مدرّبة الملاكمة رؤى زارع تهدف للوصول إلى مستوى رياضيّ يليق بالوطن

عزيزة نوفل - (جدة) 08 يوليو 2018

بخطوات واثقة وبهامة مرفوعة، تفتح المرأة السعودية أبواب مجالات جديدة وغير معهودة، لتفاجئ نفسها ومجتمعها بما استطاعت أن تقدمه وبما ستقدمه في المستقبل، محاربة نظرات الاستهجان بعزيمة وتحدٍّ يتخطيان المألوف محلياً، خصوصاً في المجالات الرياضية التي كانت غائبة وشبه معدومة، لتزدهر على شكل طفرة بعد القرارات الأخيرة التي مكّنت المرأة السعودية في جميع المجالات، وأدخلتها بخاصة في مضمار الرياضة والفعاليات الرياضية، ليظهر لنا الكثير من المواهب والقدرات في رياضات عنيفة تحتاج الى قوة تحمّل عالية. يسرّنا في هذا الحوار، التعرف على صاحبة القبضة القوية مدربة «الملاكمة» والمدربة الشخصية المحترفة رؤى طلعت زارع، رئيسة قسم اللياقة في نادي «لياقتها» في جدة، لتلخّص لنا مسيرة شغف وتحدٍّ بالإجابة عن تساؤلات هذا الحوار.

كنت أتدرّب حتى أثناء فترة حملي


- لطالما حظيت المرأة محلياً بنظرة خصوصية تمنعها من مزاولة بعض الأعمال أو الهوايات، بدعوى أنها تمسّ أنوثتها أو تجرح طبيعتها الضعيفة والرقيقة، كيف اجتزت تلك النظرة ودخلت إلى عالم «الملاكمة»؟

حبي لهذه الرياضة كان أقوى من أي شيء، فتربيتي في بيت يحبّ الرياضة ويساوي بين الفتاة والصبي في تعلّم مهاراتها، ولّدت  لديّ شغف التعلم والممارسة، فوالدي كان يرأس لعبة تنس الطاولة في النادي الوطني، ودائماً ما كان يصحبني معه في طفولتي، حيث كنت أشاهد التحديات والنزالات، لأجد نفسي أنقاد بكل سلاسة إليها. وبدأت في مراهقتي أمارس مهارات التدريب على قريباتي، ونتسلى بعمل «التمرينات الجيشية» خارج فناء المنزل، وطوال فترات حياتي لم أشعر بأن أنوثتي تمنعني عن هذه الهواية، حتى أنني كنت أتدرب على الملاكمة أثناء فترة حملي مع أخذ بعض الاحتياطات.
- ما الشهادات التي تحملينها، وكيف دعّمت حبك لرياضة الملاكمة أكاديمياً؟
مجال دراستي كان في الرعاية الصحية، وفي البداية كنت أمارس رياضة «الملاكمة» كهاوية ومتدربة أثناء فترة إقامتي في بريطانيا، على يد مدربة شخصيّة في أفضل النوادي هناك، لآخذ في ما بعد قرار الالتحاق بأكاديمية متخصصة وأدرس هذه الرياضة بتعمّق أكبر، وأحصل على شهادة ديبلوم في التدريب الشخصي.

«الدفاع عن النفس» هو مصطلح يعني ضبط النفس، فكيف يكون حكراً على الرجال!


- في المملكة، يقتصر النشاط الرياضي للسيدات في النوادي على رياضات إنقاص الوزن وشد القوام، من خلال الأجهزة والرياضات الهوائية «كالآيروبك» و«الزومبا» و«اليوجا»، ويكاد ينعدم وجود النوادي التي تهتم بمسألة تدريب السيدات على رياضات الدفاع عن النفس، ما نظرتك المستقبلية تجاه رياضات الدفاع عن النفس في المملكة؟

أصبحت الأمور الآن مختلفة عن السابق، وظهر العديد من مراكز الدفاع عن النفس، وذلك بدعم من هيئة الرياضة وتوجيهات سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وأرى أن نظرة المجتمع السعودي تجاه رياضات الدفاع عن النفس للسيدات بدأت تتغير، ولم تعد حكراً على الرجال فقط، فأصل مصطلح «الدفاع عن النفس» هو ضبط النفس وامتناعها عن القتال، فكيف يكون ذلك حكراً على الرجال؟!
- ما مدى إقبال السيدات على تعلّم رياضات «الدفاع عن النفس»، ولأي فئة تعدّ ضرورية أكثر؟
أنا مع مبدأ التعلّم من الصغر، فأنواع هذه الرياضات لا تقتصر على عمر أو جنس معين، وأرى أنه من الضروري أن تتدرب حارسات الأمن على مهارات رياضية في الدفاع عن النفس، إضافة الى ضرورة خضوعهن للتمرينات العسكرية التي ستساعدهن على تقوية بنيتهن الجسدية، وأعتقد أن قرار التجنيد للسيدات سيمنحهن فرصة كبيرة ليتأهلن في هذا النوع من الرياضات ويمارسنه بكثرة.
- أُقيمت أخيراً ندوة «سيدتي» لتعريف السيدات وتثقيفهن حول رياضات «الدفاع عن النفس»، كيف وجدت تفاعل الحضور مع هذه الفعالية، وما الذي حاولت إثباته خلال مشاركتك؟
في الحقيقة، تفاجأت جداً من حماسة الحاضرات وتفاعلهنّ مع أنواع التمارين المختلفة، ورغبتهن في الانضمام إلى مجموعات التدريب، وحاولت خلال مشاركتي أن أعرّف عن رياضات «الدفاع عن النفس» بطريقة صحيحة.

هناك تزايد ملحوظ في الإقبال على رياضات «الدفاع عن النفس» للسيدات


- في رأيك، إلى ماذا تحتاج رياضات «الدفاع عن النفس» لتصبح أكثر رواجاً في المجتمع السعودي؟

أعتقد أن أكثر ما تحتاجه هو أن تكون ضمن البرامج الرياضية الدراسية التي توفرها المدارس، لمنح الطلاب والطالبات المهارات وتعزز لديهم الثقة والقوة بمفهوم صحيح.
- كما هو معلوم، اجتاحت المرأة السعودية أخيراً مجالات لم تكن مألوفة محلياً، وحازت مراتب ودرجات عليا في مجالات عديدة، ويعد المجال الرياضي أحدثها، هل وجدت نظرة استخفاف من قبل المجتمع المحلي؟
في الحقيقة، واجهت صعوبة في بداياتي حينما فكرت في الاستقرار في مدينة جدة، ومزاولة عملي في التدريب على مهارات التمارين العسكرية، لكون بعض الحركات الأساسية في تقوية بنية الجسم غير مألوفة في أوساط السيدات، اللواتي كنّ أكثر تقبلاً لفكرة التمارين «الهوائية» مثل «الآيروبك» وتمارين الاسترخاء. لكن مع مرور الوقت، أصبح الوعي والتقبل أكبر وزاد الإقبال على رياضات «الدفاع عن النفس» عموماً، وعلى رياضة «الملاكمة» خصوصاً، من الجيل الجديد، وهذا الأقبال المشجع سيدفعني أنا وزملائي في هذا الميدان الى المتابعة وتقديم المزيد.

«حمل الأثقال» للسيدات لا يغيّر في شكل أجسامهنّ الأنثويّة


- كيف تطوّرين مهاراتك في «الملاكمة»، وهل تمارسين نوعاً آخر من الرياضات؟

بالنسبة إلى رياضة «الملاكمة»، فالممارسة هي أهم وسيلة لتطوير المهارات، وأمارس أيضاً رياضة رفع الأثقال وركوب الدراجات الهوائية، وقد يعتقد البعض أن رياضة رفع الأثقال ستتسبب بتغيير في شكل جسم المرأة وسيصبح أشبه بجسم الرجل، وهذا المعتقد غير صحيح كون الوصول إلى مرحلة تضخيم العضلة للسيدات أمراً صعباً ويحتاج إلى مراحل من النظام الغذائي الحاد ومكمّلات غذائية وهرمونات ترفع معدل هرمون الذكورة، لتصل إلى مرحلة «كمال الأجسام». والحمد لله، هناك وعي كبير تجاه هذه الرياضة، مع إقبال من الجيل الجديد عليها، لحرق السعرات حرارية أكثر وزيادة كثافة العظام وحمايتها من الإصابات.
- كيف ترين مستقبل المرأة السعودية في المجالات الرياضية، وما هي مخططاتك في النهوض بالفكر الرياضي في المملكة؟
أنا متفائلة جداً بمستقبل المرأة السعودية، فهي قوية وطموحة ومبدعة، وكانت تنتظر الفرصة المناسبة لإظهار قوتها الداخلية قبل الخارجية، وهدفي الذي أحمله على عاتقي هو توجيهها إلى  نمط الحياة الصحي والإيجابي للحصول على حياة أفضل، ومساندة بعضنا بعضاً كسيدات في كل المجالات الرياضية للوصول إلى مستوى مثالي يليق بوطننا.