صفية بلبيسي... أكمل مشوار زميلي الشهيد

الجامعة الكندية في القاهرة, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, مستشفى, دور المرأة, حادث سير, قيادة السيارة, الغيبوبة, صفية بلبيسي

17 مايو 2010

منذ طفولتها كانت عائلتها تشعر بان ابنتها متميزة. وكبرت وكبر معها حلمها بالتمييز، ولكنها لم تكن تعلم أنها ستصبح امرأة متميزة في مهنتها. رغم أنها درست تخصص الخدمة الاجتماعية في الجامعة فإن صفية صبحي بلبيسي، من بلدة عنبتا في قضاء طولكرم، قررت أن تعمل في أهم المهن الإنسانية، وهي مهنة التمريض. ولكنها لم تقف عند هذا الحد في الطموح، بل فكرت في أن تكون أول سائقة سيارة إسعاف في فلسطين، وحصلت على تلك الوظيفة، بالرغم مع أن المجتمع مازال لا يصدق أن هناك فتاة تعمل سائقة سيارة إسعاف. إرادة صفية وتحديها لكل العوائق جعلاها تقف إلى جانب زملائها من الرجال في مهنة كانت تقتصر عليهم. ورغم الأخطار التي قد تتعرض لها خلال وظيفتها، فإنها تستخدم خبرتها وحذرها في تجاوز بعض المشاكل التي قد تتعرض لها أحياناً. «لها» التقت صفية البلبيسي داخل سيارة الإسعاف وخارجها لتسلط الضوء على حياة امرأة مميزة.

- كيف تعرفين القارئ على أول امرأة تعمل سائقة سيارة إسعاف في فلسطين؟
أعمل كضابط وسائق سيارة إسعاف في مركز إسعاف تابع للهلال الأحمر في طولكرم. بعدما أنهيت المرحلة الثانوية العامة درست دبلوم الإسعافات الأولية، ثم حصلت على وظيفة في الهلال الأحمر في طولكرم، وحتى ألان لا اعرف سبب اختياري لهذا العمل فانا لم اخطط له أبدا، ولكن على ما يبدو هذا قدري، إضافة إلى أن أهلي دعموني في عملي وشجعوني على الاستمرار فيه.

- عملت كضابط إسعاف لمدة طويلة، فكيف قررت أن تكوني سائق سيارة إسعاف مع أن هذا العمل كان مقتصراً على الرجال؟
جاءت الفكرة لأنني تعرضت لأكثر من حادث ومشكلة، ولكنني أحب قيادة السيارات منذ البداية، وكان زميلي الشهيد إبراهيم الأسعد هو من يقنعني بهذا العمل. لكنني خفت من أن الناس لن يتقبلوا فكرة قيادتي لسيارة الإسعاف. وبعد فترة تعرضت لحادث سير قوي أثناء العمل في الهلال الأحمر وذلك في العام 2001، ودخلت المستشفى وبقيت في الغيبوبة خمسة أشهر. ومن ثم شفيت وعدة إلى ممارسة عملي، ولكن شاء القدر مرة أخرى في العام 2002 أن أتعرض لحادث إطلاق نار من دبابة للاحتلال الإسرائيلي، حيث كنت أقوم بعملي في نقل المصابين من موقع الموجهات إلى المستشفى. لم أصب لوحدي ولكن نتيجة إطلاق النار على سيارة الإسعاف كان استشهاد زميلي إبراهيم الأسعد، الذي كان يقنعني بان احصل على رخصة قيادة سيارة إسعاف والعمل كسائق سيارة إسعاف في الهلال الأحمر في طولكرم. وبعد استشهاد زميلي دخلت الفكرة رأسي، وأحببت أن احصل على رخصة سائق سيارة إسعاف وان اعمل فيها، لكي أكمل مشوار زميلي الشهيد إبراهيم.

- عندما طلبت قيادة سيارة الإسعاف، هل تجاوب المسؤولون معك كونك أول امرأة تتقدم بهذا الطلب أم ماذا؟
نعم، تقبلوا الفكرة وشجعوني عليها. حتى أن المدير الذي كان في حينها الدكتور نبهان الجلاد هو من رفع اسمي الى المركزية في الهلال الأحمر دون أن اعلم.

- كيف كان شعورك عندما قبلوك؟
في البداية، أخذت الموضوع بسهولة، ولكنني كنت خائفة من رد فعل المحيطين والناس. لكنني لم أتعرض للصعوبة التي كنت أتخوف منها، وأهلي تقبلوا قيادتي لسيارة الإسعاف، ولكن أمي تخاف علي دائما، وتعطيني نصائح باستمرار ومنها ما أن لا أسرع، وغيرها من النصائح التي تعطيها الأمهات لبناتهن. وحتى إخوتي دعموني ووقفوا بجانبي في اختياري لمهنتي.

- أنت من بلدة محافظة. عندما تدخلين بسيارة الإسعاف إلى القرية، ماذا يكون رد فعل أهل بلدتك؟
أهل بلدتي يتقبلون عملي كسائق سيارة إسعاف، ولكنهم يقولون لوالدتي يجب أن لا أسرع كثيراً في قيادة السيارة، ولكنني اضطر في بعض الحالات للقيادة بسرعة.

- هل مهنة قيادة سيارة الإسعاف خطرة؟
بغض النظر إذا كانت سيارة إسعاف أو لا، تبقى هذه سيارة، وقد نتعرض أحيانا للأخطار ولكننا نستطيع تجاوزها.

- هل هناك زميلات يسعين إلى ممارسة هذه المهنة؟
نعم. هناك زميلات يسعين الى الحصول على رخصة قيادة سيارة إسعاف، وأشجعهن على ذلك، فهي مهنة ليست صعبة، ولكنها تحتاج إلى القليل من الحذر، وهي مهنة جميلة من وجهة نظري.

- ماذا شعرت وأنت تقودين سيارة الإسعاف للمرة الأولى لنقل مريض؟
كان هناك خوف، وكنت أتصور أن الناس لن يتقبلوا فكرة قيادتي لسيارة الإسعاف، وأنني عندما أقود السيارة ستقع علي المسؤولية، ولكن نظرة الناس إلي وتشجيعهم جعلاني أثق بنفسي.

- عندما يرى أهل المريض انك سائق سيارة الإسعاف وضابط إسعاف ماذا يكون رد فعلهم؟
يستغربون ويضحكون، وبعدها يأخذون الموضوع بشكل عادي، ويسهلون نقل مريضهم.

- عندما تقودين سيارة الإسعاف، كيف تكون نظرات الناس إليك؟
كانت نظرة استغراب الى درجة لا توصف، فعندما كنت أقود سيارة الإسعاف لكي أنقل احد المرضى، كنت أرى تلك النظرات والاستغراب، ولكن هذا الاستغراب كان بتشجيع وليس بقمع.

- هل حصل معك موقف معين وأنت تقودين سيارة الإسعاف؟
عندما أقود سيارة الإسعاف يقف الناس في الشارع، وينظرون إلي لكي يتأكدوا من أنني بنت. وهناك من يقول لي أنه حرام أن اعمل في هذا العمل، ان ثمة مهناً أخرى للبنات.

- كيف هي علاقتك بزملائك؟
بين زملائي الرجال لا توجد أي صعوبة، هم من دعموني وعلموني، وعندما أريد شيئاً ألجأ اليهم، ولكنهم لا يتعاملون معي على أساس أنني بنت بل يعاملونني بخشونة.

- دراستك الجامعية مختلفة عن عملك. إذا حصلت على وظيفة من خلال مؤهلك الدراسي هل ستتركين عملك الحالي؟
لا اعتقد أنني سأعمل في مهنة أخرى غير هذه المهنة، لان أجمل شيء في الدنيا أن تقدمي خدمة إنسانية للمريض.

- هل تؤثر مهنتك على موضوع الارتباط  أو الزواج؟
ممكن نعم، وممكن لا. لا اعلم حتى ألان لأنني غير مرتبطة.

- ماذا أضاف الى شخصيتك أن تكوني سائق سيارة إسعاف؟
صفات كثيرة منها، أن ثقتي بنفسي  أصبحت عالية، وصرت جريئة زيادة عن المطلوب، وأتعامل مع المواقف الجادة بحذر، وأعرف التعامل مع الناس في كل المواقف.

- ما هي أمنيتك؟
فقط أتمنى السلامة، وان أعود إلى حضن أمي بخير.