الإسلام والمواثيق الدولية أعطت المرأة حقوقها

القانون والمرأة, حقوق المرأة, عنف ضدّ المرأة, نجاح المرأة, المرأة العربية / نساء عربيات, حماية المرأة

28 أغسطس 2009

شهد المؤتمر الوزاري الثاني لمنظمة المؤتمر الإسلامي عن «دور المرأة في تنمية المجتمع» مناقشات ساخنة بين عضوات الوفود اللواتي وجهن اللوم بشدة إلى الرجال الذين يحاولون حرمانهن حقوقهن عن طريق الفهم المغلوط للآيات القرآنية والأحاديث النبوية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما تعداه إلى الهجوم على التقاليد الظالمة التي ترى المرأة عبئاً على أسرتها فيتمّ حرمانها التعليم وتفضيل الذكور عليها في الميراث، فضلاً عن النظر إلى الأنثى على أنها مصدر الفتنة وضياع الأخلاق حتى منذ الصغر فيتمّ إجراء الختان لها بطريقة وحشية حتى وإن أدّى ذلك إلى وفاتها أو إصابتها بأمراض تمنعها من الاستمتاع بحياتها الزوجية مستقبلاً بترك عاهة مستديمة بعد استئصال جزء من أعضائها التناسلية بدعوى العفة. ورغم أن الإسلام حرم ذلك ما زال البعض ينسب هذه العادة الذميمة إلى الدين. واللافت أنه بعد المناقشات الساخنة لم توقّع الوفود المشاركة البيان الختامي بسبب عدم وجود ترجمة عربية له وعدم دقة الترجمة الفرنسية والاكتفاء بالنص الإنكليزي، وهو ما احتجت عليه بعض الوفود.
في الجلسة الافتتاحية دعت زوجة الرئيس المصري السيدة سوزان مبارك إلى استكمال ما دعا إليه المؤتمر السابق الذي عقد في اسطنبول وشدّد على تمكين المرأة والقضاء على الفقر بين النساء وضرورة مشاركة المرأة في آليات صنع القرار، وتجاوز الجدل حول حقوق المرأة لجعلها حقيقة واقعة بغية القضاء على جميع أشكال التمييز والعنف ضدها، واتّخاذ خطوات إيجابية عن طريق تشجيع مشاركتها في التنمية وإحياء لتاريخ كان بلمرأة المسلمة فيه أدوار عظيمة ومسؤوليات كبيرة منذ صدر الإسلام.
ودعت إلى فرض مفهوم التنمية البشرية الذي يتم من خلاله التحول من مجرد التركيز على قياس المؤشرات الإنتاجية والنمو الاقتصادي والتوازنات المالية النقدية إلى التركيز على القضايا الخاصة بنوعية الحياة وتوفير فرص العمل والاختيارات المتاحة للإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، وتنمية قدرات المرأة وتوسيع مشاركتها في عملية التنمية، ولهذا لابدّ من مواءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية وأهمها الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وجعلها واقعاً مطبقاً وليس مجرّد نصوص قانونية بعيدة عن الواقع، وخصوصاً في ظلّ مواجهة المرأة في المجتمعات الإسلامية لتحدّيات الفقر والأمية والمرض والتهميش الاجتماعي، فضلاً عما تواجهه من صعاب في ظل الحروب والاحتلال والنزاعات المسلحة.

الإساءة للمرأة

وأشار الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم»، وقال للرجال «لكم عليهن حق ولهن عليكم حق» فنحن في حاجة  إلى جعل ذلك حقيقة واقعة بدلاً من بعض مظاهر الظلم لها باسم الإسلام وهو ما استغله الأعداء في إثارة الكراهية والبغضاء ضد الإسلام والمسلمين وإلصاق التهم الباطلة بهم. ونحن في المؤتمر سنحاول تنفيذ ذلك من خلال تنفيذ توصية المؤتمر الأول بضرورة إنشاء وحدة خاصة لقضايا المرأة في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي لوضع لخطط الخاصة بنهوض المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية تنفيذاً لقرارات منظمة المؤتمر الإسلامي في قمة مكة عام 2005 والتي دعت إلى النهوض بالمرأة في كل المجالات وخصوصاً في مجال التعليم الذي جعل الإسلام طلبه فريضة على كل مسلم ومسلمة، ومع هذا للأسف نجد أن المرأة تعاني الأمية». 

وأعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن مصر ستنظم 150 دورة تدريبية خلال عامي 2009 و2010 للنهوض بالمرأة في مجالات التعليم والصحة والتمريض ويمكن للدول التي تريد المشاركة الاستفادة منها، فضلاً عن وجود خطة للتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات التمويل الإسلامي لإقامة مزيد من الدورات التدريبية التي تحتاج إليها المرأة في الدول الأعضاء.

وشهدت الجلسات سخونة حين اعترض الوفدان السوري والسوداني على عرض مصر استضافة الوحدة الجديدة المزمع إنشاؤها للاهتمام بشؤون المرأة ليكون مقرها القاهرة للاستفادة من خبرتها في هذا المجال، وكان سبب الاعتراض أن هذا سيؤثّر سلباً على قيام الوحدة الجديدة بدورها لأنها ستتأثّر بالتوجهات السياسية والدينية لدولة المقر. ولهذا فإنه من الأفضل إلحاقها بمقرّ منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة لأن هذا يضمن لها الحياد. وأمام إصرار مصر على طلبها لأنه لا توجد أي وحدة تابعة للمنظمة في مصر في الوقت الذي توجد فيه العديد من الوحدات المختلفة في العديد من الدول الإسلامية، اضطرّ الوفود لإرجاء الموافقة على ذلك إلى مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي سيعقد العام المقبل في دمشق.


طموحات سعودية

وعرض السفير السعودي في القاهرة هشام محيي الدين ناظر في كلمته لخطة إنشاء اكبر جامعة في الشرق الأوسط للبنات ستستكمل عام 2009 وسيتم إدخال اكبر عدد من التخصّصات فيها كالمحاماة والهندسة وغيرهما، والتوسّع في ابتعاث الفتيات إلى مختلف أنحاء العالم في التخصّصات التي تحتاجها البلاد، وخصوصاً أن هناك تقدماً كبيراً في أوضاع المرأة السعودية في ظلّ الاهتمام بالتعليم وجعله إلزامياً من الابتدائي إلى الجامعي، مما ساهم في وصول المرأة إلى المراكز القيادية العليا والعمل في معظم الوزارات في ظل الخطة الثامنة للتنمية والتي تناولت دوراً أكبر للمرأة في إطار التنمية المستدامة. وهناك دراسات الآن لإحداث تعديلات في قوانين الأحوال الشخصية في صالح المرأة وخصوصاً في قضايا الطلاق والنفقة والزواج، كزواج القاصرات ومنح الهوية السعودية لأبناء السعودية المتزوجة من غير سعودي منذ الولادة، وكذلك تشديد القوانين الرادعة ضد الرجل الذي يعنف المرأة والطفل وتطوير أنظمة الضمان الاجتماعي لمقاومة الفقر بين النساء، وإحداث تعديلات تشريعية على أوضاع العمل في القطاع الخاص حتى أصبح بإمكان المرأة فتح سجلات تجارية ذاتية.


رصد مظاهر العنف

أشارت الدكتورة آمنة نصير عميدة كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر وعضو الوفد المصري إلى أهمية إنشاء لجنة داخل المؤتمر الإسلامي للتمييز بين العادات المورثة التي تسيء إلى المرأة وبين تعاليم الإسلام الذي انصفها، ولهذا فقد تم تشكيل فريق بحثي من الخريجين المتفوقين ذوي الاهتمام بقضايا المرأة لرصد كل العادات السلبية ضد المرأة ليس في مصر فحسب بل في كل الدول الإسلامية، وفي الوقت نفسه العمل على تصحيح الصورة السلبية عن نظرة الإسلام إلى المرأة في الغرب واستخدام وسائل الإعلام الفعالة لتنفيذ هذا الهدف الحيوي، فضلاً عن نشر التوعية بين الرجال في المجتمعات الإسلامية لضرورة الاقتناع بأهمية المحافظة على حقوق المرأة سواء كانت زوجة أو أختًا أو أمًا أو زميلة في العمل.

مآسٍ فلسطينية

وعرضت سلوى هديب رئيسة الوفد الفلسطيني لمعاناة المرأة الفلسطينية بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن مصادرة الأراضي منذ اغتصاب أرض فلسطين عام 1948 وإقامة الكيان الصهيوني على 78 في المئة من أرض فلسطين التاريخية. ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف عمليات التهجير القسري مما جعل المرأة والطفل والرجل في أوضاع معيشية غاية في الصعوبة سواء من بقي منهم داخل الأراضي المحتلة أو من أرغم على الهجرة إلى الدول العربية المختلفة بل وخارج الوطن العربي. وبسبب هذه الأوضاع المأساوية ازداد الفقر في فلسطين عام 2006 إلى 57 في المئة بينما بلغت نسبة الفقر المدقع 44 في المئة. ولا شك أن هذه النسبة ازدادت في ظل حصار قطاع غزة والاعتداءات المستمرة على أراضي الضفة الغربية. وبلغت نسبة الأسر الفقيرة التي تعولها امرأة إلى 65 في المئة في حين بلغت الأسر التي يعولها الرجل 56 في المئة، وارتفعت نسبة السكان الذين يقل دخلهم عن دولار واحد يومياً من 7 في المئة في عام 1997 إلى أكثر 20 في المئة عام 2006. وحسب إحصاء البنك الدولي فإن 66 في المئة من ربات البيوت عرضة للانكشاف ويقعن تحت خط الفقر. وتزداد البطالة بشكل كبير بين الفلسطينيات فبلغت عام 2007 أكثر من 22 في المئة. ولا تزيد نسبة النساء اللواتي يمتلكن عقاراً أو بيتاً عن 7 في المئة، أما نسبة من يمتلكن أراضي أو حصة منها فلا تفوق 5 في المئة. ولا تزيد نسبة النساء اللواتي يملكن مشروعاً استثمارياً على 2, في المئة، أي اقل من نصف النصف في المئة وهذه اقل نسبة في العالم».


نهضة أفغانية

وعلى العكس من ذلك، لفتت الدكتورة حسنة خضنفر وزيرة شؤون المرأة في أفغانستان إلى التطور الايجابي الذي شهدته أحوال المرأة الأفغانية منذ سقوط حكم طالبان الذي حرمها من حقها في التعليم. ولهذا تمّ التركيز على إنشاء المدارس في مختلف مراحل التعليم وإعطاء الأولوية لقبول الفتيات في مراحل التعليم الإلزامي. ويبلغ عدد الفتيات في المدارس الأفغانية الآن 37 في المئة، وفي الوقت نفسه تمّ تنفيذ خطط لإتاحة مزيد من فرص العمل للمرأة الأفغانية بعد أن كان نظام طالبان يحرمها حقّ العمل حتى ولو كانت في حاجة شديدة إليه. ويتمّ تنفيذ خطة صارمة لمنع استخدام النساء والأطفال في الاتجار بالمخدرات التي حرمها الدين والقانون. وارتبط ذلك بوضع برامج توعية للرجال عامة والأزواج خاصة لتعريفهم بحقوق المرأة التي أتاحها لها الإسلام وحرم منعها من حقوقها خصوصاً حقها في الرعاية الصحية والاجتماعية باعتبارها إنسانا يجب على الرجل رعايته.


كوارث افريقية

وارتفعت صيحات الوفود الأفريقية المشاركة في المؤتمر من تأصل عادة الختان واستخدام أدوات حادة وحتى السكين في إجراء تلك العمليات في ظروف صحية ناقلة للأمراض. ولم تفلح البرامج الدولية ولا المحلية من الحد من هذه العادة السيئة المترسخة في أذهان المسلمين الأفارقة على أنها مرتبطة بالدين وهي ليست كذلك. وتعاني المرأة الأفريقية انتشار الفقر في أقسى صوره التي تصل إلى حد المجاعة والموت بسبب عدم توافر الطعام فضلاً عن تفشّي الأمراض القاتلة ومنها الإيدز وحدوث عمليات الإجهاض المتكرر والوفاة أثناء الولادة بسبب التخلف في مجال طب النساء وتزداد المعاناة في ظل التعدد غير المبرر للزوجات وانتشار الطلاق والمفاهيم الخاطئة للزواج نتيجة العادات الإفريقية الموروثة التي يرفضها العقل وتجرمها المواثيق الدولية.