مشكلة العقم لدى أحد الزوجين لحياة بلا أطفال

العقم, مشكلة / مشاكل الزواج, طلاق, الإنجاب, مشكلة / مشاكل الحمل, الحمل

16 نوفمبر 2013

تكوين أسرة وإنجاب الأطفال حلم كل زوجين، فمشاعر الأمومة والأبوة فطرة لدى كل شخص، ولكن في حالات كثيرة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ومهما أجريت فحوص ما قبل الزواج تبقى مسألة الإنجاب في علم الغيب. فكم وقعت حالات طلاق وخلافات بين الأزواج من جراء عقم أحدهما، ولكن ما يؤكده الأطباء أن معظم حالات العقم التي تصيب النساء والرجال وجد العلم لها حلولاً.  «لها» تعرض لمجموعة من القصص وترصد الحالة النفسية التي تقع على الزوجين حين العلم بعقم أحد الطرفين.


سلطان: قبلت بعقمها 20 عاماً واختارت الانفصال بعد تبنيها الطفل

تختلف قصة سلطان عن غيره ويسردها قائلا: «تزوجت من سيدة لا يمكن أن أنساها مهما عشت ولن تعوضني أيّ من النساء مكانتها، وبعد مرور خمس سنوات، وعدم حصول الحمل قررنا إجراء فحوص للتأكد، وهنا ظهرت مشكلتنا وهي عدم مقدرتها على الحمل. وبعد دفع مبالغ للعلاج أكد الكثير من الأطباء عقمها وعدم مقدرتها على الإنجاب. كثرت الضغوط التي واجهتها من أسرتي وأسرتها، ثم طلبها الطلاق لتمكنني من الزواج بأخرى وتكوين أسرة، ولكن مع إصراري على موقفي وعدم تغير مشاعري نحوها واهتمامي الزائد بها، رضخت للأمر واستمر زواجنا ٢٠ عاما في سعادة لا توصف، إلى أن نصحتها أحدى صديقاتها بتبني طفل من الملجأ. وبعد محاولاتها لإقناعي رضخت لطلبها على مضض».

بعد تبني الطفل بدأ اهتمام زوجته به يقل حتى زال وأصبح الطفل يشغل كل وقتها واهتماماتها، وبعد محاولات لتوضيح الأمور لها رفضت، وأخبرته أن هذا الأمر كانت تنتظره طيلة عمرها، وأن هذا الطفل سيعوضها النقص الذي تشعر به داخلها. ومع ازدياد الخلافات بينهما بسبب الطفل، خيرها بينه وبين الطفل ولم يكن يتوقع أن تختار الطفل. «وحصل الطلاق بيننا واستمرت في تربية الطفل وآنا أعيش في ذكرى أيامنا الحلوة وارفض قرار أسرتي التدخل لتزويجي وتكرار التجربة».


سمر: إخفاؤه سر عقمه أنهى زواجنا

«اكتشافي لكذبه هو وأسرته جعلني أطلب الطلاق دون تردد». هذا ما بدأت به سمر قصتها قائلة: «خلال السنة الأولى من زواجي لم أهتم بفكرة إنجاب الأطفال، وكنا نعيش بسعادة، إلى أن قررت أسرته التدخل وتنغيص حياتنا بقرارها ذهابي إلى المستشفى لإجراء تحاليل وفحوص للتأكد من سلامتي الصحية. وهنا بدأت معاناتي ومشاكلي مع زوجي وأسرته، باكتشافهم عدم مقدرتي على الحمل بسبب ارتفاع بعض الهرمونات الأنثوية التي تمنع الحمل، وبدأت بالعلاج ومرت السنة الثانية طويلة تخللها الكثير من المشاكل».

أكملت سمر العلاج الذي قرره الطبيب ولكن لم يحدث حمل، واقتنعت بأنها صاحبة المشكلة، وعرضت على زوجها أن يطلقها ويتزوج من أخرى ليكوّن أسرة وينجب، ولكنه رفض وأكد لها أنه سعيد معها وعليهما تحمل كلمات أهله ومشاكلهم. بعد ستة أشهر من ذلك، فوجئت سمر بأوراق وفحوص تحمل اسم زوجها، فذهبت بها إلى الطبيب بدون معرفته، واكتشفت السر! الزوج عقيم لا يمكنه الإنجاب، تقول: «عند عودتي إلى المنزل لم أخبره بمعرفتي بالأمر، وطلبت منه أن نعود إلى الطبيب لإجراء فحوص جديدة لي وله، ولم أكن أتصور ردة فعله وكذبه علي، فقد بدأ بتجريحي وبأنه صابر على عدم مقدرتي على الإنجاب، وأخبرني بأنه خضع لتحاليل ووجد أنه لا يعيبه شيء. ولم أتحمل تلك الإهانات وخداعه لي، فأظهرت أوراقه وأخبرته بأنني ذهبت بها إلى الطبيب وأخبرني بالسر الذي خبأه منذ سنة ونصف سنة، وطلبت الطلاق، وحصلت عليه وتزوجت بآخر وتمكنت من إنجاب أطفال، وسمعت من أشخاص من حوله أنه تمكن من خداع زوجة أخرى هو وأسرته».
 

دينا: حملت لقب مطلقة بدلاً من زوجة على الورق فقط

تختلف قصة دينا عن غيرها شكلاً ومضموناً، فتجربة الخداع الذي عاشته رسخت في ذاكرتها ولن تزول. وافقت على حمل لقب مطلقة بدلا من أن تكون زوجة على الورق. تحكي عن تجربتها: «تزوجت زواجاً تقليدياً، ولكنني بقيت بكراً طوال شهرين لأن زوجي لديه عجز جنسي، وسكتُّ خجلاً وخوفاً على مشاعره، فكنت أول أيام زواجي أتخيل أنه لا يقترب مني حتى نتمكن من التعرف على بعضنا، وفي أول محاولة فاشلة أعطيته الأعذار، ولكن بعد مرور شهرين وإخباره لي بالأمر وتأكيد شكوكي، لم أتردد لحظة، وطلبت الطلاق وأثبتّ الأمر بتقرير من المستشفى، واقمت دعوى وتمكنت من الحصول على ورقة الطلاق التي كانت خلاصي من خداعه وكذبه».
 

أم وليد: فشل عملية أطفال الأنابيب أدت إلى حمل طبيعي

تمكنت أم وليد من الحمل بشكل طبيعي بعد مرور ستة أشهر على محاولة لإجراء عملية طفل أنابيب باءت بالفشل. قالت: «مشاعر الأمومة كانت تجتاحني في كل فترة، وكنت أجري فحص الحمل شهرياً منذ زواجي، فأنا أحلم باليوم الذي أتمكن فيه من حمل طفل داخل أحشائي، ولكن لم يكتب لي هذا الأمر، ورضيت بقضاء الله وقدره. وذهبت مع زوجي إلى الطبيب، واكتشفنا أن زوجي لديه ضعف يمنعه من الإنجاب، ويحتاج إلى فترة من العلاج المكثف، واستمر علاجه لمدة سنتين، وعدنا إلى الطبيب، وبعد المعاينة والفحص نصحنا بأن نجري عملية طفل أنابيب، لأن مثل هذه العمليات لدى البعض، حتى لو فشلت، يمكن بعدها بستة أشهر أن يحصل حمل طبيعي».

تضيف: «وافقنا على الخضوع لعملية أطفال الأنابيب، وباءت المحاولة بالفشل، وتأثرت نفسيتي، ولكن اتضح بعد ستة أشهر أن كلام الطبيب صحيح وحصل الحمل، ولم أصدق في أول تحليل منزلي قمت به، وأحضرت الثاني والثالث، وذهبت إلى الطبيب الذي أكد الأمر، وأخبرنا بأن الكثير من النساء يحصل معهن هذا الأمر بنجاح. وبعد تسعة أشهر حضر طفلي إلى الحياة وأنار عتمة حياتنا، ونحن الآن في انتظار حمل ثانٍ».
 

أم سيف: حبوب منع الحمل سببت مشكلة ضعف التبويض

بعد مرور سبع سنوات من الانتظار والترقب أنجبت طفلها. تقول أم سيف: «تزوجت أثناء دراستي الجامعية، وكانت فكرة الإنجاب مؤجلة وغير واردة في ذلك الوقت، وكنت أتناول حبوب منع الحمل خوفاً من الحمل. وبعد انتهائي من الدراسة وجدت أن سنتين ونصف سنة مرت بدون تنغيص من أفراد أسرتي أو أسرة زوجي بالسؤال عن الأطفال، ولكن بعد مرور النصف الأخير من السنة الثالثة بدأت أسمع تعليقات الجميع على عدم حملي، وقررت أن أنجب وأجريت تحاليل الحمل، ولكن لم يحصل، وطالت الأيام والشهور، إلى أن قررنا أنا وزوجي الذهاب إلى الطبيب، فاكتشفنا أن لديّ ضعفاً في التبويض وأن زوجي أيضاً لديه ضعف».

وأضافت أم سيف: «بدأنا مشوار العلاج والمحاولات المستمرة، ولكن باءت محاولاتنا بالفشل، وخسرنا الكثير من المال، إلى أن أقنعنا الطبيب بتجربة أطفال الأنابيب. وفي السنة السادسة لزواجنا، حصل الحمل بخضوعنا أنا وزوجي لعملية طفل الأنبوب، وتمكنت من إنجاب طفلي سيف الذي أضاء أيامنا سعادة. لذلك أنصح جميع الفتيات المقبلات على الزواج بالابتعاد عن تناول حبوب منع الحمل لفترة طويلة».
 

الرأي النفسي: نسبة الأمراض النفسية لدى الأزواج الذين يعانون من العقم حوالي 40 في المئة عند السيدات و25 في المئة عند الأزواج

أوضحت الدكتورة سارة الخضري الاختصاصية النفسية، أن الأثر النفسي لعقم أحد الزوجين قد يأتي على هيئة عدم الرضا والإحباط، وقد يسبب الاكتئاب لفكرة عقم أحدهما وفقدان الهدف من الحياة الزوجية وهو الإنجاب. وعن اختلاف وقع الخبر على الزوجة والزوج قالت: «بالطبع هناك اختلاف، فغريزة الأمومة عند الأنثى قوية جداً والعاطفة تحتل المراتب الأولى في نفسها. وتكون نتيجة تقبل عقم أو ضعف أحد الزوجين متوقفة على عقلية الشريك وإيمانه بقضاء الله وقدره». وأكدت أن الأمر يكون دائماً صعباً في البداية ويشكل صدمة للطرفين. ولفتت إلى أن التقويم النفسي في حالات العقم لدى أحد الزوجين يتوقّف على الحالة، ويتطلب جلسات نفسية تساعد الشخص على تحليل الموضوع بوسائل مختلفة وتدفعه إلى الانشغال بأمور فيها إثبات للذات مما يؤدي إلى تخفيف التوتر الناتج عن العقم. أما الأهل فتختلف ردود فعلهم باختلاف عقلياتهم وتفكيرهم وإيمانهم. وقالت إن نسبة الأمراض النفسية تصل لدى الأزواج الذين يعانون العقم إلى 40 في المئة عند السيدات و25 في المئة عند الأزواج. ويعود هذا التفاوت الكبير إلى أن المرأة عاطفية بطبيعتها وحنونة وغريزة الأمومة قوية جداً لديها، لذلك تصاب بالمرض النفسي والإحباط أكثر من الرجل.


علاجات العقم كثيرة ونتائجها مذهلة

يجيب الدكتور مازن بشارة استشاري نساء وولادة وعقم ورئيس وحدة الأطفال في مستشفى الملك فيصل التخصصي والأبحاث عن بعض الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع.

متى يمكننا أن نقول عن الرجل أو المرأة عقيم؟
يقال عن السيدة إنها عقيم إذا كانت تعاني ضعف التبويض أو هبوطاً حاداً ومبكراً في وظائف المبيض حيث يفقد المبيض قدرته على إنتاج بويضات في سن مبكرة، أو إذا كان لديها انسداد في الأنابيب (قنوات فالوب) بحيث لا يمكن للحيوان المنوي الالتقاء بالبويضة لتتم عملية التلقيح. أما الرجل فتُطلق عليه صفة عقيم إذا كان يعاني نقصاً شديداً في عدد الحيوانات المنوية قد يصل أحيانا إلى مرحلة الانعدام، أو إذا كانت الحيوانات المنوية غير متحركة أو تعاني تشوهات بنسبة كبيرة.

ما الحالات التي يمكن علاجها؟
هناك حالات كثيرة يمكن علاجها. بالنسبة إلى المرأة قد نستطيع علاج ضعف التبويض بإعطاء جرعات عالية من المنشطات والإبر التحفيزية، أو إجراء مناظير علاجية لإزالة لحمية أو ألياف من داخل الرحم. كما أن حالات الانسداد التام والجزئي للأنابيب تعالَج بعمليات أطفال أنابيب. في بعض الأحيان تعاني بعض النساء التهاباً وانتفاخاً في الأنابيب وتكوّن سائل سام داخلها قد يعيق الحمل، لذا يفضل إزالة الأنبوب المنتفخ أو إغلاقه حتى لا يتسرب السائل إلى الرحم ويقلل فرص الحمل أو يزيد احتمالات الإجهاض، وبعدها تجرى عمليات حقن مجهري (أطفال أنابيب) للمساعدة على الحمل.
بالنسبة إلى الرجل، هناك علاجات هرمونية تعطى لزيادة الحيوانات المنوية أو تنشيطها. وفي حالة عدم كفاية الحيوانات يتم التأكد من عدم انسداد البربخ والحبل المنوي، وفي حالة وجود هذا الانسداد هناك طريقتان لاستخراج الحيوانات المنوية من الخصية، إما عن طريق شفطها عن طريق الإبرة أو اخذ خزعة من الخصية بعد فتحها واستخراج الحيوانات المنوية منها ثم استخدامها في حقن البويضات في عمليات الحقن المجهري.

-من أكثر عرضة للإصابة بالعقم الرجال أم النساء؟
قد تكون نسبة العقم عند النساء أكبر منها عند الرجال، فبنسبة 60 في المئة يكون سبب عدم الإنجاب أو تأخره من المرأة نتيجة ضعف التبويض أو انغلاق الأنابيب، بينما 30 في المئة يكون السبب الرجل وقلة الحيوانات المنوية أو انعدامها أو تشوهات فيها وقلة حركتها، كما أن هناك 10 في المئة من الحالات يكون العقم فيها بدون سبب واضح.

ما التقنيات الممكنة في علاج حالات العقم؟
في حالات العقم غير المعروف السبب تعطى المريضة جرعات من العلاج لتنشيط البويضات ومن ثم الإبرة التفجيرية لتحديد موعد خروج البويضة وجاهزيتها للتلقيح، وإعطاء المريضة فرصة لحدوث الجماع الطبيعي.
هناك تقنية التلقيح الصناعي وتستخدم في حال فشل الطريقة الأولى. ولحالات الضعف البسيط بالتبويض نتوجه إلى الحقن الصناعي الذي نقوم من خلاله بتنشيط المبايض لدى الزوجة ثم نأخذ عينة السائل المنوي من الزوج وفي المختبر نقوم بتنقيتها وأخذ الحيوانات المنوية الجيدة والمتحركة والتي لها أشكال طبيعية، ومن ثم تُحقن هذه العينة داخل رحم الزوجة.
في النهاية وفي حال عدم نجاح الطريقتين السابقتين وللحالات الصعبة والتي تعاني عقماً معروف السبب، يكون الحقن المجهري هو الحل الوحيد بان تعطى الزوجة جرعات مناسبة لتنشيط التبويض، وحين تصبح جاهزة تُعطى الإبرة التفجيرية ومن يحدَّد موعد العملية ويتم شفط البويضات واخذ عينة  الزوج، ويتم التلقيح خارج الجسم ومن ثم حقن الزوجة بالبويضات الملقحة.

ما أسباب العقم؟ وهل هناك عوامل لها تأثير؟
أسباب العقم بالنسبة إلى المرأة يكون ضعف التبويض الذي قد يكون بسبب زيادة الوزن أو نمط الحياة المتبع ونوعية الطعام. وانسداد الأنابيب الذي قد يكون نتيجة التهابات بالأنابيب لم تعالج أو عمليات فتح بطن كعمليات الولادة القيصرية أو المرارة وخلافه.
إما عند الرجل فيكون العقم بسبب زيادة الوزن والتدخين المفرط، كما أن تعرض الرجل لعلاج كيميائي أو إشعاعي يكون له دور في سوء وضع الحيوانات المنوية.

مع مرور السنوات وتطور العلم هل أصبحت حالات العقم أقل أم أكثر؟ ولماذا؟
للأسف أصبحت الحالات أكثر نتيجة تغيّر نمط الحياة وزيادة نسبة التدخين والتعرض للإشعاع بنسبة أكبر.

هناك حالات لأزواج لا يعانون أي مشاكل صحية أو عقم ولم يتمكنوا من الإنجاب، لماذا؟
نعم قد تكون هناك أسباب كثيرة، منها مناعة عالية في جسم المرأة، وبعضها قد يكون سببه مشاكل في رحم المرأة. لذا تجرى مناظير تشخيصية للرحم لاكتشاف وجود بطانة مهاجرة، أو تليّف في الرحم، أو لحميات أو وجود رحم طفولي.

التشوهات الجنينية ما أسبابها؟ وما هو العلاج؟
أسبابها كثيرة، أهمها وراثية أو تعرض الأم للإشعاع أثناء الحمل، ويتم العلاج عن طريق أطفال الأنابيب واستخدام تقنية  PGD للتأكد من سلامة الأجنة قبل نقلها إلى رحم المرأة .

هل العقم يورَّث عبر الأجيال؟
لم تثبت الدراسات حتى الآن أن العقم يورَّث.