Home Page

حنان الشيخ: لهذه الأسباب رفضت الظهور...

ثقافة, تلفزيون الآن, السينما السورية, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, أوبرا وينفري, وردة الجزائرية, مسرحية, شكسبير, السير الذاتية, أديب خير, كتاب ألف ليلة وليلة, حنان الشيخ

21 نوفمبر 2011

في إطار المهرجان الثقافي السنوي في بيروت "صالون الكتاب الفرنكوفوني" قصدت حنان الشيخ المدينة التي هجرتها أيّام الحرب اللبنانية للمشاركة في.
هي فرصة لها أن تلتقي الزملاء ورفاق الدرب في مهرجان ثقافي كبير. وهي فرصة لنا أيضاً لنلتقي الكاتبة المثيرة للجدل في كلّ ما قالته وكتبته.
حنان الشيخ الكاتبة اللبنانية الجريئة تعود إلى الواجهة لتُثير الجدل مرّة جديدة بعد ضجة "حكايتي شرح يطول" عبر إعادة كتابة نصوص "ألف ليلة وليلة"، الكتاب الإشكالي روائياً وفكرياً وثقافياً.
حنان الشيخ فتحت لنا قلبها وأخبرتنا عن "صاحبة الدار شهرزاد" وعن علاقتها بشهرزاد وبوالدتها التي تركتها في طفولتها لتعيش مع حبيبها وعن غربتها ووطنها وعالميتها. فكان هذا الحوار


- هجرت بيروت في سبعينات القرن الماضي هرباً من الحرب... الحرب انتهت وحنان الشيخ لم ترجع إلى مسقط رأسها وقلبها. ألا تشتاقين إلى بيروت؟
أشتاق طبعاً. والشوق يؤلمني. عندما أتيت السنة الماضية مع زوجي إلى لبنان، كنت أقف على الشرفة وإذا بنسمة هواء تلفح وجهي.
صرخت. سألني زوجي ما الذي أصابني فقلت له إنّها النسمة نفسها، الهواء نفسه الذي كان يلامس وجهي في طفولتي ومطلع شبابي.
تحسّرت على هذا الشعور الجميل. ارتفع صوتي وقلت لزوجي إنّهم طردوني من وطني. ابتسم وأجابني بأنّي أنا من خاف وجبن وترك لبنان فيما بقيت عائلات أخرى تُعاني من ويلات الحرب.
غصّت الكلمات في حنجرتي وأخبرته أنّ مجرمي الحرب هم الذين اختلقوا الحرب ليطردونا ويبقى لهم لبنانهم يُقسمّونه كما يشاؤون.
أنا اليوم سعيدة جداً لأنني موجودة في بيروت كمُشاركة في نشاط ثقافي مهم مثل "صالون الكتاب الفرنكوفوني" ولأنني أحضّر لإصدار كتابي الجديد.

- في "صاحبة الدار شهرزاد" الذي يصدر قريباً عن دار "الآداب"، تُعيدين بطلة "ألف ليلة وليلة" الشهيرة إلى الواجهة. هل أردت مُحاكمة جديدة لشهرزاد؟
في الحقيقة لم أقرأ يوماً كتاب "ألف ليلة وليلة" من ألفه إلى يائه. كنت قد قرأت بعضاً من قصصه المجموعة في أجزاء مختلفة. قراءتي للقصص لم تكن أبداً متصلّة ومتسلسلة. الكتاب يتضمن ألفي صفحة وهذا ليس بقليل.
في صغرنا كنّا نقرأ قصصاً معينة من ألف ليلة وليلة مثل "علي بابا والأربعون حرامي" و"سندباد"، وإنما ليس كما وردتا في الكتاب الأصلي، بل بطريقة مُجتزأة موجّهة للأطفال.
كانت مغامراتهما ورحلاتهما مُصغّرة لتناسب سنّنا وعقلنا. ولكن بعد انتشار رواياتي في الغرب وترجمتها إلى لغات أجنبية، بدأت الصحف الغربية تهتم بي وبأدبي وصاروا يصفوني ب"شهرزاد الجديدة" أو "شهرزاد المعاصرة".
والمعروف أنّ شهرزاد هي الشخصية الشرقية الأكثر تأثيراً في الذاكرة الغربية. حينها، كنت أنزعج من التسمية لأنّ شهرزاد بالنسبة إلينا، نحن الذين لم نقرأها بتعمّق، ليست إلاّ نموذجاً مُستهلكاً عن المرأة التي تُساير الرجل حتى يرضى عنها وتفلت من عقابه.
لقب "شهرزاد الجديدة" دفعني لاقتناء الكتاب كاملاً بالعربية والتعرّف على هذه الشخصية عن كثب. صرت أراها في شكل مختلف. فهمتها أكثر. عرفت سرّ جاذبيتها. فُتنت بالكتاب.
عرفت مصدر الكثير من التسميات والكلمات والحِكم في عالمنا العربي مثل "ذات السواهي الدواهي" وقصة الإعرابي الشهيرة وغيرها. لم أكن أعرف تفاصيل قصة شاه زمان وشهريار اللذين تعرّضا للخيانة حتى قرّر الأخير القضاء على كلّ النساء انتقاماً لرجولته.
أمّا شهرزاد فهي كانت المرأة الجريئة التي طلبت من والدها أن يأخذها إليه لتُنقذ كلّ السيدات المُعرّضات للموت ولإنقاذ الملك نفسه من عقدته التي سببتها له امرأة ولتكشف له أسباب تلك الخيانة أيضاً. هكذا فهمت ماهية شهرزاد وأحببت قوتها وفطنتها وسحرها.

- وكيف وردتك فكرة إعادة كتابة "ألف ليلة وليلة"؟ وما الهدف منها؟
في الفترة التي قرّرت فيها التفرّغ لقراءة «ألف ليلة وليلة»، أنجزت قراءة أوّل خمسمئة صفحة من الكتاب. فكرت في كتابة شيء ما مُستوحى من هذه الأجواء.
ولكني كتبت بعدها "امرأتان على شاطئ البحر" و"حكايتي شرح يطول" ولم أصدر أي كتاب عن شهرزاد كما كان يجول في خاطري، إلى أن اتصلّ بي مخرج إنكليزي يُدعى تيم سابل، يُشبّه ببيتر بروك، يهتمّ بتقديم مسرحيات عالمية.
كان قد قدّم مسرحية من "ليلة صيف" لوليام شكسبير بنسخة هندية. سافر إلى الهند واختار ممثلين وموسيقيين من هناك وجعل مسرحيته ناطقة بخمس لغات هندية ومن ثم أتى بها إلى بريطانيا وقال لهم "تفضلّوا هذا هو شكسبير، يجب أن يكون عالمياً".
وهذا ما فعله تماماً في "ألف ليلة وليلة". أراد أن يُحقق حلمه القديم بتقديم مسرحية تنقل الأجواء الشرقية الحقيقية التي تعرضها ألف ليلة.
وقد اختارني شخصياً لأنه يعرفني ككاتبة عربية تعيش في لندن. وقد اتصلّ بي قبل سنوات بعد قراءته لرواية "إنّها لندن يا عزيزي" لأنّه أراد وزوجته المخرجة تحويلها فيلماً سينمائياً وهاتفني ليسألني عمّا إذا كنت أوافق على الفكرة أم لا.
فوافقت طبعاً إلاّ أنّه لم يستطع أن يؤمن إنتاجاً لتحويل الرواية إلى فيلم. ولكني بقيت في باله دائماً خصوصاً أننا كنّا نلتقي أحياناً في المناسبات الثقافية والسينمائية.
وفي الوقت الذي كان يُفكّر فيه بمَسرحة "ألف ليلة وليلة"، اطلع تيم على مُحاضرة قدّمتها بعنوان "شهرزاد الجديدة"، عرضت فيها مُقاربة بين شخصية شهرزاد والشخصيات النسائية التي عرفتها في حياتي من أمّي إلى صديقاتها وقريباتي وصديقاتي.
عندها اتصل بي وأخبرني عن نيته التعاون معي لتنفيذ عمل مسرحي يحكي قصص ألف ليلة وليلة باللغة العربية. وبدأنا بعملية اختيار القصص لأنّ المعلوم أنّ "ألف ليلة وليلة" بحر من الحكايا التي يصعب الاختيار في ما بينها.
وقدّمنا المسرحية التي شارك في بطولتها ممثلون من سورية ومصر والجزائر والمغرب وممثلة واحدة من إيران على مسرح تورونتو في كندا ولاقت نجاحاً كبيراً.
وكانت المسرحية نجمة مهرجان "إدنبره" الذي يحتفي أولاً بالمسرح الإنكليزي. وبعدها أتت فكرة الكتاب الجديد "صاحبة الدار شهرزاد".



- هل حافظت في "صاحبة الدار" على البنية الدائرية لألف ليلة وليلة وعلى تقنية توالد الحكايات، كلّ حكاية من الأخرى؟
حافظت طبعاً على البنية الدائرية ولم أغيّر في التقنية وإنما في حيثيات بعض الشخصيات والأحداث. عندما فكرت في تنفيذ كتاب "صاحبة الدار، شهرزاد" وقعت أيضاً في حيرة لدى اختيار النصوص.
فقرّرت أن أبدأ من قصة شهريار وشاه زمان، ثمّ أتبعتها بالقصة الأولى "الصيّاد والعفريت". وارتأيت أن أبدأ بهذا النصّ لأنّه في خطاب الصيّاد توسّل مباشر للعفريت، وهذا التوسّل يُترجم حال شهرزاد في الليلة الأولى: "أرجوك اعفني. احمني. لا تقتلني".
فوجدتها تستحق أن تكون القصة التمهيدية التي منها تتوالد القصص الأخرى. إلاّ أنني جعلت للصياد أخ يُدعى "الحمّال" وارتأيت مثل هذه الإضافة للمحافظة على تسلسل الأحداث بين القصص المُنتقاة من الكتاب- العملاق "ألف ليلة وليلة".

-  المساس بألف ليلة عمل ليس سهلا، بل هو خطر خصوصاً أنّه كتاب إشكالي روائياً وفكرياً وثقافياً. كيف تجرأت على إعادة تقديم كتاب راسخ في الذاكرة الاجتماعية إلى هذا الحدّ؟
في البداية خفت كثيراً من هذه الخطوة. التغيير أرعبني. ولكني قرأت تاريخ ألف ليلة وليلة ووجدت أنّه عُرضة دائمة للتغيير والتعديل. "الحكواتي" الذي كان يقف لسرد قصص ألف ليلة على الرجال المجتمعين في مكان ما، كان يتدخّل ويُغيّر بعض الأحداث وحتى النهايات وفقاً لرغبة المستمعين وانفعالاتهم.
وأنا أفكر أحياناً كيف يُمكن لكتاب مضى عليه ما يُقارب ألف سنة ولا يزال حيّاً فينا إلى هذه الدرجة، ما سرّ هذا الإرث الفكري المتجسّد في ألف ليلة؟ ولكني وصلت إلى يقين بأنّ حياة هذا الكتاب الخطير مُستمدّة من القصص المُتسلسلة التي لا تريد أن تنتهي أبداً، لا تريد أن تموت.

-  ما سرّ بقاء "ألف ليلة وليلة"؟
لماذا بقيت؟ لأنّها ببساطة تتكلّم عن الإنسان. عن الإنسانية. عن كلّ مقوّمات الحياة من الولادة إلى الموت. في قصص "ألف ليلة وليلة" نقرأ أحياناً أنّ فلاناً وفلانة تزوجا وفرحا إلاّ أنّ "هادم الملذّات" أتى.
إذاً هناك تذكير دائم للإنسان بأنّ ثمة نهاية تنتظره. ألف ليلة وليلة أراها كأعجوبة. الإنسان أوجدها لحاجته إليها. روى هذه الحكايات كلّها ليكتشف ذاته. ليفهم فلسفة الحياة. ليُحدّد عالمه هو.

-  هل اعتمدت في "صاحبة الدار شهرزاد" النصوص التي كتبتها للمسرحية؟
نعم. كتب هذا الكتاب كما كتبته للمسرح، بمعنى نصوص. لأنّ المخرج لم يطلب مني أساساً أن أكتب له نصّاً مسرحياً بل نصوصاً أدبية تحمل صوتي وأسلوبي ليستوحي منها ما يُريده للمسرحية.

-  لديك اليوم رؤية جديدة عن شهرزاد. فماذا تقول لها الكاتبة حنان الشيخ بعدما أعادت اكتشافها؟
أقول لها "سامحيني وحقّك على رأسي". كنت مُخطئة بحقها حينما أخطأت فهمها. هي جريئة وفنانة وموهوبة وأنا أحبّها اليوم وأتعلّم منها.

-  موقفك هذا يتناقض تماماً وموقف جمانة حدّاد التي كتبت في "هكذا قتلت شهرزاد" أنّ هذه الأخيرة تبعث برسالة مُشوّهة ومؤذية إلى النساء بحيث تقول لهنّ: "سايرن الرجل، امنحنه ما تملكن، وما يشتهي، وسوف يدعكنّ وشأنكنّ"...
كنت في صغري أتساءل لماذا لم تُسمّم شهريار وتتخلّص من جبروته بدل أن تُنهك نفسها بقراءة القصص يوماً بعد يوم والسيف يلتمع فوق رقبتها. ولكن بعد التعمّق في كوامن هذه الشخصية الغنية وأسرارها اكتشفت عظمتها وتضامنت معها.
هي الجريئة التي ذهبت إلى شهريار بنفسها واختارت ما تريد فعله بإرادتها. هي الذكية التي أرادت أن تُخلّص النساء من سيفه. هي الإنسانة التي حاولت تغيير صورة المرأة الماكرة والخائنة التي رسمها شهريار في ذهنه.
وهي القاصّة الموهوبة التي علّقت الملك في شباكها. شهرزاد امرأة غير عادية وغير تقليدية. نجحت في تحقيق كلّ أهدافها وعرفت كيف تُعيد شهريار إلى إنسانيته. وماذا نُريد نحن النساء غير ذلك؟ هدفنا ليس الصراخ بملء حناجرنا "نحن ضدّ الرجل، فليسقط الرجل!".
جلّ ما تريده المرأة أن تُغيّر بعض مواقف الرجل منها وتجعله في صفها، وهذا ما نجحت فيه شهرزاد.
علّمت شهريار أنّ الحبّ والجنس لا ينفصلان وأنّ العدالة والرحمة لا يفترقان، علّمته معنى الجمال والأمل والحلم والحنان في عالم لا يخلو من القبح والقسوة والسوداوية والعنف.

- روايتك "حكايتي شرح يطول" التي تكتبين فيها سيرة أمّك كاملة أحدثت صدمة ولقيت نجاحاً في ترجماتها إلى لغات عدّة. هل سعيت في هذا الكتاب إلى ما يُسمّى القتل الأوديبي، معكوساً للأم؟
في الواقع، لست أنا من سعى إلى هذا الكتاب. أمّي كانت تريدني أن أسمعها وأن أكتب عنها. لم أكن أعير توسلّها اهتماماً بل كنت غالباً ما أجيبها بفتور: "أعرف قصتك يا أمّي. أحببت شاباً اسمه محمد وتركتنا لأجله ومن ثمّ تزوجته وأسست معه عائلة جديدة".
كنت أتحاشى سماع قصتها إلى أن أخبرتني مرّة أنّ أحدهم قرأ لها رواية "حكاية زهرة"، وفهمت أنّها هي المقصودة وقالت لي: "غلبتني خشبة ورصاصة صغيرة، لو كنت أعرف الكتابة لكتبت قصتي وأوضحت لك كلّ ما لا تعرفينه".
عندها شعرت كم أصبحت أمّي كبيرة وأحسست بحرقتها وقرّرت أن أستمع إليها لأكتب ما تريد هي أن تقوله. قالت لي إنّها شاهدتني مرّة في أحد حواراتي القديمة على شاشة التلفزيون أتحدّث عن طفولتي وكيف تركتنا أمّي لتهرب مع حبيبها وتتزوجه، فسألتني هل ذكرت لهم لماذا تركتكم أمكم؟ هل قلت لهم في أيّ سنّ زُوّجت أمّك؟ عندها سألتها متى تُريد أن نبدأ فأجابتني بلهجتها الجنوبية الظريفة "إسّه إسّه" أي الآن.
عندها وقفت أمّي وصدحت بجملة أدهشتني: "حكايتي شرحٌ يطول، لو ما جرادة ما علق عصفور". والدتي هي التي روت القصة ووضعت العنوان من دون أن تدري.
كُثُر سألوني عما إذا كنت فعلاً سامحت والدتي التي تركتني وأنا في السادسة من عمري لتعيش حياتها مع من اختاره قلبها. وأنا بعد هذا الكتاب لم أشعر بأنني قتلت والدتي بتعريتها أمام القرّاء بل شعرت بأنني أنا التي ولدتها وأعطيتها الحياة. أعتقد أنني رددت لوالدتي اعتبارها بعدما ظُلمت كثيراً.

-  هناك مآخذ على تقديم "حكايتي شرح يطول" كرواية وهي ليست إلاّ سيرة كتبتها بلسان والدتك؟
استغربت ذلك أنا أيضاً، ولكن دار النشر ارتأت تقديمه على أساس أنّه رواية وليس أنا.



-  تُركّز الدور الغربية على الطابع الإكزوتيكي الذي تحمله الروايات العربية لئلا نقول الطابع الفضائحي والأمثلة كثيرة ولا حاجة الى أن نذكرها. هل انطبق هذا المعيار أيضاً على "حكايتي شرح يطول" التي تُرجمت إلى أكثر من 20 لغة ولاقت نجاحاً كبيراً؟
لا ابداً. فالروايات والكتب العربية التي تصدر كثيرة جداً ومنسوب الجرأة فيها ليس بقليل أيضاً. ولكن "حكايتي شرح يطول" كان لها نصيب من النجاح والإنتشار والترجمات والجوائز لأسباب عدّة.
أولاً أنا صرت كاتبة مقروءة نوعاً ما في الغرب، وهم أرادوا أن يتعرّفوا على سيرة أمّي التي لم يُصدّقوا أنها كانت أميّة وأنجبت كاتبة معروفة.
هذا بالإضافة الى أن القصة سببت صدمة للمُتلقي الذي استغرب كيف يُمكن لكاتبة عربية مُسلمة أن تكتب بهذه الصراحة عن والدتها الأميّة المُسلمة التي تمرّدت على واقعها بعدما زُوّجت وهي بعد طفلة، فأحبّت رجلاً آخر وهربت معه.
اندهشوا أمام موقف الزوج والأخوة الذين لم يُزهقوا روحها. الناشرة البريطانية سألتني كيف يُمكن لامرأة لبنانية مسلمة أن تفعل ما فعلته كاملة دون أن تُقتل.
أجبتها بأنّ ما تسمعونه وتقرأونه عن جرائم الشرف وعن تعنيف الزوجات في العالم العربي وخصوصاً في لبنان مضخّم جداً. ما يحصل في بلادنا هو ما يمكن أن يحصل في لندن وباكستان وأي بلد آخر في العالم.
كما أنّ لغتها السلسة وأحداثها المسلّية لعبت دوراً في إيصالها بشكل أكبر الى الناس. ولا بدّ من الإشارة الى أنّ هناك سببا آخر ساهم في نجاح الكتاب هو برنامج إذاعي ثقافي على أهم اذاعة في لندن "راديو 4" حيث اختارته مذيعته ليكون "كتاب الأسبوع" وقدّمت عرضاً مميزاً عنه على مدى سبعة أيام متواصلة، كما جاؤوا بممثلات عربيات أدّين قراءات من الكتاب الى جانب أغنيات عربية قديمة لعبد الوهاب، فكان اختيار "حكايتي شرح يطول" ضمن book of the weekأو كتاب الأسبوع بمثابة احتفالية به وبحنان الشيخ أيضاً.

- هل مجرّد ترجمة الروايات الى لغات عدّة يعني العالمية؟ وهل حنان الشيخ هي اليوم كاتبة عالمية؟
لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال. لا أدري. ولكن الترجمات طبعاً تُساهم الى جانب عوامل أخرى في انتشار الكاتب وجعله عالمياً. وانما لا أستطيع التحدث بصفة شخصية عن نفسي.

- هل قرأت كتابك بترجماته الأجنبية خصوصاً أنّها حققت مبيعاً كبيراً؟
قرأت الترجمة بالإنكليزية وأنا راضية عنها. وقيل لي إنّ ترجمة "كتابي شرح يطول" إلى اللغة الفرنسية كانت رائعة وأكثر من رائعة أيضاً.

-  هل تتدخّل الدور الأجنبية في تفاصيل كتبك وترجماتها؟
ليس دائماً. ولكن أذكر لك حادثة حصلت مع الناشر الإنكليزي الذي أتعامل معه منذ فترة. أخبرني عن إعجابه الكبير بالكتاب ولكنه طلب مني أن أسرد الحكاية بصوتي لأكون الراوية التي تحكي سيرة أمّها بدلاً من أن تسرد أمي حكايتها بنفسها.
أراد ألاّ أكون أكثر وجوداً في السرد. فأجبته أنني كتبت بصوت أمّي ولا يُمكن أن أسرق صوتها. وكتبت عشر صفحات كمقدّمة للكتاب كي أشرح للقارئ هدفي من وراء كتابة هذه السيرة ورأيي ومشاعري وما إلى ذلك.

-  هل صحيح أنّك رفضت دعوة أوبرا وينفري للظهور في برنامجها الأشهر في العالم؟
ومن أخبرك بهذا الأمر؟ في أي حال هذا صحيح.

- هل لك أن تُخبرينا تفاصيل الحكاية؟
بعد نجاح الكتاب في لندن وأميركا، أرسل الكتاب ضمن كتب أخرى طبعاً إلى أوبرا وينفري التي تختار مع فريق عملها الكبير ما تراه مُلائماً. ووجدوا في كتابي ما يجذب انتباه الناس إليه لكونه يحكي سيرة ذاتية لامرأة عربية مُسلمة أميّة تحدّت عائلتها وبيئتها وعشقت على زوجها وتركت منزلها وأطفالها وابنتها التي أصبحت في ما بعد الكاتبة المعروفة التي تجرأت على أن تنشر قصة أمها كما هي.
اتصلوا بي ورحّبت بالفكرة طبعاً إلاّ أنهم اشترطوا عليّ بعض الأسئلة التي لم أجد لها مبرّراً وكأنهم كانوا يُريدون إعطاء الحوار طابعاً فضائحياً إلى حدّ ما. لذا فضّلت عدم الظهور مع أوبرا بالشروط التي ترضي برنامجها على حساب اقتناعاتي الشخصية.
وأخبرتهم بصراحة أنني لا أرغب في الظهور معهم لتدخلهم الوقح في تفاصيل لا تهمّ البرنامج ولا المشاهدين. ولا أخفي عليك أنّ الدار التي تولّت نشر الكتاب في أميركا سألتني: "هل كنت تحلمين بالظهور في برنامج أوبرا؟".
الدار انزعجت كثيراً من القرار الذي اتخذته واعتبروا أن في رفضي لهذا العرض خسارة مادية كبيرة لهم كدار نشر. ولكني مقتنعة بما فعلت ولست نادمة على الإطلاق لأنني رغم الجرأة التي تُلازمني كصفة لا أقدّم أي شيء على حساب شفافيتي وصدقي واحترامي لنفسي ولأدبي.
ولكن في المجلّة التي تصدر عن برنامج أوبرا تناولوا الكتاب وقدّموا مقالة نقدية جميلة جداً ولم يأتوا على ذكر سوء التفاهم الذي حصل بيننا.

- هل توافقين على تسميتك بالأديبة النسوية أم أنّك ضدّ تصنيف الأدب على أساس التكوين الفيزيولوجي للأديب؟
تناولت كأديبة هموم المرأة ودافعت عنها، منذ كنت أعمل كمحرّرة في "النهار" كنت مهتمة بقضية المرأة وكتبت سلسلة "نساء مرتفعات" التي تعرض أوّل امرأة في مجالها كأوّل محامية، أوّل طبيبة، أوّل صحافية، أوّل مهندسة... وحاورت ثلاثين امرأة منهم.
كما كتبت روايتي "مسك الغزال" في الوقت الذي لم تكن الكتابات عن المرأة الخليجية مُنتشرة. كان هناك كاتبة في السعودية اسمها على ما أظنّ سميرة الخاشقجي، وكانت توقّع كتاباتها بإسم مُستعار "بنت الجزيرة العربية".
فأنا طالما كنت مُتعاطفة مع المرأة ورافضة للظروف التي تعيشها أحياناً. ولكني في المقابل أنا ضدّ التقسيم وخصوصاً في الأدب. على هذه الحال لا يُمكن إلاّ أن نعتبر أدب نجيب محفوظ ويحي حقي والطيب صالح نسوياً.