'قلب سلطان' يزرع الفرح في وجوه المحتاجين

المملكة العربية السعودية, الأمير سلطان بن عبد العزيز, رحيل

02 نوفمبر 2011

الأمير سلطان - رحمه الله- لم يتوقف عن مساعدة المحتاجين وكبار السن والأطفال، فقد مسحت يده الحانية على فوزية التي أدارت وجهها عن الحياة بعد حروق أخذت منها ابتسامة الأيام وفرحة الأنثى بجمالها، سرقت النار نظرة الأمل وأحلام المستقبل، والطفلة أشواق المسكونة بسرطان أنسى أهلها مفردات الفرح، وأعطاهم قهر ضيق اليد، وأبو عبدالله الذي غطست روحه في بحر الديون، وهام بوجهه وأولاده في الأرض، ووجه بعلاج الفنان الشعبي سالم الحويل في مدينة سلطان الإنسانية، وتكفل بعلاج الشاعر محمد الثبيتي، وانتشل عائلة أم سليمان وأمر لها بشراء فيلا، ووجه بمساعدة المصرية أم ذكرى.


وفي
هذا الصدد تقول أم محمد (45 عاما) : «كان الوقع أليماً علينا نحن السعوديات، فلقد اقترن الخير بسلطان، فقدنا الأب الحاني على أبنائه، فقدنا زعيماً بارزاً في العمل الخيري ليسى على مستوى السعودية بل العالم أجمع». وتضيف: «سلطان بمثابة الأب بالنسبة إلينا، مد يده الحانية لأسرتي عندما كنا نمر بظروف مالية صعبة، وبمجرد أن شاهد الخبر في صحيفة الحياة قام بمساعدتنا على الفور».

وفي صبيحة يوم السبت تحول مجلس أم سليمان إلى عزاء، ما إن تناهى إلى مسامعها خبر رحيل الأمير سلطان بن عبدالعزيز. تقول: "الكل في منزلي أجهش بالبكاء الحاد والنحيب، على أمير العطاء الذي هطل خيره علينا فغير واقع حياتنا، وأنتشل أسرة مكونة من 18 نفساً من الشتات والضياع».

وتضيف وهي تكفكف دموعها: «ليت بإمكان الكلمات إيصال بعض المشاعر التي أكنها ويكنها غيري لسلطان الخير، ولكن يكفيني أن أقول إن عمله الطيب سيظل ذكرى لنا ولأبنائنا مدى الحياة». وتجاوباً مع ما نشرته الشقيقة صحيفة" الحياة"، بشأن معاناة الفنان الشعبي سالم الحويل وجه الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعلاج الفنان في مدينة الأمير سلطان الإنسانية. وعلى الفور تفاعل المسؤولون في مدينة سلطان الإنسانية مع توجيهاته وسارعوا إلى معاينته والكشف عليه والبدء في علاجه.

يقول سالم الحويل: «خبر وفاة الأمير سلطان نزل علينا كالصاعقة، واليوم الحزن يلف كل السعودية وخاصة المحتاجين والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين غمرهم بكرمه وحبه لهم». وأضاف: «خسارة كبرى حلت بوفاة الأمير سلطان، الرجل الذي خص الضعفاء بعناية مميزة».

تقول فوزية: «شعرت بألم اليتم مرتين، في المرة الأولى عندما فقدت والدي، وها أنا أفقد الثاني، هو أب لم التقه يوماً ولم أره أمامي، إلا أن جميل صنعه وعظم سيرته وما قدمه لي ولأبناء شعبه أعطتني الحق لأن أعتبره أباً لي، ولكن الموت سلبه من محبيه». وتضيف: «قبل العلاج كنت أخشى الذهاب إلى المدرسة بسبب وجهي المشوه، والآن بكل فخر أقول لهم هذا وجهي الجديد  بعد تكفل الأمير سلطان بعلاجه وأعادني الى الحياة من جديد، رحمك الله ياسلطان الخير».

ولم يقتصر الحزن على السعوديين، فها هي دموع أم ذكرى (مصرية) شاهدة على ذلك. تقول: «لم أشعر يوماً بأني  أعيش خارج الوطن، وما قدمه الأمير سلطان يرحمه الله للمحتاجين في الداخل والخارج لا يمكن وصفه، وفقده ألم لا يمكن التعبير عنه». وتضيف: «مررنا بظروف مالية صعبة أنا وابنتي، ولكن قيض الله لنا سلطان الخير فساعدنا في مبلغ مالي لم أكن أحلم به ما حييت».
براءة الطفولة كان لها نصيب من الحزن والدموع، وها هي ذكرى (ابنة السنوات السبع)، تمسح دموع والدتها ودموعها شعوراً منها بأن المصاب جلل، وإلا لما ذرفت والدتها الدموع.

مشاري ومعتز الفقير من الشباب الذين تبناهم الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، يقول مشاري: «ليس بوسعي أن أذكر كل ما قدمه لي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمة الله عليه، إذ كفلني أنا وإخوتي منذ مراحل حياتنا الأولى ومراحل تعليمنا إلى أن وصلنا إلى مكانة مرتفعة على مستوى العمل والمجتمع». ويضيف أن "كلماته التي تشرح الخاطر وسؤاله المستمر للاطمئنان علينا أنا وأسرتي صنعت منا أفراداً مؤثرين في المجتمع ومحبين للوطن. ويضيف معتز الفقير قائلاً: «الأمير سلطان حولنا من حياة متواضعة إلى حياة العز والعيش الرغيد، فهو رجل العطاء والخير والوفاء في كل الظروف... لم يبق لنا سوى الترحم عليه والدعاء له بالرحمة، غفر الله له».

أما المواطن علي بن عبد الله القرني فيقول: «الأمير سلطان هو الرجل الذي أعادني الى الحياة بعد أن جارت علي الدنيا. هو رجل سخره الله ليفك أسري من قضبان السجن بعدما أمضيت في السجن عاماً بسبب حقوق مالية اذ كنت مطالباً بمبلغ 350 ألف ريال سعودي، فأمر لي بمبلغ 450 ألف ريال سعودي»، مضيفاً أن «تلك الوقفة لم تكن قاصرة علي شخصيا بل شملت جميع المطالبين بحقوق مالية في مناطق المملكة».

صيته بنت محمد بن عبد الله بن مساعد تحدثت وهي غارقة في الحزن قائلة: «الأمير سلطان قدم لي ولأبنائي كل ما بوسعه. كان كثير السؤال عني أنا وأبنائي. سلطان انتشلني من القاع ليضعني في أعلى قمة اجتماعية، أسبغ علينا الحب والحنان والعطف والصدر الأبوي الذي عجز عنه أقرب الناس إلينا. يبحث عن ما يدخل في نفوسنا السعادة والفرح رحمة الله على والدي الأمير سلطان. هو شخصية مختلفة لا يشبهها أحد. وهو بعد الله السبب في ما وصلت إليه من مستوى اجتماعي... لست أنا وحدي ألمني الخبر، ابني في سفارة خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة منهار منذ سماعه الخبر».

 وتستعرض قصة تلقيها خبر وفاة الأمير سلطان، ففي تمام الساعة الثانية فجراً أخبرتها أبنتها بأن الأمير سلطان وافاه الأجل فسألت هل هناك بيان رسمي من الديوان الملكي فإجابتها لا، فقالت لإبنتها هي لا تتجاوز الشائعة وطلبت منها أن تنام. وفي اليوم التالي بينما كانت في أدارة المدرسة التي تعمل فيها تفاجأت بأن ابنتها داخل الإدارة وتطلب منها الذهاب للبيت بعد تأكدها من خبر وفاة الأمير سلطان، مما جعلها تغيب عن الوعي من جراء الصدمة.

الفنان عبادي الجوهر تحدث والدموع تنساب من عينيه: «أصدق التعازي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام... كل الكلمات والألقاب تعجز عن تصوير مكانة الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز. الله يلهمنا الصبر والسلوان بفقدان رجل مهم ومؤثر خدم دينه وشعبه وأمته». ويضيف أنه لا ينسى وقفة الأمير سلطان معه شخصياً عندما كانت زوجته رحمة الله عليها تصارع المرض. «كانت تتلقى العلاج في لندن فعلم الأمير سلطان بأني أحتاج الى طائرة إخلاء طبي لنقل زوجتي إلى جدة، فبعث لي بطائرة خاصة إلى مطار هيثرو في لندن. رحمة الله عليه كان رجل الخير والمواقف التي تسعد المكلومين. نسأل الله أن يتقبله بواسع رحمته ويلهمنا جميعاً الصبر والسلوان».

الفنان خالد عبد الرحمن قال: «رحم الله  الأمير سلطان، نعم هو رجل الخير والعطاء، ونبراس الوفاء. زرع فينا الحب والإحساس بقيمة الوطنية. وما يجعلك تقترب منه وتعشق شخصه ابتسامته البراقة التي لاتغيب عن محياه. لن أستطيع أيفاء الأمير حقه من القول وليس بوسعي سوى الترحم عليه والدعاء له بالمغفرة».

من جهته قال الفنان ماجد المهندس: «ببالغ الأسى تلقينا خبر وفاة الفقيد المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز. ونعزي مليكنا وسمو الأمراء حفظهم الله، ونعزي أنفسنا بفقدان هذا الرجل الكبير في كل شيء الذي رهن نفسه لخدمة هذا البلد الطاهر وشعب المملكة الطيب، داعين الله عز وجل أن يتغمده برحمته التي وسعت السموات والأرض وان يسكنه فسيح جناته وان يلهمنا وأهلنا في المملكة الصبر على هذا المصاب. وإنا لله وأنا إليه راجعون».

الشاعر الذي أطلق عليه الأمير سلطان إسمه الشاعر عبد الله الشريف قال في وفاة الأمير سلطان: «الحقيقة المصاب جلل وعند فقداننا الأمير سلطان لاشك افتقدنا البسمة الحقيقية في الدنيا، وبالذات في منطقة عسير حيث كتن يزورنا كل عام مرتين ويأتي بكل الخير. تشرفت بالتغني باسمه في شعري وشرفني أن ألقب بشاعر سلطان. إذا نظرت في يدي وجدت ساعته، وفي صدري وجدت قلمه كما أشاهد البسمة التي زرعها على شفاه أبنائي. في كل مرحلة من مراحل شعري أتغنى بشخصيته الفذة الخيرة، فبصمات الأمير سلطان تجدها في كل صرح من صروح النهضة في عسير». 

قالت سيدة الأعمال السعودية غادة غزاوي ان ما من شخص لا يذكر ابتسامة الأمير سلطان وأعماله الخيرية التي أكسبته لقب «سلطان الخير». وأضافت: «جميعنا نتذكر مشاهده مع الطفل الصغير من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالنسبة الينا هو رمز من رموز المملكة العربية السعودية، وبالفعل شعرنا بالأسى والحزن كما لو أننا فقدنا الأخ الكبير للأسرة السعودية متمثلة بالحكومة والشعب».
وأشارت إلى أن «لديه الكثير من الأعمال المعلن عنها وغير المعلن ونتمنى أن يتم إخفاؤها ولا يُعلن عنها حتى يجزيه ربنا بها خيراً ويجعلها في ميزان حياته. ونعرف دائماً أن الأمير سلطان كان يُلبي النداء ولم يكن أحد يطرق بابه ويرده خائباً. ندعو له بالرحمة والمغفرة. وأذكر انه وفي رحلته ما قبل الأخيرة إلى أميركا زار المبتعثين من أبناء الوطن واطمئن الى صحتهم ودراستهم. رحمه الله واسكنه فسيح جنانه».

«كان الأمل بأن نلقاه، لكن تلك إرادة الله». بهذه العبارة بدأت سيدة الأعمال وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة ورئيسة مجلس إدارة شركة العين بالعين للبصريات الدكتورة عائشة نتو حديثها عن الأمير سلطان, وقالت: "الأمير الراحل كان يهتم كثيراً بذوي الاحتياجات الخاصة. وأنا أعمل مع الصم ومع الكفيفين فكان جلّ اهتمامه السؤال عن ذوي الاحتياجات الخاصة وعن التسهيلات ومدى مساعدة هؤلاء. ولا أقول سوى أحسن الله عزاء الشعب السعودي والخليجي والعربي».

قال حارس الأمن في شركة خاصة حسن عب الله بصراوي إن خبر وفاة الأمير سلطان فاجعة وصدمة كبيرة وهو «حيّ في قلوبنا بابتسامته التي لم تكن تفارق وجهه رحمه الله. فتلك الابتسامة كانت جسر التواصل بينه وبين شعبه الذي أحبه».
وأضاف: «خبر وفاته كان فاجعة كبيرة لنا، وهي صدمة أيضاً للعالم العربي. هو أحب الجميع والجميع أحبوه، وهو الذي كان يتفقد حاجات المواطنين ومتطلباتهم. الأمير والإنسان والكريم والمعطاء، كان ولا يزال يحتل المكانة الكبيرة في قلوبنا. نسال له الرحمة والمغفرة، فراقه صعب لكننا لن ننساه».

قال الأكاديمي السعودي الدكتور أبو بكر باقادر انه شعر بالحزن العميق عند سماعه خبر وفاة ولي العهد الأمير سلطان رحمه الله لما كان للفقيد من أيادٍ بيضاء وحضور في ميادين عديدة، "فهو من الأشخاص الذين ناصروا وجود الدول العربية في اليونسكو ومن تصدى لمبادرة وضع موسوعة، وله أكثر من ألفي إضاءة على مسألة شح المياه. ولا ننسى أعماله الخيرية من أجل المعاقين، وله نشاطات عديدة تمس حياة العديد من الناس، لذلك فإن غيابه عن الساحة لاشك أنه سيؤثر في الشعب وفي هذه الفئات العديدة. ندعو الله له بالغفران وأن يكون إنشاء الله محل رحمته».
وأضاف: «لا شك في أن غياب الأمير سلطان سيترك فراغاً كبيراً، وسيكون له التأثير الكبير على المنطقة بأكملها. ونأمل من الله عز وجل أن يتغمده بالرحمة من ناحية، وأن تتمكن السعودية من ملء هذا الفراغ من بعده بما فيه خير للبلاد والعباد إن شاء الله».

قال المشرف على المبيعات في شركة خاصة جميل غالب إن خبر وفاة الأمير سلطان «فاجعة للشعب السعودي، لأننا فقدنا الأب الحنون الذي لا يُعوض، ومواقفه تشهد على إنسانيته وعطائه وأياديه البيضاء التي بُذلت في سبيل خدمة المواطن وتوفير سبل العيش الكريم، ولم نسمع أحداً قصده ورده خائباً فقد كان أبا لليتامى والأرامل وكان عطوفاً على الفقراء والمحتاجين». وأضاف: «عندما سمعت الخبر دعوت له بأن يرحمه ويبعثه مبتسماً كما كان دائماً في حياته، فابتسامته كانت حقاً تميزه وترافق أعماله الخيرية، جعلها الله في ميزان حسناته وأسكنه فسيح جنانه، وله سبحانه ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ولا نقول إلا ما يرضي ربنا».