لا قانون يحمي الأشخاص ذوي الإعاقة!

كارولين بزي 25 أغسطس 2018

يعتبر لبنان من الدول القليلة التي وقّعت على اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري ولم يصادَق عليها وذلك في العام 2007، ولكن كان لبنان قد أصدر قانوناً يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2000، وهو القانون 220/2000، إلا أن هذا القانون لم يُطبّق حتى اليوم. لجنة حقوق الإنسان النيابية درست أخيراً حق المعوّق في العمل في القطاع العام، ولكن التوصيات تبقى توصيات إذا لم تنوِ المؤسسات التعاون لتنفيذها.

بهدف حضّ البرلمان اللبناني على المصادقة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي وقّع عليها لبنان في العام 2007، ولأن التوقيع لا يجعل من هذه الاتفاقية أداة دستورية وقانونية لتحسين حالة حقوق الإنسان، نظّمت جمعية Fe-male بالشراكة مع مرصد الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في لبنان وبدعم من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي، مؤتمراً في فندق Radisson Bleu وجلسة نقاش للوصول إلى الخيارات المتاحة للضغط على الحكومة والبرلمان اللبنانيين.

نائب المدير الإقليمي لحقوق الإنسان مازن شفورة: تونس تجربة يُحتذى بها في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

على هامش المؤتمر، تحدّث نائب المدير الإقليمي لحقوق الإنسان مازن شفورة، عن التجربة التونسية في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فقال: “تونس من أكثر البلدان العربية توقيعاً وانضماماً ومصادقةً، وإلى حد ما تطبيقاً في ما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. إذ شكلّت الهيئات المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ائتلافاً بالتعاون مع المفوضية السامية- مكتب تونس، وأيضاً مع الـUNDP وبعض وكالات الأمم المتحدة مثل اليونيسف وUNFPA وبذل القائمون عليها جهداً لوضع وثيقةً للأشخاص ذوي الإعاقة، وذهبوا إلى الحشد لصياغة هذه الوثيقة من خلال تشكيل لجنة صياغة بالتعاون مع أطراف المجتمع المدني وبعض النواب في البرلمان”. وأضاف: “عشية الانتخابات التشريعية العامة، اتبعوا طريقة ذكية واستباقية، فتوجّهوا إلى مرشّحي الكتل والأحزاب الكبيرة، مثل “نداء تونس” و”النهضة”... وهي الأحزاب التي سيتشكّل منها البرلمان المستقبلي، فحصلوا على تواقيع رؤساء الكتل ثم اتجهوا الى المرشحين، وبالتالي ضمنوا توقيع من وصل أو سيصل إلى الندوة البرلمانية على الوثيقة التي تم إقرارها. وكان قد وقّع عليها أيضاً الرؤساء الثلاثة (الجمهورية، ورئيس البرلمان التونسي والوزراء) قبل الانتخابات، مما سهّل عملية تشكيل لجنة نيابية تُعنى بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على غرار لجنة حقوق الإنسان، ولجنة حقوق المرأة”. وتابع شفورة: “كان هناك طرح طموح جداً بأن تتشكل لجنة وطنية على غرار المجلس الأعلى للطفولة ولجنة حقوق الإنسان”.
ولفت نائب المدير الإقليمي لحقوق الإنسان إلى أن التسمية الأصح هي “ذوو الإعاقة” وليس “الاحتياجات الخاصة” التي تعني العوز، معتبراً أن الرسوّ على تسمية “ذوي الإعاقة” لا بد من أن يستغرق وقتاً طويلاً. وعن الفارق بين التوقيع والمصادقة على الاتفاقية، قال مازن شفورة: “التوقيع هو الإعلان عن رغبة الدولة بأن تصبح طرفاً في الاتفاقية، ولكن المصادقة تعني أن على الجهة التشريعية في البلد، سواء كانت رئيساً للجمهورية أو برلماناً منتخباً، أن تُصدر قانوناً، وتعلن من خلاله: “نحن نصادق على انضمام السلطة التنفيذية الى اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة، وبهذا تصبح قانوناً وطنياً نافذاً، إلى أن يُعدّل القانون الجزائي أو قانون المعارف والتعليم فيحق بالتالي للقاضي أن يعود إلى نصوص الاتفاقية وليس الى القانون الوطني النافذ”.

عامر ملاعب: الأولوية هي وضع سياسات وطنية وقوانين لتنفيذ هذه السياسات

عن العبارة التي تؤثر سلباً في المعوّق، يقول عامر ملاعب المواطن اللبناني الذي فقد بصره إن “المعوقين أشخاص لديهم إعاقة واحتياجات خاصة، وبالتالي لا تزعجنا إحدى هاتين العبارتين ولكن يجب التفكير بالمعنى المقصود منهما. مضمون ذوي الاحتياجات الخاصة مختلف تماماً عن ذوي الإعاقة، لذلك لا ينزعج ذوو الإعاقة من عبارة “معوّق”، وإنما يتضايقون حين توجّه إليهم كلمات تحمل معاني سيئة. مثلاً عندما تقولين لي: “أنت شخص مش طبيعي”، فبالتأكيد هذا التعبير يزعجني”. ويشير عامر إلى أن مصادقة لبنان على اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة هي باختصار توقيع مجلس النواب على قانون المصادقة على الاتفاقية، والذي بنتيجته أعلنت الدولة التزامها بتطبيق الاتفاقية ولكنها لم تُطبّق مباشرةً، لأن هناك خطوات أخرى تسبقها.
ويتابع: “ما يهمّنا هو أن يكون هناك إقرار واضح بحقوق الأشخاص المعوقين. لغاية اليوم، لا إقرار بذلك. الأولوية هي وضع سياسات وطنية وقوانين لتنفيذ هذه السياسات لنستطيع التقدّم خطوات الى الأمام. مثلاً: لا قوانين تفرض أن يكون هناك طرقات أو ممرات خاصة بذوي الإعاقة، وبالتالي علينا استحداث قوانين محلية لتنفيذ الاتفاقية الدولية.
ويرى عامر ان عبارة “الله يشفيك” تزعجه لأنها تُقال للمريض الذي يتماثل للشفاء، فالمعوّق ليس مريضاً، وبالتالي يجب الفصل بين الإعاقة والمرض، فاعتبار المعوّق شخصاً مريضاً أمر يزعجه كثيراً.

النائب ميشال موسى: ندرس حلولاً لتطبيق القانون 220/2000

عن امتناع لبنان عن المصادقة على اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة على الرغم من التوقيع عليها، يقول رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى: “الإشكالية ليست في الاتفاقية ولكن في تطبيق بنودها، وحالياً ندرس حلولاً لتطبيق القوانين المتعلقة بذوي الإعاقة، وبالتالي فالتصديق على الاتفاقية لن يؤثر في الواقع إذا لم يتم تطبيقها”. ويلفت موسى إلى أنه تم سنّ عدد من القوانين المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة ولكنها لم تطبّق، مشيراً إلى القانون الرقم 2000/220، الذي صدر في العام 2000، والذي يهدف إلى إتاحة فرص الدمج الاجتماعي وتمكين المعوّق من لعب دور المواطن الفعّال والإيجابي وتكريس ذلك في نصوص واضحة في صلب القانون.  ويتابع: “درسنا أخيراً أحد بنود القانون، وهو الحق في العمل، واليوم مطلوب تنفيذ هذه القوانين، وهناك الكثير من المراسيم التنظيمية التي لم تصدر والأمور التنفيذية التي لا تطبّق، بالتالي من الضروري أن تقوم الوزارات المعنية بمهمّاتها في هذا الإطار”. ويشير موسى إلى أن اللجنة النيابية لحقوق الإنسان التي يرأسها، تضغط من خلال اجتماعاتها الدورية، وقد عقدت أخيراً اجتماعها الأول ضمن الولاية الجديدة لمجلس النواب الجديد، وتناول النقاش تطبيق حق المعوّق في العمل، إذ ينص القانون 220/2000 في المادة 73 منه على تخصيص وظائف للأشخاص المعوقين بنسبة ثلاثة في المئة على الأقل من العدد الإجمالي لكل الفئات والوظائف في القطاع العام.

أبرز ما جاء في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

تتألف الاتفاقية من ديباجة وخمسين بنداً.

* وقد ورد في الديباجة الفقرة “ج”، أن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية “إذ تؤكد من جديد الطابع العالمي لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وعدم قابليتها للتجزئة وترابطها وتعاضدها وضرورة ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بهذه الحقوق بشكل كامل ودون تمييز.

* الفقرة “هـ”، إذ تدرك أن الإعاقة تشكّل مفهوماً لا يزال قيد التطور، وأن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص المصابين بعاهة مع الحواجز والمواقف والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم مشاركة كاملة فعالة في مجتمعهم على قدم المساواة مع الآخرين. 

* وتنص المادة الأولى من الاتفاقية، على أن الغرض من هذه الاتفاقية هو تعزيز وحماية وكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتعزيز واحترام كرامتهم المتأصّلة. ويشمل مصطلح الأشخاص ذوي الإعاقة كل من يعانون عاهات طويلة الأجل، بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسّية، قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين.

* وتلتزم الدول الأعضاء وفقاً للاتفاقية في المادة الرابعة الفقرة “أ”، اتخاذ التدابير الملائمة، التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير، لإنفاذ البنود المعترف بها في هذه الاتفاقية.

* وفي الفقرة “ب”، اتخاذ كل التدابير الملائمة، بما فيها التشريع، لتعديل أو إلغاء ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف وممارسات تشكل تمييزاً ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.

* تنصّ المادة السادسة من الاتفاقية على أن الدول الأطراف تقر بأن النساء والفتيات ذوات الإعاقة يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز، وأنها ستتخذ في هذا الصدد التدابير اللازمة لضمان تمتعهن تمتعاً كاملاً وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.