الإعلامية مريم الشحي

مناصب قيادية, جمعيات خيرية, جمعية نهضة المرأة, برنامج تكاتف للتطوّع الإجتماعي, الإمارات العربية المتحدة

17 يونيو 2009

ارتبط اسمها بالعديد من الجمعيات الخيرية، ليعرفها الجميع في الإمارات بحكم وجودها في كل مكان. صاحبة يد بيضاء، وبسمة لا تنضب تخبئ وراءها الأصالة والكرم. حصلت على المركز التاسع في انتخابات المجلس الوطني على مستوى رأس الخيمة لتكون الأولى بين مرشحي المجلس نسائياً. وتمثيلها للمرأة في انتخابات المجلس الوطني وحصولها على أعلى صوت نسائي كان الدليل - كما ترى - على ثقتها بنفسها وجرأتها، وعلى أهمية وجود المرأة في الحياة السياسية في الإمارات.

كرمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي على أعمالها التطوعية. وتعتبر من الفعاليات النسائية الرائدة في مجتمع الإمارات، وهي معروفة بحماسها وأعمالها في مختلف المجالات، وما زال لها السبق الدائم في مساعدة المحتاجين عن طريق علاقاتها المتعددة بالجمعيات الخيرية والمؤسسات الخاصة التي تحرص على التواصل معها.

الإعلامية مريم  الشحي نائبة رئيس جمعية الشحوح للتراث الوطني في أبو ظبي، هي أيضاً عضو جمعية نهضة المرأة في رأس الخيمة، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني، وغيرها من المناصب والأعمال التطوعية. حدثتنا عن هذا كله، فماذا قالت؟

تروي حكايتها التي بدأت منذ أن وطأت أرض قرية شعم التي شبهتها ب «بصرة» العراق، فتقول: «ولدت في غليله عام 1967 وترعرعت في قرية شعم الريفية المحاذية للجبل والمواجهة للبحر، مسقط رأس والدي  الذي استطاع ووالدتي أن يكوّنا أسرة صغيرة من ثلاثة أبناء أنا أوسطهم. في شعم عشت طفولتي كبقية بنات جيلي. كان والدي يتنقل في عمله بين المزارع والبحر، فقد كانت له مزارع نخيل عملنا فيها جميعاً، وله مراكب عدة تبحر في مواسم مختلفة. كان رحمه الله طيباً كريماً، ذا شخصية قوية قربته من حاكم رأس الخيمة وأعطته  تقديراً عالياً بين الشيوخ وأهالي البلدة. وما زلت أذكره عندما كان يهجر ووالدتي مضجعهما مع حلول الفجر بغيه متابعة أعمالهما والشؤون الأخرى، ولعل هذا ما أثر في شخصيتي وأكسبني القوة، فقد تعلمت منهما  الكثير.  ومع بلوغي ال 17 تزوجت ورزقت طفلين هما حميد وسلطان، ورغم ذلك لم ادع الزواج يقف حائلا بيني وبين الدراسة لأني كنت دائماً أرنو إلى المستقبل بتفاؤل وقررت مواصلة التعلّم خلال وجودي في عجمان لأحصل في العام 1987 على دبلوم تأهيل تربوي من المعهد التجاري في دبي. ومع عودتي إلى رأس الخيمة بدأت رحلة البحث عن وظيفة».

ماذا عن بداية المشوار؟
عملت أمينة سر في مدرسة أم القرى، وأول راتب تسلمته كان 4500 درهم. شكلت وفاة والدي صدمة حقيقية لي وأثقلت همي ومسؤولياتي، فكان علي إدارة شؤون البيت وفتحه إكراماً لذكراه ومكانته، ما اضطرني للعمل بجد. وشغلت وظيفة مديرة المركز النسائي، ورغم المسؤوليات كنت أتطلع إلى الأمام وتحديداً إلى الدراسة. وبتوفيق من الله انضممت إلى جامعة الإمارات في رأس الخيمة، لدراسة التربية وتخرجت وعام 1996. حينها كان أبني حميد ما زال في الصف الثالث الابتدائي، وكنت اضطر للدراسة والعمل ورعاية شؤون بيتي، ولا أنكر أنني عشت أجواء ولحظات جميلة مع ولديّ خلال دراستي، فكنت العب دور الطالبة والمعلمة والأم والأب في آن واحد. ولله الحمد فهاهو ولدي الأكبر حميد قد تخرج من تقنية رأس الخيمة بدبلوم هندسة وحالياً يكمل دراسة البكالوريوس في جامعة أم القرى، إما ابني الثاني سلطان فيدرس في تقنية رأس الخيمة بتخصص الهندسة.

انجاز مشرف
هل حققت الفتاة الإماراتية  أحلامها؟
لا نستطيع القول ان الفتاة الإماراتية حققت كل ما تريد، لكنها حققت شيئاً ما. وبكل المقاييس، ما تحقق في الفترة البسيطة منذ قيام الاتحاد يعتبر مشرفاً ويُعتز به، فهي لا تزال  تسير على خطى الوالد رحمة الله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان يؤمن بضرورة تعلم المرأة لتواكب ركب الحضارة، وكان يدعم  ولا يزال هذا توجه الشيخة فاطمة بن مبارك أم الإمارات  التي لعبت دوراً كبيراً لدعمها ومساندتها في كل المجالات. لقد وصل الشيخ زايد إلى مناطق بعيدة من الدولة ليكرم المرأة ويتابع المواطنين، لقد جاء إلى مدرستنا  أم القرى في أقصي شمال الإمارات.

أعتقد أن المرأة الإماراتية أصبحت في مكانه لا تسمح ظروفها أن تتراجع فيها عن تقدمها، ولا يزال أمامها تحديات وفي مقدمتها تخوف الرجل من المرأة.

بين البيت والعمل
هناك تحديات ومعوقات أمام الفتاة الإماراتية الساعية الى مزيد من التقدم، ماذا تقولين عنها؟
من التحديات وجود شخصيات لا تؤمن بحق المرأة في العمل. ورغم  وصول المرأة إلى مناصب قيادية ووزارية فإن الرجل  يؤمن بأن المكان الطبيعي للمرأة البيت، ولكن بإرادتها وتصميمها على مشاركة الرجل في الحياة استطاعت أن تصل إلى الوزارة، وان تصبح سفيرة، وعضواً في المجلس الوطني. واعتقد أن الرجل لا يريد أن يرتبط بهذا النوع من النساء بسبب تفوقهن عليه، ويرفض في داخله أن تصل إلى مناصب قيادية. فالفتاة الإماراتية أمامها خيارات عديدة لتنطلق إلى آفاق أوسع وأرحب. يجب أن لا تنظر إلى قضية الزوج والأولاد كمشكلة أمام تقدمها، ولا بد من الموازنة بين العمل والبيت حتى تحقق النجاح المطلوب. لقد عملت المستحيل في سبيل تربية ولديّ فكنت احمل قسوة الأب وحنان الأم، والحمد لله رب العالمين على كل حال.

ما هي طموحات مريم الشحي وأمنياتها؟
كل إنسان له طموحاته والكل يعلم  اني أصبحت من الأصوات الإعلامية التي تعمل بمصداقية. أول تجربة كانت لي في المجلس الوطني  واعتبرها مغامرة. تعرضت المرأة الإماراتية لأمور كثيرة وأنا واحدة منهن، فتقدمت لعضوية المجلس الوطني وخسرت المنصب بعد حصولي على المركز التاسع في انتخابات المجلس على مستوى رأس الخيمة لأكون الأعلى بين مرشحي المجلس نسائياً، ولكن استفدت من التجربة التي عززت الثقة بنفسي. ليس بالضرورة أن ادخل المجلس الوطني ولكن من واجبي أن أدافع عن  المرأة من أي مكان بصوت عال.

هل ترين أن الفتاة الإماراتية نجحت من خلال مشاركتك في الجمعيات النسائية؟
حققت الجمعيات النسائية في الدولة الكثير من الانجازات  للفتاة  الإماراتية بفضل الدعم المتواصل من الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات التي تعمل بخطى ثابتة وحثيثة من أجل تقدم الفتاة الإماراتية. وبفضل هذا الدعم استطاعت المرأة الإماراتية المشاركة في جميع التجمعات والمؤتمرات. ولا ننسى  دور الأخت الفاضلة نورة السويدي رئيسة الاتحاد النسائي، فهي أخت للجميع  ولها دور بارز في كل النشاطات التي تقوم بها الجمعيات النسائية. والعمل الإنساني الذي تقوم به الفتاة الإماراتية من خلال  هذه الجمعيات هو شرف كبير حيث تغرس الحب في نفوس أفراد المجتمع من اجل استقراره. ورغم المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق المرأة فهي قادرة على أن تقوم بدور الزوجة والأم والأخت والمربية من اجل أسرتها والمجتمع بأسره.

ماذا عن برنامج «تكاتف»؟
هذا البرنامج  دعمه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد  آل نهيان، حيث أقمنا العديد من الفعاليات الشبابية في رأس الخيمة،وانضم معنا نحو 100 متطوع لخدمة وطنهم. ورغم  تقديم أهل الخير المزيد من الدعم فإن مجتمعنا  لا يزال في حاجة إلى مساعدة من خلال تفعيل الجمعيات والمؤسسات الخدماتية.

العادات والتقاليد
ما هي أسباب التفكك الأسري التي يراها البعض في الوقت الراهن؟
القضايا التي تواجه المجتمع الإماراتي كثيرة ومتعددة  وأهمها الطلاق وتعدد الزوجات والتحرش الجنسي وغيرها. واعتقد أن ضعف الرقابة  وعدم وجود توازن بين البيت والعمل وانشغال الأب والأم في عالم آخر كلها ساهمت  في تفاقم تلك المشاكل. واذا أخذنا ظاهرة التعدد نجد أن التعدد عند الرجال أصبح ترفاً وليس حاجة. أصبحنا  نعيش في عصر الانفتاح كأننا في بلد أجنبي فضاعت القيم والمبادئ والعادات والتقاليد، لذلك لا بد من وضع  ضوابط لعملية تعدد الزوجات. وهناك ظاهرة الطلاق، فهي مشكلة ليس لها حل  لوجود المال بكثرة في أيدي الشباب المتزوجين، وأصبحت المرأة  ليس لها قيمة عند الرجل  بسبب وجود البدائل في المجتمع وعدم رغبة الزوج في تحمل المسؤولية أمام زوجته. كما كثر الطلاق بسبب  عمل المرأة وعدم تحمل الرجل ان تصبح في موقع قيادي. وقد وصلت نسبة الطلاق في صفوف النساء العاملات الى نحو 17% . وبالإضافة إلى هذا كله هناك مشكلة التحرش الجنسي من قبل الخادمة والسائق، مما يشكل عنصر هدم وفساد في المجتمع، علماً أنه لا يستطيع الأب أو الأم الدخول إلى غرفة البنت للاطلاع على أفعالها لأنها أصبحت من الخصوصيات ولها الحق أن تغلق الغرفة على نفسها وتفعل ما تشاء. هذه مصيبة على المجتمع!

ماذا يعني لك التراث والمسرح؟
حقق المسرح الكثير من الانجازات ولكنه يواجه الكثير من العقبات والتحديات وأرى المسرح في الشارقة فقط. نعيش اليوم في مجتمع اختلطت فيه أمور كثيرة، وطغت المادة  على كل شيء. والمسرح يحتاج إلى تضحيات بالوقت والمال والجهد، فلا بد من مراجعة الأمور وتقويمها. ويظل التراث  الإماراتي يظل هو السمة البارزة في كل أعمالنا من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد، وفي ظل التطور والحياة الحضارية  مطلوب منا المحافظة على التراث والهوية الوطنية.

من هي الشخصيات التي تأثرت بها؟
من الشخصيات النسائية  التى اعتز بها  سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات التي تعتبر الأم الحنونة للجميع لقد قدمت الكثير  للفتاة الإماراتية. ويظل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو الأب الروحي لنا جميعا لا يفارقنا أبداً ولم يرحل عنا.