إقبال متواضع من النساء

انتخابات, المرأة السعودية / نساء سعوديات, سيدة أعمال, الرياضة

01 أكتوبر 2012

يبدو أن هناك إحجاماً من سيدات الأعمال السعوديات على الترشح أو التصويت لانتخابات الغرف التجارية بالرغم من مطالباتهن المتكررة بدخول هذا المعترك وحصولهن على مباركة الدولة لهذه الخطوة. ولعل هذه الصورة كانت الأبرز في انتخابات غرفة الرياض التي لم تخضها سوى مرشحتين هما هدى الجريسي والدكتورة فايزة أبا الخيل من أصل 5600 إمرأة يمكنهن المشاركة. وتراوحت أسباب إحجام سيدات الأعمال السعوديات، اللواتي لم تتجاوز أعداد أصواتهن المشاركة 60 صوتاً، ما بين حداثة التجربة وضعف الثقافة الانتخابية، وبين فقدان الأمل وعدم الشفافية.
«لها
» التقت عدداً من سيدات الأعمال للوقوف على أسباب هذا الإحجام.


سببان لضعف الإقبال

الدكتورة هتون الفاسي أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود ومن مؤسسات مبادرة «بلدي» المعنية بالانتخابات النسائية البلدية، قالت: « كثيرة هي أسباب عدم إقبال السيدات السعوديات على انتخابات الغرف التجارية، ومن أهمها عدم امتلاكهن برامج وخطط عمل مختلفة عن الأسلوب التقليدي، كما أنهن لا يقدمن برامج عمل تتلمس قضايا سيدة الأعمال السعودية. هناك الكثير من الآليات، والوسائل العملية التي تحكم العملية الانتخابية. ليست لأنها مجرد امرأة علي أن انتخبها، فأنا لن انتخب شخصاً لا يمثل احتياجاتي ومطالبي، فإذا كانت سيدات الأعمال غير مستعدات فبالتأكيد لن يجدن من يقف معهن. صحيح أيضاً أن خبرات الرجال الانتخابية تفتقد الكثير من الحرفية، ولكن نعترف بأنهم قطعوا شوطاً متقدماً عن النساء».
 وشددت الفاسي على ضرورة إنشاء تكتلات نسائية، والاستفادة من خبرات الرجل في هذا المضمار. إضافة إلى تلمس خبرات النساء، سواء في السعودية أو خارجها. على سبيل المثال النساء في جدة وكيف استطعن الوصول إلى النجاح في ظل منافسة كبيرة.

وأضافت: «على كل سيدة من المرشحات أن توزع برنامجها الانتخابي في الغرفة التجارية، إلى جانب الأماكن المخصصة لتوزيع البرامج. أيضا عليها أن تجري بعض اللقاءات المعلن عنها وتجتمع فيها مع سيدات الأعمال لتوضيح خطتها الانتخابية. ويمكنها عقد مؤتمر صحافي تعلن فيه البرنامج. عليهن التحرك في كل المناطق، وتشجيع سيدات الأعمال على التسجّل في الغرف التجارية من كل المستويات، سواء الأعمال الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة. لأنه في النهاية إذا وجدت سيدة الأعمال من يوصل صوتها ويحقق مطالبها واحتياجاتها أكيد سيتم انتخابها».

 

«محافظة» المجتمع من الأسباب؟

فوزية الهاني، الاختصاصية الاجتماعية والناشطة الحقوقية، والعضو في حملة «بلدي» قالت: «غرفة تجارة الرياض مختلفة عن غرفتي جدة والشرقية لأسباب غير واضحة ومعلومة، وربما لوجود المجتمع المتحفظ جدا عن خروج المرأة إلى مكان مشترك مثل الغرفة التجارية. أنا لا أعتقد أن المرأة لا تثق بالمرأة، بل أجد أن المرأة تدعم المرأة. وأيضا من خلال تواصلنا مع كثير من رجالات الدولة نجدهم يدعمون المرأة، بل وعدد منهم كان لديه الاستعداد الكبير لترشيحها، لأنها تستحق أن تعطى الفرصة لتثبت قدراتها. فلابد أن تتاح لها الفرصة بالتساوي مع زميلها الرجل».

ورأت أن «ثقافة الانتخاب غير موجودة لدى المجتمع السعودي في الأساس، فالمرأة لم تكتسب حتى الآن هذه المهارة، وبالتالي لم يكن هناك أي توقع بفوزها في الدورات الأولى. إضافة إلى أن نقص الخبرة الانتخابية جعلها ضعيفة في إيصال وجهة نظرها ورسالتها للآخرين».
ولفتت إلى أن المرأة السعودية جديدة على الساحة الاقتصادية والعمل في الشأن العام، وبالتالي هي ليست مدعومة بالموارد الكافية والأدوات اللازمة لعملية الترشح. هذه كلها أسباب تجعلها بعيدة عن الترشح في الدورات الأولى. وختمت الهاني: «أنا متفائلة جدا، وعندما ستتاح الفرصة مستقبلاً أعتقد أن السيدة ستحصل على النتيجة المرجوة».


دفعني لمعاودة التجربة

سيدة الأعمال هدى الجريسي قالت: «أسباب الإحجام كثيرة، من ضمنها ضعف الثقافة الانتخابية لدى بعض سيدات الأعمال، كما أن هناك منهن من لسن موجودات في السعودية. أيضا البعض فقد الأمل في أن تقدم لهن الغرفة أي خدمات، والسبب عدم معرفتهن بمهمات الغرف التجارية والصلاحيات الموجودة لديها».
وعن عدم وضوح البرنامج الانتخابي أضافت: «هذه المسألة غير واردة. على مستوى الغرفة التجارية في الرياض التي لم يترشح سوى أنا والدكتورة فايزة أبا الخيل، ولكن لا أعتقد أن الأمر متعلق بالبرنامج. هناك بعض الأمور التقنية للترشح من حيث أن سيدة الأعمال عليها أن تكون قد جددت سجلها التجاري. صحيح أنها موجودة في القوائم ولكن لا يحق لها التصويت لأن سجلها التجاري منتهي الصلاحية».

وعن تأخرها وتأخر الدكتورة فايزة في الترشح قالت: «أنا سأتحدث عن نفسي، فأنا مترشحة دائمة في انتخابات الغرفة التجارية في الرياض منذ ما يقارب السبع سنوات، وفي الدورة الحالية كان الرأي أن نفسح المجال لسيدات جديدات لهن الحق في الترشح، ولكن قبل يوم من الفترة المخصصة للترشح، وبالاتصال باللجان المسؤولة عن ترشح النساء اكتشفت أنه لا يوجد أي سيدة رشحت نفسها، وبالتالي وجدت أنه من غير المعقول أن يذهب جهد السنوات السابقة سدى. لذا ترشحت. فأنا سيدة أعمال وأمتلك العمل الخاص بي، والوجود في الغرفة التجارية والاهتمام بها يأخذان حيزا كبيرا من الوقت على حساب أعمالي الخاصة، ولكن قرار الترشح كان من منطلق الحفاظ على جهد الثماني سنوات وتأسيس القسم النسائي في الغرفة التجارية».


ردة فعل على غياب المصداقية

من جانبها، قرأت سيدة الأعمال السعودية غادة غزاوي عدم الإقبال على الغرف التجارية بأنه نوع من فقدان الأمل: «لكل فعل ردة فعل، وهذه ردة الفعل. وأتوقع أن يتكرر ما تعرضت له غرفة الرياض في بقية الغرف السعودية. وحقيقةً أنا لا ألوم سيدة الأعمال في ذلك. فعلى سبيل المثال، ومن واقع خبرات سيدات خضن التجربة، وأنا منهن، كانت الدورة الأولى للحملة الانتخابية منظمة، وفي الدورة الثانية رشحت نفسي وذلك لاكتساب الخبرة في هذا المجال. المشكلة تكمن في الغرفة، لعدم وجود المصداقية، فهم يعملون على استقطاب الناس على أساس أنها انتخابات نزيهة، ولكن في النهاية يحدث ما يريدون. فلا يوجد مصداقية في الوعود، ولا يوجد آلية تنظيمية، وهناك فساد كبير جدا».
ورأت أن الوضع الحالي للغرف التجارية محبط لسيدات الأعمال، وهذا ما جعلهن يفقدن الأمل. واعتبرت أن الحل يكمن في «إعادة الهيكلة، والشفافية، والابتعاد عن المحسوبيات».


التجربة ستنجح في المستقبل

من جانبها، قالت فضيلة الفضل، وهي سيدة أعمال من القطيف في المنطقة الشرقية: «أستغرب كثيراً عدم دعم المرأة للمرأة، وأجد أن هناك كثيرا من المشاريع غير مدعومة من جانبهن. أيضا من وجهة نظري هناك ضعف في إيصال المعلومة من سيدة الأعمال في ما يخص الفائدة العائدة من هذه الانتخابات، ولربما سيدة الأعمال مغيب عنها ما يمكن أن تقوم به المنتخبة من تسهيلات للمرأة، ورفع مطالبهن الى المسؤولين في الغرفة التجارية. وأحيانا وسبب من الأسباب غيرة المرأة من المرأة، فنجد أن ثمة امرأة تنتخب الرجل ولكن لا تنتخب امرأة مثلها. كل هذه عوامل أدت إلى ضعف العملية الانتخابية في الغرف التجارية السعودية».
إلا أن الفضل لا تزال تراهن على نجاح التجربة في الأعوام المقبلة، وتؤكد أنها ستزدهر وتجد لها مكاناً. وأضافت: «لا بد للبرامج الانتخابية أن تلامس واقع سيدة الأعمال حتى تكون منطقية ولها طابع المصداقية، لأن البرامج المبالغ فيها تعمل على تنفير السيدة من انتخاب امرأة. في النهاية أنا أريد، كسيدة أعمال، من يمثلني يوصل مطالبي وصوتي».