عبير الفار… مديرة قسم شرطة بيت ساحور في قضاء بيت لحم

قضية / قضايا المرأة, النيابة العامة, المرأة المعنّفة, بيت لحم, قسم الشرطة, عبير الفار

28 يونيو 2010

توجهت الى سلك الشرطة بدافع رغبتها في العمل داخل المختبر الجنائي بالتحديد، وذلك لان دراستها كانت في مجال المختبرات والتحاليل الطبية. كانت بدايتها من خلال دورة الضباط الجامعيين الرابعة، وكان هناك مشروع إنشاء مختبر جنائي في قطاع غزة في تلك الفترة، ولكن الأحداث التي حصلت هناك أوقفت المشروع، فاتجهت الى العمل بالتدرج في كل أقسام الشرطة تقريباً، وبدأت من رتبة ملازم إلى ملازم أول، حتى حصلت على رتبت نقيب. عبير الفار مديرة مركز شرطة بيت ساحور تبلغ 34 عاماً ولديها طفلان، تولت منصباً كان معروفاً أنه حكر على الرجال في فلسطين. حاورتها «لها» لكي تسلط الضوء على نساء مميزات وقياديات في المجتمع.

- هل لك ان تحدثينا عن الأمور التي طوّرتها أو غيّرتها بحس أنثوي؟
قبل أن أكون مديرة قسم شرطة، كنت نائبة في هذا القسم. ولا أنكر أنني عندما تسلّمت منصب مديرة مركز، كانت هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى تعديل. في البداية كان هناك الكثير من التساؤلات من بعض الزملاء والمجتمع، مثلا كيف ستكون الإدارة من قبلي، وكيف سنتعامل مع أنثى، وهل لديها القدرة؟ ولكن اعتقد انه كان لدي الأرضية. وعندما قررت أن أقود قسم شرطة، لم يلغِ هذا أنني سيدة. وأحيانا دور المرأة في المجتمع يعني أنها أكثر شمولية من الرجل، لأنها تدقق في التفاصيل أكثر من الرجل. واعتقد أن هذا الشيء، هو حافز لي، والمرأة بطبيعتها دقيقة جداً، ولا تترك التفاصيل لأنها مهمة لها. وبصراحة وجدت أن التفاصيل يكمن فيها النجاح، واعتقد أنني لا احكم على نفسي، لأن من يحكم هم الناس الذي اعمل لأجلهم، وزملائي الذين اعمل معهم، وقيادتي التي تقدر نقاط النجاح والضعف في عملي.

- أين دورك كزوجة وربة بيت بين مهماتك؟
زوجي هو النقيب امجد أبو فارة مدير قسم التحقيق في محافظة شرطة بيت لحم، ولدي طفلان، يوسف (7سنوات)  ومحمد (3 سنوات)، ولأن زوجي عسكري تفهم طبيعة عملي، وهو داعم لي، إضافة إلى دعم والديّ. ولكن أحيانا اشعر بالتقصير كأم خصوصاً عندما اضطر لترك ولديّ في الليل. ولان عملنا هو طارئ لا اتبع نظاماً واحداً، وطفلاي تعودا على طبيعة هذه الحياة. واعتبر أن دور المرأة كأم في بناء المجتمع مهم جداً. وأقول لكل سيدة: دور الأم اكبر من دور أي حكومة أو دولة لأنها هي من يصنع المجتمع.

- هناك متطلبات في عملك غير روتينة في ظل وضع فلسطيني غير مستقر أيضا، كيف تتعاملين مع ذلك؟
العقبة التي كنت احس بها في تلك المرحلة هي انني سأكون على مدار اربع وعشرين ساعة مع الضباط الموجودين هنا، فكيف سيتقبلون وجودي على مدار الساعة؟ كان ذلك في استغراب، وفي البداية لم أرغب في اجابتهم على اي سؤال ورغبت في ان يجيب العمل بدلاً مني، لأن التجربة العملية هي التي تصنع الثقة. والواقع انهم عندما يتعاملون معي كضابط يضعون التفكير الذكوري جانبا. وفي الأسرة كنت واضحة مع زوجي وأهلي. لقد اخترت  حياة أعرف انه سيكون فيها صعاب وتحديات. وأحيانا والدتي تتصل بي في دوامي وتقول لي يعطيك العافية. ولكن لم يحدث ان قال لي أحد من أهلي انني اخترت المهنة الخطأ، وهذا انجاز بالنسبة إلي رغم كل الظروف التي نعيش فيها، والكل اصبح عنده ثقه، وان شاء الله يكون عملي حافزاً  للنساء الأخريات.

- هل حدثت معك مواقف خلال ادائك لعملك وأثرت فيك كأنثى؟
في البداية عندما عملت في مركز بيت ساحور، كان أي شخص يريد ان يتقدم بشكوى، يقول له أفراد الشرطة  راجع المدير. وعندما كان ينظر من الباب  كان يعتقد انني لست المديرة فيبقى ينتظر حتى يأتي المدير، وعندما يفهم انني المديرة يكون متردداً في البداية في كلامه. والمواطن لدينا ينتظر طريقة اجابتي، وعندما يطرح هو قضية وأجيبه بشكل عقلاني ومنطقي، تنتهي قصة انني «اتفلسف عليهم»، أو «شو بعرّفك». وعندما اكون واثقة من جوابي اكسر أول حاجز، وبالنسبة الى عملي في الميدان فهناك الكثير من المناسبات، وأحب العمل الميداني.

- بماذا تميزتِ كونك أول رئيس مركز شرطة؟
كان هذا المنصب بمثابة تحدٍ وشرف لانني أعيش في مجتمع معروف عنه أنه ذكوري، وفي مجتمع يعتبر أن دور المراة في المؤسسات الأمنية اداري فقط. شعرت بانني انصفت عندما عينت، وكان هذا دافعاً لي. وأعطاني هذا العمل المعرفة والشهرة ، هذا فيه جانب سلبي وايجابي، وأحيانا يسأل الناس لماذا لا أبتسم؟ فاجيب ان نوع عملي يحتاج إلى إظهار الشدَّة نوعاً ما.

- اذا فتح باب تعيينات جديدة لديك هل ستركزين على وجود المراة؟
في مركزي ستة وعشرون موظفاً، وهناك موظفة واحدة مسؤولة تعمل في الإدارة، ولو ترك الأمر لي سأحسبها بطريقة مختلفة ليس لأنني امرأة، ولكنني ساعتمد طريقة الكفاءة والتميّز في العمل. وأعتقد أن يوجد في سلك الشرطة من يستحقون ان يكونوا ضمن الطاقم، وانا لدي ثقة أن لدينا ضباطاً من النساء والرجال سيثبتون أنفسهم إذا سنحت لهم الفرصة.

- كيف تبدأين نهارك؟
في اليوم الطبيعي ابدأ داومي من الساعة الثامنة صباحا، ويكون لدي البريد الصباحي، واتفقد الأفراد وعملهم، وتوزيع دورياتنا الصباحية. وقد يكون هناك زيارات رسمية، وايضا التعامل مع أي اشارة تصل من مواطن، وهناك قضايا التنفيذ من النيابة ومتابعتها.

- متى تخرجين الى الميدان؟
في اليوم العادي لتفقد الدوريات السيارة أو الراجلة، لأنني أحب أن أرى بعناية اداء ضباطي في الدورية المسائية، وعندما أكون موجودة في دوامي أخرج معهم.

- في عملك خطر أحياناً. كيف تتعاملين معه؟
المدير الناجح يدرس طبيعة المنطقة التي سيذهب اليها، ولا يمكن ان أتحرك بشكل عفوي. وأحياناً نخرج الى منطقة تحتاج الى جهوزية أكبر، فأرسل عدداً أكبر من رجال الأمن، وعندما يكون وجودنا يناسب المنطقة لا يكون هناك مقاومة او اعتداء.

- كيف تتعاملون مع نظام العشائرية؟
هو موجود، لكنني بدأت ألاحظ في السنوات الأخيرة أن الحقوق تؤخذ من خلال المحاكم، وانا مع ان تقف العشائر وتحل المشكلة، ولكن هي ليست الحل النهائي. وأؤيدها لأن هناك مناطق لا أستطيع ان أصل إليها. ولدينا يقدمون الشكوى وتحول الى النيابة، واذا كان هناك مجال للصلح يتصالحون حتى لا تتكرر هذه المشاكل.

- كيف تتعاملين مع قضايا النساء المعنفات كونك امرأة ورئيسة قسم شرطة؟
في بيت لحم هناك قسم وحدة وحماية الأسرة. واذا وقعت مشكلة نتعامل معها بمهنية، واذا تبين ان القضية فيها امرأة معنفة نحولها الى وحدة حماية الأسرة.

- بماذا يجب ان تتمتعي في عملك؟
أهم شيء ثقتي بنفسي، وان لا أسمح بأن يهزني شيء، وذلك بالاضافة الى الإيمان بالله والعمل، وأن تكون هناك سعة الصبر، وهذا ما نفتقده أحياناً في مجتمعنا.

- تعليق لم تنسيه حتى الآن حول طبيعة عملك؟
كان هناك تعليقات على الانترنت عني، مثل «مبسوطة ع حالها طالعا في الليل». وكان بودّي أن أعلق، وأحكي ان الممرضة أو الطبيبة تخرج في الليل، واذا ذهبت الى مستشفى ومعك اختك او زوجتك ولم تجد هناك طبيبة ستعترض... وأحب الانتقاد المهني وليس لانني انثى فقط.

- ما هو طموحك؟
أن تكون هناك زيادة ثقة بين المواطن والشرطة، وكان حلمي أيضا أن أعمل في المختبر الجنائي ولا أزال أطمح الى ذلك.