رسالة أو هدف، بل لرغبة شخصية!
قدّمت هذا العمل لأنني أرغب فعلاً بتجسيده على المسرح. بالتأكيد كانت هناك أهداف ولكنها لم تكن الدافع لهذا العمل ولم أُعطها عناوين. ربما تظهر في سياق العمل من دون أن أخطّط لها.

- هي تجربتك الأولى في الغناء، هل تدرّبت على تقنيات الغناء؟
تقنيات الغناء مختلفة عن تقنيات التمثيل، وخاصة في ما يتعلّق بالتنفس، لذا تدرّبت على التنفس على مدى شهرين ليكون أدائي جيداً لأنني لست مغنياً، كما عملت مع ريان الهبر على الأغنيات، وخضعت لاختبار قبل أن أجسد الفكرة على المسرح، وحرصنا على اختيار الأغنيات ذات الألحان الجميلة والتي تعبّر عن فكرة. كما أن إقبال الجمهور الكبير على المسرحية فاجأني حقاً.

- ما العمل الذي ترغب بتجسيده اليوم سواء في السينما أو المسرح أو الدراما؟
أرغب بتقديم عمل مسرحي، وأعتقد أن ذلك سيتحقق في بداية الموسم المقبل، لكنني لا أعرف شيئاً عن طبيعة العمل. كما أرغب بتقديم Light Comedy في التلفزيون، لا الكوميديا التقليدية، علماً أن الفكرة تخيفني.

- هل من أسماء ترغب بالتعاون معها؟
كما ذكرت سابقاً، لا تهمّني الأسماء بقدر العمل. لكن الكتابة، ولا سيما كتابة الـ light Comedy هي مدرسة بحد ذاتها. أحياناً العمل الطريف الذي يرسم ابتسامة على وجوه الناس يكون أعمق من الدراما.

- ماذا عن السينما؟
صوّرنا منذ مدة فيلم «بالصدفة» مع المخرج باسم كريستو، وهو يضم كارول سماحة وباميلا الكيك ومنير معاصري... ومن المفترض أن يحدّد موعدٌ لعرضه قريباً.

- عمّ يتحدث الفيلم؟
تتمحور أحداث الفيلم حول شاب يملك شركة أمن، تتعرض لسرقة الـHard Disk منها، ومن خلال هذه السرقة يتعرف على مجتمع فقير وتنشأ علاقة بينه وبين أفراد هذا المجتمع، فتتغير نظرته الى الحياة.

- ما العمل التاريخي الذي ترغب المشاركة فيه؟
أفضّل ألا يتم تصوير عمل تاريخي لأنه يحتاج إلى إنتاج ضخم، وهو ما ليس متوافراً عندنا.

- هل تتابع أعمالاً رمضانية؟
أحاول متابعة بعض الأعمال رغم انشغالي بتصوير أعمالي، وسعيد بكثرة الأعمال ذات المستوى الجيد، والقصص الشيقة والتي تضم ممثلين أقوياء. مستوى الأعمال الفنية اليوم تجاوز الحد الأدنى المطلوب، رغم بعض الأخطاء التي تتخلّلها وانتشار أعمال أكثر من غيرها.

- هل تحرص على مشاهدة ممثلين معينين كل سنة في رمضان؟
مشكلتي أن الأعمال التي تعجبني غالباً ما تكون أقل انتشاراً. لا أتابع الدراما الرمضانية باستمرار لانشغالي طوال الوقت، ولكن حين يلفت أحدهم انتباهي لعمل معين أتابعه.

- هل تؤيد زحمة الأعمال الرمضانية أم تفضّل أن تتوزع على أشهُر السنة؟
هذا الأمر يتعلق بمتطلبات السوق وأنا لست خبيراً بها. والمسلسلات الرمضانية باتت نوعاً من الطقوس إذ تشهد إقبالاً جماهيرياً وتحقق نِسب مشاهدة عالية.