مُخترعات عربيات
سلمى المصري, الكويت, المرأة العربية / نساء عربيات, المرأة الكويتية / نساء كويتيات, المرأة اللبنانية / نساء لبنانيات, براءة إختراع
21 يناير 2013المخترعة الكويتية لا تحصل حتى على براءة اختراع
الإهمال والبيروقراطية والروتين المملّ تقف وراء عزوف الكويتيات عن عالم الاختراعات، فتمرّ أسماء مخترعات يعلنّ عن اختراعاتهن ويشاركن بها في مؤتمرات علمية أو معارض شهيرة مثل معرض جنيف للمخترعين وغيره وينلن جوائز عليها، لكن تلك الأسماء تتوارى في ما بعد فلا يكتب لها الاستمرار ولا تحصل الاختراعات على شهادة براءة اختراع. ورغم فرادة أفكار بعض طالبات الكليات العلمية إلا أن هذه الأفكار تحفظ في أدراج الكلية مع تخرج الطالبات. وقد نسمع بشكل عابر عن مخترعة لكنها تختفي ويصبح العثور عليها صعبا، فما بالك باستمرارها العلمي. ومن تلك الاسماء المخترعة فرح بهبهاني التي قدمت في الدوحة اختراعاً لساعة تتوافق مع كل الدول.
وفاء الكاظمي: اختراع مرهم طبيعي لمعالجة الحروق
المخترعة الكويتية وفاء الكاظمي الحاصلة على الميدالية البرونزية في معرض جنيف للاختراعات والتي شاركت باختراع «كريم» مستحضر من الأعشاب الطبيعية من دون اي إضافات كيميائية لمعالجة الحروق التي يتعرض لها الإنسان بدرجاتها المختلفة، قالت إن ميزة هذا المرهم الطبيعي انه يساعد في ترميم الأنسجة وإعادتها الى وضع طبيعي بعد الفترة العلاجية. وقد تمت تجربة المرهم في علاج حالات مختلفة مثل حروق طفل عبر حليب مغلي أو لمس مكواة ساخنة، أو حروق عامل من خلال اشتعال بنزين السيارة، أو حروق سيدات ناجمة عن انفجار موقد الغاز، أوعبر مسخن الماء أو مجفف الشعر.
واضافت الكاظمي ان المرهم كان فعالا حتى في حالة عامل أصيب بحروق عميقة عبر مادة حمضية.
والمميز في هذه الاختراع أنه يعطي نتائج فورية بعد اليوم الثالث بجفاف مكان الحريق وبداية عودة الجلد إلى الوضع الطبيعي، علما أن مشكلة الحروق حتى لو عولجت بالطرق التقليدية فإنها تترك بصماتها الى الأبد.
وعن معاناة المخترعات والباحثات ذكرت الكاظمي: «لا تزال المخترعة العربية تتعذب في الحصول على شهادة براءة الاختراع رغم كل التسهيلات والدعم الذي يتم تقديمها لها. فالبيروقراطية والإجراءات الروتينية البطيئة تحول دون حصولها على شهادة براءة الاختراع. وهكذا رغم ان الكريم اخذ كل الموافقات التجارية والصحية والتجارب الطبية والموافقة عليه الا انه لم ينل الشهادة».
الدرع الواقية
المخترعة الكويتية ابتسام يوسف مصطفى الإبراهيم، وهي أستاذة أكاديمية للغة الإنكليزية ومترجمة ومحررة أخبار شاركت في أحد المعارض باختراعين، الأول هو الدرع الواقية للطرق، وهي عبارة عن درع عازلة تعمل كوسادة هوائية تصد وتمتص الصدمات الناتجة عن حوادث السيارات، فتقل بالتالي الأضرار الناجمة عن الحوادث وتكاليف صيانة السيارات والحواجز الأسمنتية، وبالطبع تقل التكاليف الطبية التي تصرفها الدولة على المصابين. وهذه الدرع التي اعتمدت ابتسام في تصنيعها على قطع إطارات السيارات المستعملة، يتم تثبيتها على الحواجز الاسمنتية المستخدمة في الطرق السريعة وأسس الجسور، كما يمكن استخدامها في حماية أعمدة الإنارة والأشجار وواجهات المباني المعرضة للاصطدام بها. أما الاختراع الثاني لابتسام فكان الجبيرة الفائقة (بديل الجبس).
وتقول ابتسام إنها لم تواجه أي صعوبات، بل العكس وجدت كل الترحيب والتسهيلات التي تؤهلها للمشاركة، سواء من المكتب الكويتي لرعاية المخترعين أو من مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع الذي جنبها وزملاءها الكثير من المتاعب والمصاعب المادية من خلال قيامه بالعديد من الخدمات، وعلى رأسها طباعة البرشورات، وهي المسألة التي كان يعاني منها المخترعون كل عام. غير أن ابتسام سارعت لتضيف أنها لاحظت مشكلة واجهت بعض المخترعين الكويتيين، وهي ترجمة المعلومات الخاصة باختراعاتهم إلى لغات أخرى، خصوصا أن البعض منهم لا يجيد لغات، مما اضطرهم للجوء الى مكاتب خارجية تقاضت منهم مبالغ كبيرة مقابل ذلك.
مشروع تخرج ثلاثي
بدرية السرحان، نورا مقصيد، وفجر العنزي، ثلاث فتيات كويتيات استطعن أن يقدمن خدمة للمجتمع عبر مشروع تخرجهن من كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت. مشروع التخرج لم يكن تقليديا، بل هو اختراع فريد من نوعه، إذ يمكّن هذا الاختراع من وضع حد لاختراق الهاكرز لأجهزة الكمبيوتر والإطلاع على سرية المعلومات. وتطمح الفتيات إلى جعله مشروعا عالميا يفجّر قنبلة علمية في عالم التكنولوجيا ونقل المعلومات، وهو عبارة عن جهاز للحفاظ على سرية المعلومات المرسلة، بحيث يستحيل على أي شخص الحصول على تلك المعلومات باستثناء متسلمها. وتسعى هذه الكوكبة من بنات الكويت إلى تسجيل هذا الجهاز كبراءة اختراع تمهيدا لتطويره واستخدامه في تطبيقات أكثر، كحفظ المعلومات ونقلها إلى أماكن متباعدة. تفاصيل المشروع في حوارنا التالي.
-هل لنا أن نطلع علي اختراعكن، وما هو بالضبط؟
هو عبارة عن نظام يضمن الحفاظ على السرية المطلقة للمعلومات المكتوبة عند إرسالها.
- وكيف يعمل هذا الجهاز؟
طريقة عمله تكون عن طريق إضافة دائرتين كهربائيتين متطابقتين (Unified Chaotic Circuits) تنتج كل منهما إشارات عشوائية فوضوية متحركة، إحداهما لنظام الإرسال والأخرى لنظام الاستقبال. وما يميز هذا النظام أنه يحمل المعلومات المرسلة على شكل إشارة عشوائية فوضوية عالية التردد والمقدار، بحيث أنه يصبح من المستحيل لأي شخص أن يحصل على المعلومات المرسلة في أي لحظة خلال عملية الإرسال ما عدا الشخص المرسلة إليه، والمزود بدائرة مطابقة لدائرة الاستقبال، حيث أنه عند الإرسال نقوم بإضافة فوضى إلى الإشارة المرسلة لإخفائها، وعند الاستقبال نطرح هذه الفوضى للحصول على الإشارة الصحيحة. ولضمان تطابق الفوضى الناتجة عن دائرتي الإرسال والاستقبال يتم استخدام متحكم (Controller) وذلك حتى تنتج الرسالة الأساسية فقط عن عملية الطرح.
- كيف نتأكد من سرية هذا الجهاز، وما الضمانات لذلك؟
سرية هذا الجهاز تكون نتيجة للفوضى أو «Chaos» التي تنتجها هذه الدائرة. وهي عبارة عن موجة عشوائية ومتحركة وغير خطية، ومن الصعب التكهن بسلوكها في أي لحظة. وهي مضافة إلى المعلومات المرسلة، وبالتالي لا يمكن فك هذه المعلومات المتداخلة مع الفوضى.
- وكيف جاءت فكرة هذا الابتكار؟
الفكرة جاءت من البروفيسور المشرف على المشروع د.محمد الزريبي، حيث كانت هناك أبحاث ودراسات على الموضوع، ولله الحمد تمكنا من تطبيق الفكرة عمليا وكانت ناجحة.
- وكم هي كلفة هذا المشروع؟
المشروع غير مكلف ماديا، فكلفة عناصر الدائرة الكهربائية لا تزيد على 100 درهم كويتي، وبعض العناصر كانت متوافرة لنا في ورشة القسم بالكلية، مما وفر علينا شراءها.
- هل بالإمكان تطوير هذا الجهاز؟
نعم بالتأكيد يمكن تطوير هذا الجهاز لجعله «Wireless»، وبالتالي يمكن استخدامه لتطبيقات أكثر ولحفظ المعلومات ونقلها إلى أماكن متباعدة، إذ قمنا بتطبيق هذا المشروع لاستخدامه في مكان أو مبنى واحد، مثل البنوك أو الشركات للمحافظة على نقل المعلومات بسرية تامة، وكانت النتيجة نجاحه في الحفاظ على سرية المعلومات.
- هل هناك أشخاص وراء إنجاز هذا المشروع؟
نعم، كان هناك دور رئيسي لأستاذ كلية الهندسة المشرف على المشروع د.محمد الزريبي ومهندسي القسم، بالإضافة إلى زملائنا وزميلاتنا المهندسين والمهندسات: أحمد حديد، شيخة المزيد، هدى الرشيد، وآمنة الصحاف. ونشكر ورشة قسم الهندسة الكهربائية في كلية الهندسة والبترول لمساعدتهم لنا.
- هل حصلتن على براءة اختراع؟
لم نحصل على براءة اختراع بعد، ولكن إن شاء الله سنسعى للعمل على تسجيله كبراءة اختراع قريباً.
النادي العلمي... لاحياة لمن تنادي
يفترض أن النادي العلمي في الكويت يمتلك قسما خاصا بالمخترعين وتشجيعهم ومتابعتهم. ولهذا عمدنا طوال أسبوعين إلى الاتصال بهم لنلتقي عدداً من المخترعات الكويتيات. وحين اتصلنا بالنادي وجدنا صعوبة الرد من البدالة وكل الاقسام. وحين راجعنا الموقع الالكتروني عثرنا بالصدفة على مهندس وعد بمساعدة «لها». بعدها أتصل بنا من النادي العلمي شخص وأبدى تعاونه وأعطانا رقم موبايل سيّدة من العلاقات العامة والإعلام التي ظللنا نتصل بها دون توقف وارسال رسائل الى هاتفها النقال لكننا لم نلقَ أي ردّ.
مخترعات من لبنان: من الفائدة الخاصة الى الفائدة العامة
مخترعات شابات من لبنان، تخرجن حديثاً وانطلقن من موضوع يخدم مصلحة خاصة فطوّرن الفكرة وعملن عليها لتصبح في خدمة الجميع وفي متناول الكل. صحيح أنه لم يلق الضوء عليهن بعد، لكنهن قدمن إنجازات تستحق الذكر ويعملن على أخرى لا تزال قيد التطوير، علّهن يجدن الدعم المادي والمعنوي اللازم ليقدمن أكثر فأكثر لبلادهن في الدرجة الاولى وللعالم في ما بعد. ياسمين وهند، مخترعتان لا تزالان في مقتبل العمر تنتظران مَن يقدِّر ما تعملان، وهما تتطلعان الى المزيد من الانجازات.
ياسمين دقيق (23 سنة): سائل خاص لتقوية الأظافر بمواد طبيعية
كانت ياسمين دقيق تعاني من تكسّر أظافرها وضعفها الشديد. من هنا كانت انطلاقة فكرة اختراع مستحضر خاص لهذه الغاية. فقد درست ياسمين في مجال المختبر والعيادات الطبية مع فحوص الDNA فساعدها هذا المجال على المضي قدماً والتوسّع أكثر في فكرتها، خصوصاً أنها كانت في الجامعة قد تخصصت في الدراسات والأبحاث.
عن انطلاقها في الاختراع تقول: «لطالما عانيت من مشكلة ضعف أظافري وتكسّرها، ولأني تخصصت في مجال المختبر وتعمقت في الأبحاث والدراسات، أردت العمل على فكرتي وتطويرها أكثر، وإن كنت لم أفكر أبداً في تحويلها إلى تجارة أو مصدر رزق. ولحسن حظي دعمني أهلي كثيراً وشجعوني وبفضلهم حققت ذلك، كما أن ظروفنا سمحت بأن ينشئوا لي مختبراً خاصاً لي في المنزل. عملت خلال فترة على تنفيذ الفكرة وجربتها بنفسي ولاحظت فرقاً كبيراً في أظافري من الشهر الأول. كما لاحظ أهلي الفرق ثم جربته شقيقاتي ورفيقاتي والكل لاحظ فريقاً كبيراً وتحسناً واضحاً في الأظافر خلال فترة قصيرة. وزعت من السائل على رفيقاتي وزميلاتي، لكن أهلي لفتوا نظري إلى إمكان نشر اختراعي هذا والتوسع فيه أكثر. عندها توجهت إلى وزارة الصحة، كما هو واجب لاختراعات من هذا النوع، وتم تحليل المستحضر وتبيّن أنه آمن تماماً ولا يحتوي على أي مواد خطيرة مسببة للسرطان أو للحساسية، وأن المواد التي فيه طبيعية مئة في المئة.
بعدها أخذت براءة اختراع من وزارة الاقتصاد وتمت الموافقة على الاختراع من الجهات المختصة وموافقة نقابة الصيادلة بما أن المستحضر سيباع في الصيدليات. والآن لم يبقَ أمامنا إلا بعض الأوراق والمعاملات الروتينية لإنهاء الموضوع. كما سيتم توقيع وكالة لبيع المستحضر في السعودية وأخرى في مصر قريباً. لكن في الفترة الأولى يوزع المستحضر بشكل عيّنة تجريبية في وعاء بلاستيكي، خصوصا أنه لا توجد في لبنان معامل لتصنيع قوارير زجاجية لطلاء الأظافر. وقد توجهنا إلى الصين للحصول على عرض في هذا الإطار ولاعتماد الشكل النهائي للقارورة».
وعن مكونات المستحضر المقوّي للأظافر تقول ياسمين: «كل مكونات المستحضر طبيعية وهي زيت دوار الشمس وخل أبيض وعسل وزيت زيتون و فيتامين B6 المركب وفيتامين B7 وزيوت البابونج والخزامى وغيرها من المكونات التي ركبتها بطريقة خاصة. مع الإشارة إلى أني أركز على الفيتامينات وأركبها بطريقة خاصة بحيث تؤثر، مع المواد الطبيعية المعتمدة، على الخلايا بشكل إيجابي. وهذا ما أركز عليه بشكل خاص في الاختراع. وحالياً أعمل على اختراعين آخرين بالمواد الطبيعية، أحدهما له علاقة بالشعر والثاني يهدف إلى معالجة الإكزيما التي تعجز الأدوية المتوافرة عن معالجتها نهائياً».
هند حبيقة (23 عاماً): جهاز لقياس نبضات القلب في الماء
هدف هند حبيقة، بطلة السباحة اللبنانية، كان قياس نبضات قلبها أثناء قيامها بتمارينها اليومية. صحيح أنها كانت تعرف أن هذا مستحيل وأن لا إمكان لقياس نبضات القلب أثناء التمارين في الماء، كما كان مدربها يقول لها دائماً، لكنها أصرت على تحقيق هدفها وعملت جاهدةً على تحقيق ذلك إلى أن نجحت لتدهش الكل بهذا الاختراع. وكانت المشكلة التي واجهتها هند أنه رغم رغبتها في معرفة نبضات قلبها أثناء السباحة نظراً إلى أهمية ذلك في تحقيق الفائدة القصوى من التمارين وفي زيادة الإمكانات، لم يكن ذلك ممكناً إلا بعد الخروج من الماء. ولطالما كانت هند متأكدة من إمكان تحقيق غايتها فعملت بجهد إلى أن اخترعت نظارات ButterflEye الخاصة للسباحة التي تبدو وكأنها نظارات عادية لا تختلف عن سواها، باستثناء كونها تحتوي على قطعة صغيرة من المطاط فوق العدسات تصل جهازين صغيرين لقياس النبض عند الصدغين. ويعتبر هذا الجهاز الأول لقياس نبضات القلب المخصص للسباحين. كما يحتوي على ضوء أخضر يُخطر السباح بأنه قد بلغ هدفه، وثمة ضوء أصفر يدعوه إلى زيادة السرعة وآخر أحمر يدعوه إلى التمهل.
وكانت هند قد شاركت في برنامج تلفزيون الواقع «نجوم العلوم» الذي حلّت فيه في المرتبة الثالثة وكانت الفتاة الوحيدة في مرحلة النهائيات. وقد شجعتها مشاركتها هذه على التقدم أكثر فأكثر في اختراعها بعدما تأكدت ان مجرد وجود الفكرة لديها يعني أنه يمكن تنفيذها على أرض الواقع. وتباع النظارات التي اخترعتها هند بنحو 100 دولار، علماً انها تعمل على أفكار أخرى تحاول تنفيذها.
مُخترِعات عربيات، توصَّلن بجهودهن الفردية إلى إنجاز اختراعات مهمة تتجاوز فائدتها حدود بلداهنّ إلى العالم أجمع. وبَدَل أن تتبنَّى دُوَلهن اختراعاتهن، وتضعها موضع التطبيق العملي، نجدهن يواجهن الإهمال، ومعظمهُنَّ محرومات من أي دعم مادي أو معنوي. كما تحول المصاعب الكثيرة بينهن وبين الحصول حتى على براءات اختراع. التقت «لها» عدداً من هؤلاء المخترعات، وتحدّثت معهن عما أنجزنه، وعن مصير اختراعاتهن، وعن مشاريعهن للمستقبل.
يتعرضن للسرقة والقانون لا يحميهن
المخترعات المصريات في معركة اليأس والأمل
المخترعات في مصر يواجهن تحديات صعبة، يحصلن على براءات الاختراع بعد سنوات إذا كان حظهن جيداً، يمضين زهرة الشباب في البحث والعلم والدراسة دون أن تقدم لهن أي جهة، حكومية كانت أو غير حكومية، مكافأة، بل ربما لم يسمعن مطلقاً كلمة «شكراً» من أي من مسؤولي الدولة. بعضهن تعرضن لليأس والأخريات آثرن الصبر، حتى لا تضيع أحلامهن كما ضاعت سنوات عمرهن. «لها» دخلت عالمهن وتعرفت إلى مشاكلهن فبحن بما في الصدور.
الدكتورة دعاء عبد الرحمن: تعرضت لهجوم وسخرية بعد تسجيلي براءة اختراعي
تقول الدكتور دعاء عبد الرحمن، وهي أستاذة مساعدة في المركز القومي للبحوث، وحاصلة على براءة اختراع في تصنيع سكر الحلويات من نشارة الخشب عام 2010، إنها تقدمت إلى إدارة براءات الاختراع في أكاديمية البحث العلمي عام 2006 للحصول على البراءة، وكانت تحمل قدراً كبيراً من الأمل والتفاؤل، إلا أنه سرعان ما تحول إلى علامات استفهام كبيرة عندما أبلغها المسؤولون في الأكاديمية ألا تأتي للسؤال عن بحثها إلا بعد سنة ونصف السنة، وهو ما صدمها ولم تجب إلا بسؤال واحد: لماذا؟ فقالوا لها إن هذه المدة هي الحد الأدنى الذي يمكن لإدارة البراءات أن تفحص البراءة فيه، فلم تجد أمامها إلا حلاً واحداً، وهو الصبر.
وأكدت الدكتورة دعاء، المتفوقة بشهادة أساتذتها، أن الباحث إن لم يكن لديه دافع داخلي قوي جداً لأن يستكمل بحثه ويصبر على الروتين الحكومي، لن يجد أمامه سوى اليأس، لأن المناخ العلمي المناسب غير متوافر على الإطلاق للباحثين. ودللت على قولها بأن الباحثين ظلوا سنوات طويلة في حالة إحباط شديد، حتى أن كثيرين قرروا هجرة البحث العلمي دون رجعة، وتركوا أبحاثهم والبراءات التي تقدموا للحصول عليها.
ولفتت إلى أن أهم المشكلات التي تواجه الباحثين عن اختراعات جديدة، هي الدعم المالي، فلا توجد أي جهة تموّل الأفكار الجديدة، بل على الباحث أن ينفق على اختراعه من ماله الخاص، إلى أن يحصل على براءة الاختراع وتصبح معترفاً بها. من هنا ناشدت كل الجهات البحثية تسيير الأمور في ما يخص الإمكانات المادية، حتى يتسنى للباحث استكمال اختراعه والحصول على البراءة. وأوضحت أن هناك مشكلة أيضاً بعد الحصول على البراءة، وهي أن الدعم المحلي يكون ضئيلاً ومحدوداً جداً لا يتناسب مع قيمة الاختراع، مما يضطر الباحث أيضاً لأن يستكمل المصروفات من أمواله الخاصة.
وتعترف الدكتورة دعاء بأنها نجحت بتوفيق من الله، وليس بسبب وجود المناخ العلمي المناسب، وطالبت بوجود جهة خاصة في أكاديمية البحث العلمي تقوم بعملية تسويق براءات الاختراع، مشيرة إلى أن الحاصل على أي براءة اختراع في مصر مطلوب منه أن يقوم هو بنفسه بتسويق براءة اختراعه، حتى ترى النور ويتم تطبيقها على أرض الواقع، وهذه بالطبع ليست وظيفة الباحث الذي يتحمل كل شيء حتى التسويق.
وفي ما يخص المنح المادية التي توفرها الدولة بعد حصول الباحث على براءة الاختراع، تقول الدكتورة دعاء إن ميزانية البحث العلمي في مصر ليس فيها أي بند يخص صرف منح مادية للمخترعين، ليس ذلك فحسب، بل إن الباحثين يدفعون أموالاً لمدة 20 عاماً لحماية عناصر براءة اختراعاتهم دون الحصول على أي عائد من الدولة.
وتروي قصة صدمة أخرى تعرّضت لها من إدارة براءات الاختراع، فقد أجرت بحثاً في اكتشاف بكتيريا جديدة، وعزلتها من أجل استخدامها في استخلاص منتجات جديدة. إلا أن مكتب البراءات رفض تسجيل الفكرة، وقال إنها اكتشاف وليست اختراعاً، ومن ثمَّ لا يمكن تسجيلها بدعوى أنها لم تخلق البكتيريا لكنها اكتشفتها فقط، وبالتالي ضاع كل مجهودها في البحث ولم تجد أي جهة تحميه، بل لن تتمكن من إثبات أنه بحثها في حالة سرقته، لأنه غير مسجل باسمها.
واعتبرت أن من أهم مشاكل المخترعات أيضاً عدم وجود مراكز بحثية لتطبيق الاختراعات، قائلة: «بصفة عامة نتائج الأبحاث التي نحصل من خلالها على براءات الاختراع فيها مخاطرة شديدة جداً، وهى عدم وجود مؤسسات تتبناها أو تطبقها على أرض الواقع، فتصبح وكأنها لم تكن».
وأبدت استياءها من الهجوم الذي لاقته بعد تسجيل براءة اختراعها، وهى تصنيع سكر الحلويات من نشارة الخشب، فلم تسمع كلمة تشجيع أو شكر، بل كان المردود سيئاً جداً، حيث تناول الإعلام المحلي الموضوع بسخرية واستهزاء واستخفاف، وكتبوا: باحثة تصنع السكر من النشارة.
الدكتورة إيمان رمضان: الروتين الحكومي أضاع مني سبع سنوات لأحصل على براءة اختراعي
الدكتورة إيمان رمضان، الأستاذة في قسم كيمياء المنتجات الطبيعية والميكروبية، والتي اخترعت طريقة لتدوير قش الأرز وتحويله إلى سماد قوي وصديق للبيئة، بالإضافة إلى تحويل جزء منه إلى مبيد قوي وآمن لمحصول الأرز والقمح، وصلت مراراً إلى مرحلة اليأس. تقول الدكتورة إيمان، التي حصلت على براءة اختراعها عام 2010، إنها تقدمت إلى مكتب براءات الاختراع عام 2003، إلا أن الروتين الحكومي «السخيف» أضاع منها سبع سنوات في انتظار الحصول على البراءة، مؤكدة أنه أثناء تلك الفترة اكتشفت أن هناك باحثين لم ينتظروا كل هذه السنوات، لأن لهم أقارب أو معارف في الأكاديمية، مشيرة إلى أنه حتى البحث العلمي في مصر فيه محسوبيات. وقالت الدكتورة إيمان: «كثيراً ما شعرت بالملل من طول المدة، وقررت أكثر من مرة عدم استكمال الأبحاث، لكن أهمية الاختراع وكونه مشروعاً قومياً كان دافعي الوحيد للاستمرار، ومع ذلك وبعد حصولي على براءة الاختراع لم يخرج البحث إلى النطاق التجاري لعدم وجود جهات للتسويق، رغم أنه حقق نجاحات مذهلة حتى في أردأ الأراضي التي زرعنا فيها». ووصفت كلام المسؤولين بالجميل، فقد أثنوا كثيراً على الاختراع وفكرته، لكنهم لم يتبنوا المشروع وانتهى التشجيع عند حد كلمات الشكر فقط، وهو ما أحزنها، خاصة بعد أن اكتشفت أن الأسمدة الحيوية التي تحتاج إليها زراعة السلع الاستراتيجية، مثل الأرز والقمح، يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، مشيرة إلى أن هناك رجال أعمال يستفيدون من عمليات الاستيراد، وبالتالي من مصلحتهم وقف هذه المشاريع وعدم تبنيها. واتفقت مع الدكتورة دعاء على عدم وجود دعم مادي أو تسويقي لمشاريع براءات الاختراع، والاعتماد الرئيسي على التمويل الشخصي على نفقة المخترع. وأكدت أن هناك آلاف البراءات المهمة وفي الوقت نفسه البسيطة والسهلة التطبيق، لكنها مركونة على الأرفف في مكتب براءات الاختراع لأسباب لا يعلمها أحد، مشيرة إلى أن براءات الاختراع التي يحصل عليها المخترعون صارت مجرد براءات اسمية قابلة للسرقة بسهولة بالغة، وهذا ما يحدث فعلاً لغالبية البراءات.
الدكتورة وفاء حجاج: سرقوا مشروعي
أما الدكتورة وفاء حجاج، أستاذة أمراض النباتات في المركز القومي للبحوث، والحاصلة على أربع براءات اختراع في مجال استحداث طرق جديدة لمكافحة أمراض النباتات دون استخدام مبيدات، فتقول: «توقعت أنه بعد الثورة سيتم الاهتمام بالمشاريع القومية، خاصة التي أثبتت تطبيقات أفكار براءات الاختراع فيها نجاحات مذهلة. إلا أن ذلك لم يحدث، بل حدث عكس ذلك تماماً، فألغيت المشاريع التي اعتمدنا عليها في تطبيق أفكارنا على أرض الواقع دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك. والأخطر هو توقف كل الجهات عن تمويل تلك المشاريع دون إبداء أسباب أيضاً، بل فوجئنا بقرارات التوقف. ولولا وجود بعض جهات التمويل، سواء المحلية أو الخارجية، لما رأت براءات اختراعاتنا النور».
وطالبت المسؤولين في الدولة بالنهوض بالبحث العلمي بما يتماشى مع المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر، وذلك من خلال وضع ميزانية خاصة ومحترمة لتمويل مشاريع براءات الاختراع، حتى تستفيد الدولة منها، لأنها تساعد في زيادة الإنتاج المحلي وخفض حجم المستورد.
وأشارت إلى سرقة غريبة تعرضت لها بقولها: «تقدمت قبل سنوات بمشروع في مجال مكافحة أمراض النباتات، وتبنت جهة ضخمة تطبيق هذا المشروع وتمويله، ثم اختفى المشروع تماماً دون أن يجيبني أحد بجملة مفيدة حول اختفائه، ولم أتمكن من إثبات حقي. وبعد ثلاث سنوات فوجئت بأن هناك شخصاً تقدم بالمشروع نفسه وحصل على تمويل ضخم من إحدى الجهات، والصدمة أن هذا الشخص كان المحكم الذي ناقشني في المشروع، وللأسف لا أعرف مصير هذا المشروع حتى اليوم».
الدكتورة جزين الديواني: المخترعات المصريات حظهن سيِّئ رغم روعة اختراعاتهن
وفي تعليقها، كخبيرة، على معوقات براءات الاختراع التي تعاني منها الباحثات المصريات الجديدات، قالت الدكتورة جزين الديواني، الأستاذة المتفرغة في المركز القومي للبحوث، إن أول براءة اختراع حصلت عليها وطبقتها في أحد المصانع المحلية، من خلال شركة مصرية، تمت سرقتها ونفذها أحد رجال الأعمال في مصنع خاص. ولم تتمكن من إثبات حقها، ولم تجد أي جهة تحميها، حتى أكاديمية البحث العلمي وإدارة براءات الاختراع، التي تحصل من الباحثة على مصروفات شهرية لمدة عشرين عاماً مقابل حماية الاختراع، مشيرة إلى أنه حتى القانون لا يحمي براءات الباحثين ولا أفكارهم.
واعتبرت أن عدم وجود أي جهة حكومية تفرض على الدولة تقديم الدعم المادي المطلوب لتطبيق أفكار براءات الاختراع، هو كارثة علمية في حق المخترعات، مطالبة بزيادة ميزانية البحث العلمي التي لا تذكر، مقارنة بأي دولة تحترم باحثيها ومخترعيها وتقدر أهمية البحث العلمي في الارتقاء بمستواها على كل الأصعدة.
وقالت إن المخترعات إذا أجرين خمسة أبحاث في السنة بأكملها، يكنَّ قد حققن إنجازاً في ظل غياب الإمكانات، مشيرة إلى أن التمويل الخارجي أصبح الأمل الوحيد لاستكمال أي فكرة وتطبيق أي اختراع على أرض الواقع. واعتبرت أن المخترعات المصريات حظهن سيِّئ، رغم روعة اختراعاتهن التي لو تم تطبيقها لوفرت على الدولة ملايين الجنيهات، بخلاف آلاف فرص العمل.