هل "تربية الأطفال" مهمة الأمهات فقط؟

20 يونيو 2018

"التربية مهمة الأمهات".. هذه هي الفكرة السائدة في مجتمعنا الشرقي، حيث ساد معتقد أن الرجال معفيون من هذه المهمة. ولكن دراسة حديثة نسفت هذه الفكرة. فالطفل الذي لا يحتك بوالده ويتلقى منه الخبرات الحياتية، ولو بشكل غير مباشر، تشوب نشأته بعض المشكلات النفسية.
محمد الشماع


الدراسة التي أشرفت عليها مؤسسة الملك عبدالعزيز، وبمشاركة معرفية مع جامعة الملك سعود، وكلية إدارة الأعمال، أخضعت 800 أسرة من مدينة جدة للتجربة. وأظهرت الدراسة أن نحو 20 في المئة من الرجال مهتمون للمعرفة أكثر عن مناهج التربية، في حين أن خمسة في المئة فقط من رجال العينة مهتمون بالتربية ويشاركون بها.

وعن دور الرجل في تربية الأطفال، تقول الاختصاصية في تعديل السلوك واستشارية التربية والعلاقات الأسرية، الدكتوره منى جابر، في تصريحات صحافية، إن الأب لديه بعض المفاهيم الخاطئة عن الطفل، ولذلك لا يستطيع التواصل معه بشكل جيد، ومن هنا يمل سريعاً ويتهرب من مسؤولية التربية.

بعض الآباء يعتقد أن الطفل طالما هو لا ينطق جمل كاملة واضحة مثل الكبار، فهو حيوان أليف غير ناطق، ولا يستوعب شيئاً مما يدور حوله، فكيف يوجه إليه النصائح ويعدل من سلوكه، بل يلوم الأم إذا حاولت تعديل سلوك الطفل في هذا السن الصغير.

الحقيقة، كما تقول جابر، أن الطفل من عمر الـ40 يوماً، وبعد أن تقوى لديه حاسة البصر، يستطيع أن يشعر ويفهم من حوله، ولكن في البداية يكون الأمر مجرد ترجمة مشاعر، فهو يفهم أنك حزين أو سعيد فقط، وإذا وصل إلى عمر الـ12 شهراً، فهو يبدأ في تخزين الكلمات لتمكنه من النطق والكلام في سن السنتين ونصف السنة.

في هذه الفترة، يمكن للوالدين أن يوجها للطفل بعض الجمل، أو أن يحكيا له بعض قصص الأطفال.

"أطفالي عنيدون"، هذه الجملة أطلقتها هدير الجندي عبر تغريدة على "تويتر"، حيث طلبت من أصدقائها المتابعين المتخصصين في هذا الأمر مساعدتها، فردت الدكتوره أسماء حجازي، استشارية التربية، بأن الطفل حتى عمر ثلاث سنوات "لا نستطيع علمياً اتهامه بالعناد، لأن هذه الصفة لا تناسب فئته العمرية"، مضيفة: "أكبر احتمال أن الطفل لا يفهم ما يُقال له، ربما يكون طفلاً يتكلم، ولكن حصيلته اللغوية لا تشمل ما تقوله له".

أما الاحتمال الثاني، بحسب حجازي، فهو "الفضول"، إذ ربما يكون الطفل مدركاً لما ينهاه عنه والداه، ولكن فضوله البشري يدفعه لتكرار الأخطاء، وهو غير مدرك النتائج والعواقب.

ويضع بعض الأزواج اتفاقية ضمنية في تربية الأطفال، بأن يكون الأب هو رمز الصرامة والشدة، فيما تكون الأم هي الطيبة الحنون طوال الوقت. وهذه الاتفاقية سيئة للغاية، لأن كلاً من الأب والأم له دور في تشكيل شخصية الطفل، فإذا كان الأب هو السلطة المخيفة، فلن يقترب منه الطفل حتى بعد بلوغ الأطفال سن المراهقة، وإذا كانت الأم هي الحنون دائماً، فهذا معناه، بحسب حجازي، أن الطفل سيعتاد على ابتزاز الأم عاطفياً لتلبية حاجته، حتى إذا تقدم به العمر، ووصل إلى سن المراهقة.


نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"