الدكتورة ليلى غنام محافظة رام الله والبيرة في فلسطين

يوم المرأة العالمي, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, الزيف الإسرائيلي, نظام الكوتا, ليلى غنام

27 يوليو 2010

هي امرأة فلسطينية من بلدة دير دبوان في قضاء رام الله، ومن أسرة محافظة ومناضلة ذات دخل متوسط، أبناؤها اعتقلوا لسنين طويلة في سجون الاحتلال الإسرائيلية. وهي حاصلة على شهادات البكالوريوس في تخصص الخدمة الاجتماعية، والماجستير في الإرشاد النفسي، والدكتوراه في مجال الصحة النفسية والفلسفة. هي أول امرأة تشغل منصب محافظ. وقد أعطت الدكتورة ليلى غنام كل ما تستطيع لوطنها وللمواطن، وذلك نتيجة شعورها بالمسؤولية  تجاه الوظيفة التي شغلتها، وقد التقت «لها» ليلى غنام، لتطلع منها على تجربتها.


- هل لطبيعة شخصيتك وشعورك بالمسؤولية دور في وصولك الى منصب محافظ؟
طبيعة حياتنا أوجدت فينا التحدي. وقد تكون الظروف التي يعيشها الإنسان هي التي تنمي هذا الشيء، بالإضافة إلى أن الصفات الشخصية موجودة من البداية، ومنذ الصغر تكتشف العائلة الشخصية المميزة. ولولا الأسرة التي هي النواة الأولى لأي إنسان لما وصلت إلى ما أنا عليه ألان، لأنه من السهل أن تكون مديراً، ولكن من الصعب أن تكون قائداً.

- لماذا درست العلوم الاجتماعية بالتحديد؟
كان لديّ رغبة كبيرة في دراسة العلوم الاجتماعية، علما ان دراستي جاءت متأخرة كثيرا، وليس بعد المرحلة الثانوية، ولكنني دخلت الجامعة بعد خمس سنوات بسبب اعتقال إخوتي على يد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت ظروفي الأسرية في حينها صعبة جداً، إضافة إلى الاغلاقات والحواجز، الاجتياح الاحتلالي، وإغلاق الجامعات. ولكن خلال تلك الفترة كنت اعمل في العمل التنظيمي، والأعمال الشعبية، والتدريس الشعبي، ولم انقطع عن العمل الاجتماعي والوطني. وبمجرد هدوء الأمور، وخروج احد أشقائي من المعتقل، عدت إلى الدراسة، وكنت أسابق الزمن، وتمكنت من الحصول على شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في ثماني سنوات ونصف سنة، وكانت تخصصاتي في مجالات الخدمة الاجتماعية والإرشاد النفسي والصحة النفسية.

- نحن في مجتمع لديه عادات وتقاليد تقيد عمل المرأة، هل عانيت من ذلك؟
بصراحة البيئة التي أتيت منها كانت داعمة جدا، وأهم داعم للمرأة هي الأسرة. وكان هناك ثقة متبادلة واحترام متبادل، ولم يكن هناك قيود وأنا من عائلة الأب يدعم فيها قرار الشخص، وكان يقول لنا دائما الذي لا يخطئ لا يتعلم. وفي مدينتي رام الله  والبيرة عوملت كشخص وليس كامرأة.

- توليت مناصب عديدة قبل ان تصيري أول سيدة تتولى منصب محافظ رام الله والبيرة، هل كانت خطواتك مدروسة في المناصب التي اخترتها؟
شغلت العديد من الوظائف. في البداية كنت مدرسة في روضة للأطفال تابعة لحركة فتح، وذلك في فترة العمل الشعبي، ثم حصلت على وظيفة منسقة في جمعية أصدقاء المريض في برنامج تأهيل المعاقين، وكنت حينها في السنة الجامعية الثانية، ومن ثم عملت في الانتخابات المحلية كمنسقة لست محافظات، وكانت تجربة رائعة، لان العمل الميداني هو الذي يصقل شخصية الإنسان.

- كيف تلقيت خبر تعيين الرئيس محمود عباس لك كأول امرأة تتولى منصب محافظ في فلسطين؟
اعتقد أن الأسرة ومحيط الأصدقاء شعروا بالفرحة عندما تم تعييني في هذا المنصب، ولكنني شعرت بالفرحة بالإضافة إلى روح التحدي، لأنه يقع على عاتقي النجاح العام لأنني امثل المرأة والشباب، كما يجب أن أكون حريصة جداً في بعض الأمور لأنني لا امثل شخصي وحدي في نجاحي. وبهذه الثقة الغالية التي منحني إياها سيادة الرئيس القي على عاتقي مسؤوليات كبيرة جدا، لأنني امثل كل النساء، ولكسر هذا الحاجز واختراق هذا الموقع الذي كان حكرا على الرجال، صممت على النجاح وعلى أن أكون قدوة حسنة لكي افتح المجال لغيري من النساء الفلسطينيات ذوات الخبرة والكفاءة، واللواتي لم يحصلن للحظة على الفرصة الوظيفية في مواقع صنع القرار.

- من خلال تجربتك في عمل كان حكراً على الرجال، هل تختلف إدارة العمل ما بين كون المسؤول عن العمل رجلاً أو امرأة؟
قد يكلف الرجل المسؤول شخصاً آخر للقيام بإحدى المهمات، ولكن عندما تكون المرأة هي المسؤولية تقوم بالعمل بشكل كامل لكي تثبت أنها قادرة في عملها، وأيضاً في صلح العشائر والمشاكل الاجتماعية والأمنية، وأثبتت المرأة الفلسطينية على الدوام قدرتها وتميزها في قيادة أي موقع.

- في تصريحات صحافية سابقة ذكرت أن أعمال محافظ رام الله والبيرة تختلف عن بقية المحافظات، لماذا؟
لأنها مركز الحراك السياسي والاقتصادي، وذلك لوجود كل من الرئاسة والحكومة والمؤسسات والممثليات  العربية والدولية ، وهي مركز نشاط حالي، ولها خصوصيتها بسبب عدد المقيمين فيها. ولا يتجاوز عدد سكان محافظة رام الله والبيرة في نهاية الأسبوع  250 ألف نسمة، وفي أيام العمل يكون هناك أكثر من 450 ألف نسمة، فهي مركز لكل الوافدين. كما أن المحافظ ليس مسؤولا فقط عن الذي يحمل هوية البلد، بل عن أي إنسان على ارض المحافظة أو عن أي مشكلة تحدث تكون تابعة للمحافظة ، كما أن هناك عدداً من الوافدين إلى المحافظة، وهناك الضغط على البنية التحتية. وكل العلاقات العامة والحراك السياسي والاقتصادي، يعطي المحافظة حجماً أكبر بكثير من المحافظات الأخرى.

- ما هي مهماتك كمحافظ لرام الله والبيرة؟
هناك نص واضح حمله مرسوم الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات حول المحافظات، كما أن الرئيس محمود عباس وضع صلاحيات واضحة للمحافظين. ونحن نحاول حاليا التركيز مع البلديات على الاهتمام بالبنية التحتية للمحافظة، إضافة إلى التركيز على الأزمة المرورية الحاصلة في المحافظة، والتي من الصعب جداً إيجاد حل لها. وكما أننا نحاول أن نركز على القرى المهمشة، ولدينا حاليا لجنة التخطيط التي تزور القرى الأقل حظا لتوفير كل ما يلزم من احتياجاتها، حيث أننا بدأنا نخرج في نشاطاتنا التراثية الفنية إلى الأرياف.

- كإمرأة تشغل منصب محافظ، أين المرأة في اهتماماتك؟
طبعا، دور المحافظ في موضوع المرأة مهم جداً، وكوني امرأة فهناك اهتمام أكبر، وأعمل على الوقاية من المشاكل قبل حدوثها في موضوع المرأة. ونعمل حالياً على تنمية  دائرة المرأة في المحافظة، ونادراً ما توقف نساء على ذمة المحافظ في السجون، وهذا يكون وقفاً احترازياً وحماية لهن، وتأتينا العديد من المشاكل حول موضوع المرأة. وفي الفترة المقبلة هناك توجه لأن يكون لدينا خطة في موضوع المرأة للوصول للإرشاد والتوعية للوقاية من العديد المشاكل، وأيضاً إقامة ورشات ومحاضرات ودورات توعية من خلال المدارس والجمعيات الأهلية، والمراكز التي تعنى بشؤون المرأة، لان الحلقة الأولى في أي مشكلة للمرأة في المحافظة فورا تحوّل الى المحافظ، وكما أن أي قضية تخص المرأة وتصل إلى الشرطة، تحوّل إلى المحافظة، ومن ثم إلى المستشارين القانونين لدينا وهما سيدتان. كما أننا نتعاون مع الشؤون الاجتماعية كجهة تخصص وإرشاد، لان لديهم المرشدين والباحثين الاجتماعيين الذين يقومون على درس الحالة، إضافة إلى أن الشرطة متعاونة في هذا الأمر، فهم يعطوننا المجال الكبير للعمل على حل هذه المشاكل وعدم تحويلها الى القضاء حماية للنساء.

- الموظفون في المحافظة اعتادوا على رئيس رجل وليس امرأة، فكيف تقبّل الموظفون وجود امرأة تترأسهم؟
قد تكون معرفتي بالرجال الذين عملت معهم من قبل وعلاقات الأخوة والصداقة والمهنية والزمالة، سببا في أنني لم أعانِ من أية مشاكل. وبيئة العمل التي جئت إليها اعرفها من قبل، وهذا ما سهل عملي، ولكن ليس الوضع مثالياً للمرأة في فلسطين، ولكن معرفتي بالأشخاص واحتكاكي بهم من قبل سهلاً علي كثيراً في هذا الأمر.

- تعملين لساعات طويلة، ما هو سبب ذلك؟
ليس لدي أوقات محددة للعمل. أحيانا ادخل بيتي في الساعة 11 ليلاً، وقد يحصل ظرف طارئ مثلا كحدوث جريمة قتل، أو أحد الأحداث الطارئة التي يمكن حدوثها على مدار الساعة، وتلقائياً يجب أن اخرج إلى مكان الحدث فوراً. وأذكر انه قبل فترة حصلت فيضانات بسبب المطر الغزير، وذلك في الساعة الرابعة صباحاً، وكنت أتلقى التقارير من الإخوة العاملين في الميدان. وفي السادسة صباحا كنت موجودة معهم في مخيم الامعري مكان حدوث الفيضان، وبما أنني قبلت أن أكون بموقع المسؤولية يجب أن لا ألتفت إلى الساعة. وهناك فريق رائع يحيط بعملي، وهم منتمون للعمل.

- في زحمة كل هذه الانشغالات، أين حياتك الخاصة وعلاقاتك الاجتماعية؟
ليس لاني امرأة تتغير حياتي الاجتماعية، بل لأنني مسؤول تتغير حياتي الاجتماعية، ولو كان لدي أولاد وزوج سيكون العبء اكبر نتيجة الموروث الاجتماعي.

- على ماذا يدل تعيينك كمحافظ رام الله والبيرة؟
هذا دليل على حرص السيد الرئيس على إشراك المرأة الفلسطينية في صناعة القرار الفلسطيني، وهذا كان واضحاً عنده منذ انتخاباته، إلى جانب حرصه على الاهتمام بدور المرأة والشباب، مما يعطي المرأة الفلسطينية ثقة ويثبت أن القيادة السياسية لديها ثقة بها.

- ما هي الانجازات التي حققتها حتى الآن؟
هناك معايير وخطط موجودة نستكملها، كما أن المحافظات نشأت في ظل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان في محافظة رام الله والبيرة محافظان، وأنا جئت على ما أسسوه في مرحلة صعبة. ونحن نعمل حالياً على المأسسة، والبناء على ما بدأوه، وحالياً نعمل على تجديد الخطة الإستراتيجية للمحافظة، واجراء الدراسات وتدعيم المحافظة بكادر بشري فعال، واستكمال الخطة الإستراتيجية للمحافظة.

- هل أنت من النساء الداعمات لموضوع الكوتا أم أن لك رأياً أخر؟
أنا والعديد من الكادر النسوي ننظر إلى الكوتا على أنها مرحلة موقتة لتغير ثقافة مجتمع. وقد تكون العديد من الدول تعتمد على نظام الكوتا، ولكن وضع المرأة الفلسطينية أفضل بكثير من وضع المرأة في بعض الدول الأوروبية.