عمل المرأة 'ليدي غارد'
عمل المرأة, نساء, سلمى المصري, خيانة, قضية, رأي الدين, رجل / رجال دين, ضوابط شرعية, الشريعة الإسلامية, المحرمات, تقليد
16 أبريل 2009سد الفتنة
ويؤكد الداعية الإسلامي الفضائي الشيخ محمد حسان أن من «أعظم الضمانات الوقائية التي وضعها الإسلام للمرأة المسلمة أولاً ولأفراد المجتمع الإسلامي ثانياً أن حرّم الخلوة بين المرأة الأجنبية والرجل الأجنبي وأن حرّم الاختلاط المستهتر، لأن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميلٌ عميق في التكوين النفسي والحيوي وهو ميلٌ دائمٌ لا ينقطع ولا ينتهي. والمرأة بطبيعتها فطرت على الأنوثة والجمال وحب الزينة، ليتم الانسجام بينها وبين شريك حياتها كما أراد الله. والإسلام لم يتنكر لتلك الفطرة التي فطرت عليها المرأة، ولم يعاكسها الإسلام في أنوثتها، وحبها للزينة والجمال، ولكنه أحاطها بسياجٍ من الوقاية و لا يريد لها أن تعبث بها الأيدي الآثمة ولا أن تمتد إليها النظرات الطامعة وخلوة محرمة في دين الله ولو كانت بين أصلح الرجال وأتقى النساء هي حرام، لا يقل أحد: أنا أثق بأخلاق المرأة وبتربيتها وأن الرجل ذو أخلاق وأثق بورعه وزهده وتقواه، المرأة امرأة، والرجل هو الرجل بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى فقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأةٍ ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان». فالشيطان شريكٌ في هذا اللقاء ويزين المرأة في عين الرجل ولو كانت دميمة ويزين الرجل للمرأة ولو كان قبيحاً. وقد أوضح لنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم أن المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان، فيزينها في قلوب الرجال، ويزين الرجال في قلبها. وربما تكون المرأة تقية نقية طاهرة وخرجت لحاجة من حوائجها الضرورية دينية كانت أو دنيوية، إلا أن الشيطان لا يدعها وإنما يزينها للرجال، فما ظنك بعد ذلك بامرأة موجودة بحكم العمل مع رجل في كل مكان ولا تفارقه إلا وقت النوم؟!.
تطويع الشريعة
وترى الدكتورة عفاف النجار عميدة كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة أننا «مطالبون بتطويع أحوالنا لتوافق شريعة الله وليس تطويع الشريعة لتوافق الأهواء أو الآراء أو الظروف، فهذا لا يحل في دين الله. وقد نهى الله سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلم وكذلك أمته عن اتباع الأهواء أو الابتعاد عن أحكام الشرع إرضاءً لأهواء الآخرين، فقال: «فلذلك فادع وأستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم » سورة الشورى آية 15. وحذرنا الله من التقليد الأعمى لكل ما يأتي إلينا من البلاد غير الإسلامية وفيه مخالفة للشرع فقال تعالى: « فإن لم يستجيبوا لك فأعلم إنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن أتبع هواه بغيرهدى من الله إن الله لايهدي القوم الظالمين» سورة القصص آية50 . وحذرنا من خداع أنفسنا باسم التحضر والسلوكيات المنهي عنها شرعاً فقال تعالى: «أفمن كان على بينّة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم »آية 14 سورة محمد. ونهانا القرآن عن اتباع النفس الأمارة بالسوء فقال: «ولو أتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون» آية 71 سورة المؤمنون.
حماية العرض
وتشيرالدكتورة مهجة غالب رئيسة قسم علوم القرآن في جامعة الأزهر الى أن «الإسلام يمنع أي منفذ للفتنة بين الرجال والنساء حتى من المقربين الذين يعرفون بعضهم، ويفترض أن يحافظ الرجل فيه على عرض المرأة كأن تكون زوجة أخيه مثلا،ً فحرم الإسلام ذلك حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إياكم والدخول على النساء»، فقام رجلٌ من الأنصار فقال: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ فرد الرسول «الحمو الموت». الحمو هم أقارب الزوج الذين يغلب العرف على دخولهم على المرأة مثل أخ الزوج مثلاً وربما لا تقع المعصية من أول مرة، والشيطان له خطوات ويعمل على الوصول إلى هدفه على مراحل ولهذا حذرنا القرآن منها فقال تعالى: «ولا تتبعوا خطوات الشيطان» آية 208 سورة البقرة . ومن يتأمل القرآن سيجده يروي لنا قصة امرأة شريفة عزيزة وجيهةٍ غنية جميلة مع يوسف عليه السلام الذي كان خادماً لها في البيت فقال الله سبحانه: «وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبوب وقالت هيت لك» آية 23 سورة يوسف. هذا حدث مع نبي عصمه الله فما بالنا بنا وكثير منا ضعيف الدين سواء كانوا رجالاً أو نساء».
خلوة محرمة
وأعلن الشيخ يوسف البدري رفضه التام لعمل المرأة في هذه المهنة التي «يرفضها الشرع لما فيها من الخلوة المحرمة شرعاً حيث يغلب في كثير من الأحيان انفراد الرجل بامرأة أجنبية منه في أماكن بعيدة عن أعين الناس وتدور بينهما الأحاديث التي قد تكون مدخلاً للشيطان، حتى لو كانا على مرأى من الناس دون سماع حديثهما. وقد منع الشرع الخلوة المحرمة لأنها من مقدمات الفتنة وخطوة في طريق الخطيئة وذريعة إليها، فما بالنا إذا كان الرجل من حقه الخلوة الحسية بمن تعمل معه بعيداً عن أعين الناس بحجة السرية وأنها الليدي غارد الخاصة به والضرورة الأمنية تتطلب وجودها معه في كل مكان».
ووصف البدري عمل الفتيات في هذه الوظيفة بأنه تقليد للغرب قائلاً: «تحرم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه بإجماع أهل العلم وذلك لورود النصوص الصريحة بالنهي عنها والتحذير منها، وأشهرها قوله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون*وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» الآيتان 30-31 سورة النور. ومن المعروف أن ما ظهر منها يقصد به الوجه والكفان، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن إلا ومعها محرم»، وغيرذلك الكثير. بل إن هذه الوظيفة تتعارض مع أعراف الشرق العربي المسلم وتقاليده، ومع هذه الوظيفة التي يقوم بها الرجال على خير وجه ودون أية محاذير شرعية ،أما بالنسبة الى المرأة فكلها أخطار في العمل ومحظورات شرعية يرفضها الإسلام حماية لعرض المرأة وسمعتها وسداً لأبواب الفتنة الشيطانية حيث يجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم ويوسوس له بالمعاصي، فما بالنا بفتنة النساء التي حذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء». واستشهد الشيخ البدري بما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية عندما سئلت: هل الخلوة هي فقط أن يخلو الرجل بامرأة في بيت ما بعيداً عن أعين الناس أو هي كل خلوة رجل بامرأة ولو كان أمام أعين الناس؟ فأجابت: ليس المراد بالخلوة المحرمة شرعاً انفراد الرجل بامرأة أجنبية منه في بيت بعيداً عن أعين الناس فقط بل تشمل انفراده بها في مكان تناجيه ويناجيها وتدور بينهما الأحاديث ولو على مرأى من الناس دون سماع حديثهما سواء كان ذلك في فضاء أو سيارة أو حتى سطح بيت أو نحو ذلك، لأن الخلوة منعت لكونها بريد الزنى وذريعة إليه فكل ما وجد فيه هذا المعنى ولو بأخذ وعد بالتنفيذ بعد فهو في حكم الخلوة الحسية بعيداً عن أعين الناس.
تنافي الحياء
وتؤكد الدكتورة ملكة يوسف زرار أستاذة الشريعة في جامعة القاهرة أن «المرأة رأس مالها وبضاعتها الحياء المقترن بالإيمان، إذا تم التنازل عن أحدهما ضاع الآخر، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت»، لأن الحياء خصلة عظيمة من صفات المرأة المسلمة النقية المؤمنة التقية وهو لايأتي لها إلا بخير. وقد قالت الكاتبة إلانكليزية إلزي كوك وهي التي تعيش في مجتمع غربي مفتوح: «إن الاختلاط بين الرجال والنساء شيءٌ يألفه الرجال وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى». وقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية عكس ما يردد دعاة الاختلاط والخلوة بلا ضوابط شرعية حيث يقولون: إن الاختلاط يهذب غريزة الرجل و يخفف من الكبت الجنسي بين الرجل والمرأة لأن الرجل مع المرأة بارودٌ إلى جوار النار لا بد أن يشتعل حتماً وإن تأخر، ولهذا فإن الجرائم الأخلاقية تنتشر بكثرة إذا تم تهميش الدين أو تغييبه من حياتنا بوجه عام أو في الاختلاط بوجه خاص».
النساء فقط
وتتخذ الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية موقفاً وسطاً في القضية بإعلان تحفظها عن عمل المرأة في هذه الوظيفة بشكل مطلق ولكن يمكن قصرها على حراسة النساء فقط، ولا مانع من إعطاء المرأة الفرصة والتجربة على ان نحكم عليها بعد ذلك، خاصة أن كل «ليدي غارد» لا يشترط أن تكون مع رجل بل إن هناك من الأسر التي تكون فيها النساء في حاجة ماسة إلى الحماية، وبالتالي فإن عمل المرأة هنا يكون أكثر ملاءمة من «البودي غارد»، خاصة أن عدد سيدات الأعمال في تزايد مستمر وهن في حاجة ماسة إلى حراسة. ولهذا لا مانع من عمل المرأة في حراسة بنات جنسها فقط وفي ضوء الضوابط الشرعية.
الضوابط
رجال الدين انقسموا حول تلك الوظيفة، فترى الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، أن الإسلام وضع ضوابط معينة لعمل المرأة أهمها أن تكون في حاجة الى العمل أو يكون العمل في حاجة ماسة إليها ولا يستطيع الرجال القيام به. والخلوة الشرعية المعتبرة في كلام أهل العلم هي اجتماع المرأة الأجنبية بالرجل الذي يحل له الزواج فيها بحيث لا يكون معهما أحد وفي مكان لا يطلع عليهما فيه أحد، وبالتالي فإن كل وسيلة تؤدي إلى الخلوة أو تكون من مقدماتها حرام شرعاً، كما أن القواعد الشرعية المقررة تحكم «بسد الذرائع ودرء المفاسد». ولاشك أن هذه الوظيفة ستكون فيها مفاسد محققة وخاصة في ظل كثرة الاحتكاك والتعامل بين الرجل ومن معه من «ليدي غارد»، سواء كانت واحدة أو أكثر. ومن القواعد الشرعية التي تمنع هذه الوظيفة قاعدة «الوسائل لها أحكام المقاصد». والوسيلة هنا ممنوعة شرعاً.
التقليد الأعمى
وتؤكد الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد-جامعة الأزهر، أنه «ليس كل ما يأتي به الغرب ويتحدث عن حرية المرأة يوافق عليه الإسلام بل ولا التقاليد الشرقية، ولهذا أتساءل: ماهي الضرورة الملحة التي تجعل عمل المرأة «ليدي غارد» أمراً ضرورياً لا غنى لها عنه أو أن الحياة لن تسير بدونه ؟
وقد حدد الإسلام ضابط الخلوة بأنه هو اجتماع رجل بامرأة أجنبية عنه في مكان أو وضع لا تؤمن معه الريبة عادة. ومن المتفق عليه أن هذه الخلوة بامرأة أجنبية محرمة شرعاً، والأجنبية هي من ليست زوجة ولا محرماً. وجاء في الموسوعة الفقهية: «اتفق الفقهاء على أن الخلوة بالأجنبية محرمة ولا يخلونّ رجل بامرأة ليست منه بمحرم ولا زوجة لأن الشيطان يوسوس لهما في الخلوة بفعل ما لا يحل. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان».
أثار إعلان إحدى شركات الحراسة الخاصة في مصر عن استعانتها بالمرأة للعمل «ليدي غارد» سواء بشكل منفرد أو جماعي بحيث تكون مع من تحميه من نساء ورجال كظلهم ولا تفارقهم إلا وقت النوم، ردود فعل متناقضة بين علماء الدين الذين منهم من عارض عمل المرأة في هذه المهنة، ومنهم من أيدها... فماذا قالوا؟
بدأت القضية عندما أعلنت إحدى الشركات الخاصة المتخصصة في الحراسة قبولها الفتيات المصريات لامتهان وظيفة «حارس شخصي» بعدما كانت حكراً على الرجال، وذلك شرط التزامهن شروطاً ومعايير صارمة تتناسب مع طبيعة عمل «الليدي غارد»، وفي صدارتها اللياقة البدنية ووجود أفضلية لخريجات كلية التربية الرياضية نظراً الى ما تعتمد عليه المهنة من لياقة بدنية، وأن تكن رشيقات سريعات الحركة والتصرف في أصعب المواقف. والأفضلية ذوات المؤهل العالي اللواتي يجدن لغة أجنبية واحدة على الأقل، على أن يخضعن في البداية لاختبارات قاسية سواء كان ذلك على المستوى العضلي أو النفسي كتمثيل موقف يتعرض فيه العميل لخطر، فضلاً عن اختبارات نفسية متخصصة لمعرفة سرعة الاستجابة وردود الفعل والسيطرة على الأعصاب والتصرف بحكمة إزاء أي موقف مفاجئ.
وأوضحت شركة الحراسة أن الفتيات سوف يخضعن لتدريبات نفسية على أيدي خبراء تنمية بشرية وأطباء نفسيين لتمكينهن من السيطرة على مشاعرهن،ً سواء كان ذلك تجاه سيدة تحرسها أو تجاه أماكن مهمة ومختلفة تتعرف عليها الفتاة للمرة الأولى... ولا مجال للغيرة الأنثوية هنا، ويجب أن تتحلى «الليدي غارد» بالأمانة وكتمان الأسرار لأنها تكون مع العميل مثل ظله ولا تتركه إلا عند خلوده الى النوم.
وأشار مسؤولو الشركة إلى أنه لا يشترط أن تكون الفتاة الحارسة محجبة إلا بناء على طلب العميل الذي يحدد زي من يختارها، فله القرار في أن تكون محجبة أم لا. وبعض الشخصيات تحتاج الى أكثر من فتاة علماً ان الطاقم مكون من 3 فتيات و كبار الشخصيات يحتاجون إلى طاقم أو أكثر. وأمنياً ممنوع تماماً حمل السلاح لهؤلاء الفتيات، ولكن الفتاة يمكنها التعامل تماماً مع أي موقف من شأنه حماية عميلها بطرق مختلفة بعيداً عن السلاح. وسيتم تدريب الفتيات في بعض الدول الأجنبية حتى يكن على أعلى مستوي من الكفاءة في أداء وظائفهن.
أرفض افتراض الخيانة
على الجانب الآخر يدعو الكاتب الإسلامي جمال البنا إلى التمهل في النظر إلى القضية وتوجيه الاتهام إلى المرأة والرجل بالانحلال الأخلاقي، مع أنه من حق المرأة العمل في وظيفة يقوم بها الرجل اذا كانت قادرة على ذلك. أما موضوع الانحراف فحسابها فيه على الله المطلع على عباده والقائل في القرآن الكريم: «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور». وفي ظل حالة البطالة التي تعانيها الفتيات اليوم فإنهن قد يكنّ في حاجة ماسة الى العمل ولا يجدن غير هذه الوظيفة، أليس هذا عذراً شرعياً نص عليه القرآن في قوله تعالى: «فمن أضطر غير باغٍ ولاعادٍ فلا إثم عليه» والقاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات». و«لهذا أرى أن عمل المرأة في هذه المهنة إذا أستطاعت أن تحافظ على نفسها وعرضها فلا مانع منه شرعاً، ولا يجوز شرعاً الافتراض المسبق للخيانة وإصدار الأحكام».