أول ملاكِمة سعودية تدخل موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية رشا الخميس: رياضة الملاكمة تعزز الثقة في النفس

الرياض - آمنة بدر الدين الحلبي 13 يناير 2019

واثقة الخطى، متقدة الشباب، حققت أحلامها الرياضية بجرأة واجتهاد. منذ نعومة أحلامها تدربت على الجمباز وكرة السلة، وكسرت كل القواعد حين اعتلت قمم الجبال ودخلت موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية بعد صعودها إلى جبل كليمنجارو، أعلى قمة في أفريقيا. رشا الخميس الحاصلة على درجة الماجستير في السياسة العامة والإدارة، هي حفيدة الأديب والكاتب عبدالله خميس، مؤلف “تاريخ اليمامة”، أشهر كتاب عن تاريخ السعودية، لكنها اختارت الملاكمة، الرياضة التي تحظى باهتمام دولي، وتسعى لنشرها بين فتيات المملكة العربية السعودية. “لها” التقت رشا الخميس في حوار فتحدّثت عن مسيرتها الرياضية وأمور حياتية أخرى.


- بين الثقافة والرياضة، كيف انحازت رشا الى الرياضة؟

لا يزال السياق الثقافي ساكناً في أعماقي، وأطّلع على ما استطعت من ثقافات في شتى المجالات الفكرية والأدبية والغذائية والرياضية أينما رحلت وحيثما حللت، لكن يبقى السياق الرياضي هو الأقوى في حياتي.

- لم يشدّك الحنين لاعتلاء القلم؟

الثقافة لا تتوقف عند اعتلاء القلم، وأكثر ما يشدّني هو السفر والدخول في السياق الجغرافي والاطّلاع على ثقافات متعددة ومتنوعة، وعلى فلكلور الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم، بكل ما تحمل تلك الثقافة من معنى جميل.

- ما مدى تأثير العائلة في تفوّقك الرياضي؟

لوالديّ كل الفضل في نجاحاتي، وقد شجّعاني كثيراً منذ طفولتي على ممارسة الرياضة، لدرجة أن وضع والدي حلقة مفرغة في فناء الدار وأنا طفلة كهدف أسدّد فيه كرة السلة، وأنا مدينة لهما بكل نجاحاتي.

- مارست ستة ألعاب رياضية، لكن لماذا اخترت الملاكمة؟

قصتي مع الملاكمة بدأت حين كنت أتابع دراساتي العليا في كاليفورنيا، وبحثت في ذاك المنفى عمّن يمدّني بالطاقة الإيجابية ويملأ حياتي حيوية ونشاطاً، ويُبعد عني الضغوط الثقيلة، كي أركّز أكثر في دراستي وحياتي اليومية. وبعد رحلة بحث طويلة، اكتشفت أن رياضة الملاكمة تعزّز الثقة في النفس، وتقوّي الشخصية، فمارستها لمدة سنتين وكان لها تأثير رائع في حياتي.

- وكيف استمررت في هذا النوع من الرياضة؟

بعد عودتي الى الوطن، أحببت أن أقوم بدور فعال وأخدم بنات وطني فعملت مع الشركة التسويقية العالمية والمتخصصة في الاستشارات التسويقية الرياضية، في قسم الرياضة المجتمعية آنذاك في الهيئة العامة للرياضة.

- إلامَ تهدف تلك الشركة؟

تلعب الشركة دوراً مهماً في تنظيم الفعاليات الرياضية في المملكة العربية السعودية، وإحدى تلك الفعاليات كانت بعنوان “اليوم الرياضي العائلي”، لتفعيل رياضيات الاتحادات وزيادة نسبة ممارسي الرياضة إلى 40 في المئة، بناء على منهجية ورؤية 2030م.

- كيف تابعت المسير بعد ذلك؟

بعد التواصل مع 17 اتحاداً رياضياً، كان هناك اتحاد الملاكمة، حيث تواصلت مع رئيس اتحاد الملاكمة وعرف قصتي مع ارتداء القفازات الحمراء، وكيف أثّرت إيجاباً في نفسي، فطلب مني تحضير العنصر النسائي للدخول الى الميدان، فأبديت استعدادي الكامل، والتحقت بمعسكر رياضي للملاكمة لمدة ثلاثة أشهر، وبعدها انطلقت لتفعيل البرامج الرياضية في جامعة الملك سعود التي حصلت منها على البكالوريوس.

- كم طالبة استطعت تدريبهن؟

بعد سنتين من ممارسة رياضة الملاكمة، ارتديت قفازات التدريب الحمراء، وفي خلال شهر ونصف الشهر درّبت 215 طالبة، لذا كان لرياضة الملاكمة تأثير كبير في حياتي، وأصبحت أول سعودية معتمدة للتدريب في الاتحاد السعودي للملاكمة.

- رشا لم تكتفِ بالملاكمة بل دخلت موسوعة “غينيس”!

تسلّقت قمة جبل كليمنجارو، وتمكنت في حزيران/ يونيو عام 2017 من دخول موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، وذلك بعد أن حققت رقماً قياسياً في لعبة كرة القدم على أعلى قمة في القارة الأفريقية ويبلغ ارتفاعها 5714 متراً عن سطح البحر، بمشاركة 30 امرأة من 25 دولة، ضمن نشاط خيري غير ربحي.

- كيف تم ترشيحك لهذه المسابقة؟

الهيئة العامة للرياضة طلبت سيدة ذات خبرة في مجال كرة القدم وتسلّق الجبال لتمثيل المملكة العربية السعودية، وبما أنني أتمتع بهذه الخبرة، رشّحتني الهيئة، وفي خلال يومين استعددت للسفر، وذهبت من دون تدريب لخوض تلك المغامرة، ودخلت موسوعة “غينيس” بعد فوزي في لعبة كرة القدم على قمة جبل كليمانجارو، وذلك بناء على نظام الفيفا.

- أسّست فريقَ كرة قدم نسائياً، وبعدها انضممت إلى فريق اليمامة لكرة القدم، ماذا حلّ بالفريق، وكم من الوقت استمررت معه؟

أنا من أوائل اللواتي أسّسن فريقاً اسمه “عمورية” نسبةً الى مزرعة جدّي الذي كان قد أقام فيها ملعباً لكرة القدم للأحفاد، وكنا نلعب على قدم وساق، لكن بعد ثلاث سنوات توقف عمل الفريق بسبب متابعتي الدراسة في الخارج، وانضممت بعد ذلك إلى فريق اليمامة وما زلت معه إلى اليوم.

- ماذا تعملين بعيداً من الرياضة؟

أعمل اليوم مستشارة في إحدى الشركات العالمية.

- هل يمكننا القول إن المرأة السعودية تتربع اليوم على عرش الرياضة؟

ليست المرأة السعودية وحدها التي تتربع على عرش الرياضة، بل المجتمع السعودي بأكمله، وذلك بعد نشر الوعي بأهمية الرياضة لصحة الإنسان في المديين القريب والبعيد، فأصبح أفراد هذا المجتمع يسيرون على خطى الثقافة الرياضية لصحة أفضل.

- نظمت فريقاً دورياً لكرة القدم في جامعة كاليفورنيا في العام 2014، ماذا أكسبك هذا التنظيم؟

الدوري الأول لكرة القدم على مستوى الجامعة كان بين ثلاث كليات، فساهمت في تدريب فريق كلّيتي وفزنا بدوري عام 2014. علماً أن هذا الدوري لا يزال ينظّم الى اليوم في شهر نيسان/أبريل من كل سنة، وهو منحني حضوراً قوياً على الرغم من غيابي عنه، وسوف يتردّد اسمي فيه دائماً وأبداً.

- عام 2016 شاركت في بطولة لوس أنجلوس السنوية لكرة القدم، ماذا أعطتك؟

بعد تخرّجي في الجامعة، عملت في شركة هندسية، وكان موظفو الشركة يعرفون مدى شغفي بالرياضة، وأنني سأعود إلى المملكة العربية السعودية، مما دفعني لبناء علاقات عامة قوية، وصداقات رائعة.

- ما النصائح التي تقدمينها للمرأة؟

المعوقات والعقبات التي تواجهك، تسكن في فكرك وعقلك حين تكونين على أرض الواقع، وإذا كنت شغوفة بمجال ما، سواء كان رياضة أو تصميم أزياء أو سفر... ابذلي أقصى جهدك لتنجحي في العمل الذي تعشقين من دون أن تيأسي أو تتوقفي، لأنه سيأتي يوم تضعين فيه بصمة مميزة، تلقى أصداء إيجابية.

- هل ستستمرين في ممارسة رياضة الملاكمة؟

سأستمر في كل الرياضيات، فهي أسلوب حياتي.

- ما هي طموحاتك؟

أطمح إلى تأسيس منتجع رياضي نسائي.

- كلمة أخيرة للمرأة السعودية...

الرياضة تقوّي ثقتك في نفسك، وتمدّك بالطاقة الإيجابية، وتجعلك تواجهين كل صعوبات الحياة بابتسامة، وتودعين الضغوط الحياتية إلى غير رجعة، لذا مارسي سيدتي الرياضة التي تحبّين لتزدادي جمالاً وألقاً وحضوراً.