مي فتياني: المرأة السعودية مقبلة على فترة ذهبية

جدة - آمنة بدر الدين الحلبي 02 ديسمبر 2018

سيدة أعمال من الطراز الرفيع، بدأت من الصفر بمساندة زوجها، ونجحت في مجال استيراد الأزياء في وقت كانت من النساء القلائل اللواتي يستوردن الملابس الجاهزة لنساء المجتمع الجداوي. ثلاثون عاماً من العمل الدؤوب والمستمر، حتى حققت ما تصبو إليه من سمعة جيدة في مجالها، وأصبحت صاحبة مؤسسة فتياني للملابس الجاهزة، ولم تقف عند هذا الحد بل شجعت فتيات العائلة على تصميم الأزياء وجمعت بين الاستيراد والتصميم لتبقى دارة فتياني في تقدّم مستمر. مجلة «لها» التقت سيدة الأعمال مي فتياني بابتسامتها المشرقة ووجهها البشوش في دارتها للأزياء.

 

لماذا اخترت مجال الأزياء؟
حلمت بعمل بزنس صغير، وتحقق الحلم وكبُر مع الأيام بالاتفاق مع قريباتي اللاتي أصبحن شريكاتي، وبدأ المشوار بمبلغ بسيط منذ ثلاثين عاماً، من البيت الذي كنت أقطنه بعدما أطلقت العنان لأفكاري، التي كانت مشبعة بالمعارض الأميركية للأزياء، نظراً الى حضوري الدائم والتمتع بأرقى الأزياء في العروض وأجملها. فكرت ونفذت مع المجموعة استيراد الملابس الجاهزة وبأسعار معقولة، نظراً الى عدم توافرها في المملكة العربية السعودية آنذاك.

لماذا اخترت هذا الاسم: فتياني؟
كان لديّ تطلع كبير لاسم عائليّ بدأ صغيراً وأصبح كبيراً تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، وبدأت بزيارة المعارض لأشتري الأزياء المناسبة لسيّدات المجتمع الجداوي مع مراعاة الموضة المحببة لهن، وأبيعها كتاجرة.

كيف سار العمل واتسع؟
كبر البيت أكثرَ مع الحلم ليتسع ما أقوم به من تجارة، والتي أصبحت شغلي الشاغل، وكنت أستقبل السيدات بموعد محدد، إلى أن وصلنا لدارة مفتوحة، وتحديداً في شهر الخير، لشراء ملابس العيد، تحمل معها الذوق الرفيع والسعر المعقول، والذي يتناسب طرداً مع دخل الفرد.

أي نوع من الملابس كنت تقدمينها؟
بدأت بملابس الكاجوال المرتّبة، وبعد ذلك اتسعت الدائرة ودخلت مجال ملابس السهرة والحفلات، بعدما تغيرت ملابس الكاجوال مع سرعة العصر واختلفت الموضة من جيل إلى جيل، وبدأ الطلب الكبير على ملابس الحفلات التي تألقت الدار بشرائها.

أنت مشهورة بالأزياء الجاهزة، ووجدت «لها» في دارتك تصميمات بأيادٍ وطنية، هل هناك تحوّل؟
نحن نشجع فتيات العائلة وننمي مواهبهنّ وقدراتهنّ، فكانت تجربة لهنّ في وضع تصاميم في شهر رمضان المبارك من العبايات والأثواب الجميلة بذوق رفيع وألوان جميلة متنوعة، وبعد أن كبرت الدارة أصبحنا نستضيف في معرضنا السنوي مصمّمات جدداً لتشجيع المنتج الوطني، وتمكين المرأة السعودية.

ما عدد المرات التي تزورين فيها المعارض العالمية سنوياً؟
نزور كلاً من أوروبا وأميركا مرتين في السنة، لنأخذ أزياء الصيف والشتاء بعد أن يعرضوا علينا الملابس، وقبل ستة أشهر نعاين البضاعة وتتم صفقة البيع والشراء، بعد زيارة المعارض بعرض خاص تحت مسمى «شو روم» أو فاشن شو» تقدمه الموديل لنا، وبعد ذلك نختار ما يناسب مجتمعنا.

ما شاهدته «لها» في المعرض أن هناك فساتين أفراح؟
عليها طلب كبير بعد التقليل من ملابس الكاجوال، نظراً الى الذوق الرفيع الذي نختار به الملابس بما يتناسب مع المجتمع، والموضة كل يوم في شأن، كما ونقدم بعض الثياب لشهر رمضان المبارك من تصميم آل فتياني أنا وشريكاتي.

هل تصمّمين الأزياء؟
لست مصمّمة أزياء، ولا أحد من شريكاتي، لكن بعد الاطلاع والسفر المتواصل،استطعنا أن نضع بعض التصاميم البسيطة للأثواب الرمضانية، وكيفية اختيار الأقمشة لها، وتنوّع الألوان.

هل من أقمشة معينة يتم استخدامها في مدينة جدة الساحلية؟
نبتعد طبعاً عن الأقمشة الصوفية، ونختار ما يناسب من الأقمشة الحريرية، ومع التكييف البارد تبقى الأمور معقولة في صالة الأفراح والحفلات، لكن نختار المواد التي تكون باردة على الجسم بنوعية جيدة حتى لا تسبب حساسية للسيدة العصرية.

هل تدخل البضاعة على معامل للاختبار؟
بالطبع، بعد وصولها إلى جمارك جدة تتحول إلى معمل الاختبار لدراسة نوعيتها وجودتها للتأكد منها.

ما هي التحديات التي واجهتك؟
العمل لسيدة في مجال التجارة كان صعباً جداً، لكن نحن نساء آل فتياني كنا محظوظات بوقوف أزواجنا وأهلنا إلى جانبنا وتشجيعهم لنا، وإن اعترضتنا مشكلة في الجمارك أو المينا كانوا سنداً لنا في حلّنا وترحالنا، وكنا تابعات لهم في بداية الأمر، وبعد ذلك أصبحت المؤسسة باسمنا.

ألم تواجهكنّ معوّقات؟
المعوّقات التي كانت تواجهنا، السفر وترك عائلاتنا مدة أسبوع أو عشرة أيام أقل ما يمكن في كل سفرة لشراء الملابس، والحمد لله سارت الأمور على ما يرام بالجهد المستمر والتفاني بالعمل.

ما شكل العلاقة بينكنّ وبين العميلات؟
كانت وما زالت علاقة طيبة، لا يهمنا كم اشترت السيدة بقدر ما يهمنا كم هي راضية عن بضاعتنا وجودتها، لتعود مرة ثانية بخدمة مميزة وراقية، ووجه بشوش.

ما متطلبات السيدة السعودية؟
أن يكون الفستان جميلاً يناسب شكل جسمها، وكأنها أميرة متألقة تتمايل فيه ويليق بقامتها وقدّها المياس سواء في السهرة أو الحفلة.

هل تقدّمين رأيك للسيدة؟
إن سألتني رأيي أشاركها وأنصحها في اختياراتها، وأحياناً أرى عميلة تختار شيئاً جميلاً فأقف لأراها وأملّي عيني بما اشترت من بضاعة تسرّ الناظرين كنتيجة حتمية للعين التي تعشق الجمال وتراه باستمرار.

«لها» رأت ألواناً مشرقة وتصاميم تعود إلى السبعينات.
الموضة تعود مجدداً لتشرق بحلتها القديمة - الجديدة مثل التنورة المنفوشة، والتي تعود بنا الى عصر مضى، حيث كانت نساء العصر الوسيط ترتدينها وكأنهنّ في لوحة الفنان كلود مونيه «نساء في الحديقة».  

هل من خطوط موضةٍ تناسب الجيل الجديد مع الجيل الأقدم؟
بدأنا بالكلاسيك للأكبر عمراً، وما زلنا نولي اهتماماً خاصاً لهؤلاء النسوة، وأيضاً بملابس المحجبات، والمحتشمات، وفي السنوات الأخيرة دخلنا في مجال الموضة الحديثة التي تناسب طالبات الجامعة والأصغر عمراً واللواتي يلاحقن الأزياء الأميركية والذوق التابع لها في الموضة، لأن الجيل الجديد هو الذي يحكمنا، وما علينا إلا فهمه، وتحقيق طلباته، أي أن أزياء دار فتياني تظل مشرقة بين الأمس واليوم.

كيف تقدّرين أسعارك مع أسعار السوق؟
أسعار دارة فتياني معتدلة وتتناسب طرداً مع دخل الفرد في المجتمع السعودي، إلى جانب قسم التخفيضات، فبعد مضي فترة على الأزياء تدخل في أقل الأسعار، وتصل إلى 50 في المئة تقريباً، وتناسب جميع الأذواق.

كم نسبة السعوَدة التي حقّقتها السيدة ميّ تماشياً مع رؤية 2030؟
إلى حد ما حققت نسبة عالية، نظراً الى تشجيع فتيات المجتمع السعودي على العمل وتمكينهنّ، ومنذ العام الماضي بدأت دار فتياني بتدريب الفتيات السعوديات على الخياطة وكيفية تصليح القطعة، إن احتاجت إلى تقصير أو تضييق، حتى يتقنَّ ما تحتاج إليه كل سيدة في بيتها، أو في عملها.

هل هناك تعاون بين دار فتياني والجمعيات الخيرية؟
كان قسم من ريع عروض دارة فتياني يذهب الى الجمعيات الخيرية.

ما هي الألوان التي تحبها المرأة السعودية؟
تحب كل الألوان ما عدا اللون الأسود، على رغم أنه ملك الألوان إلا أنه غير مرغوب فيه.

ما هي مشاريعك الجديدة؟
كل حلمي تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحوّل من مستوردين إلى منتجين في المملكة العربية السعودية، بعدما أصبحت لدينا خريجات في مجال تصميم الأزياء وقدمنَ عروضاً عدة للعباية والأثواب، وحتى لملابس السهرة، وهذا ما تسعى إليه دارة فتياني، أي أن يكون لديها إنتاج وطني مئة في المئة تماشياً مع رؤية 2030 بتشجيع فتيات دارة فتياني وفتيات المملكة للعمل الدؤوب والمستمر كي نصل إلى مستوى الدول المتقدمة.

متى ستأخذين الخطوة الأولى لبداية التصميم؟
نعمل على الفكرة رويداً رويداً، وبدأت دار فتياني بأسلوب جديد يسعى إلى خلق ورشة تصميم وتنفيذ للملابس الجاهزة من خلال اليد العاملة السعودية لإنتاج وطني بامتياز.

كيف تقرأ السيدة ميّ مسيرة المرأة السعودية؟
في السنوات العشر الأخيرة، أعتبرها مسيرة مشرّفة للمجتمع والوطن مليئة بالعطاءات مع الجيل الجديد من فتياتنا الخريجات اللواتي يقدمنَ إبداعات مبهرة في جميع المجالات العلمية والثقافية والفنية والغذائية، ويتم عرضها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب مبهر وجميل لترويج بضاعتهنّ تماشياً مع لغة العصر الحديث.

إلى أيّ حدٍّ تخدم وسائل التواصل الاجتماعي دارة فتياني؟
وسائل التواصل الاجتماعي خدمت كل شرائح المجتمع، كلاً بأسلوبه، بعدما أصبحت هي اللغة الحقيقية لعرض الإبداع والابتكار، وحقّقت لدارة فتياني تواصلاً كبيراً، بخاصة على إنستغرام، حيث أصبح لديها عملاء من كل مناطق المملكة العربية السعودية، وتقوم دارة فتياني بالبيع والشحن لكل من يطلب.

من وراء هذا النجاح؟
زوجي الذي قدّم ليَ الدعم بكل أشكاله ومنحني دافعاً قوياً، وأهلي أيضاً، حتى وصلت دار فتياني إلى هذا النجاح.