Home Page

الشاعر سيّد حجاب: ربّما تعيش مصر...

سلمى المصري, سياسة, شركة صوت القاهرة, أسامة أنور عكاشة , شعراء, الدوحة , قصيدة, مسلسل, كتابة شعرية, الثورة المصرية, ميدان التحرير, سيّد حجاب

09 مايو 2011

قبل الشروع في كتابة هذا الحوار تعزّز عدم إيماني بالصدف، وقع بين يدي كتاب «خواطر الترحال» لعبقري الرواية العربية السوداني الطيب صالح يصف فيه العاصمة القطرية، «كانت الدوحة أرضاً حين حللت بها أواخر عام أربعة وسبعين، بلدة صغيرة لا يُؤبه لها.
 كثيراً ما يجف ماؤها وتنقطع كهرباؤها. أحياؤها مبعثرة، ومعمار بيوتها فوضى، وشوارعها مُتربة تتسكع عليها الفئران في رابعة النهار. العيش فيها مكابدة ومعاناة. إنما  كان واضحاً أن الخطط قد اكتملت لعمل نهضة واسعة».
هناك التقيت عبقرياً آخر. هل ثمة من لا يذكر أغنية مسلسل «ليالي الحلمية» أو «أرابيسك» أو فوازير شريهان «حاجات ومحتاجات» أو ...؟ عائدٌ من الثورة المصرية محمّلاً بالحلم ومنكباً على جديد يستعيد فيه مشواره مع الملحن عمار الشريعي، سيّد حجاب.


- اقتبست امتناناً لبنانياً في أمسية شعرية شاكراً قطر في الدوحة أخيراً ...
أنا معجب بالدور الذي تؤديه قطر اليوم رغم ظروفها الجيو-سياسية  والحرجة والدقيقة، إلاّ أنها لا تترك مناسبة لرأب الصدع  بين العرب في مواجهة عدوّنا المشترك.
هذا سبب يستحق الثناء، ومعجب جداً بما يفعله القطريون في قطر هذه الجزيرة الصغيرة التي نهضت نهضة عمرانية بالغة وتحولت إلى مدينة مؤتمرات وأصبحت قبلة تجتذب العقول العربية والعالمية العلمية والثقافية. هذا دور مهمة تلعبه بمهارة وجسارة معاً.

- قررت أخيراً أن تبدأ بقصيدة "معادلة جبرية" التي كنت تختم بها أمسياتك. مَن صنع المعادلة في 25 كانون الثاني/ يناير؟
من فجّر هذه المعادلة الجديدة هم الشباب المستنير الذي استطاع أن يستخدم أرقى أدوات عصر المعلوماتية في مواجهة التخلف والقهر والإستبداد، واستطاع بأربع كلمات أن يفجر طاقة الغضب والحلم في قلوب الشعب المصري بكامله.
أربع كلمات بسيطة لكنها جامعة،  تغيير، حرية وعدالة إجتماعية. هذا الشباب المستنير هو قاطرة هذه الثورة التي جذبت وراءها هذه الجماهير. وهذه الجماهير هي طرف مهمة في هذه المعادلة المهمة. هذه الجماهير فاجأت شبابها باستجابتها وفاجأت نفسها بكسرها لحاجز القمقم وثقافة التبعية والإستسلام لتؤسس لثقافة حرية ومسؤولية إزاء الذات وإزاء الوطن.
فاجأت العالم كله بآليات هذه الثورة السلمية في مواجهة القهر، تلك التي لم يجد الجيش الوطني أمامها إلاّ أن يستجيب للإرادة الشعبية.

- كتبت عن جدلية الموت والشرف. ما وقع هذا المفهوم حين يردّده شاب مصري «أوقات كتير الحياة نوصلها بالكفن»؟
شيء مدهش جداً في هذه الثورة بزوغ وتدفق واشتعال روح الإستشهاد عند الجميع. ربما لم يقلها الشباب بهذه الكلمة المقدسة، الإستشهاد. لكن قالوها بألف طريقة أخرى. قالوها "مش رح نطلع إلاّ .." و"يا إحنا يا هو ...".  قالوها بقدر من الإصرار على البقاء وليحدث ما يحدث مع هجمة البلطجية وواقعة الجمل.
الروح الإستشهادية الفلسطينية واللبنانية جديدة على شعبنا المصري في زماننا الحديث.

- لكن في فلسطين ولبنان إسرائيل هي القاتلة؟
...


لو أن أمل دنقل ومحمد عفيفي مطر وأسامة أنور عكاشة ومحسن زايد كانوا معنا


- كيف عايشت يوميات الثورة؟ كيف تفاعلت معها كشاعر؟
هذا الشعب المصري فاجأ نفسه والعالم كله فاجأنا جميعاً. نحن المثقفين كنا نحلم ولم نتوقع أن نرى هذا بأم العين. أنا ممن أسعدهم الحظ بأنهم عاشوا هذه اللحظة التي انتظرناها طويلاً. ربما انتظرناها منذ رفاعة رافع الطهطاوي الذي حلم بالدولة الحديثة. كنت فرحاً وحزيناً جداً في آن واحد مع تحقق هذه الثورة، 
فرح لأنني عشتها  قبل ان تغرب شمس العمر، وكنت حزيناً لأنني كنت أتمنى أن يكون معنا بعض الرفاق الذين ناضلوا في سبيل أن يتحقق هذا الحلم. تمنيت لو أن أمل دنقل كان معنا، لو أن محمد عفيفي مطر كان ما  زال حاضراً معنا. لو أن أسامة أنور عكاشة ومحسن زايد كانا معنا ونحن نستقبل هذه الثورة.

- تعلو أصوات تخويفية اليوم من إخفات وهج التنوير من المتشدّدين في مصر. وزير الدولة لشؤون الآثار الدكتور زاهي حواس ندّد منفعلاً: «مصر لن تصبح أفغانستان ثانية...»، وبعيداً عن القيمة التاريخية تم تشبيه التماثيل الفرعونية بأنها تشبه التماثيل التى كانت حول الكعبة عندما فتحها الرسول. هل يثير هذا الواقع مخاوفك؟
من الطبيعي أن يولد في مواجهة الثورات الكبرى ما نسميه الثورة المضادة. الثورة التي حصلت أكبر من خيالنا جميعاً. هي ثورة ثلاث ثورات مدغمات، ثورة ثقافية كسرت ثقافة الإستسلام والقبول بالأمر الواقع على أساس ليس بالإمكان أن أبدأ من مكان. كسرت هذه الثقافة منظومة القيم التي سادت طويلاً في مصر، كسرتها بخطوة واحدة بثقافة الحرية المسؤولة والوحدة الوطنية.
وأظن أن على هذه الثورة الثقافية المصرية أن تتابع خطاها لتؤسس لنمط تعليمي جديد وتربوي جديد وثقافة جديدة. الثورة الثانية سياسية تحقق أحلام التنويريين القدامى لتأسيس دولة عصرية حديثة، دولة الحرية والإخاء والمساواة، دولة السلطات الثلاث التي يراقب بعضها بعضاً، دولة الإرادة الشعبية التي تختار ممثليها في إدارة الشأن العام. أما الثورة الثالثة التي تعد بها هذه الثورة، فهي العدالة الإجتماعية التي هي الإشتراكية بعناوين القرن الحادي والعشرين. من هنا ونتيجة الوزن الإستراتيجي الخاص لمصر في المنطقة،
فهذه الثورة بقدر ما تحقق للمصريين من حرية هي تحقّق تهديداً استراتيجياً لأعداء الأمة العربية جميعاً. وهناك محاولات إحتواء هذا الثورة لتصبح الجمهورية السابقة مع بعض الإصلاحات. وأظن أن وزن مصر يثير قلق القوى الإستعمارية في المنطقة التي بدأت بعد وحشية القذافي تنشر هذه الثورة المضادة في المنطقة بكاملها. هي تهدد مكاسب هذه الثورة،
وبالإضافة إلى فلول داخليين يحاولون إثارة مخاوف الغالبية الصامتة التي ربما تعاطفت مع الثورة في ميدان التحرير لكن لم تشارك بشكل مباشر في أحداث هذه الثورة.  هذه الغالبية التي بقيت في البيوت تحاول الثورة المضادة أن تثير قلقها بالإنفلات الأمني ليصلوا بها الى أن تقول ليت الواقع لم يتبّدل.

- أي يتوعّدون الشعب بالسيئ أو الأسوأ..
الخطر محدق وكبير، لكن الثقة بالإرادة الشعبية التي خرجت من القمقم ومن المحال أن تعود إليه مجدداً هي الضمان الوحيد. لذلك أقول أنا قلق لكنني لست خائفاً، وتبقى أحمال.

 

- هل ممكن أن نطلق صفة انتهاء الصلاحية على بعض العبارات التي ردّدتها بقصائدك.. بتاعة وبتوع .. قانون العصر الأغبر ... أحبطنا الشبابا فأدمن أو تطرف أو تغابى؟
من المؤكد أن شكل الوطن تغيّر ولم يعد يعيش في زمن كتابتي لأغنية فيلم «المرشد». أما مقولة «قانون العصر الأغبر» فلا تزال سارية لأنه ما زلنا رغم تراجع الرأسمالية المتوحشة في العالم ومحاولة اتخاذها لمعايير اجتماعية إصلاحية لتخرج من أزمتها المالية والإقتصادية الحالية، برغم هذا ما زال هذا العالم يحكمه الصراع بين الشعوب وبين المستغلين.
"البتاعة والبتوع" ... في زمن كتابة هذه الأغنية كان شكل الحياة كئيباً خالياً من المعنى. كانت الكلمة متطابقة مع الواقع . أظن أن الدنيا اليوم لم تعد مجرّد بتاعة أصبحت حلماً وأملاً بمستقبل أكثر إنسانية وعدالة، لم يعد الناس بتوعاً وكمّاً مهملاً بلا معنى. ومن هنا أنا معك أن العمر الإفتراضي أو الصلاحية الإفتراضية لهذه الكلمات ربما تجاوزها الزمن.

- ما بعد 25 كانون الثاني/يناير يعني «ما بعد الطوفان»؟
أظن أن موجة من موجات هذا الطوفان هي التي أطاحت الرئيس السابق. نحن نعيش ما بعد هذه الموجة وإن كانت توابع الزلزال ما زالت قديمة. نحن لم نتخلص بعد من كل الوجوه القديمة وكل القيم والمعايير الإجتماعية والإقتصادية القديمة.
نحن في سبيلنا للخروج من الطوفان لنؤسس لعالم جديد. تيقّنت من تنحي الرئيس بعد واقعة الجمل لأنها رمزية جداً. تذكرني بما حدث قبيل غزو السلطان سليم الأوّل للعالم العربي ومصر، أتاه تجار من البندقية ليعرضوا عليه البارود فسخر منهم معتداً بفرسانه القادرين على مواجهة أي عدو.
وبعد شهور كان طومان باي يهرب إلى حواري القاهرة وكان إبن زنبل الرمال يتكلّم عن البارود الذي يصيب الفرسان ويرون الموت يأتيهم من حيث لا يحتسبون. هذه الواقعة معكوسة، في ذلك الزمان كان العقل القديم يواجه العقل الجديد. هذه المرة كان العقل الجديد المستنير يواجه الجمال والبغال والتخلّف في معركة محسومة.

- كيف تقوّم حركة الفن التي كانت في الثورة؟
أتصور أن من يغني بصدق حتى لحبيبته هو يبني شيئاً في هذا الوطن. وربما كان الغناء المباشر سبيلاً  للوقوف بين المواطن ووطنه. أظن أننا في إطار وعد بإبداع جديد.


الغناء «ديوان المصريين» ولم تقدّم مصر شاعراً كبيراً في العربية قبل شوقي


- تعتبر الغناء ديوان المصريين ...
(شكلك فتحت النت)؟

- لمَ تستخف بخلفية محررة في مجلة نسائية؟
لا أقصد. من حقك استحضار أي معلومة عني. المقولة الأصلية هي "الشعر ديوان العرب". الشعر هو أهم الفنون العربية لأن العرب لم يعرفوا فن العمارة والمسرح ولا فن الموسيقى إلاّ في عصور متأخرة. عرفوا الغناء لكنهم عرفوا الموسيقى متأخرين. وكثير من الفنون لم يعرفوها،
لم يكن لديهم أهم من الشعر ليضعوا فيه تاريخ أيامهم وأعمالهم. من الشعر العربي نستطيع أن نعرف الواقع العربي  والحياة العربية والبادية والقيم الحاكمة، بهذا المعنى يكون الشعر ديوان العرب. أما في مصر، فلم يلعب الشعر الخالص فيها هذا الدور ولم تقدّم شاعراً كبيراً في العربية قبل شوقي.
قدمت شعراء كباراً لكنهم لا ينتمون إلى الروح المصرية بقدر ما ينتمون إلى الروح البدوية والعربية، مثل الإمام الشاعر البوصيري. لم يعرف المصريون شاعراً يعكس روحهم ويكتب قبل شوقي. أما الأغنية المصرية الفولكورية الشعبية فهي أغنية دورة الحياة تستقبل المولود بأغنية والخطوة الأولى بأغنية والعام الدراسي الأول بأغنية، وتصاحبه الأغنية طوال حياته وهو يعمل.
وحين يرحل عن الدنيا تصف حال موته عبر أغاني المراثي. حفظ الغناء المصري للمصريين نمط حياتهم لينقلها الى الأجيال التالية وأرّخ في عصرنا الحديث لكثير من الأحداث التي عاشتها مصر مثل ثورة 1919 وحادثة دنشواي. حتى العدوان الثلاثي عبّرت عنه الأغنية الشعبية. من هنا يصح القول: «الغناء ديوان المصريين إذا كان الشعر ديوان العرب».


عد أوبرا «السقامات» أكتب الأشعار الغنائية لمسلسل عن بيرم التونسي

- ماذا تكتب أخيراً؟
بعدما قدمت أوبرا عن رواية ميرامار للأديب نجيب محفوظ وثلاث «أوبرات» عن الأعمال القصصية ليوسف إدريس، أنهيت أوبرا جديدة ستنتجها مكتبة الإسكندرية بالإشتراك مع دار الاوبرا المصرية وستعرض خلال شهرين،
عن رواية يوسف السباعي «السقّا مات». تدور أحداثها على مشارف الخمسينات قبيل ثورة 1952، مصر شبه الإقطاعية وشبه المستعمرة وشبه الرأسمالية. ووجدت أننا في زمان يشبه ذلك الزمان. هذا ما انتهيت منه.
الآن، أنا منكب على كتابة الأشعار الغنائية لمسلسل عن الشاعر بيرم التونسي من إخراج إسماعيل عبد الحافظ ويؤلف موسيقاه رفيق العمر والمشوار عمّار الشريعي.


- هلّلت كثيراً لتشكّل عالم جديد قبل تاريخ 25 كانون الثاني/ يناير ...
نعم في كثير من الأحاديث في جريدتي «المصري اليوم» و«الأهرام». لفت نظري أن اللعبة  السياسية تغيرت في السنوات الأخيرة بعدما كانت تدور بين فصيلين من أبناء الطبقة السياسية المتوسطة الصغيرة، فصيل حريص على استقلال الإرادة  المصرية وفصيل ملتحق بمشروع خارجي (لا يمثلان سوى 15 في المئة على الأكثر من الشعب والبقية مهمشون). في السنوات  الأخيرة، دخل الفلاحون والعمال ساحة الإعتصامات والإضرابات، ودخل الساحة أيضاً عنصر جديد هو المدوّنون الذين انتشروا وبشروا بروح جديدة. والشرط في مصر دائماً لحدوث تغيير هو توحد المثقفين مع الطبقات الشعبية.
حدث هذا في ثورة عرابي وفي انتفاضة 1935 وخلال الكفاح المسلّح عام 1951 في منطقة القناة. شرط التغيير طليعة مستنيرة تقود شعباً، وقد لاحظت أن هذا كفيل أن يغير المسار السياسي في مصر.

- هل تبدي حرصاً على التواصل عبر المدوّنات ومفاهيم النشر الجديدة؟
لقد امتنعت عن النشر سابقاً لأن النشر المكتوب لا ينقل اللغة بصوتياتها ولأننا كنا نتهيب دخول عصر التدوين الصوتي والبصري. وحين أتى هذا العصر لم أدخله إلا من خلال الواسطة، زوجتي وابنتي. لم أدخل بنفسي بعد.

- كيف تعيش القاهرة؟
ابتعدت عن ساحات الفن والأدب وبتّ أطالعها من بعيد بعزلة. استبدلت ليل الإسكندرية بليل القاهرة منذ عشر سنوات، وبمعزل عما يدور في القاهرة. أنا مكتفٍ بمكتبتي وأسطواناتي وقليل الإنغماس في ليل القاهرة.

- ماذا تقرأ حالياً؟
كتاب PowerShift للكاتب الأميركي ألفين توفلر، أحد المستقبليين المهمين. وأعاود قراءة كتاب «فجر الضمير» لعالم الآثار والمؤرخ جيمس هنري برستيد، إضافة إلى الكثير من دواوين الشعر للشباب.

- ثمة تجربة لفتتك بعينها؟
في السنوات الأخيرة أكثر ما لفتني تجربتا عبد الرحمن يوسف وإيهاب البشبيشي، أحس بأن كليهما يملك مشروعاً شعرياً يتشكل أمام عيني يوماً بعد يوم. كلاهما على مشارف الأربعينات لكن لكل منهما فرادته وعالمه واجتهاده في أمور اللغة الشعرية.

- لكن الشاعر المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي اتجه نحو السياسة (منسّق الحملة الشعبية المستقلة لدعم وترشيح البرادعي لرئاسة مصر2011)... هل يصح الجمع بين الشعر والسياسة؟
نعم، إذا أحسن الشاعر فهم طبيعة السياسة وطبيعة الشعر. وكان شاعراً حين يكتب الشعر وسياسياً حين يمارس السياسة. يستهدف الشاعر مطلق الحق والجمال وليس مجرّج هدف مرحلي، بينما السياسة  تعتمد البراغماتية وتقسم الحلم الإستراتيجي إلى مراحل تكتيكية.
هناك بعض الشعراء الذين بدأوا حياتهم شعراء ثم اكتشفوا أنهم غير قادرين على الجمع  بين الشعر والسياسة فاختاروا السياسة، مثل الصيني ماو تسي تونغ.

- لا يعارض سيّد حجاب ورود اسمه مع شعراء شباب في حين أن بعض أصحاب التجارب الخجولة لا يقبلون بشريك في أمسياتهم الشعرية...
منذ زمن بعيد رميت وراء ظهري فكرة التراتبية عمراً ومقاماً. أنا أرى البشر متساوين ولا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالعقل... من هنا لا يزعجني ولن يزعجني مشاركة أي كان. لست ممن يحجرون على حقوق الآخرين بمنبر.

ظللت لغاية سن الأربعين أصغر أصدقائي سناً، وبعد الأربعين كل أصدقائي يصغرونني سناً. لا أحس بغضاضة أو بافتقادي للندّية، لأنني لا أؤمن بأن السن ترتب أقدمية أو أفضلية أو منصباً أو جاهاً.

- لم تكتفِ في قصيدة «وصلة ردح» التي ألقيتها أخيراً بالرموز كالعادة بل وضعت النقاط على الأسماء.
العبقري الألماني برتولت برخت يقول: في بعض الأحيان يصبح الحديث عن الأشجار جريمة لأنه يعني السكوت عن جرائم أكبر. وكنت قد تنازلت عن بعض مقتضيات الشعر لتؤدي أشعاري دوراً في الجدل والحوار مع السائد.


سلوا قلبي قصيدة 'حلمنتيشية'

سلوا قلبي وقولوا لى جوابا
لقد زاد الفساد وساد فينا
وشاع الجهل حتى أن بعضا
وكنا خير خلق الله صرنا في
قفلنا الباب أحبطنا الشبابا
أرى أحلامنا طارت سرابا
وصرنا نعبد الدولار حتى
وملياراتنا هربت سويسرا
ونهدي مصر حباً بالاغاني
وسيما الهلس تشبعنا عذابا
زمان يطحن الناس الغلابة
فكن لصاً إذن أو عش حمارا
ودس ع الناس أو تنداس حتى
أمير الشعر عفوا واعتذارا
وما نيل المطالب بالطيابه دي


لماذا حالنا أضحى هبابا
فلم ينفع بوليس أو نيابه
من العلماء لم يفتح كتابا
ذيل القايمة وف غاية الخيابا
فأدمن أو تطرف أو تغابى
أرى جناتنا أضحت خرابا
تقول له إنت ماما وإنت بابا
ونشحت م الخواجات الديابه
فتملؤنا أغانينا اغترابا
وتشبعنا جرائدنا اكتئابا
ويحيا اللص محترما مهابا
وكل مشاً إذن أو كل كبابا
تصير لنعل جزمتهم ترابا
لشعرك فيه أجريت انقلابا
مش دنيا يا شوقى بيه دي غابا