جوليا بطرس: أميرة رومانية في ليلتين اسطورتين في صور

كارولين بزي 04 أغسطس 2018

على مدى يومين، استطاعت السيدة جوليا بطرس أن تستقطب حشوداً جماهيرية كبيرة وتجذب الأنظار إلى الصرح الروماني الأثري في مدينة صور الجنوبية. هي أميرة السلام والحب والنضال... فمن يعرف جوليا يدرك أن هذه المرأة القوية بمبادئها لم تغيّرها السنون ولا النجاحات، بل بقيت واثقة الخطى ومتجذّرة كأرزة من أرزات لبنان الشامخة.

ملأت جوليا المسرح، بحضورها وصوتها الذي صدح بأجمل أغنياتها، عن الحب والثورة والوطن والذكريات والنضال، فحوّلت الزحف الجماهيري الذي بلغ عدده إثنان وثلاثون ألف مشاهد، إلى كورس، ردّد أغنياتها التي حفظها عن ظهر قلب، متفاعلاً معها بالفرح والهتاف والدموع؛ مرّةً لدمعتها وأخرى لذكريات الثورة والنصر... هي جوليا القادرة على جمع التناقضات، والتي غابت عن جمهورها لأكثر من عامين، ثم عادت من بوّابة الجنوب، في ليلتين كانتا بمثابة حلمٍ لجمهورٍ ملأ المدرّجات، إذ كانت قد التقت بقاطني صور والجنوبيّين في حفلين في العامين 1991 و 1995، ومنذ ذلك الحين لم تحيي أي حفل عند شاطئ صور الرملي.

ذكريات خاصة

أطلّت جوليا كأميرة رومانية خلال الليلتين، بفستانين زاداها أناقةً من تصميم المصمّم العالمي ايلي صعب، وفي الليلة الأولى، علّلت تأخيرها عن الصعود إلى المسرح، برفع آذان العشاء.
استذكرت جوليا والدها الذي لطالما أمسك بيدها مصطحباً إياها إلى المسرح، قبل أن يسلّم المهمة الى زوجها النائب إلياس بو صعب، ذارفةً الدموع بعد أدائها أغنية «بكرا شي نهار»،
كما استعادت ذكريات أغنية «وين مسافر» مع زوجها، لتأخذ الجمهور في رحلة الى الماضي من خلال لوحات «غرافيكس» رافقتها على الشاشة من توقيع شقيقتها المخرجة صوفي بطرس.
«هل تذكرون الفستان الأخضر المزيّن بالأكسسوار الذي ارتديته في حفلٍ غنائي منذ أكثر من 23 عاماً؟»، سؤالٌ طرحته جوليا على الحاضرين، متذكّرةً والدتها، التي صمّمت لها ذاك الفستان، ولهذا الفستان ولكل فستان قصة مع والدة جوليا التي كانت تحرص على أن تطل ابنتها على المسرح بأبهى حلّة، فقدمت لوالدتها التحية وأدت أغنية «يا قصص عم تكتب أسامينا».  

نجاحٌ بمجهودٍ جماعيّ

وللحرية حكاية طويلة تجمع جوليا بجمهورها، فصدحت بأغنية «أنا بتنفس حرية» موجهةً رسالة حب وسلام من خلال تلك الأغنية: «هالدني بتساع الكل... إذا بدك منلاقي الحل ولو منفكر سوا». لم تغنِّ جوليا أناشيد الثورة والحرية والوطن بمفردها، بل رافقها في ذلك الجمهور فتوحّدت الأصوات لتزداد معها مشاعر الحماسة للحرية والسلام.
مزجت جوليا بين ذكريات الماضي والحاضر، وغنّت القديم والجديد، واختتمت الحفل بأغنية «أحبائي»، وكان لا بد للجمهور من أن يسمع أغنيتها «غابت شمس الحق»، التي أهدتها للجنوب فغنّتها وسط تفاعل الحضور الذي ردّد كلمات الأغنية معها.
نجحت جوليا برقيها وفنها وثقافتها، وباحترامها لكل فرد يسمعها، لكنه لم يكن نجاحاً فردياً، إنما جماعياً، بدءاً بالفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو هاروت فازليان، مروراً بجهود عائلتها، وخصوصاً شقيقها الملحن زياد بطرس الذي رافقها منذ البدايات في كل حفلاتها، واضعاً بصمة نجاح على كل عمل قدمته. في هذا الحفل، وقف زياد بين الجموع الغفيرة يراقب ويدقق في كل نوتة موسيقية، في كل كلمة تقولها جوليا، وكل أغنية تغنّيها ويردّدها معها الجمهور.
ولا شكّ بأنّ وجود عرّاب هذا النجاح، زوج جوليا الوزير السابق والنائب في البرلمان اللبناني الحالي إلياس بو صعب، أساسيّ كما في كلّ مناسبة، هو الذي قدّم كل الدعم لجوليا لتتسلق سلّم النجاح، ففي حفلها الأخير، لم يبخل على المسرح الأوبرالي الضخم بجهوده وإنتاجه وحتى سعة صدره والاستماع إلى تعليقات الجمهور بعد الحفل.
يُذكر أنه كان مقرراً في البداية أن تحيي جوليا حفلة واحدة في صور، لكن بعد نفاد البطاقات، طالبها الجمهور بحفل ثانٍ، فكان له ما أراد.