مدرّبة الرياضة السعودية هيا صوّان: أحرص على أن أكون صورة مشرّفة لبلدي

كارولين بزي 27 أكتوبر 2018

تسعى لأن تكون مثالاً وقدوة لولديها، وتشدّد على ضرورة أن تهتم المرأة بصحتها من خلال الرياضة والغذاء السليم، لأن ذلك سينعكس إيجاباً على نفسيتها وعائلتها. مدرّبة الرياضة السعودية ومقدّمة الفقرة الرياضية في برنامج “همسة” هيا صوّان تعتبر أن الدعم والثقة اللذين تلقتهما من عائلتها، ولا سيما زوجها، حمّلاها مسؤولية تقديم الأفضل، وتؤكد أنها تسعى لتكون صورةً مشرفةً لبلدها. هيا الصوان في حوار.


- حدّثيني أولاً عن الجديد في الموسم الثاني من برنامج “همسة”؟

في الموسم الأول تناولنا القواعد الأساسية، وبما أنني Fitness Trainer، أمسك بفقرة الرياضة في البرنامج، ونسعى من خلالها إلى تحسين أسلوب حياتنا فنصبح رياضيين ونحافظ على لياقتنا. بدلاً من أن يكون الموسم الثاني من البرنامج عاماً، عمدنا الى تخصيص فقراته أكثر فتطرقنا إلى رياضة الحوامل، رياضة السفر... رغبنا في تبسيط نمط الحياة الصحي للناس بقدر استطاعتنا.

- هل واجهت صعوبات وأنت تمارسين مهنة التدريب الرياضي في السعودية؟

تلقيت دعماً من عائلتي وزوجي وأصدقائي، لذلك لم أواجه أي عراقيل في هذا الصدد. لكن أكثر ما يهمّني هو كيفية إيصال صورتي. حين أتحدث في أي موضوع، أحرص دائماً على ألاّ أمثل نفسي فقط، بل أسعى لأكون صورة عن بلدي.

- أي صورة للمرأة السعودية تحاولين تسليط الضوء عليها؟

ثمة خطوط حمر لا نتجاوزها. مثلاً، خلال البرنامج أُطلّ بملابس رياضية محتشمة، من أجل أن أعكس الصورة الجميلة لنساء بلدي. اليوم تتلقى المرأة السعودية دعماً كبيراً، ولا سيما في مجال الرياضة، الأمر الذي يسعدني ويُشعرني بالفخر كسعودية.

- كم هي نسبة النساء السعوديات اللواتي يرتدن النوادي الرياضية؟

النسبة ليست مرتفعة، ولكن رؤية 2030 تهدف إلى زيادة هذه النسبة لتصل إلى 40 في المئة.

- هل الرياضة نشاط كمالي أم أساسي في حياتنا؟

الرياضة أسلوب حياة، ولا أهدف من خلال ممارستها الى التخلّص من الكيلوغرامات الزائدة، أو التجربة. ربما أجرّب الرياضة، ولكنها تصبح أسلوب حياة، ولا تعود نشاطاً أقوم به فقط لأبدو رشيقة قبل حضوري حفلاً ما. حين تتحول الرياضة إلى أسلوب حياة، نلمس فوراً تأثيرها الإيجابي في حياتنا. أقرأ كثيراً عن كتب تطوير الذات، وأجد فيها استراتيجيات وتقنيات يمكن أن نطبّقها لتحسين الذات، ودائماً تشكل الرياضة أحد هذه العناصر.

- البعض يرى الرياضة بمثابة عقاب، كيف نجعل هذا العقاب أسلوب حياة؟

الإنسان بطبعه لا يحب التغيير، وكل تغيير يطرأ على حياته يعتبره عقاباً. وبما أن الجسم غير معتاد على الرياضة، فهو حتماً سيتعب. أنصح اللواتي يرتدن المركز الرياضي بالتنبّه الى الخطوة الأولى لأنها الأصعب. حين أقرر الذهاب الى النادي الرياضي وأتابع الصف الأول وأشعر بالألم، أتأكد من أنها الخطوة الأولى، وعلى الرغم من شعوري بالألم أُكمل هذه الخطوة بالتوجه في اليوم التالي إلى النادي الرياضي. سنعتاد على ذلك، وستنعكس نتائجه الإيجابية على شكل أجسامنا وحالتنا النفسية. ثمة دراسة تشير إلى أن أي عادة جديدة تحتاج إلى 21 يوماً كي تترسخ، فلنمنح أنفسنا 21 يوماً. يسعدني حين تسألني الفتيات في النادي عن موعد عودتي لأنهن يرغبن بحضور المزيد من الصفوف الرياضية، فالرياضة أصبحت جزءاً من حياتهن.

- كيف تستعيض مرتادات النادي عن غياب المدرّب الرياضي؟

في أثناء التدريب، لا أطبّق أسلوب التلقين في الرياضة، بل أعلّمهن الحركات وأشرح لهن معناها ليمارسن التمارين بمفردهن.

- ما هي الفئات العمرية التي ترتاد النادي الرياضي في السعودية؟

درّبت إناثاً من مختلف الأعمار، بدءاً من عمر 12 سنة وصولاً إلى 60 سنة، وتعرفت على دوافعهن. مثلاً بعض الفتيات الصغيرات يقصدن النادي نزولاً عن رغبة أمهاتهن، ثم يعتدن على ذلك، ويصطحبن صديقاتهن، وبالتالي يرتدن النادي كفريق. أما السيدات المتقدّمات في السنّ فيشعرن أن في استطاعتهن القيام بالنشاطات التي تقوم بها الفتيات الصغيرات. الفئات العمرية متفاوتة، ولكن الفئة العمرية الأكثر اهتماماً بصحتها تراوح بين العشرينات وآخر الثلاثينات، فهذا الجيل بات يعي تماماً أهمية الرياضة.

- في أي سنّ على الإنسان أن يبدأ بممارسة الرياضة؟

ابنتي في السادسة من عمرها وابني في سنّ الثالثة، أحببت أن يهتما منذ صغرهما بالرياضة. إذا لم يجرّب الفرد في صغره، فكيف يعرف أنه يملك هواية ما! مثلاً، أدخلت ابنتي الى نادٍ لكرة المضرب، لكنها رفضت الفكرة منذ اليوم الأول، فقلت لها إن لم تجرّبي فلن تعرفي ما إذا كنت تحبين هذه الرياضة أم لا. عندما ننمّي الروح الرياضية لدى الأطفال، فهم حتماً سيكبرون على أسلوب الحياة هذا.

- هل اكتشفت أن ولديك يهويان الرياضة؟

تضحك... هما يشاركانني في الصفوف الرياضية، رغم عدم رغبتهما في ذلك. أحب أن أصطحبهما إلى مكان عملي لسببين، الأول ليتعرّفا على طبيعة عملي، والثاني لتصبح الرياضة أسلوب حياتهما.

- ما أهمية أن يتعرف ابناك على طبيعة عملك؟

شاركت السنة الماضية في Boot Camp، وغالباً ما تشارك ابنتي في مخيمات. سألتني ابنتي عن مدة المخيم فأجبتها خمسة أيام، وقلت لها أنت تنتسبين الى المخيم لتتعلّمي أموراً جديدة، وأنا كذلك ما زلت أتعلّم المزيد من الأشياء. وفي ما يتعلق بالعمل، أحرص على أن أربّي ابنتي على مبدأ أن الرجل ليس وحده من يذهب إلى العمل ويتعب، بل المرأة أيضاً تتحمّل مسؤوليات إلى جانب كونها زوجة وأمّاً تربّي أطفالها، ومع ذلك عليها أن تهتم بنفسها وتحقق أحلامها وتخدم مجتمعها. أسهل طريقة لتعليم أطفالنا هي أن نكون مثالاً وقدوة لهم.

- إلى أي مدى يدعمك زوجك ويتقبّل ظهورك على الشاشة وأنت تمارسين الرياضة على مرأى من العالم؟

زوجي هو داعمي الأول في كل شيء، ولا سيما في العمل، وحتى عندما أتلقّى أي عرض عمل يُشعرني بالقلق، يشجعني على خوض التجربة من دون خوف أو قلق.

- إلى أي مدى تشجيعه لك يعزز ثقتك بنفسك ويحمّلك مسؤولية؟

أحتاج دائماً الى دعم زوجي، فهو يقوّي ثقتي بنفسي ويجعلني قادرة على تحمّل المسؤولية وتقديم أفضل ما عندي.

- هل الغذاء السليم والرياضة يكمّلان بعضهما بعضاً، أم أنهما منفصلان؟

هما بالتأكيد يكمّلان بعضهما بعضاً، فالغذاء يشّكل 80 في المئة من صحة الإنسان، والرياضة النسبة المئوية الباقية.

- ثمة من تعتقد أنها بممارسة الرياضة تتخلص من السعرات الحرارية...

النظام الغذائي السيئ يرهق أجسامنا من الداخل. قد تمارس المرأة الرياضة ولكنها لا تتمتع بجسم رياضي بسبب سوء التغذية، وأشدد خلال التدريب على أن الرياضة والغذاء يكملان بعضهما بعضاً. لكن علينا ألاّ نحرم أنفسنا من أي شيء.

- ما هي المحظورات في أطباقك؟

لا أحرم نفسي من أي نوع من الطعام، لأنني أتّبع نظاماً غذائياً يمكنني الاستمرار فيه مدى العمر. فهل يمكنني العيش بلا أرزّ أو خبز؟ أتناول كل شيء باعتدال، ويجب أن نختار أطباقنا بذكاء، مثلاً في عطلة نهاية الأسبوع وخلال العشاء أتناول الحلويات، ولكنني لا آكلها يومياً، وفي الوقت نفسه أمارس الرياضة بانتظام. من الضروري أن نتعرف على مكوّنات أطباقنا، وثمة من يتناول وجبة واحدة في اليوم، وهذه نظرية خاطئة، ذلك أن معدّل حرق السعرات الحرارية سيتراجع مع عدم انتظامنا في الغذاء. فلنبتعد عن الأطعمة المعلّبة، والتي تحتوي على سكريات، ولنعتمد على كل ما يمكننا تحضيره في البيت.

- ما هو عدد المرات المثالي لممارسة الرياضة؟

علينا أن نمارس الرياضة ثلاث مرات في الأسبوع، ما بين 45 دقيقة وساعة، ويمكننا ممارستها كل يوم نصف ساعة تقريباً. نحاول القيام بحركات في يومنا العادي، مثل “السكوات” والـ Push up وغيرهما، إضافة الى تمارين مثل القفز فوق الحبل، السباحة والركض.

- كم من الوقت علينا الانتظار بعد الأكل لممارسة الرياضة؟

من نصف ساعة إلى 45 دقيقة قبل الرياضة وبعدها، ويمكننا تناول الموز أو التمر أو العصائر، ولكن بعد الرياضة يجب تناول البروتين سواء الحيواني أو النباتي، لأن أنسجة العضلات تتمزّق خلال ممارسة الرياضة، لتعود وتلتئم بعد التمرين. البروتين يساعد العضلة في إعادة بناء نفسها، ومصدره الدجاج، التونا والسلمون.

- كيف يمكننا تجنّب زيادة الوزن مباشرةً بعد البدء بممارسة الرياضة؟

قبل ممارسة الرياضة تكون العضلة في سُبات، وما إن نبدأ بالرياضة حتى ينتفخ الجسم لأن العضلة بدأت بالتحرك، وبعد اعتيادها على الرياضة يستعيد الجسم شكله الطبيعي، اذ لا يمكننا أن نحكم على شكل الجسم في البداية. وهذا يتعلّق أيضاً بالغذاء السليم، إذ يتناول البعض الدهون، وبالتالي تتكدّس الدهون في الجسم ويكبر حجم العضلات. هناك مفهوم خاطئ بأن الدهون تتحول الى عضلات، وعندما نتوقف عن ممارسة الرياضة يتحول العضل إلى دهون، وهذا ليس صحيحاً لأن العضل شيء والدهون شيء آخر، ولكل منهما وزنه ومكانه المناسب في الجسم.

- متى نستطيع الحصول على استراحة؟

بقدر ما يحتاج جسمنا إلى الرياضة، نكون بحاجة الى الراحة، ونقسّم أيام الاستراحة إلى Rest Days وActive Rest Days. في القسم الأول، يمكننا المشي في الطبيعة من 15 دقيقة إلى نصف ساعة، أما في الـActive Rest Days فيمكننا الذهاب إلى البحر والسباحة، وبذلك نكون قد مارسنا نشاطاً من دون أن نذهب الى النادي.

- متى يبدأ الجسم بحرق الدهون؟

عندما يتعرّق الجسم، يتخلص من السوائل والسموم، وبعدها يبدأ بحرق الدهون، فعملية الحرق تتم عبر مراحل، مثلاً: الشباب يحرقون أكبر كمية من الدهون من خلال العمل على زيادة الكتلة العضلية والاهتمام بأسلوب غذائهم.

- هل يهتم الرجال بمظهرهم الخارجي أكثر من النساء من خلال الرياضة؟

“الجمال هو القوة”، هو مصطلح بات يتردد أخيراً. في الماضي لم نكن نرى فتيات يرفعن الأثقال، ولكنهن اليوم يقمن بذلك. هناك فتيات لا يفقهن شيئاً عن الرياضة، فيعتقدن أنه بمجرد رفعهن وزناً خفيفاً ستفقد أجسامهن شكلها الأنثوي. هذا اعتقاد خاطئ. والمرأة عادة تحتاج إلى وقت أطول مما يحتاجه الرجل لتنمي عضلات جسمها، ذلك أن في جسم المرأة سبع طبقات من الدهون، بينما لدى الرجل طبقة واحدة.

- كيف يمكننا ممارسة الرياضة خلال الدورة الشهرية بحيث يتعب الجسم أكثر من الأيام العادية؟

علينا أن نستمع الى أجسامنا. إذا لم نكن قادرات على الركض أو القفز فيمكننا ممارسة تمارين بسيطة. حتى أن قلّة النوم قد ترهقنا أحياناً، فنبدأ بتمارين خفيفة ونرفع الوتيرة في اليوم التالي بعد حصولنا على قسط من الراحة. قلّة النوم والإرهاق والضغط... كلها عوامل تؤثر سلباً في صحة أجسامنا.

- أي نصيحة تسدينها للمرأة التي لم تمارس الرياضة بعد؟

أنصحها بعدم الخوف من التغيير، وأن تحبّ نفسها وتولي اهتماماً لصحتها، فذلك سيؤثر إيجاباً في نفسيتها وفي علاقتها بعائلتها.