Home Page

مقدمة برنامج 'لأجلكم' الإعلامية منال سيف...

معاناة, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, أدهم نابلسي, الزيف الإسرائيلي, الإحتلال الأميركي, منال سيف, معتقل, أسير / أسرى

18 أبريل 2011

في مدخل بيتها تتكدّس الكثير من المشغولات اليدوية واللوحات التي تنطق بحال الأسرى والأسيرات داخل المعتقلات الإسرائيلية. وامتدّت الهدايا إلى الصالون والى غرفة نومها... الإعلامية منال سيف مقدمة برنامج «لأجلكم» الذي  يتحدث عن واقع حال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تضع صورة أخيها المحكوم عليه بالمؤبد ثلاث مرات إلى جانب إحدى الهدايا التي تلقّتها من أحد الأسرى. حملت منال على كتفيها قضية الأسرى حتى أصبحت كل حياتها، وتبكي بشدة إذا رأت أطفالاً لديهم أب أو أم في المعتقلات الإسرائيلية.


حكم على أخي بالسجن ثلاث مرات مدى الحياة وأنا ممنوعة من زيارته

- ماذا عن طفولتك؟ هل كان لها علاقة بقضية الأسرى؟
طفولتي كان لها دور كبير في ذلك. عشت في قرية قضاء محافظة نابلس، وطبعاً عشت تحت الإحتلال الإسرائيلي، عندما كنت صغيرة جداً في العمر، صادر الإسرائيليون إحدى الأراضي التي كان يملكها جدي، وأقاموا عليها مستوطنة إسرائيلية. وأحياناً عند عودتي من المدرسة كنت أجد جنود الاحتلال في منزلنا يريدون اعتقال أخي أو خالي. كل هذا مرّ في طفولتي، بالإضافة إلى أن من جيراننا من اعتقلوا أو استشهدوا. وعندما سجن أخي وحكم عليه بالسجن ثلاث مرات مدى الحياة وعشرين عاماً، قررت أن أقدم رسالتي من خلال برنامجي الذي بدأ بعد فترة من إصدار الحكم على أخي. وقد جعلت من البرنامج نافذة لكي يتواصل أهالي الأسرى مع أبنائهم المعتقلين داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي، وهذا اقل شيء أستطيع تقديمه عبر شاشة فضائية فلسطين.

- هل أنت صاحبة فكرة البرنامج الذي يتحدث عن قضايا المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال؟
عملت في تلفزيون فلسطين منذ عام 1997، وكنت حينها اعمل في برنامج «صباح الخير يا فلسطين». وقتها اخترت فكرة برنامج عن الأسرى بعنوان «رسالة محبة» يهدف إلى أن يرى الأسير أهله. عام 2006، كلفت إعداد برنامج خاص عن الأسرى على أن يكون مباشراً. فطرحنا قضايا كثيرة خاصة بالأسرى وعملنا على حلها. وهناك أيضاً الزيارة الخاصة لبيوت الأسرى. ومن جانب آخر يخبرني الأسرى انه عندما يحين موعد برنامجي يقوم إحدهم بإخبار جميع الأسرى بأن البرنامج سيبدأ عرضه. وأحياناً أجمع عدداً من أهالي الأسرى وأقدم البرنامج على الهواء مباشرة. وفي المقابل تشكو إدارات المعتقلات في السجون الإسرائيلية من برنامجي، ويقولون للسجناء أنهم سيجرّونني من شعر رأسي إلى السجن.

- هل تحدثيننا عن المضايقة التي تتعرّضين لها بسبب برنامج «لأجلكم»؟
هناك الكثير من المضايقات ، فقد مُنعت من زيارة أخي في السجن، فأنا لم أره إلا مرة واحدة والآن أصبح عمره 43 عاماً وهو داخل السجن، وأتواصل معه فقط من خلال الرسائل. كنت أذهب للتصوير في مناطق مثل الجولان، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يمنعني الآن من الوصول إلى هناك. وفي إحدى الحلقات كنت أصوّر بيت أسير قرب إحدى المستوطنات، فتم تقديم شكوى ضدي من المستوطنين واتهموني بأنني جعلت من هذا الأسير بطلاً بالرغم من أنه مجرم حسب زعمهم، وحقق معي في الموضوع محامون من طرفهم، وهم يعتبرونني محرضة، وقد اخذوا نسخة من حلقة البرنامج وقالوا إنهم سيطلبونني مرة أخرى للتحقيق. وقد حصلت هذه القضية قبل شهرين تقريباً.

- كونك امرأة هل تركزين في برنامجك على المرأة الأسيرة؟
لا فرق بين أسير وأسيرة. قد أتعاطف مع الأسيرات من ناحية أن خمساً منهن أمهات ومحكومات بالمؤبد. وهناك أربع منهن ينفّذ أزواجهن حكماً بالمؤبد داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي يبقي الأطفال دون أسرة ولا أم ولا أب. كما أن هناك أسيرات مصابات بأمراض، وتهملهن إدارات السجون عمداً.


أحد الأسرى طلب مني تصوير والده وعندما اتصلت كان والده قد توفي

- هل يترك البرنامج أثراً سلبياً على نفسيتك لأنه يتحدث عن المعاناة بشكل مستمرّ؟
لا أستطيع أن أخرج من دائرة اهتمامي بقضايا الأسرى. قد أبتعد عن العمل لمدة يومين، ولكنني أبقى أفكر في موضوع الأسرى، بالإضافة إلى أن أهالي الأسرى دائما يتحدثون معي عبر جوالي. وأصبحت أشعر بأنني جزء منهم، وأنهم أولادي وعائلتي، فالأمر أصبح يجري في دمي.

 

- هل من رسالة تلقيتها من أسير وآلمتك؟
أتلقى الكثير من الرسائل من أسرى وأسيرات، وهي رسائل مؤلمة لأنها تتضمن وضع الأسير وعائلته. وهناك أسير أرسل إليّ رسالة فيها ملامة شديدة على البرنامج الذي أقدمه، وشرح في رسالته أنه عندما اعتقل ضرب والده على ظهره الأمر الذي أدّى إلى إصابة والده بالشلل النصفي، وهو يشعر بالذنب لأنه سبب ما حصل لوالده، قائلاً: «إننا في البرنامج لم نساعد والده. وعلى الفور اتصلت بعائلة الأسير، وصورت حلقة معهم عرضناها على شاشة فضائية فلسطين، وشاهد الأسير والده وعائلته، وساعدنا والد الأسير في الحصول على كرسي متحرك. وبعدها أرسل الأسير إلينا رسالة يشكرنا فيها على اهتمامنا بعائلته.

- ماذا تعني كل هدايا الأسرى؟
في الأسبوع الواحد أتلقى 60 إلى 70 رسالة بريدية مكتوبة، وأندهش عندما أفتح العديد من الرسائل لأنني أجد في داخلها هدية أعتبرها وساماً على صدري، وهي من صنع أيدي الأسرى، وتتمثل بأكسسوارات من الخرز لوحة فنية قد يستغرق صنعها ثلاثة أشهر. وهذا يدل على مدى اهتمام حب الأسير لأسرة البرنامج.

- هل أعددت حلقة عن أخيك المحكوم بالمؤبد؟
لا، والجميع يلومونني لأنني لم افعل ذلك، ولكنني لا أريد أن يقال إنني تحدثت عن أخي في البرنامج، وأقول لأخي دائماً عندما تشاهدني في البرنامج أعتبر أنك ترى جميع العائلة.

- هل غيّب اهتمامك بقضية الأسرى حياتك الشخصية؟
بصراحة نعم. لأن وقتي وحياتي وليلي ونهاري للبرنامج، وكل ما في بيتي حتى غرفة نومي خاص بالأسرى، إلى جانب أن أمي تهتم مثلي بقضية الأسرى، وتساعدني في الحديث عن حالات أسرى مشتاقة لرؤية أبنائها.


أمنيتي أن يخرج جميع الأسرى من المعتقلات الإسرائيلية

- أكثر شيء أوجعك خلال خمس سنوات من عمر البرنامج؟
هناك الكثير من القصص التي أوجعتني ومنها خنساء فلسطين وهي أم مازن القنة التي كان لديها خمسة أسرى وماتت وهم في الأسر، وقصة أسير طلب مني أن أصور والده في العناية المركزة وعلى الفور تم تصويره، ومات في صباح اليوم التالي، وطلب الأسير منا تصوير جنازة والده فقمنا بتصوير الجنازة وبثها على فضائية فلسطين. وكان رد الأسير انه شكرنا وقال شعرت أنني أسير في جنازة والدي وأنا في الأسر. كثيراً ما أحبس دمعي لأنني لا أريد أن أظهر للأسرى ضعفي، فهم يريدونني قوية.

- متى تلومين نفسك؟
كثيرا، وتحديدا عندما يلومني احد الأسرى لأنني لم أصور عائلته. وهناك احد الأسرى طلب مني تصوير والده وعندما اتصلت بعد عشرة أيام بمنزل الأسير كان والده قد توفي.

- متى تبكي منال سيف؟
أبكي خلال المونتاج وخلال التصوير وأحياناً في الإعادة، وأحياناً لا أستطيع إكمال اللقاء لأنني أصدم بكلام عائلة الأسير وأبدأ البكاء، وأبكي عندما أرى أطفالاً آباؤهم وأمهاتهم في المعتقل.

- ما هي أمنيتك؟
الناس عندما ينامون يحلمون بالغد، ولكنني عندما أضع رأسي على مخدتي أحلم بأنني أرى المعتقلين مفرجاً عنهم، وأرى الفرحة على وجوه أهالي المعتقلين المحررين. وأمنيتي أن يخرج جميع الأسرى من المعتقلات الاحتلالية الإسرائيلية.