فرح عارف: فن الأنيميشن «Animation» يحمل رسائل هادفة للأطفال

آمنة بدر الدين الحلبي (الرياض) 28 يوليو 2018

منذ نعومة أظفارها، عشقت «فن الأنيميشن Animation» والرسوم المتحركة كما كل الأطفال، حيث دفعتها طفولتها الى اكتشاف هذا الفن والدخول بين دهاليزه من المرحلة الابتدائية، وعرفت كيف تسخّره في حياتها العملية بعد تخرجها من جامعة الأمير سلطان في الرياض حاصلةً على بكالوريوس في الحاسب الآلي. طورت نفسها بتعليم ذاتي، وشاركت في مسابقة إثراء المعرفة حتى أصبحت أشهر من نار على علم في هذا المجال، فبدأت تنهال عليها العروض من كل حدب وصوب، إلى أن أسست متجرها الإلكتروني تحت عنوان «فروحة أندر سكورستور» على إنستغرام، وكانت الفتاة الوحيدة الموجودة ضمن طاقم عمل «مسامير» في فن الأنيميشن. في هذه المقابلة تعرفنا فرح أكثر على هذا العالم المتحرك والحيوي والذي يزخر بالإبداع. 


- من المعروف أن كلمة «أنيمي» يابانية وهي اختصار لكلمة «أنيميشن» الإنكليزية «Animation»، ما هو هذا الفن الجميل؟ 

الـ «أنيميشن» عبارة عن قصص يتم عرضها من خلال رسوم متحركة تحمل للمتلقي التعبير والمشاعر كونها مسرودة بشكل لافت وجذاب لتصل بأسلوب أسرع الى فكره.

- اتجهت نحو شغفك والعمل بموهبتك في مجال الأنيميشن، وانطلقت إلى هذا العالم المتحرك برسومه، ما البرامج الخاصة التي استخدمتها في التعليم الذاتي؟

حين بدأت من الصف الرابع الابتدائي، استخدمت برنامج «switch photoshop» الذي لم يكن خاصاً للـ «أنيميشن» لكني تعلمت من خلاله ذاتياً، بعد ذلك انتقلت إلى برنامج «adobe flash»، وفي الصف الثالث الثانوي بدأت باستخدام برنامج «toon boom»، وكلها كانت بتعليم ذاتي.

- ألم يكن هناك مرشد لهذا التعليم الذاتي؟

نظراً الى كون أخي سمير عارف يعمل في القناة السعودية الأولى، دلّني على الطريق فقط، وأنا قمت بالتجربة والفضول الذي صاحبني منذ ظهوري في برامج الأطفال على التلفزيون السعودي.

- من المعروف أن فن «الأنيمي» صناعة يابانية بالدرجة الأولى، بُنيت ملامحه في الستينيات، وانتشرت عالمياً في أواخر القرن العشرين، هل هناك فرق بين الصناعتين اليابانية والأميركية؟

هناك فرق كبير بين الصناعتين، اللتين تختلفان أيضاً عن الأنيمي الأوروبي، وأهم ما يميّز الأنيمي الياباني عن الأنيمي الأميركي، الألوان الهادئة الجميلة، والشخصيات الرائعة التي تتسم بالجمال وتحمل رسائل إنسانية هادفة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أفلام الأنيميشن التي كانت تُعرض على قناة «Space Toon» هي عبارة عن قصص مشوّقة للأطفال بكل ما فيها، لكن مع مرور الزمن، وتغيير المعايير، أضيفت إليها الأصوات المزعجة لجذب الأطفال مع تغيّر الألوان إلى حد ما.

- تلك الرسائل التي تدسُّ السم في فن الأنيمي ألا تغير الصورة الذهنية عند الطفل؟

بكل تأكيد، وما علينا نحن الكبار إلا أن نكون عين الرقيب قبل أن يرى أطفالنا ما تبثّه تلك الـ «الأنيميشن» من عادات وتقاليد لا تناسب مجتمعاتنا العربية، سواء الأنيمي الياباني أو الأميركي، ويتلقّفها الأطفال بكل سهولة.

- هل الأنيمي العربي أفضل لأطفالنا؟

لا أستطيع أن أجزم بذلك، لكن الجميع قيد الإبداع سواء في الرسم أو الكتابة القصصية أو السيناريو، كون صناعة الأنيمي جديدة على العالم العربي عموماً، والسعودية خصوصاً، ولم تصل بعد الى المستوى الياباني، على رغم وجود رسامين ممتازين في سباق مع تلك الصناعة.

- نستطيع اعتبار فرح فنانة أنيمي ممتازة؟

أنا فريدة بمستواي الفني، لكنني أسعى الى التعلم أكثر والتطور، لأصل إلى تحقيق طموحي الكبير.

- ما هو طموحك؟

التعلّم ثم التعلّم، ومن ثمّ التطور كي أصل الى مستوى صناعة اليابانيين، وأتمكن من البدء باستوديو خاص بي، وأصنع لشخصيتي «فروحة الصغيرة» الموجودة على إنستغرام مسلسلاً خاصاً بها يماثل الأنيمي الياباني وينافسه.

- ماذا تعني شخصية «فروحة أندر سكورستور» على إنستغرام؟

بدأت مع تلك الشخصية لأوصل يومياتي الى الناس فأحبوها، وشاركت بها في لقاءات عدة بين السعودية والإمارات، حتى طبعتها على أكواب وقمصان، إلى أن اشتهرت تلك الشخصية في عالم الأنيمي وأصبح الناس ينادونني فروحة، فعُرفتْ الشخصية وعُرِف الاسم.

- ما هي «مسامير»؟

«مسامير» سلسلة كرتونية من إنتاج شركة ميركوت «Myrkott»، كانت تُعرض على You Tube، وكنت متابعة جيدة لها، علماً أن للشركة أعمالاً كثيرة غير «مسامير».

- كيف تم العمل مع تلك الشركة؟

حين شاركت في مسابقة «إثراء المعرفة»، حققت الفوز بالتصويت وعرفتني الشركة، فتواصل معي مالك نجر وعبدالعزيز المديني، وعرضا عليّ العمل، فكانت فرصة رائعة لأكون ضمن فريق الشركة، التي كنت أتابع مسلسلها «مسامير».

- ماذا قدمت في إثراء المعرفة؟

قدمت حلقة من مسلسل تحت عنوان «أبطال أول»، أمثال عدنان ودينا اللذين كنا نتابعهما في «سبايس تون» لكن بأحداث جديدة وقالب جديد، من تأليف الكاتب عبدالرحمن التميمي، وأنا قمت بالرسم والإخراج، وتمت بأصوات تركي جلال، خالد الصقر، سمر فرج، وفيصل الحلو، والإشراف الفني كان لشركة «MAD»، وحين نجح العمل طلبت مني الشركة عشر حلقات عُرضت كلها على الـ«يوتيوب».

- دخلت التلفزيون بعمر صغير، ما الذي منحك إياه؟

منحني الثقة بالنفس وجعلني أقرب الى الناس، وأكسبني جرأة أدبية بعمر الطفولة، كوني دخلت التلفزيون من المرحلة التمهيدية حين كانت المذيعة وفاء بكر يونس تصطحبني من الروضة في جامعة الملك سعود التي كانت تعمل فيها، لأشارك في برنامجها على القناة السعودية الأولى، واستمررت معها إلى أن بلغت العاشرة من عمري، بعد ذلك استوعبت أن شغفي ليس بالتلفزيون بل في الرسوم، وساعدني في ذلك أخي المخرج سمير فرح.

- في اليابان، سجل الأنيمي الأرقام الأعلى في مبيعات الـ«دي في دي»، وحقق نجاحاً كبيراً عالمياً، بخاصة بعد ظهور الأنيميشن المتلفز المُدبلج الى لغات عدة كالعربية والإنكليزية، هل حقق في الدول العربية انتشاراً مماثلاً؟

غالبية الأنيميشن المنتَجة محلياً وعربياً عُرضت على يوتيوب، وبيّنت قدرتنا على إنتاج الأنيميشن كونها تحاكي مجتمعنا السعودي بخاصة والعربي بعامة من حيث العادات والتقاليد والإرث الثقافي، وقد حقق الفيلم السعودي «بلال» الذي تم إنتاجه في دبي باللغة الإنكليزية، من إخراج أيمن جمال، مشاهدات عالية على السوشال ميديا وصلت إلى الملايين حين تم عرضه في أميركا، كونه يحكي عن الصحابي الجليل «بلال بن رباح» وكيفية استعباده وإطلاق حريته، فقد روى قصة إنسانية رائعة.

- في عام 2001، حقق فيلم الأنيمي «المخطوفة» أعلى إيرادات في تاريخ السينما اليابانية متفوقاً على فيلم «تايتانك»، هل من أفلام تعدّينها لتكون الأولى عربياً؟

أسعى الى التعلم المتواصل في مجال الأنيميشن، ولدي طموح كبير للسفر الى اليابان وأميركا لدراسته حتى أصل إلى مرتبة اليابانيين والأميركيين وأنتج أفلاماً أعلى مستوى من والت ديزني.

- هل هناك مبدعون يعملون للوصول إلى المستوى الياباني؟

لدى شركة «مانغا بروداكشن» في السعودية مبدعون ورسامون يعملون على تحضير أول فيلم رسوم متحركة، يشهد على التعاون الياباني - السعودي على ما أعتقد، ويحاولون الوصول إلى المستوى الياباني نفسه، كون السعودية بدأت تدخل عالم الأنيميشن وستحقق المستوى الياباني نفسه.

- هل من عمل جاد من خلال «مسامير» لإنتاج أنيمي باللغة العربية؟

لـ«مسامير» ستايل خاص بها، لكن فريقها يعمل بجد ونشاط على نفسه، وبدأ يكبر بوجود رسامين أفضل، وربما سيصل في السنوات المقبلة إلى مستوى عال يوازي اليابان.

- كنت متابعة لمسلسل «ساندي بل»، فهل كانت تعجبك شخصيتها؟

لم أكن يوماً معجبة بشخصية «ساندي بل» بل كانت تثير غضبي لأنها عنيدة، على العكس من شخصية «سالي» المهذبة والجميلة التي استطاعت أخيراً أن تأخذ حقها، لكن الأنيميشن الأجمل بالنسبة إلي كان «عهد الأصدقاء» الذي ترك في نفسي رسائل مميزة في الصداقة وضرب أروع مثل في الوفاء، وعزز قيمته بين الأصدقاء، كما لا أنسى مسلسل «كابتن ماجد» الذي يدفع الى العزيمة والإصرار ليحقق الإنسان ما يريد.

- كيف تتطلعين الى مستقبل الأنيمي في السعودية؟

مستقبل مزدهر بعد رؤية 2030 والانفتاح على دور السينما، فالجميع يعمل ليلاً نهاراً ليحقق أنيمي يُعرض في السينما السعودية أسوة بفيلم «بلال» الذي عُرض في أميركا ودبي، وسيُعرض قريباً في المملكة، وأملي كله بأن أعمل شخصية «فروحة الصغيرة» في فيلم سينمائي يُعرض في السعودية.

- ما هي أنواع الأنيمي وما الذي تحبينه من بينها؟

في كل عام، يتم إصدار المئات من مسلسلات وأفلام الأنيمي بواسطة الشركات والاستديوهات اليابانية، وهي تغطي معظم جوانب حياة الإنسان، وكل أنيمي يحمل في طياته رسائل إنسانية أحبها وأتعلم منها، والأنيمي الياباني متنوع فيه حياة العصور الوسطى بخاصة تلك المتعلقة باليابان، الكوميديا، الإثارة، الدراما، الرعب، الخيال العلمي، الحياة المدرسية، المغامرات، العنف، الصداقة، الرومانسية، والتاريخ.

- مَن يقف وراء هذا النجاح؟

الأهل جميعاً، ففي وقت كانت تنمية المواهب قليلة في السعودية، وكان الأهل يتطلعون لأن تصبح ابنتهم طبيبة أو مهندسة وليس رسامة، حققت لي عائلتي كل رغباتي، ما جعلني أبدع وأنتج وأنمّي مواهبي، وعلى رأسها أختي وعد مذيعة mbc التي ترافقني في كل معرض أو بازار لبيع رسوماتي إلى أن فتحتُ متجراً إلكترونياً تحت عنوان «فروحة الصغيرة» أبيع من خلاله كل أشيائي الفنية، لكن يبقى بيع البازارات يحقق ربحاً أكبر.

- ماذا كنت ترسمين للبازارات؟

شخصيات معروفة من أنيميشن عدة، وحققت أعلى مبيعات لشخصيات في ألعاب «فيديو غيم»، ما شجعني على متابعي رسوماتي على السوشال ميديا.

- كم بلغ عدد المتابعين على السوشال ميديا؟

18 ألفاً على إنستغرام و12 ألفاً على تويتر، أحبهم ويحبونني، وشعوري بذلك جميل.

- ما السب وراء اختيار اسم «فروحة الصغيرة» تلك الشخصية الخيالية؟

أحببتها وعُرفت بها والتصقت بشخصيتي.

- ماذا تقولين لطفل «لها»؟

أي طفل يملك طموحاً ويحب أن يدخل عالم الأنيمي، لا يتردد مطلقاً، بل يلجأ الى تعليم ذاتي بوجود العديد من المصادر الإلكترونية، كما فعلت أنا حين بدأت بالرسم على الكمبيوتر من خلال برنامج الفوتوشوب.

- أين يكمن طموحي؟

أن أصبح من أفضل رسامي الأنيميشن في السعودية وأصل إلى ما وصل إليه والت ديزني، حتى أصبح معروفة عربياً وعالمياً وعملي يتكلّم عني.

- نهاية المطاف.

شكرا لـ«لها» ولكل أم تفتح المجال أمام أبنائها لتنمية مواهبهم.