نساء من مصر...
سلمى المصري, خطر, قناة الحياة, لميس سلامة, أنوثة كوتة
19 سبتمبر 2011أنوثة كوتة: نلامس فقدان حياتنا يومياً وحقوقنا ضائعة
فاتن الحلو، لوبا الحلو، وأنوثة كوتة، هنّ مدربات الأسود الوحيدات في مصر والوطن العربي، ويعرضن حياتهنَّ للخطر حباً في المهنة، فأنوثة كوتة أصغر مدربة أسود مصرية، بدأت مشوارها مبكراً مع السيرك، ولم تبدأ إلا مع الثعابين، وتقول: «تربيت في بيتنا مع الحيوانات المفترسة، فأبي هو مدرب الأسود الشهير مدحت كوتة، وجدتي هي محاسن الحلو الغنية عن التعريف. ونظراً لعشقي للحيوانات التي تربيت معها، بدأت أولى فقراتي في السيرك مع الثعابين منذ كان عمري أربع سنوات، وبعدها بعامين قدمت فقرات مع القرود والخيل، حتى طلبت من أبي تقديم فقرات الحيوانات المفترسة، ودرّبني على ذلك وكنت أصاحبه في العرض حتى اطمأن عليَّ وقدمت فقرة خاصة بي».
وتؤكد كوتة أن ترويض الحيوانات المفترسة محفوف بالأخطار دائماً، وتقول: «كل دقيقة في العرض مع الحيوانات المفترسة يتعرض فيها المدرب، أياً كانت مهارته، للخطر، حيث يكون بمفرده مع الأسود والنمور ومغلقاً عليهم أبواب حديدية من أجل أمان الجمهور، والحمد لله لم أتعرض لهجوم من الأسود، إلا أن أبي تعرض أكثر من مرة، ومازالت آثار الهجوم بارزة في جسمه ووجهه».
وترى كوتة أن الأخطار الحقيقية هي أن مدربي السيرك وعماله لا يطبق عليهم قوانين الأعمال الخطرة، ولا يخضعون إلى تأمين اجتماعي أو صحي، رغم أنهم معرضون لفقدان حياتهم يومياً، إلا أن حقوقهم القانونية ضائعة.
لميس سلامة: واجهت الحريق والغرق ولم أندم
الإصرار على النجاح والتميز هو دافع لميس سلامة، مراسلة برنامج «مصر الجديدة» بقناة الحياة الفضائية، إلى طرق أبواب الأخطار التي لا ينجّيها منها إلا الله.
وتؤكد لميس أن المواقف الخطرة التي تعرضت لها لا تعد ولا تحصى، فمهنة المراسل الإعلامي لا تخلو من الأخطار على الإطلاق، وتقول: «طبيعة مهنتي أن أكون في قلب الأحداث لأنقلها إلى المشاهد بالصوت والصورة، سواء كنت أغطي أحداثاً سياسية أو حرائق أو أياً ما كان الأمر».
وتضيف: «ذات مرة كاد الحريق يلتهمني أنا والمصور، حينما كنت أغطي حريق محطة بنزين في محافظة الفيوم، جاء لي الأمر بالتصوير من القناة متأخراً، فوصلنا أنا والمصور بعد انصراف المسؤولين، ولم يكن أمامي إلا المغامرة والقفز من فوق السور لتصوير الحريق على الطبيعة، بدلاً من أخذ تصريحات من المسؤولين الذين لم نلحق بهم، وبالفعل لم أتردد. وكانت الخطورة تكمن في أن الحريق كان هائلاً وأوشك أن يحدث انفجار، فحتى رجال المطافئ جاءت لهم أوامر بالانسحاب من الموقع حفاظاً على حياتهم، وكلمني المسؤولون في القناة وطلبوا مني الأمر نفسه، لكن عشقي لعملي دفعني للمغامرة، ولم أتراجع وصورنا أنا والمصور من داخل الحريق وعلى شفاه ألسنة اللهب، وما كدنا ننتهي إلا وحدث الانفجار، فجرينا بكل قوتنا وكان المنجي وقتها هو الله وحده».
مرة أخرى لم تخش لميس الغرق في سبيل تقديم تقرير مختلف عن زملائها مراسلي القنوات الأخرى، وتقول: «أثناء عودة الصيادين المصريين الذين خطفهم القراصنة في البحر، ذهبت لاستقبالهم، وبالطبع جميع القنوات الفضائية فعلت الأمر نفسه. ووقف جميع المراسلين على الشاطئ في انتظار قدومهم، ولكني قررت التميز وركبت قارباً مع أهاليهم وذهبنا لاستقبالهم في البحر، حتى أنفرد بأول لقاء لهم في البحر قبل وصولهم إلى الشاطئ، وفور ملاحظتي التصاق قاربنا مع قارب الصيادين قررت القفز إلى قاربهم وإجراء الحوار، ورغم تحذيرات المصور لي من الخطورة التي قد أتعرض لها، لكني صممت وفعلتها، وقبل أن تستقر قدمي الأولى في قارب الصيادين ابتعدت القوارب واختل توازني وكان الغرق في البحر هو مصيري لولا أن المصور أنقذني، ومع ذلك تحينت الفرصة مرة أخرى وفعلتها وكذلك المصور وقدمنا أفضل التقارير وأكثرها تميزاً».
أما في تغطية المحاكمات، فتؤكد لميس أن المراسلات الأكثر تعرضاً للخطر بحكم أنهنّ نساء، فغالباً إذا صدر حكم على المتهم يقوم أهله بتكسير الكاميرات ومهاجمة الإعلاميين خاصة النساء، وهذا ما حدث معها في تغطية محاكمة جزار شهير يقوم بذبح الحمير وبيعها على أنها لحوم بلدية، وتحكي: «ما إن نطق القاضي بالحكم في تلك القضية، إلا وثار أهل المتهم وانقضوا على المراسلات بالضرب وشد الشعر، أما المصورون الرجال الذين كانوا معنا فكانوا مشتتين بين الحفاظ على الكاميرات لأنها مسؤولية وبين الدفاع عنا في الوقت نفسه».
وتضيف: «الأمر نفسه تكرر لكن بصورة أكبر وأسوأ في محاكمة الرئيس السابق، فلم يسمح لجميع الكاميرات والمراسلين بالدخول لقاعة المحكمة، وكنا نصور في موقف سيارات كبير، وفجأة انهمرت علينا كميات غزيرة من الطوب والحجارة جراء مناوشات بين فلول النظام القديم والثوار، وكنا نقف في المنتصف. لم يخرج أحد من المراسلين أو المخرجين أو الفنيين من تصوير المحاكمة إلا مصاباً ينزف من أماكن متعددة».
وفي نهاية كلامها تقول لميس: «أغامر وأعرّض نفسي للخطر حتى يكون تقريري مختلفاً، وعمري ما ندمت على المغامرة، ولو عاد بي الزمن للخلف لعشت المغامرة من جديد».
بثينة كامل: تعرضت أثناء التظاهرات للضرب والاغتيال المعنوي
بعيداً عن كونها إعلامية، فإن بثينة كامل المرشحة لرئاسة مصر ناشطة سياسية عانت الأمرّين في الشارع أثناء التظاهرات التي كانت تشارك فيها، ولا مانع من التعرض للضّرب أو حتى الاغتيال المعنوي والمادي.
تقول: «أحب أن أشير في البداية إلى أن الاغتيال المعنوي أقوى من المادي، وقد يؤدي إلى النتيجة نفسها فيكون الموت قهراً، وقد تعرضت لذلك الاغتيال المعنوي من جانب إحدى الصحف، اذ كانوا يتفننون في تشويه صورتي وإغراقي في الشائعات، وذلك نتيجة نشاطي السياسي. ورغم ذلك لم أبال، فأنا مؤمنة بأن لي دوراً في الحياة يجب أن أؤديه بإيجابية.
وبعد ترشحي للرئاسة ما زالت حملات التشويه المعنوي مستمرة، ففي إحدى الفضائيات أكد أحد المذيعين أن سبب ترددي على محافظة الفيوم ليس من أجل إنشاء مشاريع تساعد الناس على محاربة الفقر، بل لأني عميلة أجنبية وأوزع على الناس دولارات لينتخبوني، وبالطبع لا أنسى الاغتيال المعنوي الذي تعرضت له حينما انتقدت أداء المجلس العسكري الحاكم لمصر هذه الفترة، وأغلقوا عليَّ البرنامج وفي اليوم التالي تعرضت لتحقيق عسكري».
وتضيف: «أنا كجميع النساء اللواتي ينزلن إلى التظاهرات، يجب أن نأخذ احتياطاتنا ونرتدي الملابس طبقات، فالبلطجية في التظاهرات يركزون على النساء، ويحاولون تقطيع ملابسهن، وجميع المعتادات على التظاهر يأخذن احتياطاتهن، ويعلمن جيداً أن حياتهن معرضة للخطر إن سقطن في أيدي البلطجية، ولقد ضُربت كثيراً على أيديهم».
وتتابع: «الأمر لم يختلف بعد اعتزامي الترشح للرئاسة المصرية، فأخيرا كنت في تظاهرة تندد بأداء المجلس العسكري، وتعرضت لضرب شنيع على أيدي البلطجية ومحاولة اغتيال مقصودة، ففي البداية ضربوني وشدوا شعري ليفتعلوا خناقة، وفوجئت بأحدهم ينزل بالسيف على رأسي لولا ستر الله وتدخل البعض لإنقاذي. وفوجئت بأحد الشباب يؤكد لي أن البلطجية كانوا يسألون عني بالاسم قبل دخولهم التظاهرة، ورغم كل ذلك فأنا مثل أي مصرية لن أندم إذا مت من أجل مصر».
فاتن الحلو: الأسود هاجمتني وحب الجمهور سبب استمراري في المهنة الخطرة
فاتن الحلو مدرّبة الأسود الشهيرة تعشق نوعاً خطراً من الحيوانات، فهي لا تربي إلا المفترس منها خاصة الأسود والنمور، وكذلك تلعب معها وتروضها، ورغم تعرض حياتها للخطر أكثر من مرة، إلا أنها تستمتع بعملها دائماً.
ولأنها تنتمي إلى أكبر عائلة من مروّضي الحيوانات المفترسة، كان السيرك البيت الأول لفاتن الحلو التي تقول: «استهواني عالم السيرك منذ كان عمري تسع سنوات، ولم أخف منه رغم وفاة عمي محمد الحلو أثناء أحد العروض إثر مهاجمة أسد له. استمررت في التدرب على فقرات السيرك، ولكني احترفت ترويض الأسود بعد وفاة زوجي إبراهيم الحلو، الذي كان أشهر مروضي الأسود في مصر».
وتتابع فاتن الحلو: «أصرّ مرض السرطان على التفرقة بيني وبين زوجي الذي رحل متأثراً به، فتحملت مسؤولية السيرك وبناتي، وأصررت على استكمال مسيرته في العمل والأسرة، واحترفت تدريب الأسود والنمور، وأصبحت الأشهر في مصر حالياً، إلا أن ذلك لا يعني بعدي عن الأخطار، فمهنة ترويض الحيوانات المفترسة محفوفة دائماً بالأخطار».
وتحكي أشهر مدربات الأسود أكثر من موقف كاد يسلبها الحياة، قائلة: «هذه المهنة علّمتني الحذر الدائم وسرعة البديهة، لذا استطعت أخذ احتياطاتي في إحدى المرات عندما كاد أسد يهاجمني من ظهري وعاقبته على الفور. أما الحادثة التي لا أنساها فهي واقعة الأسد علاء أثناء قيامي بأنجح فقرات الأسود، حيث أقدم فيها اللحم للأسد وأنا أضعه في فمي، إلا أن الأسد علاء اختطف اللحم وسارع بالهجوم عليَّ، ولولا نجاح حراس السيرك في السيطرة على الأسد وإعادته إلى القفص لتمكن مني وفارقت الحياة».
وتضيف: «الخطورة لا تنتهي في السيرك، ففي العام الماضي قدمت لأول مرة عرضاً مع 15 أسداً ونمراً، وهاجمني أحد الأسود إلا أني احتويت الموقف بمنتهى المهارة، وقابل الجمهور الموقف بمزيد من التصفيق الحاد».
ورغم الخطورة التي تتعرض لها فاتن الحلو يومياً، فإنها تؤكد عشقها للأسود والحيوانات المفترسة، فهي تربيها في منزلها حتى الشهور الأولى من عمرها، لأنها تحتاج إلى رعاية خاصة وتعاملها كأبنائها، مشيرة إلى أن النجاح الذي تلاقيه يومياً وحب الجمهور يجعلانها لا تفكر في خطورة المهنة، بل في التطوير المستمر.
الدكتورة هبة قطب: تلقيت سهام الانتقاد لأني تخصصت في الطب الجنسي
المهمات الخطرة للنساء لا تقتصر على النضال السياسي، بل قد تمتد إلى أخطار اجتماعية إذا تمتعت المرأة بالشجاعة الكافية، وهذا ما حدث مع الدكتورة هبة قطب أستاذ الطب الشرعي والجنسي في جامعة القاهرة.
ورغم أن قطب هي أول طبيبة عربية تتطرق إلى الطب الجنسي، فإنها لم تخجل من الظهور على وسائل الإعلام المختلفة لتتحدث عن مجالها وتُعرِّف الناس به، موضحة أن السبب وراء ذلك هو اقتناعها بأنه لا فارق بين الرجل والمرأة، بل إن هناك حلالاً وحراماً ساوى الله فيهما بين الرجل والمرأة، أما التقاليد فهي التي صنعت فجوة كبيرة من التمييز بينهما.
وتضيف: «رغم أن عملي كطبيبة شرعية هو الذي دفعني لدخول مجال الطب الجنسي، حيث وجدت علاقة بين الانحرافات الجنسية وحوادث الاغتصاب، فبحثت ووجدت فرعاً للطب اسمه الطب الجنسي ودرسته وأخذت الماجستير والدكتوراه فيه من أميركا، إلى جانب الماجستير والدكتوراه في الطب الشرعي في مصر. إلا أنني أعترف بأن ظهوري في وسائل الإعلام وأنا أتحدث عن الطب الجنسي كان صادماً لكثيرين، وواجهت انتقادات اجتماعية كثيرة فقط لأني امرأة، ولكن رحمة الله بي أنني كنت أقابل سهام الانتقاد ممن يقفون لي خلف الأبواب بدعوات للمناظرة العملية، ولم يتقدم أحد حتى الآن. وكنت أدعوهم إلى المناظرة على الهواء في برامج التلفاز، وساعدني على الصمود تربيتي المختلفة، فأبي لم يرسخ لديَّ مفهوم التمييز وضعف المرأة وحاجتها إلى ساتر تختبئ وراءه وهو الرجل، بل كان يقول دائماً إن الحلال واحد والحرام واحد، وعلينا خشية الله في السر قبل العلانية، وساندني أيضاً زوجي الذي كان يدفعني إلى الأمام دائماً، فهو أيضاً طبيب ناجح، والسبب في تفهمه لي هو حماتي التي استطاعت ألا تنقل إليه الفكر الذكوري في التربية».
وتعترف بأنها تلاقي الكثير من نظرات الدهشة والتساؤلات في عيون الناس والمرضى لاختراقها هذا المجال كامرأة، وتقول: «كنت أستقبل نظرات الدهشة على أنها إعجاب، وهذا أيضاً من أسرار صمودي».
وعن مدى تقبل بناتها لمهنتها، ونحن في مجتمع شرقي مازال البعض فيه يرفض تطرق المرأة إلى المجالات الحساسة، تقول: «نحن أسرة متفاهمة، وأنا وزوجي الدكتور هشام عادل نلم بأدق تفاصيل حياة بناتنا، والحمد لله بناتي لديهن جرأة وثقافة وعندما تقول لهن إحدى صديقاتهن أنني أعمل في «الجنس»، يرددن عليها ويصححن لها المفهوم ويقلن: أمنا تعمل دكتورة طب جنسي، هكذا ربيت بناتي على تصحيح المفاهيم».